البنوك الإسلامية جدل مصرفى متجدد، اكتسب بالصعود السياسى للاخوان ظهيرا مرجعيا جديدا أغرى مواطنا مصريا بدفع 4800 جنيه مقابل نشر مناشدة لحث الرئيس د.محمد مرسى لتحويل البنوك التقليدية إلى إسلامية، بل قام أيضا برفع قضية على السلطة التنفيذية، مطالبا بمنتجات إسلامية موازية للمنتجات المصرفية التقليدية.لماذا تثور قضية البنوك الإسلامية بين الآونة والأخرى فى مصر؟ وما أرباح المواطن صاحب المناشدة بتحمل تكاليف دعوى قضائية ؟ البداية مع ياسر نصر صاحب المناشدة إنه خبير مصرفى غير متفرغ أمام المحاكم الاقتصادية، محاضر فى المعهد المصرفى، أوضح ل"الاقتصادى" أنه قارئ فى طريقة عمل البنوك الإسلامية والدافع لهذا هو التدين والإسلام فلابد من التحول إلى البنوك الإسلامية التى تتفق مع الشريعة الإسلامية. يضيف قام برفع قضية على السلطة التنفيذية لأن قانون البنوك 83 لسنة 2003 غير متفق مع المادة 2 من الدستور، مطالبا بمنتجات إسلامية موازية للمنتجات المصرفية الموجودة فى الأسواق وأن يتم تخيير العميل ليختار النظام الذى يناسبه، فالبنوك كلها واحدة فلا مجال للاختيار أمام العميل، فكثير من الناس يريدون قروضا ولكنهم لا يذهبون بسبب الربا، لذلك لابد من بديل يحقق مصالح العباد على أن يتم التحويل تدريجيا بحيث يكون فى كل بنك هيئة شرعية لضبط المعاملات المصرفية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية. مضيفا أن التحول إلى النظام الإسلامى يعود على الاقتصاد المصرى براحة الناس فى العمل لأن التجارة فى الإسلام قائمة على قاعدة "الغنم بالغرم" أى المكسب بالخسارة، وسوف تكون أحوال الناس أهدأ لأن الذى يدخل مشروعا يشعر أنه غير مضغوط فالبنوك تلبى احتياجاته، فبنك دبى به إدارة لزكاة الأموال والقروض الحسنة وتكون القروض الحسنة من الأرباح السابقة والزكاة ومساهمات الناس، ومن لديه مشكلة فى الزواج والتعليم والمرض يمكنه الاقتراض فالأزهر أباح الاقتراض الخاص بالاستثمار وحرم الاقتراض على:الزواج، العلاج،المرض وصرح بتمويل السلع التى تباع بنظام المرابحة، داعيا علماء المسلمين وكبار المصرفيين وأساتذة الاقتصاد أن يجتمعوا ويخرجوا بنتائج محددة. ويبين كل نوع من أنواع التمويل الإسلامى على حدة، بأن المضاربة المطلقة هى أن يتفق العميل مع البنك بأن يستثمر العميل المبلغ فى عرض من عروض التجارة يريده العميل، أما المضاربة المقيدة فقد يحدد البنك للعميل المكان أو الزمان أو السلع.وبالنسبة للمرابحة فهى تتم عن طريق أن يتقدم العميل إلى البنك لشراء سلعة معينة سعرها على سبيل المثال 1000 جنيه ويقسطها عليه البنك ب1400 ويخرج البنك شيكا لصاحب السلعة والعميل يتسلم السلعة ويقسط المبلغ. والسلم هو على سبيل المثال عندما يكون لدى حديقة تطرح ثمارا ويريد صاحب الحديقة أن يبيع ثمارها لمدة 3 أعوام فيقوم المشترى بدفع المبلغ (كاش)مثلا 10 آلاف جنيه على أن يبيع الثمار لمدة 3 سنوات التى قد تكون فى العام ب5 آلاف جنيه أى 15 ألف جنيه فى الثلاثة أعوام. أما الاستزراع فهو أن تدخل مع المزارع فى زراعة الأرض تمول له الزراعة مقابل الشراكة فى ناتج الزراعة ويكون من الربح لا رأس المال، والاستصناع نفس الفكرة ولكن فى الصناعة.والآمر بالشراء قريب من المرابحة ولكن الفرق أنك تخبر البنك أن السلعة موجودة فى مكان معين وتعده بأنك ستشتريها وهنا يوجد نوع المخاطرة يتحمله البنك نظير المكسب إذا لم يشتر المشترى السلعة، موضحا أن كل هذه الأنواع لتفادى مبادلة النقد بالنقد. وعن الموقف الرسمى من هذا الموضوع يوضح أنه فى مجلس الشعب السابق أرسلوا إلى البنوك بترخيص منتجات إسلامية ولكن توقف الأمر بحل مجلس الشعب. ويرى أحمد حسان نائب رئيس مجلس الدولة ونائب محافظ بنك فيصل سابقا أن مستقبل المعاملات الإسلامية مستقبل زاهر لأن البنوك الإسلامية نشأت فى ظل بنوك ربوية ومع ذلك استطاعت أن تثبت وجودها فهى لها دور أكبر حيث تقوم الاستثمارات على المشاركة والمرابحة وبعض البنوك الإسلامية عملت مشاريع رفعت من شأن رجال الأعمال الذين قاموا بها.عن أثر تلك المعاملات يرى أنها سوف تنعش السوق فمن يريد تسهيلات ائتمانية يذهب إلى البنك الإسلامى بدلا من البنك التقليدى ويصبح رب عمل والبنك رب المال، مشيرا إلى أن البنوك الأمريكية بدأت تفتح فروعا إسلامية مثل سيتى بنك فى البحرين وأصبحت منتشرة فى جميع دول العالم. ويؤكد الدكتور محمد البلتاجى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى ازدياد الطلب على المعاملات الإسلامية من شريحة كبيرة فى السوق المصرفى حجمها حاليا 7.3%والودائع 8.5%والمستهدف مضاعفتها العام القادم إلى 10%والعام التالى له 15%، مشيرا ان الزيادة كانت بشكل أكبر بعد الأزمة العالمية، موضحا أن عدد أفرع المعاملات الإسلامية فى مصر يبلغ 212 فرعا من 2500 فرع بنسبة 9%، مشددا على أنها تحتاج إلى التطوير فى المنتجات والموارد البشرية بعقد دورات تدريبية لهم من قبل الخبراء، ووجود قانون للبنوك الإسلامية، لافتا إلى أن السوق سوف يستوعب شريحة كبيرة لا تعمل مع البنوك ستجد فى المعاملات الإسلامية ضالتها، فقد زادت بنحو 2%عن عام 2010 . اشارت د.ماجدة شلبى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة الى تطور البنوك الاسلامية خلال العقود الاخيرة على الصعيدين الدولى والعربى وأنها لعبت دورا قياديا فى تحقيق النمو الاقتصادى حيث وصل متوسط معدل النمو السنوى عالميا للاصول خلال ال 3 عقود الاخيرة 15%ومن المتوقع ان ترتفع قيمة الاصول بها الى اكثر من 2.8 تريليون دولار بحلول 2015 وذلك قياسا لزيادة سنوية فى الاستثمار فى هذه الصناعة المصرفية الاسلامية التى بلغت ما يقارب20%، كما تطور حجم اصول المصارف الاسلامية فى العالم بوتيرة سريعة بلغت فى المتوسط 27%خلال الفترة من 2002 الى 2010 . وتوقعت توسع حجم البنوك الاسلامية فى مصر خلال الفترة المقبلة وارجعت ذلك الى نجاح تجربة المصارف الاسلامية عالميا بالاضافة الى ان بداية انشاء البنوك الاسلامية كان فى مصر عام 1963 عندما تم تأسيس بنوك الادخار الاسلامية وبعد ذلك تم انشاء اول بنك اسلامى فى دبى عام 1975، واشارت الى انه بالرغم من نجاح تجارب البنوك الاسلامية عالميافإنه لا يجوز تعميم البنوك الإسلامية على القطاع المصرفى بأكمله فى مصر كما ينادى البعض، فلدينا فى مصر قطاع مصرفى راسخ منذ عقود لا يجوز الغاؤه مرة واحدة، ولكن نجاحات البنوك الاسلامية التى سيتم انشاؤها هى التى تجذب العملاء لها، لذلك يجب ان يكون التطبيق بالتدريج.وبالنسبة لمدى تناسب النشاط المصرفى الاسلامى مع اقتصاديات وآليات السوق اوضحت د.ماجدة ان النظام المصرفى الاسلامى استطاع خلال العقود الماضية ان يحدث العديد من التطوير حيث يعد جذب المدخرات اهم الاهداف الاساسية للمصارف الاسلامية. كما اصبحت المصارف الاسلامية تمثل قوة مالية اقتصادية حيث تصاعد عدد المصارف والمؤسسات المالية الاسلامية الى اكثر من 300 مؤسسة حول العالم وتصل اصولها الاجمالية الى اكثر من 400 مليار دولار بمتوسط نمو سنوى 23%مع الاخذ فى الاعتبار منافذ الصيرفة الاسلامية التابعة للبنوك التقليدية ويصل اجمالى ودائعها نحو 300 مليار دولار واجمالى عمليات التمويل والاستثمار اكثر من 200 مليار دولار، ولديها محفظة استثمارات مالية فى اسواق رأس المال تصل الى 500 مليار دولار، ومن المتوقع ان تصل موجودات المصارف الاسلامية الى نحو 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2013 لافتة إلى أنه يصعب الوصول الى حجم المعاملات الاسلامية داخل البنوك التقليدية فى مصر نظرا لان حساباتها تدرج مع الميزانية العامة للبنك. اوضحت بسنت فهمى خبيرة مصرفية ان نمو النشاط المصرفى يتوقف على حجم الطلب عليه فكلما زاد الاحتياج الى القطاع المصرفى زاد الطلب وتوسع وهذا ينطبق على البنوك الاسلامية ايضا.ارجعت التوسع فى البنوك الاسلامية الى انه ظاهرة عالمية وليس لها علاقة بوصول تيارات اسلامية للحكم فى مصر فبعد انهيار الاشتراكية وبعد الازمة المالية العالمية وظهور قصور الرأسمالية بدأ العالم فى البحث عن نظام يحقق العدالة الاجتماعية، وتوصل الكثير من خبراء الاقتصاد الى ان النظام القائم على الشريعة الاسلامية يمكن ان يحقق العدالة الاجتماعية، واكدت ان هذا النظام علم قبل ان يكون عقيدة طبقته العديد من الدول.وربطت بين نمو البنوك الاسلامية وبين زيادة الطلب عليها الذى من الممكن أن يؤدى الى سرعة تطورها. رفضت بسنت فكرة تحويل البنوك المصرية الى بنوك اسلامية واوضحت انه لا يمكن قلب النظام المصرفى كله نظرا لان مصر لديها علاقات اقتصادية وتجارية مع كل دول العالم ولا يمكن اجبار دول العالم على التعامل بالنظام المصرفى الاسلامي.أشارت الى ان هناك العديد من المشكلات التى تواجه تطبيق نظام البنوك الاسلامية فى مصر اهمها ان البنوك الاسلامية تعتمد على نظام آلى مستورد يعمل على اساس سعر الفائدة، كما انها قائمة على اساس المشاركة فى اقتسام الارباح والخسائر وهذه المشكلة تتطلب جهودا منظمة ومستمرة لاستحداث دورة مستندية جديدة وتصميم نماذج ومستندات تتفق مع الشريعة الاسلامية.بالاضافة الى مشكلة الازدواج بين الافتاء والرقابة حيث تقوم الهيئة الشرعية بالافتاء وفى نفس الوقت اسندت اليها الرقابة، بالاضافة الى مشكلة بناء الهيكل التنظيمى حيث نقلت ادارة الائتمان الى البنك الاسلامى بنفس الشكل والمفهوم والمعايير والخبرات ولم تترجم هذه الادارة النشاط الأساسى للبنك الإسلامى الذى يتطلب وجود ادارات متخصصة مثل التجارة وما هى انسب الصيغ للتجارة. وأوضحت انه من الموسف ان فكرة البنوك الاسلامية لم تنفذ بنفس مستوى الرؤية المقترحة من الباحثين الاوائل اصحاب نظرية البنوك الاسلامية (د.احمد النجار، د.سيد الهوارى)التى تقوم على دراسة فرص الاستثمار فى المجتمع وعمل دراسات جدوى للفرص المنتقاة وتحديد مدى زمنى للمشروعات:قصيرة،متوسطة، طويلة ثم تحديد موارد البنك من خلال تصميم الاوعية الادخارية وفقا لاحتياجات المشروعات، اختيار العاملين بما يتناسب مع المشروعات المطلوب تمويلها ثم تصميم الهيكل التنظيمى بما يعكس الرؤية وأولويات البنك ثم تصميم الادارات المساندة (دراسات الفرص الجدوى ترويج المشروعات)وبعد ذلك اختيار صيغ التمويل الملائمة بما يتفق مع موارد البنك واختيار القيادات ذات رؤية وإلهام للعاملين.بالاضافة الى المشكلات السابقة فهناك مشكلة القوانين المنظمة لعمل البنوك الاسلامية ففى الوقت الذى اصدرت فيه مصر قانون يسمح بانشاء البنوك الاسلامية لم يتم تنظيم كيفية تعامله مع القوانين المنظمة للمؤسسات التى تعمل فى النشاط الاقتصادى فى حين كان لبعض الدول تجارب ناجحة فى وضع تشريعات تنظم عمل البنوك الاسلامية ومنها ماليزيا وتركيا والامارات والبحرين والكويت والاردن ولبنان ويمكن استخدام هذه القوانين لصياغة قانون مرجعى فى اطار منهجى وارشادى. كما ان البنك المركزى هو الذى يراقب كل البنوك الاسلامية وهو ما يمثل تحديا امام عمل البنوك الاسلامية نظرا لقيام البنك المركزى باستخدام نفس المؤشرات والآليات التى تمكنه من المراقبة والتفتيش ووضع السياسات لعمل البنوك التقليدية مع البنوك الاسلامية دون تطوير لادواته بما يتفق مع البنوك الاسلامية التى لا تستند الى اسعار فائدة، كما يقوم البنك المركزى باصدار سندات واذون خزانة لسد عجز الموازنة ويلزم البنوك الاسلامية بشرائها.