تمثل حالة الفوضى وانفلات اسعار صرف الدولار فى سوق النقد الاجنبى »صداعا« مستمرا للاقتصاد الكلى ومجتمع الاعمال. فالازمة التى تتمثل فى اتساع الفارق بين سعر السوق الرسمية والسوق السوداء بدأت فى 2014 ومرشحة للاستمرار معنا فى 2015 الامر الذى يفرض ضرورة اتباع سياسة نقدية اكثر حزما للتعامل مع هذه المشكلة. تعرض الدولار فى السوق الموازية على مدار العام الماضى لمجموعة من المؤشرات ساهمت فى رفع اسعاره من 738 قرشا للبيع لدى السماسرة الى 782 قرشا خلال ديسمبر.. اما السعر الرسمى فى البنوك وشركات الصرافة فقد تأرجح بين 699 قرشا للبيع فى الصرافات والبوك و718 قرشا على مدار شهور العام. لقد شهدت الشهور الاربعة الاوائل لهذا العام حالة من الهدوء والاستقرار حتى حلول شهر مايو حيث اشتعلت الاسعار فى السوق الموازية مع اقتراب شهر رمضان وقيام المستوردين بفتح اعتمادات المستندية لاستيراد السلع الرمضانية والياميش والفوانيس الصينية الى ان قفز السعر الى 760 قرشا للبيع لدى السماسرة. تراجعت اسعارالورقة الخضراء خلال شهرى يونيه ويوليه متأثرة بحالة الركود والتحسن الملحوظ فى السياحة العربية ليسجل 747 قرشا للبيع لدى السماسرة. وفى اغسطس خاض الدولار جولة جديدة من الصعود والتحدى ليسجل 770 قرشا للبيع بسبب اقتراب موسم الحج وشراء لحوم الاضاحى وعقب انتهاء عيد الاضحى وموسم الاجازات وصل الى نقطة البداية التى انطلق منها وانخفض الى 741 قرشا لدى السماسرة عندما شرعت الحكومة فى طرح شهادات قناة السويس للاكتتاب العام حيث وجد حائزو الدولار الفرصة سانحة لتسييل ما لديهم من دولارات الى العملة الوطنية للاكتتاب فى هذه الشهادات سعيا وراء العائد المرتفع لذا فان الفترة التى خصصت للاكتتاب كان المعروض من الورقة الخضراء متوفرا. بمجرد ان اغلقت فترة الاكتتاب عاود الدولار صعوده ليسجل 750 قرشا لدى السماسرة رغم هدوء الطلب عليه ولكن مع حلول شهر نوفمبر صعد الدولار الى 774 قرشا مع التهديدات من قبل جماعة الاخوان الارهابية بالتظاهر حاملين السلاح والمصاحف وهو ما دفع المضاربين والمستثمرين الى حجب الدولار عن التداول سعيا وراء بيعه بثمانية جنيهات اضافة الى تكالب المستثمرين لاغلاق مراكزهم المالية المفتوحة بالعملة الاجنبية قبل انتهاء السنة المالية الحالية، بل ان الشركات الاجنبية تسعى الى شراء الخامات وتحويل ارباحها بالعملة الاجنبية لذا فان سماسرة العملة الخضراء حرصوا على حجب الدولار وبيعه بأعلى سعر خاصة بعد سداد الوديعة القطرية البالغة »2.5 مليار دولار« يوم 30 نوفمبر الماضى وانخفاض اسعار الذهب عالميا التى دفعت تجار ومستوردى الذهب الى التكالب على فتح الاعتمادات المستندية لدى البنوك لاستيراده. استغل المضاربون هذه الازمات المفتعلة واخفوا الدولار عن الاسواق لتشتعل اسعاره حتى تعدت حاجز 780 قرشا للبيع لدى السماسرة وسط ندرة شديدة من المعروض، وبالطبع كان البنك المركزى بالمرصاد لهؤلاء فقام باغلاق 14 شركة صرافة وتوعد كل من يضارب على الدولار واسرع بطرح عطاء رابع استثنائى يمنح بمقتضاه سيولة نقدية دولارية لتغطية الاعتمادات المستندية المفتوحة للمستثمرين.