يجرة قلم من جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، انتهت طموحات وأحلام 11 دولة بالانضمام إلى الولاياتالمتحدة فى تكتل للتجارة الحرة يشمل الدول الواقعة على الباسفيك (TPP) وهكذا أسدل الستار على الفصل الأخير من قصة تجمع تجارى جرت مفاوضاته على مدى اكثر من 8 أعوام، وتم التوقيع عليه من جانب الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما ورؤساء الدول الأخرى فى فبراير 2016، وإن كان لم يعرض على الكونجرس للتصديق عليه. وكان الرئيس ترامب قد أعلن، خلال حملته الانتخابية، عزمه اتخاذ هذه الخطوة مع إعادة التفاوض أو الانسحاب من اتفاقية تجارية أخرى تشمل كلا من كنداوالمكسيك (NAFTA) ،وعلى الرغم من ان هذه الاتفاقية الاخيرة دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1994، اى منذ ثلاثة وعشرين عاما، كما ان الرئيس الاسبق جورج بوش الاب هو الذى بدأ المفاوضات الخاصة بها وحظيت بدعم اعضاء الكونجرس من الحزب الجمهورى خلال فترة حكم بيل كلينتون، الا ان اتخاذ القرار الاول فى ثانى ايامه داخل البيت الابيض، وعزمه المضى قدما بالنسبة للثانى، طرح التساؤل حول مستقبل الاتفاقيات التى وقعتها واشنطن مع العديد من دول العالم، وكانت بمثابة صكوك الغفران التى يتلمسها الجميع، ففاز بها من فاز.. واسقط فى يد البعض الاخر.. وانتابه الاحساس بالخروج من جنة التجارة مع ارض الاحلام، بينما استمتع البعض الاخر بإحساس التميز والاستعلاء،وهم كثرة وفى مقدمتهم اسرائيل التى كانت صاحبة السبق فى اتفاق الشراكة الاستراتيجية وتحرير التجارة الخارجية بين الجانبين منذ فترة حكم الرئيس الجمهورى، رونالد ريجان (دخل حيز التنفيذ فى سبتمبر 1985 وتم فى عام 1996 تضمنيه المناطق الصناعية الخاصة لتشمل اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة ومصر والاردن تحت اسم الكويز..!). هوجة الاتفاقيات وتحرير التجارة العالمية المتتبع للتطورات الاقتصادية الدولية، سوف يجد ان الولاياتالمتحدة حملت لواء تحرير التجارة العالمية، سواء من خلال الاتفاقيات التجارية الثنائية او المتعددة الاطراف مثل نافتا او تلك التى تربطها بدول امريكا الوسطى، وتلك التى كانت تزمع توقيعها مع دول الباسفيك وكذلك مع دول الاتحاد الاوروبى عبر الاطلنطى(TTIP) بل ان واشنطن كانت المحرك الاساسى وراء مفاوضات منظمة التجارة العالمية (WTO) ولايخفى على احد الضغوط التى مارستها على العديد من الدول للتوقيع والانضمام الى المنظمة، وخاصة الدول النامية. والدافع الاساسى كان فتح المزيد من الاسواق امام الصادرات الامريكية ودفع عجلة الانتاج والنمو الاقتصادى والتوسع المالى لشركاتها فى الخارج، اضافة الى عامل حماية الملكية الفكرية وبراءات الاختراع..الخ.ومازالت هذه الضغوط تمارس حتى الان وقد كانت الجولات المتعددة التى عقدت فى الدوحة وقبلها فى الدار البيضاء، خير دليل على ذلك. وقد وقعت واشنطن 14 اتفاقية للتجارة الحرة شملت عشرين دولة كان فى مقدمتها اسرائيل ثم شملت مجموعة من الدول العربية منها، المغرب والاردن والبحرين وعمان، بالاضافة الى استراليا وكوريا الجنوبية وبنما وبيرو وسنغافورة، وشيلى بالاضافة الى نافتا والاتفاقية مع دول امريكا الوسطى. يرى انصار حرية التجارة والتوسع فى الاتفاقيات، انها تصب فى المصلحة الامريكية اقتصاديا وسياسيا وقانونيا : * حيث ان هذه الاتفاقيات تسمح للشركات الامريكية بالدخول فى المناقصات والعقود الحكومية فى الدولة الشريكة فى الاتفاق التجارى. * تحمى الاستثمارات الامريكية فى مواجهة عمليات التأميم او الاستيلاء عليها،حيث تنص على بند التعويضات . * فتح قطاع الخدمات بما فيها المصرفية والمالية امام الشركات الامريكية. * حماية الملكية الفكرية وبراءات الاختراع للشركات التابعة لها. * المشاركة فى تطوير المنتجات فى الدولة المتعاقدة وبما يتفق ومتطلبات السوق الامريكية. * كما ان خفض الرسوم الجمركية وتخفيف او ازالة الحواجز التجارية والادارية، يدعم قدرة المنتجات الامريكية على المنافسة فى مواجهة الواردات القادمة من الدول الاخرى فى الدول المعنية بالاتفاقيات . * وضوح القواعد المنظمة للاجراءات القانونية التى يحتكم اليها فى حالة التنفيذ او العمل او المنازعات . كشف الحساب لصالح من ؟ واذا كانت القرارات قد اتخذ بعضها والاخر فى الطريق، واذا كان الهدف واحدا مع تباين اسلوب التنفيذ، لاشك فى ان إلقاء نظرة على ما حققته الاتفاقيات ال14 الموقعة بين الولاياتالمتحدة والدول الاخرى، يبين جزءا من الحقيقة. وقد اظهرت العديد من التقارير بما فى ذلك الصادرة عن الكونجرس الامريكى.ان الاثار الناجمة عن هذه الاتفاقيات تعد معتدلة، فخلال عام 2015 ذهبت نسبة 47% من الصادرات الامريكية الى دول ذات اتفاقيات تجارية(بلغت قيمتها 710 مليارات دولار والفائض فى ميزان السلع المصنعة 120 مليار دولار ). كما ان المزايا الاجتماعية التى حصل عليها المواطن الامريكى نتيجة انخفاض الجمارك ارتفعت بنسبة. 0.8% فى ذات العام وكذلك دعمت المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى قدرت ب1400.000الف وحدة وزاد حجم التبادل التجارى الداخلى بنسية 41%. الا انه فى ذات الوقت فقدت العديد من الوظائف نتيجة نقل 700 الف وظيفة الى المكسيك، ولاشك ان النقطة الاخيرة هى موضع التركيز والاهتمام من جانب الرئيس ترامب وخاصة قى مجال صناعة السيارات .