عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان: "ريادة الأعمال فى مصر: من نجاحات فردية محلية إلى مركز جذب فى القارة الأفريقية"، وذلك بحضور عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، والسفير حمدى لوزا نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية، والدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق بالإضافة إلى نخبة كبيرة من المتخصصين بمجال ريادة الأعمال. وأعلنت الدكتورة نيرمين الطاهرى، وكيل مساعد محافظ البنك المركزى لقطاع التطوير المصرفى، أن البنوك وجهت تمويلات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 110 مليارات جنيه منذ بداية طرح مبادرة البنك المركزى لتوجيه 20% من التمويلات البنكية لهذا القطاع وحتى شهر يونيو الماضى. وقالت الطاهرى، خلال افتتاح المؤتمر أن البنوك قدمت تمويلات كبيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل المبادرة بخلاف هذا المبلغ، ومازال التمويل متاح للقطاع من الجهاز المصرفى وخارجه"، مضيفة أنه تم توجيه 2 مليار جنيه لشركة ضمان المخاطر للتشجيع على تمويل المشروعات الناشئة. وأكدت وكيل مساعد محافظ البنك المركزى لقطاع التطوير المصرفى، على أن البنوك فى السابق لم تكن مهيأة لمثل هذا النوع من التمويل، ويجرى حاليا العمل على منح شهادة متخصصة فى ريادة الأعمال للعاملين بالبنوك لتعزيز هذه الثقافة، واعتبارا من العام المقبل سيكون هناك نقاط تواصل فى فروع البنوك المختلفة، للاستشارات المالية لرواد الأعمال ويجرى العمل حاليا فى هذا البرنامج مع حوالى 13 بنكا وسيتم البدء بفرعين العام المقبل، ويتم ربط كل هذا فى قاعدة بيانات واحدة مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لبناء قاعدة بيانات موحدة في مصر. ودعا عمرو موسى، وزير خارجية مصر الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، لضرورة الاهتمام الحقيقى بالدخول إلى دول القارة الأفريقية فى مجال ريادة الأعمال والاستثمار، مؤكدا أن أفريقيا مليئة بالأموال ومفتوحة أمام الفرص الاستثمارية، مطالبا بتقديم الدعم الحكومى للقطاع الخاص لدخول أفريقيا مع مراعاة الغزو الصينى والتركى والإسرائيلى للاستثمار فى القارة. وأشار أنه رغم دخول مصر فى اتفاقية الكوميسا فى التسعينيات إلا أننا لم نستفد من إمكانية تصدير البضائع بدون جمارك، وأوصى رجال الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدخول أفريقيا. وأشار السفير حمدى لوزا، نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية، أن هناك تحولا كبيرا فى العلاقات الأفريقية العام الحالى خاصة بعد انتخاب مصر رئيسا للاتحاد الأفريقى، ومن المقرر أن تتسلم مصر دورة الرئاسة الجديدة فى فبراير المقبل، مؤكدا أن نظرة الدول الأفريقية دائما للأمام ولم تعد تعيش على الذكريات. وطالب نائب وزير الخارجية بالاهتمام بالاستثمار فى أفريقيا، مشيدا بتجربة شركة المقاولون العرب وضرورة تكرارها مع عدم اقتصار عمل الشركات فى أفريقيا على مجرد تنفيذ مشروع والخروج، ولكن الاستثمار المستدام، مؤكدا عدم اقتصار دور مصر على مجرد الاجتماعات خلال رئاستها الجديدة للاتحاد الأفريقى ولكن سيكون هناك مبادرات حيوية لها أثر ملموس فى العديد من المجالات. وأوضحت الدكتورة هويدا عبد العظيم أستاذ ورئيس قسم السياسة والاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية، أن هناك العديد من الدول الأفريقية المتقدمة فى مجال ريادة الأعمال من أبرزها رواندا التى تعد من النمور الأفريقية، وبتسوانا، وجنوب أفريقيا، وأوغندا وبوركينا فاسو، مؤكدة وجود فرص هائلة بالسوق الأفريقى أمام ريادة الأعمال. واستعرضت دراسة أجراها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية دراسة حالة وتقييم الGreek Campus بحرم الجامعة الأمريكية، وهو عبارة عن واحة تكنولوجيا تعد مجتمعا يضم الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا ومشروعات غير تكنولوجية وهى تجربة وحيدة فى مصر، وانتهت الدراسة التى شملت 55% من الشركات الموجودة بالمكان، إلى أن هناك إجماع على استفادة الشركات من هذا المكان خاصة مع وجوده فى قلب القاهرة وسهولة وصول الموظفين إلى أماكن عملهم، ولم يكن هناك سيطرة لنشاط معين ولكن أغلب الشركات الموجودة داخل الواحة تعمل بمجال التكنولوجيا، ويسهل وجود الشركات فى مكان واحد لاستفادة الجميع من بعضهم البعض. وأوصت الدراسة باستنساخ التجربة فى مناطق أخرى، مع الأخذ فى الاعتبار الحاجة لوجود تجارب تراعى مستويات الدخول وعدم ارتفاع الإيجارات، فهى تجربة لها تأثير إيجابى ولكن يجب توسيعها حتى يكون لها تأثير كبير على بيئة ريادة الأعمال فى مصر. وطرح الدكتور شريف سامى، رئيس مجلس إدارة الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار، فكرة أن يتم تحويل مجمع التحرير إلى "واحة تكنولوجيا التحرير" بعد إخلائه والانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة. وقال أحمد الألفى رئيس مجلس إدارة الجريك كامبس Greek Campus، إن الشركة قانونية جدا ولا تحتاج أى تشريعات أو قوانين لممارسة نشاطها، فهى تقوم بتأجير العقارات للشركات الناشئة وتسمح لآخرين بإطلاق شركات، وتوفر مجتمعا آمنا حيث ممنوع الحديث فى السياسة أو الدين فى تجمعات أو أى خلافات، موضحا أنه فى بداية عمل الواحة قبل 5 سنوات لم يكن طبيعة عملها مفهوما لدى الحكومة وكانت التأمينات تقوم بزيارة المكان وفحص الشركات كل ثلاثة أشهر، ولكن الآن لم تعد تأتى سوى مرة واحدة سنويا، مضيفا أنه يحظر وجود شركات الكول سنتر لأن الأساس هو البحث عن الأفكار المبدعة. وأشارت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، إلى أن هذه التجمعات متوفرة بكثرة فى الصين والتى يطلق عليها "Hub"، لافتة إلى وجود مدينة تدعى شينزن فى الصين تضم ألف مجمع وتخدم 20 مليون مواطن، تمتلكها المحليات هناك وتؤجر للمواطنين بمبالغ رمزية ولا تتدخل فى إدارتها، وهو ما يجب النظر إليه وعمل مجتمعات مثيلة فى مصر. وقال خالد بشارة، الشريك المؤسس لشركة أكسيليرو كابيتال، إن الشركات الناشئة تفضل التأسيس خارج مصر بسبب صعوبة الدخول والخروج فى مصر، وتأخر انتهاء الإجراءات اللازمة لتأسيس شركة أو إغلاقها، لذا يرى الكثير أن التأسيس فى أمريكا أسهل، مشيرا إلى أن الفشل أمر طبيعى فى بداية عمل الشركات الناشئة، فالكثير من التجارب والأفكار بدأت بفشل وانتهت بقصص نجاح كبيرة. وأوضحت مارى تريز، ممثل مسرعة الأعمال فلات 6، وهى أول مسرعة أعمال فى مصر، أنه عندما ياتى مستثمر من الخارج لتمويل شركة ناشئة فإنه يطلب أن يكون التأسيس خارج مصر نظرا لتعقيد الإجراءات. ومن جانبه قال الدكتور خالد اسماعيل، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة كيانجل والذى يستثمر فى 20 شركة ناشئة، إن هناك كثير من المعوقات التى تواجهها الشركات الناشئة، ولكن إذا استسلمت لها لن يتم تأسيس أى منها، لافتا إلى وجود مشكلة تتعلق بالضرائب والاحتكار، ولكن لا تتجه الشركات الناشئة للتأسيس خارج مصر هربا من الضرائب ولكن هربا من البيروقراطية فغلق ملف شركة فى الضرائب يستغرق 5 سنوات رغم أن الشركة تكون قد أغلقت، وأما بالنسبة للاحتكار فمن الممكن أن يقوم اللاعبون الكبار فى السوق بشراء الشركات الناشئة التى تحقق نجاحا فى السوق وهذا متعارف عليه. وأشار اسماعيل إلى مشكلة تتعلق بخروج عدد كبير من مطورى التكنولوجيا فى مصر إلى الخارج خاصة ألمانيا التى تجتذب المطورين ذوى العقول الجيدة، وهى مشكلة كبيرة تواجه الشركات التكنولوجية الناشئة التى تبحث عن مطورين برواتب لا تضاهى ما تدفعه الشركات بالخارج، داعيا إلى التوجه للسوق الأفريقى. وقال الدكتور أيمن اسماعيل، أستاذ مساعد بالجامعة الأمريكية، إن حكومة دبى تجرى دراسة حاليا على جعل المدينة مركز لريادة الأعمال بالشرق الأوسط، وجذب الشركات الناشئة من مصر، وهو أمر يجعلنا نعيد النظر فى طريقة التعامل مع ريادة الأعمال. وطالب اسماعيل بتغيير النظرة إلى رجل الأعمال باعتباره فاسد وحرامى، وعدم الترويج لريادة الأعمال فى مصر على أنها البديل المناسب لمن لا يجد وظيفة وهذا أمر خطير جدا، لأن المخاطبين بالتوجه نحو ريادة الأعمال بالأساس يكون لديهم خبرات فى مجالات محددة بالعمل سابقا لدى شركات. وقالت جيهان السكرى، خبير اقتصادى واجتماعى بالبنك الأفريقى، إن هناك الكثير من الدول المتقدمة فى مجال ريادة الأعمال بالقارة الأفريقية، مثل كينيا وتنزانيا، وهناك فرص هائلة أمام مصر للنمو فى هذا المجال، لافتة إلى تنفيذ البنك لبرنامج دعم بقارة أفريقيا وستكون مصر إحدى الدول المشاركة بالبرنامج. وأضافت السكرى أن هناك مشروعا جديدا يقوم به البنك بالتعاون مع هيئة أكاديمية البحث العلمى باسم "تنمية وتطوير" عبارة عن تدريب لأى شخص يرغب فى خوض تجربة ريادة الأعمال داخل مصر، وسيتم التركيز على محافظات الصعيد والوادى الجديد لدعم ثقافة ريادة الأعمال خارج القاهرة. وقال هشام الخازندار، الشريك والعضو المنتدب بشركة القلعة القابضة، إن الإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة دفعت الاقتصاد المصرى إلى الأمام، لكن مازال أمامنا الكثير وهناك حاجة إلى الاهتمام بمجال ريادة الأعمال والارتباط بالقارة الأفريقية. وعلى هامش المؤتمر وقع المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مذكرة تفاهم مع مؤسسة Hub Africa المغربية العاملة بمجال ريادة الأعمال بالقارة الأفريقية، وبموجب الاتفاق يتم عقد مؤتمر موسع لريادة الأعمال فى أكتوبر 2019 على غرار المؤتمر الدولى الذى ينعقد فى كازبلانكا فى مايو من كل عام، على أن يتم عقد المؤتمر فى مصر بصورة دورية اعتبارا من العام القادم، ومثل المركز المصري فى التوقيع الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى، ومن المؤسسة المغربية زكريا فهيم، الرئيس التنفيذى. ويشارك فى هذه المبادرة كل من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة ويمثلها الدكتور أيمن اسماعيل، وشركة القلعة للاستشارات المالية ويمثلها هشام الخازندار، وشبكة ملائكة الأعمال الأفريقية ويمثلها الدكتور خالد اسماعيل، وشركة جيمنى أفريقيا للمؤسسات ويمثلها المهندس عدلى توما، ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية ويمثله جابى خورى. كما أعلن المركز المصرى عن إطلاق مسابقة لريادة الأعمال خلال فترة 4 أشهر من يناير حتى أبريل 2019 تشمل كافة محافظات مصر، ويُشترط ألا يزيد عمر المشارك عن 40 عاما وأن يتقدم بفكرة مشروع تتضمن قيمة مضافة لفكرة أو منتج له علاقة بالزراعة أو الصناعة أو تكنولوجيا المعلومات أو الذكاء الصناعى، وسيتم اختيار أفضل 20 فكرة من خلال لجنة متخصصة ومناقشتها بمؤتمرات إقليمية، على أن تكون نواة للمشروعات التى سيتم عرضها بالمؤتمر المزمع عقده فى أكتوبر المقبل. وفي ختام الندوة تم عرض وتكريم أفكار ثلاثة مشروعات ناشئة بدأت فعليا استعدادا للمشاركة بالمؤتمر وهى "كونسلتو" وهو تطبيق تكنولوجي لتوصيل المرضى فى الحالات الحرجة للوصول إلى استشارات ورأى طبى من "كونسلتو" خارج مصر دون تحمل تكلفة السفر للخارج، ومشروع "بايوديزل مصر" لتوليد الطاقة الحيوية من زيت الطعام المستعمل، ومشروع "الموان" وهى منصة تربط شركات المقاولات بمواقع البناء.