ينتظر قطاع الصناعة والاستثمار فى مصر صدور قانون التراخيص الصناعية الجديد عقب إقراره من البرلمان وذلك بعد أن أعلن المهندس طارق قابيل - وزير الصناعة و التجارة- خلال مباحثاته مع وفد صندوق البنك الدولى الاسبوع الماضى تسلم مجلس النواب القانون والبدء فى اعداد اللائحة التنفيذية ليبدأ تنفيذ القانون فعليا قبل نهاية العام الجارى. ووفقا لتصريحات قابيل فإنه يجرى حاليا إنشاء مركز رئيسى داخل الهيئة العامة للتنمية الصناعية ليتولى إصدار التراخيص الصناعية وفق القواعد التى يتضمنها القانون الجديد للتراخيص الصناعية الذى سيكون بمثابة النواة الأساسية لمنح التراخيص على أن يتم إنشاء مكاتب أخرى بكل فروع الهيئة المنتشرة فى المحافظات ترتبط إلكترونيا بالفرع الرئيسى. ووفقا لما أعلنه قابيل فإن القانون يعد بمثابة ثورة فى قطاع الصناعة حيث سيسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات إلى القطاع الصناعى خاصة أنه سيتيح منح التراخيص فى مدة لا تتعدى أسابيع قليلة، فى حين أن آخر تقرير للبنك الدولى قد أشار إلى أن المستثمر يحتاج إلى 634 يوما للحصول على هذه التراخيص فى الظروف العادية وهو الأمر الذى سينعكس ايجابا على حركة الاستثمار فى قطاع الصناعة. فكيف سيسهم القانون الجديد فى إحداث هذه الثورة؟ وما مدى استفادة القطاع الصناعى منه؟ وكيف سيكون الحلقة الأهم فى جذب الاستثمارات العربية والأجنبية خاصة أنه يعالج أعقد مشكلة تواجه الصناع والمستثمرين وهى مشكلة طول مدة الإجراءات والبطء فيها؟ خطوة نحو الإصلاح يعد محمد السويدى -رئيس اتحاد الصناعات ورئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب- القانون الجديد بمثابة خطوة مهمة نحو الإصلاح الذى يحتاجه الاقتصاد المصرى بشكل عام وقطاع الصناعة بشكل خاص، لا سيما أن القانون الجديد ينص على اعتماد أسلوب الاخطار فقط لإنشاء مصنع جديد واعتبار هيئة التنمية الصناعية وحدها المنفذ لإصدار الترخيص واعتماد المواصفات وغيرها من إجراءات الإنشاء. ويضيف: إن تقليص مدة إنهاء الاجراءات بالقانون الجديد من شأنه تشجيع مزيد من الاستثمارات للدخول الى السوق المصرى بمجرد إصدار القانون، مشيرا إلى أن ذلك سيصب فى النهاية لصالح المواطن المصرى لأن المزيد من الاستثمارات يعنى المزيد من فرص العمل وتوفير العملة الصعبة وتمكين الشباب من إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر. ويشير السويدى إلى أن قانون التراخيص الصناعية على أجندة أولويات لجنة الصناعة ومجلس النواب ومن المنتظر إقراره قبل نهاية العام الجارى. القضاء على البيروقراطية ووفق البيانات المتاحة من وزارة التجارة والصناعة فإن القانون الجديد يهدف إلى القضاء على عقبة طول الإجراءات بالنسبة لاستصدار التراخيص الصناعية وخاصة تراخيص التشغيل التى تعد أحد أهم العناصر الطاردة للاستثمار وفق التصنيفات الدولية، وأن القانون الجديد سيسهم فى تفعيل مبادرة البنك المركزى بتوفير 200 مليار جنيه للصناعات المتوسطة والصغيرة وتمكينها من الاستفادة من التمويلات المتاحة، كما أن القانون انتهج فلسفة مكاتب الاعتماد المؤهلة من القطاع الخاص التى تقوم بدور الفحص لاشتراطات الإنشاء والتشغيل اللازمة لمنح التراخيص وكذلك الإجراءات اللاحقة لإصدارها. إلا أن عددا من الصناع أبدوا بعض التحفظات والتخوفات من القانون الجديد خاصة أن نصه لم يعرض عليهم حتى الآن ولم يطلعوا على نسخة منه قبل إرساله الى البرلمان من قبل وزارة التجارة والصناعة. يقول المهندس محمد حنفى -مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات- إن كل ما تردد عن القانون، وما جاء على لسان الوزير هو فى مجمله وعود لحل المشكلات التى تواجه الصناع والمستثمرين وليست تفاصيل عن القانون، مشيرا إلى أن المجتمع الصناعى لا يعرف أى تفاصيل عن القانون حتى الآن. ويوضح حنفى أن الوزير لم يوضح فى تصريحاته الإجابة عن التساؤل الأهم لدى قطاع الصناعة وهو: ما المستندات الواجب توافرها للحصول على ترخيص فضلا عن الجهات التى يجب اللجوء إليها للحصول عليه؟ فضلا عن عدم تحديد واجبات والتزامات كل من المستثمر والدولة فى هذا القانون. ويقول إن كل العاملين فى قطاع الصناعة فى انتظار صدور القانون لتكوين تصور عام حوله وتوضيح العديد من الجوانب الغامضة التى تكتنفه. لا نعلم عنه شيئا!. فيما يقول الدكتور محمد المنوفى -رجل الأعمال وعضو جمعية مستثمرى 6 أكتوبر- إن عدم دراية العاملين بقطاع الصناعة بالقانون الجديد أدى إلى حالة من الجدل خاصة أن تصريحات الوزير لم تتطرق إلى تفاصيل القانون وإنما أمور عامة ووعود لحل المشكلات. ويوضح أنه من الجيد أن يتم اختصار مدة إصدار الترخيص ل 30 يوما بدلا من أكثر من 3 سنوات ولكن لم يتم توضيح مدة سريان الترخيص خاصة أن المدة كانت مفتوحة إلى أن تم تقليصها إلى سنة واحدة فى حكومة إبراهيم محلب وهو أمر لم يقبله المجتمع الصناعى نظرا لطول الإجراءات وصعوبتها. ويشير المنوفى إلى أن ممثلين عن قطاع الصناعة بصدد طلب عقد لقاء مع المهندس أحمد سمير رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان لاستيضاح مواد القانون ومدى استجابته لطلبات وآمال جميع الصناع والمستثمرين. رقم مخيف!. وفيما يتعلق بالقطاع غير الرسمى ومدى قدرة القانون الجديد على استيعابه وتنظيمه؛ يوضح المهندس هانى توفيق -رئيس الجمعية المصرية للاستثمار والخبير فى مجال القطاع غير الرسمى- أن القانون الجديد لم يعرض بعد على قطاع الصناعة والأعمال إلا انه من المهم والمأمول أن يساعد القانون الجديد على استيعاب القطاع غير الرسمى خاصة أن التقديرات تشير إلى أنه يشكل نسبة 05٪ من قطاع الصناعة فى مصر ما يعنى أنه اذا كان الناتج المحلى يقدر ب 3تريليونات جنيه فإن هذا القطاع يمثل وحده 5.1 تريليون جنيه واصفا الرقم بأنه مخيف ويجب الانتباه إليه والتعامل معه. ويلفت إلى أن القانون الجديد لابد أن يوفر للعاملين فى هذا القطاع عددا من عوامل الجذب لتشجيعهم على الانضمام إلى المنظومة الرسمية من خلال تقديم تسهيلات وتيسيرات فى تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بالإضافة الى تيسيرات وتخفيف فى الضرائب لكبح جماح هذا القطاع. ويطالب توفيق كل المسئولين فى الدولة بضرورة عرض القوانين المهمة على المعنيين بها قبل اتخاذ أى اجراءات فيها، مستنكرا قيام وزارة التجارة والصناعة بإعداد القانون وإرساله إلى مجلس النواب دون العرض على قطاع الصناعة والمستثمرين للاستماع إلى وجهة نظرهم.