مع ما يشهده قطاع الخدمات المصرفية الاسلامية من نمو كبير تتزايد التحديات بسبب احتدام المنافسة مع البنوك التقليدية، وهو ما يؤكده قرار اتش اس بى سى مؤخرا بتقليص عملياته الدولية فى قطاع التمويل الاسلامى . قرار المجموعة البريطانية بالتوقف عن تقييم خدمات الصيرفة الاسلامية أثار ضجة كبيرة فى منطقة الخليج التى تعد من اهم المراكز العالمية للتمويل الاسلامى، فالخطوة تعكس الصعوبات التى تواجه القطاع المصرفى بشكل عام التى لم تنج منها حتى البنوك التقليدية الكبيرة وذلك فى سعيها لجذب عملاء جدد من المهتمين بالمنتجات المصرفية التى تتوافق مع الشريعة الاسلامية. . وحتى ان كان بدافع الابتعاد عن المخاطر وليس امتثالا للشريعة . وفى حين تشير جميع التوقعات الى التوسع الرهيب فى صناعة التمويل الاسلامى، إلا أنه لايزال هناك تساؤلات مهمة حول كيفية تحقيق ارباح، ووفقا لمؤسسة ارنست آند يونغ، سيبلغ مجموع الأصول البنكية الاسلامية 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2013 مقارنة ب1.3 تريليون فى 2011 ، وشهد قطاع الخدمات المصرفية الاسلامية نموا كبيرا، حيث حقق أكبر عشرين بنكا إسلاميا نموا بنسبة 16 % خلال السنوات الثلاث الماضية مع ظهور السعودية كأكبر سوق للأصول الاسلامية . ولكن فى الوقت الذى تواجه فيه أكبر البنوك الاستثمارية فى العالم تحديات تضطرها الى تقليص اعمالها وخفض الوظائف وتغيير الطريقة التى تعمل بها . فإن البنوك الاسلامية تمر بمنعطف خطير، وعلى سبيل المثال اعلنت مجموعة اتش اس بى سى فى شهر اكتوبر الماضى انها لن تقدم منتجات اسلامية فى بريطانيا، الامارات، البحرين، بنجلاديش، سنغافورة، موريشوس واستثنت من ذلك الخدمات الاسلامية لقطاع الشركات والمؤسسات وسيتركز النشاط فى ماليزيا والسعودية مع الاحتفاظ بوجود محدود فى اندونسيا وذلك اعتبارا من بداية العام الجديد، وقالت المجموعة فى بيان لها ان القرار يعكس التزام اتش اس بى سى بتعزيز النمو وزيادة الربحية عن طريق اعادة الهيكلة، فى حين يرى البعض ان القرار يعكس مخاوف البنك من قدرة المصرفية الاسلامية على تحقيق ارباح على المدى الطويل، وعدم رضا البنك عن تكلفة تقديم الخدمات الاسلامية التى تتجاوز نظيرتها التقليدية فى بعض المناطق، كما يؤكد محللون أن أزمة منطقة اليورو كان لها تأثير ايضا على بعض المؤسسات الغربية التى رأت ان افضل حل لها هو بيع جزء من أعمالها فى إطار إعادة الهيكلة ويقول مصرفيون ان نقص الكفاءات فى مجال الصيرفة الاسلامية مشكلة أخرى تواجه القطاع، وكان مورجان ستانلى فى دبى آخر بنك يفقد خبير التمويل الاسلامى فيه، لكنه لن يكون الأخير ومن قبله، خسر بنك باركليز، وكذلك دويتشه بنك مهندسى الخدمات المصرفية الاسلامية، والآن تتجه الأنظار الى ستارترد تشارترد الذى يقدم لعملائه المنتجات الاسلامية من خلال ذراع دولية كبيرة ويرى محللون ان الصيرفة الاسلامية قطاع مربح بالنسبة للبنوك الدولية ولكن المنافسة فى السوق قوية للغاية، والبنوك الاسلامية المحلية فى الخليج تتمتع بمزايا تنافسية فى المنطقة بما يؤهلها للاستحواذ على حصة أكبر، واتجاه البنوك الدولية، مثل اتش اس بى سى، لتقليص الأنشطة المتوافقة مع الشريعة يعطى مساحة اكبر للبنوك المحلية لزيادة هيمنتها،من ناحية أخرى أثار قرار اتش اس بى سى الجدل من جديد حول مصداقية البنوك التقليدية التى لديها وحدات للصيرفة الاسلامية، وهنا يشير طراد محمود، الرئيس التنفيذى لمصرف ابو ظبى الاسلامى الى أهمية تلك القضية ويقول انها تفرض على عملاء البنوك اختيارات صعبة، ولكن فى حين يهتم الافراد بالتأكد من مدى موافقة الخدمات المقدمة للشريعة إلا أن الشركات لا تهتم عادة بشهادة اعتماد البنك كبنك إسلامى، كان البنك المركزى القطرى قد أصدر قرارا العام الماضى بفصل الأذرع الاسلامية للبنوك التقليدية وهو ما أسفر عن إغلاق جميع الفروع الاسلامية لها . بالرغم من التوقعات المتفائلة لإرنست آند يونغ فإن البعض يحذر من تباطؤ نمو صناعة التمويل الاسلامى مما يشير الى أهمية تحسين كفاءة الأداء فى انحاء القطاع . فاينانشال تايمز