الطيب الصادق منذ أن أعلنت جامعة الدول العربية خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الكويت عام 2009، أن عام 2015، سيشهد انطلاق الاتحاد الجمركي العربي من أجل تحقيق سوق عربية مشتركة بحلول عام 2020، وزيادة التجارة العربية البينية والاندماج، شهدت الفترة السابقة مناقشات واجتماعات كثيرة تجعلنا ننتظر تنفيذ الاتحاد بشغف كبير، خصوصاً أن الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية أعلن خلال مؤتمر اقتصادي في نهاية العام الماضي أن عام 2015، سيشهد انطلاق الاتحاد الجمركي العربي، كما أنه كان من أبرز الملفات التي ناقشتها القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ الأسبوع المنصرم، لتؤكد علي حقيقة انطلاق الاتحاد الجمركي العربي كما كان محدداً له وفق الجدول الزمني. وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أكد في تقرير رفعه للقمة العربية علي إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتطبيق باقي التخفيضات الجمركية ووقف العمل بالاستثناءات المقدمة من بعض الدول الأعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، بما فيها الالتزام بإزالة القيود غير الجمركية وإنهاء قواعد المنشأ غير المتفق عليها وبناء قدرات الدول العربية الأقل نموا الأعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، كما دعا المجلس الدول العربية إلى تشكيل فريق وطني مكون من الوزارات والمؤسسات المعنية على مستوى المالية والجمارك والسياسات التجارية لمتابعة متطلبات الاتحاد الجمركي العربي على المستوى الوطني، وطالب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية لبناء قدرات الفرق الوطنية حول كيفية متابعة تطبيقات الاتحاد الجمركي العربي من خلال برنامج دعم فني متخصص لهذه الغاية، وذلك لإعداد الدراسات المالية والقيام بتحليلات التعريفات الجمركية، وتقييم آثار الاتحاد الجمركي والتحديات المطروحة والسيناريوهات البديلة وقياس الآثار الاقتصادية وغيرها. تجربة الاتحاد الجمركي الخليجي من التجارب الناجحة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أصبحت دول المجلس بعد اتفاقها على قيام الاتحاد الجمركي في عام 2003، ضمن جدار جمركي واحد تجاه العالم الخارجي، تستوفى فيه الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية لمرة واحدة فقط في نقطة الدخول الأولى، ويتم انتقال كل هذه السلع بين دول المجلس دون استيفاء رسوم جمركية مرة أخرى عليها، وتعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات الاتحاد الجمركي التي طبقتها دول المجلس في اليوم الأول من قيام الاتحاد، وتتم معالجة نصيب كل دولة من الدول الأعضاء من الرسوم الجمركية الخاصة بالسلع الأجنبية التي تم انتقالها بين الدول الأعضاء خلال الفترة الانتقالية، من خلال آلية المقاصة، ولذلك سيسهم هذا الاتحاد في تسهيل مهمة جامعة الدول العربية في إقامة اتحاد جمركي عربي والاستفادة من تجربة الاتحاد الجمركي الخليجي في وضع أسس وخطوات الاتحاد الجمركي العربي. منير فخري عبدالنور، وزير التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، يؤكد على أهمية الإسراع بإقامة الاتحاد الجمركي العربي، كأحد الأهداف المهمة نحو مسار السوق العربية المشتركة المنشودة في 2020، مشيرا إلي أنه لم يعد هناك وقت نضيعه في ظل تحرك العالم نحو إقامة التكتلات الاقتصادية، داعيًا إلى تفعيل المشروعات الاقتصادية المشتركة وتحرير التجارة والخدمات. كما يؤكد الدكتور مجدي عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك المصرية، أن رؤساء ومديري هيئات ومصالح الجمارك بالدول العربية وافقوا في شهر فبراير الماضي، علي تيسيرات جديدة لحركة التجارة العربية البينية تشمل إعداد نموذج جمركي موحد وإنشاء مركز معلومات جمركي عربي والإسراع في تأهيل المنافذ الجمركية علي مستوي الأقطار العربية للإسراع في إنشاء الاتحاد الجمركي العربي ومنطقة التجارة العربية الكبري، موضحا أن رؤساء الجمارك وافقوا أيضا علي إزالة العوائق غير الجمركية لحركة التجارة العربية عبر البريد، إلي جانب الاتفاق علي نموذج للأختام والتواقيع المتعامل بها في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبري استيرادا وتصديرا، كما تم الاتفاق علي عقد اجتماع خلال إبريل الجاري علي مستوي الخبراء لمناقشة ملاحظات الدول العربية علي مسودة اتفاقية التعاون الجمركي تمهيدا لعرضها علي اجتماع رؤساء الجمارك العرب المقرر عقده خلال في الفترة من 5 إلي 7 مايو المقبل بالسعودية. وأضاف أن رؤساء الجمارك طالبوا بضرورة إسراع الدول العربية بتحديد المسئولين عن متابعة ملف الاتحاد الجمركي العربي لاستكمال الإجراءات ومتطلبات وتأسيسه، مع سرعة تعديل هياكل التعريفة الجمركية بالدول العربية بما يتوافق مع جدول التعريفة الجمركي العربي مع موافاة الأمانة العامة بأي تعديلات طرأت علي الرسوم الجمركية إلي جانب التأكيد علي أهمية الإسراع في عقد اجتماعات اللجنة الفنية المعنية بتنفيذ اتفاقية تنظيم عبور الشاحنات والرسائل التجارية بنظام الترانزيت بين الدول العربية، إلي جانب تكليف الأمانة العامة بجامعة الدول العربية لمتابعة جهود الإدارات الجمركية في تنفيذ توصيات إعلان الرياض الخاص بمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية. وأضاف أنه إيماءاً إلى مذكرة الاتحاد العربي للنقل البرى حول معوقات التجارة، فقد طالب رؤساء الجمارك العرب من الاتحاد العربي للنقل تحديد المنافذ الجمركية التي تتعدد بها الإجراءات الجمركية المتبعة بصورة تزيد من زمن الإفراج عن البضائع والصادرات العربية وأيضا المنافذ التي تطلب تقديم مستندات غير ضرورية أو غرامات تزيد من تكلفة السلع والمنتجات العربية أو لا تطبق الإجراءات الجمركية بشكل إلكتروني مما يعوق من انسياب التجارة العربية البينية. ومن جانبه يقول الدكتور فؤاد شاكر، أمين عام اتحاد المصارف العربية: إن انطلاق الاتحاد الجمركي العربي علي غرار ما قام به الاتحاد الأوروبي يسهم في إزالة القيود الجمركية علي السلع العربية، لكن التنفيذ الفعلي يحتاج إلي وقت كبير لحل العديد من المشاكل المتعلقة بهذا الموضوع خصوصاً أن التعريفة الجمركية تختلف من دولة لآخري، كما أن بعض الدول وخصوصاً الخليجية لديها اتحاد جمركي موحد تستوفى فيه الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية لمرة واحدة فقطا في نقطة الدخول الأولى، ويتم انتقال كل هذه السلع بين دول المجلس دون استيفاء رسوم جمركية مرة أخرى عليها مما يؤكد علي وجود إشكالية يجب حلها قبل الإعلان عن انطلاق الاتحاد الجمركي العربي من تفاوت كبير بين الدول العربية مشيرا إلي أن هناك اتفاقيات ثنائية أبرمتها بعض الدول العربية ومنها مصر تصب في تنفيذ هذه الاتحاد ومنها اتفاقية أغادير التي تعمل علي تخفيض جمارك المنتجات سنويا حتي تصل إلي الصفر في 2018 . وأشار إلي أن القمة العربية ناقشت الملف الاقتصادي وكان من أبرز الموضوعات هو الاتحاد الجمركي العربي الذي من المقرر انطلاقه قبل نهاية العام الحالي وهو ما يسهم كثيرا في تحقيق التكامل الاقتصادي للدول العربية والدخول في السوق العربية المشتركة المقرر تنفيذها عام 2020 . بينما يري السفير جمال بيومي، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب أن الاتحاد الجمركي العربي هدف محترم، لكن تنفيذه يحتاج لوقت أكثر نظرا لأن العديد من الدول العربية تعتمد علي الجمارك كمصدر للدخل ولا يمكن أن تتخلي عن الرسوم الجمركية بسهولة لكي لا تخسر هذه المبالغ في ميزانياتها وخصوصاً في دول مثل مصر وسوريا والجزائر، لكن دول الخليج لديها اتحاد جمركي موحد، وبالتالي لا يمثل لها الاتحاد الجمركي العربي أي مشكلة، مشيرا إلي أن القمم العربية كثيرا ما ناقشت هذا الملف وتم تحديد عام 2015 للانطلاق. و أشار إلي أن منطقة الاتحاد الجمركي العربي له العديد من المشاكل، لكن الأسهل من ذلك هو تحرير التجارة العربية والخدمات وشركات الطيران وهو ما يسهل قيام السوق العربية المشتركة وهو ما يصب في تحقيق التكامل الاقتصادي.