مع ارتفاع نسبة استخدام الانترنت تتهافت شركات التكنولوجيا للفوز بأكبر نصيب من كعكة ايرادات الاعلانات الرقمية. وقد اثارت صفقة استحواذ شركة «فيرايزون» على «ياهو» اهتمام اوساط المال والاعمال فى ظل الجدل حول مستقبل صناعة الدعاية. من ناحية ابدى بعض المحللين قلقهم ازاء استحواذ عملاق الاتصالات الامريكى على قطاع الويب التابع لشركة ياهو (مقابل 8.4 مليار دولار) بسبب مخاوف ازاء انتهاك خصوصية العملاء لان الصفقة ستتيح للشركة السيطرة على البيانات وخطوط الاتصال.لكن البعض الآخر رأى ان الصفقة رهان عالى المخاطر على مستقبل صناعة الدعاية والاعلان. وفى جميع الاحوال هى خطوة نحو بناء مجموعة اعلامية حيث تستهدف الشركة جذب المعلنين وليس مجرد مزيد من مستخدمى الشبكة. فبسبب المنافسة وحرب الاسعار مع الشركات الكبرى مثل من المتوقع استمرار معاناتها مع تراجع المبيعات والارباح. لكن الصفقة الجديدة تجعل من «فيرايزون» لاعبا مهما فى سوق الميديا الرقمية وعلى نفس الساحة مع سناب شات وبوكيمون. كانت الشركة قد دفعت العام الماضى غرامة 35 مليون دولار بسبب تهمة انتهاك خصوصية العملاء عن طريق السماح للشركات بالوصول الى بيانات البحث الخاصة بهم. وتستقطب ياهو مليار مستخدم شهريا 600 مليون منهم من مستخدمى المحمول. شركة فيرايزون واحدة من اكبر 15 شركة فى الولاياتالمتحدة من حيث حجم المبيعات. وتقدر قيمتها السوقية بنحو 225 مليار دولار. اما إيراداتها السنوية فتزيد على 130 مليار دولار. ووفقا لتقرير ماكينزى عن الاعلام الدولى لعام 2015 يقدر نصيب الاعلانات الرقمية (147 مليار دولار فى 2016) بنحو ثلث اجمالى الانفاق العالمى على الاعلانات. ويمثل انفاق اعلانات الاجهزة المحمولة نصف الاعلانات الرقمية. واليوم تهيمن كل من جوجل وفيسبوك على نصف سوق اعلانات الاجهزة المحمولة. وقد رصد تقرير حديث ارتفاعا كبيرا فى نمو الاعلانات الرقمية، وذلك ضمن اتجاهات اخرى مهمة سيكون لها تأثير واضح على مستقبل صناعة الدعاية والاعلان . فوفقا لتقرير «اتجاهات الانترنت» السنوى حول صناعة التكنولوجيا ارتفعت ايرادات الاعلانات المنشورة على الاجهزة المحمولة بنسبة 66% فى الولاياتالمتحدة خلال 2015. وقد اشار التقرير الذى تصدره المحللة المتخصصة فى الانترنت مارى ميكر الى نمو الاجهزة المحمولة لاسيما بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعى التى تسيطر حاليا على كعكة الاعلانات الرقمية وتستهلك وقتا كبيرا يمضيه مستخدمو الشبكة . وفى عام 2015 تجاوزت ايرادات الاعلانات الرقمية 60 مليار دولار بزيادة 02% على عام 4102. وفى المقابل بلغ نمو ايرادات الاجهزة المحمولة اكثر من 66%، حيث ينفق المستهلكون 25٪ من وقتهم على الاجهزة المحمولة الذى يستحوذ على 12٪ من ميزانيات الدعاية. وقد اكد التقرير احتفاظ جوجل وفيس بوك بالصدارة.فبين عامى 2014 و2015 بلغ نمو ايرادات فيس بوك من الاعلانات 59% مع توجيه معظم الاعلانات الى الاجهزة المحمولة.كما ارتفعت ايرادات الاعلانات لشركة جوجل بنسبة %18 خلال نفس الفترة. وقد يبدو معدل النمو لاعلانات جوجل متواضعا بالنسبة لفيس بوك ولكن جميع اللاعبين الاخرين اشتركوا فى 31% من اجمالى النمو. ومن ثم تسيطر فيس بوك وجوجل على 76% من نمو اعلانات الانترنت. ويعد انزعاج مستخدمى الانترنت من الاعلانات الرقمية ابرز التحديات المستقبلية حيث اظهرت الدراسات الحديثة رغبة 92٪ من الناس فى حجب الاعلانات الرقمية . ووفقا لاخر الاحصاءات، يلجأ اكثر من 400 مليون مستخدم للانترنت فى العالم لبرامج حجب الاعلانات على الشبكة. ومن ابرز اتجاهات الانترنت التى اشار اليها تقرير مارى ميكر ايضا ان نجاح حملة اعلانات فيلم «فيوريوس 7» على سناب شات خلال العام الماضى مؤشر مهم على فعالية الفيديوهات القصيرة بالنسبة للاجهزة المحمولة. ورغم تقارير عديدة تتحدث عن عدم جاذبية فيس بوك بالنسبة للشباب الصغير السن فان منصات التواصل الاجتماعى يستخدمها معظم الشباب. وهو ما تكشف عنه احصاءات متوسط الساعات لكل زائر شهريا مع استحواذ كل من فيس بوك وانستجرام وسناب شات على نصيب الاسد. وتستقطب منصة تدوين «تمبلر» المملوكة لشركة ياهو 02% من مستخدمى الانترنت الذين تتراوح اعمارهم بين 18-34 عاما بمتوسط 200 دقيقة شهريا. اما تويتر فتستقطب 50% من الشباب لكن لوقت اقل. اكد التقرير ان المستقبل للدردشة. ومن ثم يتزايد الاتجاه للتسويق المبنى على استغلال ال»شات» مع زيادة الاقبال على «واتس اب» و»ماسنجر» لفيس بوك و»وى شات» خلال السنوات الست الماضية مقارنة بانستجرام وتويتر ولينكدن. وتعد زيادة الاهتمام بالميديا الرقمية وانتشار التليفونات المحمولة المحرك الرئيسى لنمو الاعلانات الرقمية . لكن اكبر معوق لها فى المستقبل هو نقص العمالة الماهرة واستمرار رغبة المعلنين فى استخدام الوسائل التقليدية للدعاية مثل التليفزيون والصحف. وبصفة عامة تهيمن منطقة امريكا الشمالية على السوق العالمى لصناعة الاعلانات الرقمية. وستظل كذلك فى المستقبل. لكن من المتوقع ان تكون منطقة آسيا باسيفيك اكبر سوق ناشئ للاعلانات الرقمية بسبب قاعدة المستهلكين الكبيرة. وتعكس صفقات شركات التكنولوجيا مدى اهمية الانترنت بالنسبة لزيادة الارباح. وكان اخر تلك الصفقات استحواذ وول مارت على «جيت.كوم» للتجارة الإلكترونية مقابل نحو ثلاثة مليارات دولار وذلك فى إطار سعيها لانعاش أنشطتها المتعثرة عبر الإنترنت ومنافسة أمازون. كوم رائدة السوق. وستكون صفقة جت هى الأكبر لوول مارت فى خطة استحواذ مدتها خمس سنوات بمجال التجارة الإلكترونية مع سعى أكبر شركة لمتاجر التجزئة فى العالم لتصبح لاعبا مهيمنا على الإنترنت أيضا. الاستحواذ سيمنح وول مارت تفوقا واضحا على منافسيها فى سباق مهم جدا لتحتل المركز الثانى على الإنترنت. يذكر انه فى عام 2015 ارتفعت مبيعات وول مارت الإلكترونية 21% إلى 13.7 مليار دولار مقارنة مع زيادة أكثر من 16٪ لأمازون إلى 92.4 مليار دولار.