يكتسب لقاء الرئيس محافظ البنك المركزى المصرى أهمية كبيرة فى هذا التوقيت الذى تشهد فيه مصر حراكا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا غاية فى الاهمية يمكن ان ينطوى بمشيئة الله على نقلة نوعية فى الواقع الاقتصادى اذا ما تم رفع مستوى الأداء الاقتصادى وفقا للأولويات، التى يجب ان تركز على ترجمة كل من آفاق المشروعات القومية وتهيئة البنية الاساسية ودعم مصادر الطاقة الى طاقات انتاجية فاعلة تتيح فرصا للعمل للشباب المصرى وتسهم فى زيادة الصادرات وإنتاج سلع تحل محل الواردات ومن هنا يكون التساؤل: ما علاقة تحقيق الأهداف السابقة بدور البنك المركزى بما يستوجب متابعة السيد الرئيس لأدائه؟ إن علاقة البنك المركزى وثيقة جدا حيث إن البنك المركزى لا يعد مسئولا فقط عن السياسة النقدية ولكن سياسات الائتمان التى تعتبر موجها للبنوك، أما بالنسبة للسياسة النقدية فلها هدفان أساسيان الأول استهداف التضخم من خلال تحقيق التوازن بين السيولة النقدية والإنتاج الحقيقى ومن أهم أدواته سعر الفائدة، والثانى تحقيق الاستقرار فى سعر الصرف بعد تعويم الجنيه المصرى الذى ساهم فى خفض قيمته، ما انعكس على التضخم ومن ثم انخفاض الدخول الحقيقية لنسبة مؤثرة من المصريين. ولم يقتصر ذلك على المستهلكين منهم ولكن امتد إلى المستثمرين وبخاصة الصغار منهم حيث ارتفعت تكلفة رأس المال العامل بالنسبة لهم ما أسهم فى ارتفاع نسب التعثر، و كذلك يعتبر البنك المركزى مسئولا رئيسيا عن سياسات الائتمان والمقصود بها دوره فى توجيه وتحفيز البنوك وتوفير الائتمان فى المجالات التى تتوافق مع تحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة وعلى رأسها التصدير وإحلال الواردات، وفى هذا الإطار كان للبنك المركزى العديد من القرارت المهمة منها زيادة فرص التمويل للمشروعات الزراعية الصغيرة فى مجالات الانتاج الداجن والحيوانى وكذلك تحفيز البنوك من خلال متابعة أداء مبادرة الرئيس السيسى الخاصة بال200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة بفائدة 5%. وعلى الرغم من ذلك فإن البنك المركزى المصرى يستطيع القيام بالكثير فى مجال تحفيز البنوك على توجيه الائتمان ويمكن الاسترشاد فى هذا المجال بتجارب الدول الآسيوية فى التنمية ويمكن ان يتم ذلك من خلال: تقديم تسهيلات للبنوك التى توجه نسبا أعلى للائتمان للقطاع الصناعى وبخاصة فى مجالى التصدير وإحلال الواردات. اتخاذ خطوات جادة وفعالة فى مجال مواجهة المشروعات المتعثرة لدى البنوك المصرية وذلك بدراسة حالات هذه المشروعات وتحديد فرص تعويمها، وفى هذا الإطار هناك العديد من الجهات التى تقوم بدراسات ميدانية فى هذا المجال ويمكن للبنك المركزى الاستفادة منها. ويسهم رفع هذه المشروعات من القائمة السوداء فى إضافة طاقات إنتاجية مهمة الى الاقتصاد المصرى، وذلك على أسس اقتصادية. ويتطلب دعم اهتمام البنك المركزى بالجانب التنموى فى تقديم الائتمان أهمية التنسيق بين الحكومة والبنك المركزى، وهنا يثار التساؤل حول دور مجلس السياسات للبنك المركزى، الذى يضم خبراء اقتصاد على مستوى عالمى ولكن لا يجتمع بالقدر الكافى لتحقيق التنسيق والتكامل بين الجانبين النقدى والحقيقى وهو ما يمكن أن يضيف بعدا مهما لدور البنوك المصرية فى استهداف الأولويات المطلوبة حاليا. كذلك يتطلب الأمر تفعيل علاقات التعاون بين البنك المركزى ومؤسسات المجتمع المدنى وعلى رأسها الجامعات المصرية ومراكز الدراسات والبحوث والتى لديها الكثير من الدراسات التى يمكن ان تساعد فى تعظيم الآثار الايجابية لسياسات الائتمان. كذلك يثار التساؤل حول دور البنك المركزى فى متابعة مبادرة الرئيس للمشروعات الصغيرة وإلى أى مدى تحقق أهدافها، وكذلك مدى تكاملها مع الأولويات الاقتصادية فى هذه المرحلة ومدى قدرتها أيضا على استهداف الشباب جغرافيا وقطاعيا ووفقا لمستوى المهارات والمستوى التعليمى. أما فيما يتعلق بدور البنك المركزى فى تحقيق استقرار سعر الصرف فقد استعرض المحافظ فى لقائه الرئيس المؤشرات الإيجابية لميزان المدفوعات 2016/2017، التى عكست تحسن الصادرات وخفض الواردات وكذلك زيادة المتحصلات من الدولار من مصادر تحويلات المصريين والسياحة، وعلى الرغم من أهمية هذه المؤشرات ودورها الايجابى فى تحقيق استقرار سعر الصرف فإنه لا يمكن إغفال الدور المهم للاستثمارات الأجنبية فى أذون الخزانة التى قدرت ب19 مليار دولار ويطلق عليها بلغة الاقتصاد الأموال الساخنة وحسنا فعل البنك المركزى بوضع ضوابط على هذه التدفقات مؤخرا.