عرض الأمين العام للجامعه العربية أحمد أبو الغيط أمام منتدي التعاون العربي الصيني المنعقد في بكين لرؤيته حيال مستقبل هذا التعاون في مختلف المجالات وقال " إن العلاقات الاقتصادية العربية الصينية تخطو خطوات متقدمة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية أكثر من 191 مليار دولار عام 2017، وأقيمت العديد من المشروعات التي تقوم بها الشركات الصينية في الدول العربية، وتطورت علاقات التعاون بين الجانبين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والمالية والصناعة والنقل والمواصلات والطاقة والموارد الطبيعية والبيئة والزراعة.وفيما يلي نص كلمة الأمين العام: فخامة الرئيس شي جينبينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت معالي السيد وانغ يي مستشار الدولة ووزير خارجية جمهورية الصين الشعبية معالي السيد عادل الجبير وزير خارجية المملكة العربية السعودية، ورئيس الجانب العربي أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء الوفود، الحضور الكريم، أود في مستهل كلمتي أن أتوجه بخالص شكري وتقديري لجمهورية الصين الشعبية على استضافة أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وعلى ما قامت به من جهد في الإعداد والتنظيم المتميز لهذه الدورة، متمنياً أن تُكلل أعمالها بالنجاح، بما يسهم في تعزيز العلاقات بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية. وأود بهذه المناسبة أن أجدد التهنئة إلى فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ لانتخابه لولاية رئاسية جديدة، متمنياً للشعب الصيني الصديق دوام التقدم والازدهار. السيدات والسادة، ها نحن اليوم نفتتح أعمال الدورة الوزارية الثامنة للمنتدى منذ التوقيع على إعلان تأسيسه في عام 2004، مما يعكس حرص الجانبين واصرارهما على تثبيت أواصر العلاقات العربية الصينية، ويجسد الاقتناع المشترك بضرورة الارتقاء بمستوى العلاقات بين الجانبين والتي تمتد جذورها إلى قديم الزمان، حيث تعتبر الصين شريكاً دولياً فاعلاً للدول العربية تربطهما روابط تاريخية وثقافية مميزة، ولديهما تاريخ طويل من العلاقات الودية والمواقف الداعمة للطرفين في القضايا التي تهم الجانبين، وذلك إنطلاقاً من الثقة المتبادلة وتوافر الإرادة السياسية والشعبية لدى الجانبين للسير في خطوات عملية لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبما يصون الأمن والاستقرار ويحقق المصالح المتبادلة لهما. الحضور الكريم، منذ أربعة عشر عاماً، أقدم الجانبان العربي والصيني على إنشاء حوالي 15 آلية للتعاون في إطار هذا المنتدى في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاعلامية والتنموية؛ مثل مؤتمر رجال الأعمال، الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، حماية البيئة، الصحة، الطاقة، الإعلام، والمدن، وعقدت العديد من الاجتماعات والفعاليات على كافة المستويات في مختلف القطاعات، كما تم التوقيع على جملة من مذكرات تفاهم لتفعيل التعاون في عدد من المجالات التي تنص عليها البرامج التنفيذية للمنتدى، وها نحن اليوم نشهد اطلاق المكتبة الرقمية العربية الصينية والتي ستفسح المجال أمام دفع التعاون العربي الصيني في مجال المكتبات، وتشجيع علاقات التوأمة والشراكة بين المكتبات المركزية والمتخصصة في الدول العربية والصينية والشكر هنا موصول لمكتبة الملك عبد العزيز علي استضافتها ومساهمتها في هذه المكتبة الرقمية. هذا بالإضافة إلى اعتماد البيان الختامي والبرنامج التنفيذي للعامين القادمين والاعلان التنفيذي العربي الصيني الخاص ببناء الحزام والطريق. وأود الإشادة بالتقدم الذي تحقق منذ الدورة السابقة للمنتدى، حيث عقدت عدة فعاليات للتعاون العربي الصيني، منها الدورة ال 14 لاجتماع كبار المسئولين، والدورة الثالثة للحوار السياسي الاستراتيجي، والدورة الأولى لمنتدى الملاحة عبر الأقمار الصناعية "بايدو"، والدورة الثانية لاجتماع الخبراء في مجال المكتبات والمعلومات، والدورة السابعة للحوار بين الحضارتين العربية والصينية، والدورة السابعة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، والدورة الثانية لمؤتمر نقل التكنولوجيا والإبداع، والمعرض الصيني العربي لعام 2017، والدورة الثانية لمؤتمر المرأة، والدورة الخامسة لمؤتمر الصداقة، بالإضافة إلى الدورات التدريبية التي يقدمها الجانب الصيني للكوادر العربية في مختلف المجالات، وهي كلها فعاليات تظهر وتجسد جدية هذا التعاون، وتعتبر تتويجاً للعمل الدؤوب بين جامعة الدول العربية وحكومة جمهورية الصين الشعبية، حتى أصبح منتدى التعاون العربي الصيني بحق نموذجاً يحتذى به في إقامة منتديات أخرى للتعاون بين جامعة الدول العربية وشركائها الآخرين من المجتمع الدولي. السيد الرئيس، الحضور الكريم، إن المنطقة العربية تمر الآن بمنعطفات خطيرة جراء الظروف والأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة،ويتزامن انعقاد هذا الاجتماع مع تزايد التحديات والضغوط على العالم العربي، وفي مقدمتها ما تتعرض له القضية الفلسطينية بعد قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبنقل بعثتها الدبلوماسية إليها، مما يشكل خرقاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وللشرعية الدولية، وأجدد تأكيدي على أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت عام 2002. وإذ نثمن عالياً دور جمهورية الصين الشعبية ومواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تأييد حصول دولة فلسطين على صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة، ودعمها الثابت لكافة القرارات التي تطرح أمام الجمعية العامة ومجلس الأمن، وآخرها تلك الخاصة بالقدس بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ونتطلع إلى مزيد من الدعم الصيني للقضية الفلسطينية العادلة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وأن تستمر في دفاعها عن حقوق الشعب الفلسطيني، كما أثق في أن الصين ستبقى حريصة على مساندة الأونروا وتعزيز مستوى مساهماتها المالية في ميزانية وأنشطة الوكالة لتمكينها من أداء عملها في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين. وفيما يتعلق بالأزمات في المنطقة العربية، أود التأكيد على ضرورة إيجاد حل سلمي لهذه الأزمات بما يكفل صون وحدة وسلامة وسيادة الدول العربية، وأؤكد في هذا الصدد على ضرورة العمل على إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية عبر مسار جنيف ووفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 والقرارات الأخرى ذات الصلة، بما يحافظ على حياة السوريين ويحقق طموحات الشعب السوري وتفادياً لأي أزمات انسانية جديدة، وأدعو الجميع إلى تقديم المزيد من الدعم والمساعدة للدول العربية التي تستضيف اللاجئين السوريين، وإلى دعم إعادة الاعمار في سوريا. كما أؤكد على دعم المؤسسات الشرعية في ليبيا، بما يضمن الحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها، استناداً إلى الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات، حيث تقوم الجامعة العربية بالتنسيق مع الأطراف الاقليمية والدولية لمرافقة أشقائنا الليبيين لاستكمال المسار السياسي وإتمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابية المتبقية. كما نؤكد على التزام الجامعة العربية بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ودعم الشرعية في اليمن وحل الأزمة اليمنية وفقاً لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج وآليتها التنفيذية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار رقم 2216. وفي ظل تفاقم الأزمات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط والتدخلات الاقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية، زاد تفشي ظاهرة الارهاب في المنطقة، ما يشكل تحدياً خطيراً على الأمن والسلم الاقليميين والعالميين، وهذا يضعنا جميعنا أمام مسؤولياتنا تجاه توطيد التعاون الدولي من أجل مكافحة الارهاب والعمل على إيجاد حلول شاملة تعالج كافة جوانبه وجذوره السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما تدعم الجامعة العربية الجهود المبذولة في مجال نزع السلاح وعدم الانتشار النووي، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، وتؤكد على إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. الحضور الكريم، إن العلاقات الاقتصادية العربية الصينية تخطو خطوات متقدمة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية أكثر من 191 مليار دولار عام 2017، وأقيمت العديد من المشروعات التي تقوم بها الشركات الصينية في الدول العربية، وتطورت علاقات التعاون بين الجانبين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والمالية والصناعة والنقل والمواصلات والطاقة والموارد الطبيعية والبيئة والزراعة.كما نشهد اليوم توقيع وثيقة هامة حول "الاعلان التنفيذي العربي الصيني الخاص ببناء الحزام والطريق" مما يمثل فرصة واعدة للتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة بين الدول العربية والصين، واللذان يُعتبران شريكين طبيعيين في بناء الحزام والطريق، ويتشاركان الطموح لتحقيق الأهداف التنموية للجانبين وتعزيز العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لديهما، وترحب جامعة الدول العربية بالمبادرة وبالإنجازات التي تحققت في إطارها، بما في ذلك توقيع 8 دول عربية على وثائق تعاون في إطار المبادرة، كما يعمل الجانبان على توقيع المزيد من وثائق التعاون من أجل الموائمة بين المبادرة والاستراتيجيات التنموية الوطنية في الدول العربية. وعلى صعيد التواصل الشعبي، تقام مؤتمرات الصداقة العربية الصينية والحوار بين الحضارتين بشكل منتظم، وشهد عدد الطلبة الصينيين الدارسين في الدول العربية والطلبة العرب الدارسين في الصين زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، كما تأسس مركز الدراسات العربي الصيني للإصلاح والتنمية في الصين، ويشهد التعاون في مجالات السياحة والثقافة والتربية والتعليم والرياضة والصحة والفنون والنشر والتدريب تقدماً كبيراً. السادة الحضور، إن التطورات التي يشهدها النظام الدولي تحتم علينا أن نوحد مواقفنا وجهودنا من أجل التصدي للأزمات والتحديات الراهنة، من أجل تعزيز السلم والأمن الدوليين، وكما ذكر فخامة الرئيس شي جينبينغ في أكثر من مناسبة، العمل على أن تكون العلاقات الدولية أكثر انصافاً وعدالة وشفافية في ظل المصير المشترك للمجتمع البشري، وأخذاً في الاعتبار ضرورة احترام مبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأممالمتحدة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ... هذه هي القناعات التي تدفعنا إلى اتخاذ المزيد من الخطوات من أجل بلورة رؤى مشتركة لتعزيز علاقات الشراكة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية بما يعزز ويحقق رفاهية الشعبين العربي والصيني. وأتوجه مجدداً في الختام بكل الشكر والتقدير لجمهورية الصين الشعبية قيادةً وحكومةً وشعباً، متمنياً أن يحقق هذا الاجتماع أهدافه في دعم العلاقات العربية – الصينية، وأن يشكل انطلاقة جديدة نحو شراكة استراتيجية شاملة بين الجانبين، بما يعزز الأمن والسلام والاستقرار وبما يحقق التنمية المستدامة لدى الجانبين. وشكراً،