على مدار ثلاثة آيام ناقش عدد من المتخصصين فى سوق المال فى الاجتماعات السنوية للجنة «الأسواق الواعدة والناشئة « للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية « الأيوسكو» عددا من الموضوعات التى تعد تحديا للأسواق الناشئة و التحديات المرتبطة بالمنشآت الصغيرة و المتوسطة. ونجحت مصر فى استضافة مصر للاجتماعات السنوية ل»الأيوسكو» بعد منافسة قوية مع عدد من هيئات أسواق المال بدول أخرى، ويأتي ذلك بعد أشهر من انيا، تبنى مبادئ متوافق عليها من خلال منظمة الأيوسكو لتكون النموذج الذى تسعى مختلف الأسواق المالية لاتباعه سواء فى مجالات قيد الشركات أو الافصاحات أو نظم التسويات او صناديق الاستثمار أو التوريق أو إصدار السندات. وعرضت الاجتماعات العديد من آراء الخبراء حول ما تشهده الاسواق الناشئة، وطرق التعامل معها فى المستقبل، وما يمكن التخطيط له عبر وضع الآليات المناسبة تجاه ذلك الأمر. بداية أكد شريف سامى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية،أن أهم التحديات فى مصر هو جذب المزيد من الشركات المتميزة فى نموذج أعمالها و مصداقية اداراتها للقيد بالبورصة لزيادة عمق سوق المال و تنوع فرص الاستثمار به. وأكد أهمية وجود قواعد عامة منظمة للأسواق، موضحا أن دور الرقيب المالى يختلف من دولة لاخرى، فهناك دول يكون لوزير المالية الكلمة العليا فيها ، و اخرى لجهات مستقلة مثل «الرقابة المالية» فى مصر، فضلا عن دول يسيطر فيها «البنك المركزى» على مقاليد الأمور، و بعضها خليط من ذلك. وقال برت كاسبرت رئيس مجلس الخدمات المالية فى دولة جنوب إفريقيا ، أن هناك العديد من المخاطر و التحديات التى تواجه أسواق المال ، على رأسها القوانين المنظمة لعمل سوق الأوراق المالية ، والتى تتطلب العمل على توحيدها بين الأسواق الناشئة التى تواجه نفس الظروف و عددها 93 سوقا. وأشار إلى ان جنوب إفريقيا تملك فريقا متخصصا فى تطوير و استحداث الأدوات المالية من المتخصصين فى السوق , و يقوم بعرض مقترحاته من الأدوات المالية على اطراف العملية الاستثمارية تمهيدا لاتخاذ الخطوات التنفيذية لتطبيقه. وأضاف أن الأدوات المالية الموجودة بالسوق المصرى تلبى احتياجات المستثمر المحلى فقط، الذى يستوعبها و يضخ استثماراته المحدودة بها، فى حين أن المستثمرين فى الأسواق العالمية مثل سوقى « امريكا» و «انجلترا» يجدون ضالتهم من أدوات المالية ملائمة لنوعية المستثمرين هناك والقادرة على جذب استثمارات أجنبية. وقال إن السوق المصرى و سوقى نيجيريا و المغرب من الأسواق الواعدة، بشرط قدرتها على جذب الشركات العالمية للقيد ، مشيرا فى هذا الصدد إلى أن الشركات المقيدة فى بورصة بلاده و وصلت الى نحو 400 شركة، مقارنة مع عدد الشركات المقيدة فى مصر 262شركة. ووأوضح أن الأسواق الناشئة تعانى من مشكلة تخارج الاستثمارات صوب اسواق اقل فى معدلات المخاطر ولاسيما إنجلترا و أمريكا، على الرغم من انخفاض معدلات العائد فيها اذا ما قورنت بنظيرتها فى الأسواق الناشئة. ولفت إلى أن 25٪ من الاستثمارات فقط فى سوق السندات الجنوب الإفريقى هى محلية، حيث الغالبية العظمى منها استثمارت أجنبية، نظرا لارتفاع معدلات العوائد عليها. و أكد رانجيت سينج نائب رئيس الأيوسكو ورئيس لجنة الأسواق الناشئة ، أن مصر تعد بوابة للأسواق المالية، كما تعد من أقدم الأسواق المالية العالمية، كما يمتلك الاقتصاد المصري عددا من المشروعات الكبرى الواعدة، وفى مقدمتها مشروع تنمية قناة السويس. وأضاف أن حالة عدم الاستقرار والسياسات النقدية العالمية تؤثر بشكل كبير على الأسواق الناشئة، لافتا إلى أن الأسواق المالية الناشئة بحاجة إلى البنية التحتية، والتي تتجاوز تكلفتها نحو تريليون دولار. ورأت بيرت شانيستا، نائب رئيس مجلس الخدمات المالية بجنوب إفريقيا، أن المشتقات المالية والعقود الآجلة أصبحت أداة مهمة لتمويل المشروعات بالدول الناشئة. وأكدت ضرورة أن يتم التداول على سوق المشتقات وفقًا لقواعد رقابية وتنظيمة ومراجعة كل العقود الأجلة والمشتقات المالية التي يتم تداولها. وأوضحت أن تنشيط أسواق المشتقات بالدول الناشئة من شانه أن يسهم في دفع النمو بتلك الأسواق، وتوفير التمويل اللازم للمشروعات. أكد أوكاتفيو يازبيك أستاذ القانون الاقتصادي بجامعة سان باولو بالبرازيل أن المشتقات المالية والعقود الآجلة تعد أداة مهمة للتحوط وإدارة المخاطر، وليس أداة للمضاربة، لافتًا إلى ضرورة تطوير سوق المشتقات بالدول الناشئة واستخدامها في تمويل المشروعات. وأشار إلى أنه منذ عام 2008 كانت تستخدم المشتقات المالية والعقود الآجلة، للتحوط، بينما يتم استخدامها الآن للمضاربة، وفقًا لقواعد تنظيمية ورقابية. وبين كريستوفر والكر، مدير الأسواق المالية بصندوق النقد الدولى أن هناك العديد من المخاطر الاقتصادية فى العديد من أسواق المال ، و من أهم العناصر التى يجرى متابعتها معدلات الفائدة أسعار الصرف و كذا اسعار السلع و على رأسها البترول. وأضاف أن الانخفاض المتتالى فى اسعار البترول يرجع الى زيادة العرض و المخزون، إضافة إلى التباطؤ الاقتصادى فى العديد من الدول الصناعية الكبرى، مما أدى إلى تخفيض الطلب على البترول. وقال مشعل العصيبى رئيس هيئة سوق المال الكويتى: إن الهيئة تعمل خلال الفترة الحالية على تطوير السوق الكويتي و بدأت بإلغاء ضريبة الارباح الرأسمالية لتشجيع الاستثمار غير المباشر، و تستهدف خلال الفترة المقبلة تطوير منظومة التداول اليومية. وأضاف أنه يتم العمل أيضا على توحيد الجهة القانونية للقيام بجميع عمليات الرقابة والتحكم فى أسوق المال على مستوى السوق الكويت مثل التسويات و حل المنازعات. وأوضح أن بورصة الكويت تعكف حاليا على الانتهاء من قواعد تداول الصكوك والسندات، على أن يتم إصدارها قبل نهاية العام. وأوضح أن هناك مخططا لإضافة العديد من الأدوات المالية مثل»رهن الأسهم» و مشتقات العقود المستقبلية، مشددا على ضرورة الاستثمار فى إدارة المخاطر لتمكين السوق من استيعابها، و التعاون مع خبراء استشاريين عالميين فى إتمام الأمر. وأشار إلى أن سوق المال الكويتى استعان بالقواعد التنفيذية بصناديق المؤشرات المصرية مطلع العام الجارى، حيث طلبت تلك الصناديق إرسال نسخة من القواعد لتطبيقها على النموذج الكويتى بها فضلا عن اجتماعات مع مؤسسى النموذج المصرى لتبادل الخبرات. و على الجانب الآخر قال: إن اجتماعات »الأيوسكو« السنوية ساهمت فى تطوير العلاقات بين 30 جهة رقابية على مستوى العالم , فضلا عن قواعد حوكمة الشركات , و التى تسببت فى خروج العديد من الاستثمارات من الاسواق الناشئة . بينما رأى رانجيت سينج نائب رئيس منظمة »الأيوسكو« و رئيس لجنة الاسواق الواعدة و الناشئة و رئيس مجلس الأوراق المالية بماليزيا أن الأسواق الناشئة يجب أن تكتمل بها الآليات المتاحة للتمويل وعلى رأسها الصكوك. وأضاف أن الصكوك كانت عاملا مهما لماليزيا للخروج من النفق المظلم بعد الأزمة المالية فى 2008 ونجحت فى ضبط مسار اقتصادها.