التمكين الاقتصادى والسياسى للشباب عبارة جاءت فى خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وجهه الى الأمة أخيرا، دون الاعلان عن تفاصيل هذا التمكين أو الآليات التى ستتبع من أجل تحقيقه. فما معنى التمكين الاقتصادى ؟ وكيف يمكن ادماج الشباب فيه ؟ وما الذى يجب أن يكون عليه هذا التمكين؟ وما الاجراءات والسبل التى تجعل منه حقيقة على أرض الواقع ؟ هذه الاسئلة وغيرها طرحتها »الأهرام الاقتصادى« على الخبراء فماذا يقولون ؟ تيسيرات اقتصادية أكبر يرى الدكتور أشرف شتا استشارى الادارة الاستراتيجية بالجامعة الأمريكية أن التمكين الاقتصادى للشباب فى المرحلة المقبلة يعنى إطلاق يد الشباب لاتاحة تيسيرات اكبر فى المجال الاقتصادى فيما يتعلق بالإجراءات والقرارات المهمة التى تمس المستثمرين او الصناع او غيرهم مثل تقليل شروط الاقتراض من البنوك وتنفيذ مشروعات اقتصادية برؤية مختلفة وبشكل ايسر. الا انه يرى ان التمكين الاقتصادى بمعنى تولى الشباب مسئوليات قيادية فى الكيانات الاقتصادية المهمة فى الدولة هو امر مرهون بتوافر عنصر الكفاءة فى القيادة المختارة حيث ان تولى مثل هذه المناصب لابد ان يكون لذوى الكفاءة بغض النظر عن كون من تم اختياره شابا او غير ذلك، مشيرا الى ان اختيار الشباب فى هذه المسئوليات لكونهم شبابا فقط امر غير مقبول على الإطلاق. ويشير إلى انه يمكن الاعتماد على الشباب فى هذه المرحلة كمستشارين للكيانات الاقتصادية المهمة او للوزراء المعنيين بملفات الاقتصاد والاستثمار من ذوى الكفاءة، مقترحا ان تتم تسمية عملية إبراز الشباب فى المشهد سواء سياسيا او اقتصاديا خلال الفترة المقبلة ب»المشاركة فى صنع القرار» وليس التمكين، لافتا الى انه حتى حركة المحافظين الاخيرة التى اعتمدت على عدد غير قليل من الوجوه الشابة الا ان الجهات المعنية لم تعلن عن المعايير التى قامت بالاعتماد عليها فى الاختيار، وهو ما يخالف قواعد الحوكمة والشفافية والإفصاح التى أعلنت القيادة السياسية انها ستتبعها بشكل كبير فى الفترة المقبلة. ويناشد شتا الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة الاعتماد على الكفاءة فى عملية التمكين التى أعلن عنها وان يكون هناك شفافية وإفصاح عن قواعد الاختيار على الأقل بالنسبة للمعنيين بالأمر والانتقال من مرحلة تعريف المشكلات التى تواجهها مصر فى المرحلة الراهنة بشكل عام واقتصادها بشكل خاص الى مرحلة وضع الحلول التى يمكن ان تنتقل بنا من تأزم الوضع الحالي. الوقوف على رؤية الشباب أما على مستوى شباب الأحزاب، فيؤكد الدكتور صلاح حسب الله نائب رئيس حزب المؤتمر ان التمكين الاقتصادى للشباب لابد ان يعتمد على برنامج متكامل وممنهج هدفه إيجاد فرص عمل حقيقية لهذه الفئة والاعتماد على طاقاتهم فى المشروعات الكبرى التى تقيمها الدولة ومنها فى المقام الاول مشروع قناة السويس الجديدة ومشروع تطوير الساحل الشمالى الغربى ومشروع المليون فدان فضلا عن ضرورة تفعيل المشروع القومى لتمكين الشباب الذى أشار اليه رئيس الجمهورية فى حديثه الأخير والإعلان عن ملامحه وإدارة حوار مجتمعى بشأنه للوصول الى كيفية إدارة هذا المشروع والوقوف على رؤية الشباب حوله ليتحول الى مشروع نابع من الشباب وليس موجها اليه فقط. ويشير الى ان شرايين الدولة المصرية فى جميع المواقع وخاصة المجال الاقتصادى والسياسى قد أصابها التجلط لسنوات طويلة بسبب الاعتماد على اعمار سنية كبيرة ليس لديها ما تعطيه من طاقة وأفكار جديدة للإدارة والإنجاز، وبالتالى فان التمكين الاقتصادى وكذلك السياسى للشباب سيجرى الدم مرة اخرى فى شرايين الدولة ويحقق السيولة التى لن تعود الا بكل نفع على المواطن بشكل خاص والدولة بشكل عام. الإعلان عن آليات التنفيذ فيما يقول الدكتور عمرو صالح أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ومستشار البنك الدولى السابق: ان مسألة التمكين الاقتصادى للشباب امر فى غاية الأهمية من اجل احداث النمو الاقتصادى المطلوب الا ان النمو الاقتصادى لن يتحقق الا اذا تم إصلاح السوق. ويوضح انه اذا ارادت مصر تحقيق النمو الاقتصادى فعليها بفتح السوق وهى السياسة المتبعة فى العديد من دول العالم المتقدمة وان التجارب الاقتصادية فى العالم اجمع اثبتت انه لا اعتبار لأى نسب نمو تتحقق فى اى دولة ما لم يكن هناك تمكين للأفراد فى اشكالية الدخول للاسواق وانه مهما تجاوزت نسب النمو أرقاما قياسية فلا يعنى ذلك ان هناك تنمية اقتصادية بل هى مجرد ارقام نمو لا تفضى الى التنمية المستدامة او تحقيق درجات مهمة من التقدم الاقتصادى او تحسين مستويات المعيشة. ويشير الى ان التجربة المصرية قبل ثورة 52 يناير هى اقرب تجربة يمكن الاسترشاد بها حيث حققت مصر فى هذه الفترة معدلات نمو قياسية كانت محط فخر الحكومات السابقة وكذلك المؤسسات الدولية الا ان مصير ذلك كان الفشل نتيجة عدم تحقيق رؤية واضحة للتنمية. ويؤكد ان مبادرة الرئيس التى اعلنها لتمكين الشباب اقتصاديا امر فى غاية الأهمية وانه كان لزاما على مستشارى الرئيس والوزراء المعنيين وجميع الأجهزة المعنية بالدولة ان يقوموا بالاعلان عن آليات وخطوات لتنفيذ تلك المبادرة بشكل فورى، فالرئيس لديه الرؤية وعليهم هم وضع سبل التنفيذ، كما ان مصر تحتاج الى رؤى اكثر من التوجيهات على ان تكون رؤى بمعايير قياسية لسنوات ممتدة وإقصاء كل من يثبت فشله خلالها. ويوضح ان تمكين الشباب اقتصاديا هو جزء من عملية التنمية الاقتصادية المستدامة الا ان القيادة فى مصر كانت دائما ما تخاف من الاقتراب من هذا الملف لسنوات طويلة، مع ان هذا التمكين هو الضمانة الاولى للاستقرار الاجتماعى والرفاهية الاقتصادية وتحسين حالة بطالة الشباب بل إعطاء أمل لكل مصرى بانه جزء من البناء الاقتصادى الجديد الذى نادى به الرئيس السيسى على ان يكون هذا التمكين حلقة داخل برنامج الإصلاح الاقتصادى. ويلفت الى ان هناك مجموعة من القواعد التى لابد من العمل بموجبها وتشمل الإيمان التام بعدم وجود فارق بين جميع الأفراد فى الدخول الى السوق ومكافحة البيروقراطية والفساد وضرب كل معاقله تماما كما تفعل الدولة فى حربها ضد الارهاب الان و»أتمتة» جميع المعاملات الاقتصادية وتفعيل نظام الشباك الواحد، على ان تتم اعادة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية ليكون صندوقا للأعمال وان يكون هدفه اتاحة الخبرة والتمويل من خلال حاضنات الاعمال وحاضنات المشروعات كما لابد ان يتم ربط الاحتياجات الاقتصادية فى مجال الصناعة بالعقول الشابة والكوادر الفاعلة غير التقليدية التى تتميز بالمرونة لتواكب التغيير الذى يشهده العالم بشكل مستمر والطاقات الخلاقة التى تمتلكها مصر فى جامعاتها العامة والخاصة. تبادل الثقة فى حين يعرف الدكتور أسامة عبد الفتاح أمين المجلس القومى للإنتاج والشئون الاقتصادية بالمجالس القومية المتخصصة التمكين الاقتصادى للشباب بانه احداث التغيير من خلال الشباب ذوى التأثير فى حياتهم ومجتمعاتهم وزيادة وعى الشباب بقدراتهم وحثهم على تطويرها ليصبحوا مؤهلين للحاق بعملية التنمية وإعدادهم لمتطلبات سوق العمل وتوفير فرص الدعم المادى والمعنوى والفكرى وتطوير قدراتهم الوظيفية. ويؤكد ان رؤية الرئيس لتمكين الشباب اقتصاديا تتطلب تخريج شباب قادر على الانتقال لمؤسسات الدولة المختلفة وازالة الفجوة بين الخبرات للكبار والشباب وتبادل الطرفين الثقة والقدرة على العمل المشترك على ان تكون مسئولية إعداد وتدريب الشباب عامة ومشتركة بين جميع مؤسسات الدولة المعنية.