تناولنا فى العدد الماضى دور البنك المركزى فى سياسات الائتمان التى تستهدف كبح التضخم واستقرار سعر الصرف. ونتناول فى هذا العدد أهمية دعم تنافسية الصادرات المصرية وبعض التوقعات لمسار الاقتصاد المصرى من خلال دلالات لقاء الرئيس السيسى ومحافظ البنك المركزى. ويوجد دور مهم للمديونية الخارجية فى التأثير الايجابى فى حساب رأس المال ما يتطلب أهمية دعم تنافسية الصادرات المصرية من خلال توسيع قاعدة المصدرين بحيث لا تقتصر فقط على كبار المصدرين ولكن تمتد إلى المصدرين الصغار، ويتسق ذلك مع دوره فى توجيه الائتمان السابق الاشارة إليه، هذا مع توسيع مجالات الاستثمار لتنويع الهيكل الانتاجى المصرى. تضاف لذلك أهمية دور البنك المركزى فى استخدام اتفاقيات تبادل العملة مثل التى تمت مع الصين، وكذلك دعم العلاقات الشراكة النقدية مع الاتحاد الاروبى مع الأخذ فى الاعتبار أن اتفاقية الشراكة قد ترتب عليها حتى الآن عجز متزايد فى الميزان التجارى لمصر مع دول الاتحاد، فالواردات أكثر من أربعة أضعاف الصادرات المصرية وهو ما يشير إلى خلل كبير فى استثمار الشراكة الأوروبية. وبعد، فإن العرض السابق إنما يشير إلى العديد من الدلالات المهمة للقاء الرئيس السيسى مع محافظ البنك المركزى كما يمكن رصد العديد من التوقعات لمسار الاقتصاد المصرى مستقبلا -بإذن الله- ونتعرض لذلك فيما يلى: أولا: بالنسبة لدلالات هذا اللقاء • يعتبر اهتمام الرئيس بمتابعة الأداء النقدى للبنك المركزى المصرى غاية فى الأهمية فى هذه المرحلة، وحتى تؤدى المتابعة ثمارها فإن الأمر يتطلب أن يكون لدى الرئيس المزيد من البيانات والمؤشرات التفصيلية حول أوضاع السياسة النقدية وسياسات سعر الصرف والمتغيرات المؤثرة عليها، كذلك فإن متابعة الرئيس مدى التنسيق القائم بين الحكومة والبنك المركزى إنما تكتسب أهمية كبيرة فى هذه المرحلة، فدون هذا التنسيق تنخفض فاعلية السياستين النقدية والمالية، وكذلك تتأثر سلبا الآثار الإيجابية لتحرير سعر الصرف. • تتطلب توجيهات الرئيس الصادرة فى هذا الاجتماع اهتمام البنك المركزى والحكومة والمجتمع المدنى فى مصر حيث تتمثل فى الاهتمام بالبعد الاجتماعى، وهنا يثار التساؤل حول مدى فاعلية القرارات المتخذة حاليا لمكافحة الفقر وإلى أى مدى يتحقق التمكين الاقتصادى للفقراء. كذلك فإن توجيه سيادة الرئيس بتفعيل مبادرته للمشروعات الصغيرة تحتاج للمزيد من الجهد والكفاءة والفاعلية فى التنفيذ. ثانيا: التوقعات لمسار الاقتصاد المصرى يحمل الاقتصاد المصرى آفاقا هائلة للنمو وهناك جهود وإنجازات لا يمكن إنكارها لدفع مساره إلا أن الأمر يتطلب المزيد من التركيز على أولويات التحرك ومتطلباته فيما يتعلق بدور البنك المركزى وقدرته على التنسيق مع الحكومة والمجتمع المدنى وفى هذا الإطار نشير إلى ما يلى: • تكتسب العلاقة بين سعر الفائدة وسعر الصرف أهمية كبيرة تتطلب اهتمام البنك المركزى، وهنا يثار التساؤل حول التوقعات لقيمة الجنية المصرى فى 2018 فى إطار حسابات سعر الصرف الحقيقى: هل سيظل البنك المركزى مدعما لخفض قيمة الجنيه المصرى رغم تحسن مؤشرات ميزان المدفوعات؟ وهل الاعتماد على الأموال الساخنة هى الضامن لتدفقات الدولار فى ظل تزايد الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات المصريين والسياحة؟ وإلى أى مدى رغم أهمية هذه التدفقات يمكن الاعتماد عليها فى ظل ظروف سياسية غاية فى الدقة؟ ومن هنا تأتى أهمية الاعتماد على الذات والتوجه للتصدير، فهل نحن اقتصاد ذو توجه تصديرى؟ إن الإجابة «لا»، و هو ما يستدعى ان يكون هذا الهدف فى صدارة الأولويات مع الأخذ فى الاعتبار أن لدينا طاقات كامنة هائلة يمكن تفعيلها وفقا لدراسات ميدانية تتمثل فى المشروعات المتعثرة، واستثمار الطاقات العاطلة فى قطاع الأعمال العام وتفعيل دور البنوك المصرية وفقا لأولويات ائتمان واضحة ومع استقرار سعر الصرف فإن ذلك سينعكس على سعر الفائدة التى يجب أن تنخفض لتشجيع الاستثمار. • هناك جهود تتم حاليا لتوسيع نطاق التنمية على مستوى محافظات مصر وهناك خريطة استثمارية وخريطة صناعية، ولكن ما زالت تنمية الموارد البشرية لتعظيم الاستفادة من هذه الآليات أقل من المطلوب، ومن هنا فإن دعم هذا التوجه ستكون له انعكاساته وآثاره المهمة على ترجمة آفاق النمو المستقبلى إلى فرص حقيقية لجميع فئات الشباب. هناك الكثير مما يمكن أن يشار إليه فى هذا المجال، ومع مطلع عام جديد نتمنى -إن شاء الله- أن يعيده الله على مصر بالخير والرخاء فإن التأكيد على الكفاءة والفاعلية فى الأداء يعتبر مطلبا مهما.