لا كان باشا ولا بك ولكنه حاصل على ما هو اهم واقوى «محبة الناس» انه المليونير العصامى صاحب المصانع والاعمال الخيرية والمواقف الجريئة وعضو البرلمان على مدى 50 عاما.. انه الحاج سيد جلال.. صعيدى النشأة من مواليد قرية بنى عديات بمحافطة اسيوط عام 1091 كان طفلا يتيما توفيت والدته بعد اشهر من ولادته وتوفى ابوه وهو فى الخامسة، كفله خاله وادخله كتاب القرية وحفظ القرآن وهو فى السابعة.. لم يشأ ان يكون عبئا على خاله وكان له من الابناء عشرة فقرر ان يبدأ حياته فى القاهرة. رحلة الشقاء والكفاح نزل سيد جلال عند اقاربه فى بولاق ابو العلا وعمل فى فرن وقام بتوزيع الخبز ثم عمل شيالا فى محطة مصر ثم على عربة كارو بحصان لنقل البضائع ولم يتجاوز عمرة 12 عاما. سافر سيد جلال الى بورسعيد وهناك عمل ساعيا فى مكتب للنقل البحرى فى شركة يمتلكها يونانى ومن خلال تعاملاته مع العملاء استطاع ان يتقن اليونانية والفرنسية والايطالية قراءة وكتابة وتحدثا، وتعلم ايضا بعض المعاملات التجارية فى التصدير والاستيراد وكان عمرة 18 عاما . وبعد الحرب العالمية الاولى تعلم اللغة الرومانية والارمينية بمساعدة رجل يونانى واخر شامى وبعد موافقة صاحب المكتب بدأ فى ادخال نشاط جديد بعد انتقال المقر الى القاهرة. اعماله الخيرية ساهم سيد جلال بمبالغ سنوية ثابتة للمجهود الحربى للقوات المسلحة بعد حرب يونيو كما قام بشراء ارض بور واستصلحها وزرعها بالفواكه لانه كان يؤمن بان استصلاح الاراضى يزيد من الانتاج الزراعى وكان حريصا على بيع منتجاته بالاحياء الشعبية وباسعار معتدلة. وأقام مشروعا لدعم غذاء الفقراء بحيث تقوم الحكومة بشراء السلع باسعار السوق وتبيعها للناس بسعر اقل على ان يتكفل الاغنياء بدفع فارق السعر فى صورة تبرعات وكان ذلك خلال الحرب العالمية الثانية. قال عنه كاتب امريكى «هذا الرجل نموذج الانسان المصرى عندما يعمل لصالح بلده لان امبراطوريته المالية اشبه بشبكة واسعة تمتد الى الفقراء. والمصريون ينظرون اليه على انه انسان الخير الذى يقف بجانبهم». كانت له مجهودات فى استصدار قانون إلغاء البغاء عام 1948 وكذلك قانون من اين لك هذا. وكان صديقا شخصيا لاغلب الادباء والصحفيين وصديقا للشيخ محمد متولى الشعراوى والرئيس انور السادات. توفى سيد جلال بعد حياة مليئة بالتعب والشقاء وعمل الخير للفقراء عام1987 . مشواره مع التجارة بعد ان اكتسب سيد جلال الخبرة التى تؤهله للاعتماد على نفسه استأذن صاحب المكتب اليونانى فى ان يستقل بنفسه فى التجارة على ان يورد له شحنات الدقيق والقمح فوافق الرجل، بدأت تجارته فى الغلال تتسع حتى اصبح من اكبر تجار الغلال فى منطقة سوق روض الفرج وبدأ يتعامل مع تجار الصعيد ومع الشركات الكبرى فى القاهرة والاسكندرية حيث امتلك اكبر شونة غلال فى منطقة الساحل ويقول ابنه فى كتابه عن والده «انه اكتفى بالمكسب القليل حتى لا يرهق كاهل الفقراء» . كان سيد جلال وفيا للاحياء التى نشأ بها ولم يغير من صفاته حتى عندما اصبح مليونيرا لايمانه بان ضريبة النجاح فى المجتمع ان يمنح هذا المجتمع جزءا من فكره وامواله ولذلك وهب الكثير من امواله للفقراء فأنشا مستشفى خيريا لعلاج الفقراء بحى باب الشعرية واطلق عليه مستشفى «سيد جلال» . ترشح سيد جلال عضوا بالبرلمان عن دائرة باب الشعرية التى عاش بها لمدة 50 سنة من 1934 وحتى 1984 واصبح اكبر النواب سنا واكثرهم قدرة على تلبية طلبات مرشحيه . كان يشترى الشركات المتعثرة التى يمتلكها الاجانب ويعيد تشغيلها ويدفع الضرائب المتأخرة حتى لا يفقد العمال وظائفهم كما كان يشترى الشركات التى تحتكر السلع ويوسع نشاطها ويزيد من انتاجيتها حتى يكسر احتكار التجار للاسواق. سافر الى ألمانيا وامريكا ليتعاقد على احدث الآلات لمصانعه وكان اول من قرر صرف ارباح للعمال قبل صدور القوانين التى تحتم ذلك فى الستينيات وعندما احترق احد مصانعه بالكامل بشبرا الخيمة بشره مدير اعماله بان الحريق سيمنع تأميم شركته ولكنه كتب خطابا للصحفى الكبير مصطفى امين طالبا منه ان ينشر فى الصحف ان الحاج سيد جلال سيعيد بناء المصنع على نفقته الخاصة حتى لا يضار العاملون من توقف العمل ولا يهم بعد ذلك ان يؤمم المصنع وبالفعل حدث وكان تحت عنوان «اعمال سيد جلال لا تحرقها النار».