طالعتنا وسائل الإعلام عن ارتفاع أسعار الأسمنت المحلى نتيجة لارتفاع أسعار المازوت أحد عناصر الانتاج. ذلك ما يحدو بالبعض لاستيراد الأسمنت الأجنبى لانخفاض سعره عن المحلى. . وباعتبار أن ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أطاحت بفساد ساد البلاد، لذا فهى ترجمة فعلية لحماية المصالح العليا للمجتمع التى من أهمها تحديد الأسعار وباستخدام الآليات التشريعية التى تتسم بالموضوعية ولا تتصف بالعنترية على النحو التالى: 1 المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 وتعديلاته الذى يقضى بأن تسعير المنتجات من الأسمنت والمواد البترولية يختص بتحديدها لجنة عليا مشكلة بقرار من مجلس الوزراء بناء على طلب الوزير المختص بشئون التجارة الداخلية. 2 القانون 3 لسنة 2005 وتعديلاته ولائحته التنفيذية الذى يقضى بأن تسعير المنتجات الأساسية لمدد زمنية تتحدد بقرار مجلس الوزراء يصدر بناء على رأى وتقارير جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وهنا يكون القرار كاشفا لرأى وتقارير الجهاز فى تحديد الأسعار. . هذا هو التأصيل التشريعى الواجب اتباعه عند تحديد الأسعار. . صدر عن مجلس الوزراء القرار 1258 لسنة 2012 وتعديلاته ضاربا بتلك القواعد عرض الحائط وجاء بنصوص وأحكام افتقدت شروط صحة القرار تمثلت فى الآتى: أولا: حددت المادة الأولى من القرار 1258 لسنة 2012 سعر بيع طن المازوت لشركات انتاج الكهرباء على النحو الوارد بالمادة بمبلغ 2300 جنيه. ثانيا: حددت المادة الثانية من القرار 1258 لسنة 2012 المستبدلة بالقرار 1273 لسنة 2012 سعر بيع طن المازوت للقطاعات والجهات والاستخدامات غير شركات انتاج الكهرباء بمبلغ 2300 جنيه، واستثنى النص من ذلك قطاع الصناعات الغذائية واستخدامات المخابز وغيرها من الاستخدمات التى يتطلب الأمر حمايتها اجتماعيا والتى يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء فيستمر السعر بشأنها 1000 جنيه للطن. . وهذا القرار بألفاظه ومعانيه قد حدد للمخابز الحصول على المازوت بسعر الطن ألف جنيه على وجه الإطلاق دون تمييز وتحديد بين المخابز المنتجة للخبز المدعم وغيرها المنتجة للحلويات والنواشف والمخبوزات الأخرى فضلا عن ذلك فإنه قد يفتح الباب على مصراعيه لخلق سوق سوداء لتجارة المازوت نتيجة الفارق بين السعرين اللذين أتى بهما، حيث بلغ 1300 جنيه للطن أى أن هذا الفارق يزيد 300 جنيه على الأقل ويقل الف جنيه عن السعر الأعلى وتزداد خطورة القرار عند تنفيذه وتطبيق أحكامه حالة ما إذا كانت تكاليف إنتاج طن المازوت تزيد على ألف جنيه عندئذ يمثل هذا القرار دعما للفئات المتحصلة على سعر الطن بألف جنيه وهنا يلقى هذا القرار عبئا على الموازنة العامة للدولة. وتجدر الإشارة الى أنه كان يتعين على مجلس الوزراء ان يكون هذا القرار كاشفا عن القواعد القانونية الناشئة وفقا لأحكام المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 وتعديلاته او القانون 3 لسنة 2005 وتعديلاته دون إغفال تلك القواعد. . ومن المسلمات البديهية أن نظام السوق الحر لا يمنع تدخل الدولة عند الضرورة باعتبار أن تدخلها سمة من سمات المذهب الليبرالى الذى يختلف عن نظام التخطيط المركزى ليس فى مبدأ التدخل ولكن فى مضمونه. . فإذا ارادت الدولة تحديد سعرين لسلعة واحدة مثل المازوت يكون السعر الأقل لفئة معينة والسعر الأعلى لفئة أخرى. . هنا يستوجب ان يكون السعر الأعلى بمثابة قاعدة عامة فى التطبيق دون التمييز بين الفئات أو السعر الأقل فهو استثناء على تلك القاعدة الأمر الذى يتطلب من الحكومة وضع قيود على السلعة ذات السعر الأقل بحيث تصرف بنظام الحصص المقررة لأشخاص بأسمائهم أو منشآت بمسمياتها وبكميات مقررة من جهات معينة ولمدد محددة ولأغراض مخصصة بحيث يجوز التصرف فيها لغير الغرض المخصص من أجله الصرف شأنها شأن القرارات التمويلية الخاضعة لأحكام المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 وتعديلاته الذى تقضى أحكامه بالحبس والغرامة عند التصرف فى تلك السلع ذات السعر الأقل على غير الوجه المقرر من أجله الصرف. . تلك هى القواعد الآمرة لحماية المصالح العليا للمجتمع التى قد أغفلها القرار 1258 لسنة 2012 المعدل بالقرار 1273 لسنة 2012، الأمر الذى يستوجب اعادة النظر فى مثل تلك القرارات التى لاتزال تنهج المنهج السابق لثورة الخامس والعشرين من يناير سنة 2011