7 ملايين موظف حكومى فى انتظار اقرار قانون الخدمة المدنية الجديد الذى اعلنت الحكومة عن الانتهاء من اعداده ليكون بديلا عن قانون العاملين المدنيين بالدولة الحالى رقم 47 لسنة 1978 وهو مشروع القانون الذى يختزل 150 مادة فى القانون الحالى فى 61 مادة فقط. إلا أنه بمجرد الاعلان عن الانتهاء من مشروع القانون عكفت هيئة النيابة الإدارية وناديها على دراسته وخرجت بدراسة وافية عنه انتهت الى اعلانها رفض المشروع شكلا وموضوعا ومخاطبة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء باعادة النظر فيه على اعتبار انه يخالف الدستور ويكرس لاوضاع لم تكن موجودة فى القانون الحالي. «الأهرام الاقتصادى» استطلعت وجهتى النظر لكل من نادى استشارى النيابة الإدارية والجهاز المركزى للتنظيم والادارة للوقوف على سلبيات وايجابيات القانون والحجج المدعمة لكل منها وكان التحقيق التالى محصلة لوجهتى النظر.. توجهنا فى البداية إلى الجهة التى أعلنت رفضها لمشروع القانون والتى كانت وراء المطالبة باعادة النظر فيه وعدم اقراره. حيث قال المستشار عبد الله قنديل رئيس نادى مستشارى هيئة النيابة الإدارية ان مجلس ادارة النادى اعد دراسة وافية لمشروع القانون المطروح حاليا وان مجلس الادارة قرر بالاجماع رفضه للعديد من الاسباب التى يرى انها كافية لاعادة النظر فيه واعادة صياغته بالشكل الملائم. أوضح قنديل أن مشروع القانون يهدر روح ثورتى الشعب المصرى فى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 ويضيع مكتسبات الشعب المصرى منهما وخاصة ما يتعلق بالقضاء على الفساد المالى والادارى بالجهاز الإدارى بالدولة وأجهزة العمل الحكومى العام. وأوضح أن مشروع القانون يرفع يد النيابة الادارية - احدى الجهات القضائية المتخصصة فى التحقيق فى جرائم الفساد المالى والادارى- عن اختصاصها ويجعل هذا الاختصاص مقصورا على المخالفات المالية التى يترتب عليها ضرر مالى يصعب تداركه وان القائمين على وضع هذا المشروع تجاهلوا ان كثيرا من الجرائم التأديبية ذات الخطورة الشديدة قد لا يترتب عليها ضرر مالي. وأضاف أن مشروع القانون المطروح يتصادم مع اتفاقية مكافحة الفساد التى اعدتها الاممالمتحدة ووقعت عليها مصر فى عام 2005 والتى توجب على كل دولة طرف فى الاتفاقية اتخاذ كل الاجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد والقضاء عليه وتدعيم الهيئة القائمة على هذا الامر ومنحها كل السلطات والاختصاصات التى تكفل تحقيق اغراض هذه الاتفاقية بل يتصادم كذلك مع دستور 2014 الذى افرد نص المادة 197 منه للنيابة الادارية والذى اكد الطبيعة القضائية لها واختصاصها بالمخالفات الادارية والمالية دون تحديد او قيود حيث حدد هذا المشروع المخالفات المالية بانها التى يترتب عليها ضرر لا يمكن تداركه وبهذا يكون قد أتى بقيد لم يأت به الدستور ومن ثم فإن هذا المشروع مخالف لنص الدستور حال اقراره. واعتبر قنديل أن اصدار هذا القانون وضمه الى منظومة القوانين المعمول بها بنسخته المطروحة حاليا يعنى البدء مبكرا بتقويض دولة القانون التى من خصائصها واركانها قيامها على دستور واجب الاحترام من الجميع الحكام قبل المحكومين كما أنه يقضى وبشكل كامل على كل الضمانات التأديبية لموظفى الدولة التى كانت فى الأصل وراء انشاء النيابة الادارية بموجب القانون رقم 480 لسنة 1954 كهيئة قضائية متخصصة فى مجال التأديب بما يمثل ردة قانونية غير مقبولة. وأضاف أنه بشأن التعيين فى الوظائف العامة قصر مشروع القانون المطروح اسلوب التعيين على اسلوب الامتحان وترك للائحة التنفيذية تحديد قواعد وكيفية الاعلان عن الوظائف الشاغرة وتشكيل لجنة الاختبار وإجراءات انعقاد الامتحان وكيفية وقواعد المفاضلة دون وضع أى ضمانات تكفل موضوعية ونزاهة الامتحانات ومعايير اختيار المتقدمين وقواعد التظلم من النتيجة وهذا قد يؤدى الى فتح الباب واسعاً للوساطة والمحسوبية والاعتبارات الشخصية وإهدار قواعد ومعايير الكفاءة وإهدار مبادئ دستورية واجبة الاحترام تتعلق بتكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين خاصة ان المشروع لم يشترط ان يكون الامتحان تحريرياً. وفيما يتعلق بالعقوبات التأديبية فإنه وفقا لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعمول به حاليا فان المادة 80 تنص على العقوبات التأديبية التى يمكن توقيعها على الموظف المرتكب الجريمة التأديبية بواقع 11عقوبة تبدأ بالإنذار وتتدرج فى الشدة لتصل الى الفصل من الخدمة. وفى هذا التدرج مصلحة للعامل المخالف ذاته لان السلطة التأديبية يكون لديها متسع من العقوبات التأديبية التى تستطيع أن تختار من بينها ما يتلاءم مع حالة كل عامل مخالف على حدة وهو ما يعرف فى فقه القانون العقابى بمبدأ تفريد العقاب. الا أن مشروع القانون الجديد اختزل العقوبات التأديبية فى خمس عقوبات وهى الانذار والخصم من المرتب وتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين والإحالة للمعاش والفصل من الخدمة بما يقضى تماما على مبدأ تفريد العقاب ويصيب المصلحة العامة فى مقتل. وأضاف قنديل ان هناك عددا من الاجراءات التى اتخذها النادى ازاء مشروع القانون الجديد والتى تشمل مخاطبة كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية والمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء لاعادة النظر فى مشروع القانون المطروح والتأنى فى دراسة هذا المشروع وترك امر تشريع هذا القانون لمجلس النواب المقبل حتى يمكن دراسته قانونياً ومجتمعياً عن طريق الحوار المجتمعى لكل طوائف وفئات الشعب المصرى صاحب السيادة الحقيقية ومصدر السلطات وأن مجلس ادارة النادى فى حالة انعقاد دائم لمتابعة كل جديد فى هذا الشأن والدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية لمناقشة الأمر والخروج بموقف موحد لاعضاء الجمعية العمومية للنيابة الادارية البالغ عدد اعضائها اكثر من 4آلاف مستشار وقاض. فى المقابل قالت جيهان عبد الرحمن - رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة السابقة والمشاركة فى وضع مشروع القانون- إن الجهاز قام باستطلاع رأى 32 وزارة معنية بمشروع القانون الجديد لرصد الملاحظات ووضعها فى عين الاعتبار قبل ارساله الى رئيس الوزراء وان ما ذكرته النيابة الادارية من ان القانون يخالف الدستور امر عار من الصحة لانه تمت صياغة القانون بما يتوافق مع دستور 2014 فضلا عن صياغة مشروع القانون بعد استطلاع رأى كل المهتمين بمجال الخدمة المدنية ووزير التنمية الإدارية الحالى والسابق وكذلك رؤساء الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة السابقين. وأوضحت أن مشروع القانون الجديد - المكون من 61 مادة- يحمل العديد من المزايا للموظفين المدنيين بالدولة وعلى رأسها استحداث مادة خاصة بصرف البدل النقدى لرصيد الاجازات كل 3 سنوات مع زيادة عدد ايام الاجازات الاعتيادية السنوية بالنسبة لذوى الاحتياجات الخاصة 15 يوما مع وضع شروط واضحة لابد أن تتوافر فى شاغل الوظيفة العامة منها عدم الحكم عليه فى عقوبة جنائية او مقيدة للحرية او جريمة مخلة بالشرف وعدم تعيين من يحكم عليه بحكم مشمول بوقف التنفيذ بما يحقق الانضباط الكامل داخل الجهاز الإدارى للدولة فضلا عن شغل الوظائف على اساس الكفاءة من خلال اجراء مسابقة مركزية ينفذها جهاز التنظيم والادارة والمفاضلة تكون على اساس أسبقية التدريب. وفى حين رفضت تفنيد ما ذهبت اليه النيابة الادارية فى اعتراضاتها على مشروع القانون اكدت ان القانون الجديد يمنع الوساطة والمجاملات فى التعيينات بالجهاز الإدارى بالدولة ويمنع ما وصفته ب«توريث الوظائف» وان هذه اهم ميزة بمشروع القانون خاصة ان ثورة يناير نادت بالعدالة الاجتماعية فضلا عن ان محور اعتراض النيابة الادارية على المشروع هو عدم احالة كل الجرائم للتحقيق من قبل النيابة الادارية وهذا مردود عليه بان هناك جرائم صغيرة لا تتطلب استصدار أمر احالة واجراء تحقيق مثل جرائم اتلاف محتويات مكتب على سبيل المثال او اهانة موظف. واكدت أن المشروع معروض حاليا على مجلس الوزراء فى انتظار اقراره لاستصدار مرسوم من رئيس الجمهورية بسريانه وانه من المرجح اقراره قبل بدء عمل الدورة البرلمانية المقبلة.