تكتسب القمة العربية 2015 أهمية خاصة لانها تتزامن مع مرور 70 عاما على تأسيس الجامعة، بجانب أنها تعقد فى ظروف استثنائية بالغة القسوة يمر بها العالم العربى فى ظل ما يشهده من تحديات خطيرة أبرزها انتشار الارهاب العابر للحدود وما يثار بشأن اعادة رسم الأوضاع بالمنطقة لمصلحة قوى اقليمية ودولية.. فما الذى يمكن أن تسفر عنه القمة العربية من تغييرات فى الواقع العربى الراهن؟ وهل ترتقى قراراتها الى مستوى تلك التحديات وطموحات المواطن العربى ؟ وهل تنجح فى التعامل مع الملفات الشائكة الحالية وما هو مصير التعاون الاقتصادى والملفات التى تغطى هذا المجال الحيوى والاستراتيجي. قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إن القمة الحالية تنعقد في ظل تحديات كبيرة تمر بها المنطقة العربية مما يستوجب بذل جهود مضاعفة وتعاون وطيد بين الدول لمواجهتها والتغلب عليها، لافتا الي أن قضايا التنمية ببعديها الاقتصادي والاجتماعي أصبحت تحظى باهتمام خاص ومتزايد ضمن منظومة العمل العربي وجار العمل من الآن على الإعداد للدورة الرابعة للقمة التنموية في تونس، حيث تعكف القمم التنموية على بناء اقتصاد عربي متكامل العناصر وتعم فائدته على جميع الدول الأعضاء. كما يعمل مجلس الجامعة على متابعة المشاريع الكبرى للتكامل في شتى المجالات وتدارك النقص الذي كان يعاني منه العمل العربي المشترك في المجالات الحيوية التي تمس عن قرب المواطن العربي وتضفي مزيداً من المصداقية والقناعة بالعمل العربي الجماعي مثل المشاريع الاقتصادية الكبرى للربط بين الدول العربية في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة والطرق والنقل وغيرها التي تشكل أساس التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي. ودعا العربي الي استكمال انجاز منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى،والتركيز على بعض الجوانب المتعلقة بها مثل قواعد المنشأ العربية التفصيلية، ومعاملة منتجات المناطق الحرة، وجدول الالتزامات الخاصة باتفاقية تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية، وتقديم الدعم المالي والفني للدول العربية الأقل نمواً في منطقة التجارة الحرة الكبرى والالتزام بمعايير الإجراءات غير الجمركية. يرى السفير د. جمال بيومى الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب ومستشار وزير التعاون الدولي أن التعاون التجارى العربى البينى حقق نجاحا لا بأس به، وقد أكد التقرير الاقتصادى العربى زيادة معدلات التبادل الى 16٪ ، وحقق الاقتصاد المصرى فائضا لأول مرة فى السنوات الأخيرة لمصلحته من خلال هذا التعاون، مع جميع الدول العربية بلا استثناء، بجانب ذلك قفزت التجارة المصرية مع الدول العربية لتحتل المركز الثانى بعد التجارة مع الاتحاد الأوروبي. ويرى السفير جمال بيومى أن الملفات الاقتصادية حققت تقدما معقولا ونجاحا لا بأس به ويشير الى أن التجارة العربية مع مصر باتت تحتل المرتبة الثانية بنسبة 20٪ بعد الاتحاد الأوروبى، ارتفعت مع الأردن بنسبة 45٪ ولبنان بنسبة 50٪ ، كما أن التطور الثانى المهم الذى لم يحدث منذ سبعينيات القرن الماضى يتمثل فى ارتفاع الفائض فى ميزان التبادل التجارى بحيث أصبح لصالح مصر مع جميع الدول العربية، ومن ثم فان الوضع العربى ليس مظلما، رغم أنه يتعين قطع خطوات فى تحرير تجارة الخدمات والعمل على معالجة الخلل فى معدلات الرسوم الجمركية اذ إنه ليس من المعقول أن نجد دولا عربية تبالغ فى حجم الرسوم الحمائية مثل مصر وسوريا والمغرب ولبنان والجزائر والأردن وتونس، ودولا أخرى تبالغ فى تخفيض مستوى الرسوم مما يصعب من اقامة الاتحاد الجمركى، وهو أمر يحتاج الى قرار سياسي، وبقى الملف الأخطر الذى يتمثل فى العمالة الأجنبية خاصة الاسيوية التى تهدد الأمن القومى العربى اذ إنه آن الأوان لتعريب الوظائف العربية، وهو أمر سيقضى على البطالة تماما ويحصن الجسد العربى من هذه الاختراقات. ويؤكد الدكتور محمد مجاهد الزيات الخبير السياسى والمستشار لمراكز الدراسات الأمنية والاستراتيجية أن القمة لن تستطيع احداث اختراق كبير فى كل الملفات المعروضة عليها، خاصة ما يتعلق منها بالقلاقل والنزاعات القائمة فى عدة دول مثل ليبيا وسوريا واليمن لتضارب الأجندات الاقليمية والدولية بشأنها، ويرى أنه ربما تحدث تحريكا فى الملف الاقتصادى والاجتماعى على صعيد تعزيز ودفع التعاون بهذين المجالين، وتحرير انتقال رءوس الأموال العربية لكن هذا التعاون يظل نجاحه واكتماله معلقا على مدى التقدم فى انتقال العمالة العربية.. وفى شأن تشكيل قوة مشتركة لمواجهة الارهاب والتحديات التى تمس الأمن القومى العربى يؤكد الدكتور الزيات أنه من الصعب تشكيل هذه القوة فى ظل الخلافات والتباينات العربية الشديدة على ماهية العمليات الارهابية التى ستتعرض لها تلك القوة، والأرجح أن يكون هناك خيار بديل يتمثل فى تعاون مصرى خليجى أردنى بهذا المجال كبديل للقوة المقترحة.. يرى السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية للشئون العربية ومندوب مصر السابق لدى الجامعة ضرورة تفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك ومضاعفة قدرات وصلاحيات مجلس وزراء الداخلية العرب، ومكتب الانتربول العربى وانشاء قوة مشتركة لحفظ السلام وحماية المدنيين وتقديم المساعدات الانسانية للمتضررين فى وقت الأزمات والحروب الأهلية وغيرها بما يمكن أن يسهم فى تنفيذ العديد من الاستراتيجيات فى مجال مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة والكوارث البيئية. ويشير الى استمرار تفاقم اشكالية العلاقة بين القومى والدينى والمذهبى والوطنى فى الثقافة العربية وخاصة فى الممارسات السياسية وتصاعد النغمة الراديكالية والى توافر بعض الأدلة والشبهات فى وجود أهداف ومخططات أجنبية خفية تعمل على ابقاء عناصر التخلف والصراع بهذه المنطقة لضمان الهيمنة الاستعمارية عليها، خاصة بما تتمتع به من ثروات وموارد كبيرة الى جانب موقعها الاستراتيجى والحيوى. ويطالب السفير بتوحيد المواصفات القياسية، والتعاون في مجالات التشييد والبناء وعلاقات العمل ومنح شهادات الابتكار والاختراع .