في بلد يضم3.6 مليون عاطل تتسلل العمالة الاجنبية الي الشركات والمصانع. هذه هي احدي الحقائق المرة في سوق العمل المصرية والاسباب متعددة فهناك من يدافع عن استقدام العمالة الاجنبية بدعوي تميزها وتدريبها العالي وقدرتها علي العمل في ظل جميع الظروف والتزامها المهني وهناك من يتهم القوانين الحالية بأنها تسهم في صنع المشكلة. تعد العمالة الأجنبية في مصر لغزا محيرا ففي الوقت الذي تتزايد فيه معدلات البطالة في مصر لتتجاوز13% يشكو البعض من مزاحمة العمالة الأجنبية للمصريين وتزايد أعدادهم وخاصة في المناطق الصناعية الجديدة وبعض المناطق السياحية وعلي وجه الخصوص البحر الأحمر وجنوب سيناء. أصحاب الأعمال من جانبهم يرون ان الاستعانة بالعمالة الاجنبية في بعض الأحيان شر لابد منه لأن هناك كوادر لا تتوافر في العمالة المصرية من حيث التدريب والتأهيل بالإضافة إلي ان نسبة كبيرة من العمال الأجانب وخصوصا في قطاع النسيج أجورهم اقل نسبيا من العمال المصريين وأقل افتعالا للمشاكل. وفي هذا السياق كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن انخفاض ملحوظ في حجم العمالة الاجنبية بالسوق المصري وتحديدا في القطاع الخاص والاستثماري حيث انخفض حجم العمالة بنسبة8.3% خلال العام الماضي مقارنة بالعام السابق. وأكد الجهاز أن عدد العمال الأجانب بالقطاع الخاص والاستثماري في مصر تراجع إلي16713 من مختلف الجنسيات مقابل18234 أجنبيا عام2012 بنسبة انخفاض قدرها8.3%. والدول الآسيوية نحو5438 أجنبيا بنسبة32.5%, يليها الدول العربية بعدد4882 أجنبيا بنسبة29.2%, ثم الدول الأوروبية بعدد47.9 أجنبي بنسبة28.2%, بينما تمثل الدول الإفريقية غير الناطقة بالعربية أقل الأعداد حيث بلغ عددهم161 أجنبيا بنسبة1% من الإجمالي لعام2012. حصلت فئة الفنيين ومساعدي الأخصائيين علي المرتبة الأولي من حيث عدد الأجانب العاملين في هذه المهن, وبلغ عددهم4.94 أجنبي بنسبة24.5% وفي المرتبة الثانية رجال التشريع وكبار المسئولين والمديرين بعدد3928 أجنبيا بنسبة23.5% ثم الحرفيون بعدد2771 أجنبيا بنسبة16.6% وأخيرا الاخصائيون وأصحاب المهن العلمية بعدد1996 أجنبيا بنسبة11.9% من إجمالي العمالة الاجنبية لعام2012. ووفقا لبيانات الجهاز جاءت دولة فلسطين في المرتبة الأولي من حيث عدد الأجانب العاملين بالقطاع الخاص والاستثماري في مصر, وبلغ عددهم3285 أجنبيا بنسبة7.19% تليها دولة بنجلاديش بعدد2213 اجنبيا بنسبة2.13%, وحصلت الهند علي1340 أجنبيا بنسبة8%, ثم انجلترا1280 أجنبيا بنسبة7.7% من الإجمالي لعام2012. مواجهة حكومية وزارة القوي العاملة والهجرة من جانبها قررت اتخاذ إجراءات عاجلة لتحجيم عدد العمال الأجانب في مصر والبدء في تقليص أعدادهم في سوق العمل لإتاحة الفرصة أمام العمالة المصرية للالتحاق بسوق العمل للتخفيف من حدة أزمة البطالة بين الشباب التي تزايدات خلال الفترة التي اعقبت25 يناير بسبب الظروف الاقتصادية التي مر بها القطاع الخاص خلال الفترة الماضية خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني التي عانت منها مصر وبسببها توقف العمل في العديد من مصانع القطاع الخاص مما فاقم من الأوضاع السيئة في سوق العمل. ويقول كمال ابو عيطة وزير القوي العاملة والهجرة انه أصدر تعليمات مشددة إلي الأجهزة المختصة بالوزارة بالالتزام بالنسبة المقررة قانونا فيما يتعلق بالترخيص بالعمل للأجانب داخل مصر, مشيرا إلي أن إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية التي لا يحتاجها سوق العمل ويتوافر البديل المصري أصبح واجبا قوميا خلال الفترة الراهنة التي تمر بها مصر, منوها بأهمية وضع ضوابط صارمة لمراقبة الشركات التي تعمل في المناطق الصناعية والاستثمارية للسيطرة علي تواجد العمالة الأجنبية. وأكد الوزير أن ما يمكن أن يقوم به العامل المصري لن يحصل عليه أي عامل أجنبي تحت أي ظرف من الظروف, وفي حالة الاحتياج للخبرة الأجنبية لا بد أن تلتزم الشركات بتعيين اثنين من المساعدين المصريين للخبير الاجنبي حتي يتم نقل الخبرة إليهما, علي أن يتم تعيينهما محل الأجنبي عقب انتهاء فترة ترخيصه. وأضاف الوزير أن سوق العمل المصري لا يتحتمل بأي حال من الأحوال مزاحمة العمالة الأجنبية للعمالة المصرية في ظل ظروف معدلات البطالة الحالية. ونوه بأن تنظيم عمل الاجانب بالبلاد, يخضع لاحكام واردة بقانون العمل وتنص علي عدم مزاحمة الاجانب للايدي العاملة الوطنية والا يزيد عدد الاجانب العاملين في مصر علي نسبة10% من قوة العمل في مصر, بالاضافة إلي حاجة البلاد الاقتصادية للخبرة الاجنبية مع منح الاجانب فترة العمل التي تسمح بتدريب الكوادر المصرية لاحلالهم محل الاجانب من خلال التوازن بين مصالح واحتياجات المنشآت ومصالح واحتياجات البلاد. وقال انه وفقا لنصوص القانون فانه في حالة رغبة أي منشأة في استقدام عمالة أجنبية عليها التقدم بطلب مبرر للوزارة, تتم دراسته وبحثه جيدا وفي حالة الموافقة المسبقة من الوزارة علي الاستقدام وقبل دخول الاجنبي للبلاد يتم اخطار إدارة الاقامة لمصلحة الجوازات لمنحه تأشيرة دخول للبلاد للاقامة بقصد العمل طبقا للقانون. اما بالنسبة لمراقبة تشغيل العمالة الاجنبية بالبلاد فإن الوزارة تقوم من خلال اجهزتها الميدانية والمركزية بالمحافظات بالتنسيق مع وزارة الداخلية بالتفتيش الدوري والمستمر علي المنشآت التي يعمل بها اجانب, وفي حالة المخالفة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية التي نص عليها قانون العمل ضد كل من الاجنبي والمنشأة. وأضاف أن قانون العمل رقم12 لسنة2003 ينظم عمل الأجانب في مصر بالإضافة إلي الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين مصر والدول الأخري خاصة في قطاعات الغزل والنسيج ومراكز الغوص, ويشترط القانون تنظيم حملات مفاجئة ودورية علي المنشآت, للتأكد من تطبيق القانون, بحيث لا تزيد نسبة العمالة الأجنبية في أي منشأة علي5%, ورغم ذلك تزايدات مشكلة العمالة الأجنبية الوافدة التي يدخل معظمها للسياحة أو للدراسة, ليبدأوا العمل في السوق المصرية. ولمواجهة زحف العمالة الاجنبية قال إن وزارة القوي العاملة والهجرة قامت بتعديل بعض شروط وإجراءات الترخيص بالعمل للأجانب في مصر في إطار اتخاذ إجراءات سريعة لضبط سوق العمل وتنظيمه والحد من غزو العمالة الأجنبية وحصولها علي المهن التي يجب أن يحصل عليها العامل المصري في ظل تزايد أعداد العاطلين عن العمل في مصر. حيث اشترطت أن تتناسب مؤهلات وخبرات الأجنبي مع المهن المطلوب الإذن له بالعمل فيها كما يجب حصول الاجنبي علي الترخيص في مزاولة المهنة وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها في البلاد وبما يضمن عدم مزاحمة الأجنبي للعمالة الوطنية كما انه لا يجوز الترخيص بالعمل للأجنبي في حالة وجود المصري الذي يمكنه العمل تحت شرط التدريب لمدة تتراوح من3 إلي6 أشهر وان يكون هناك احتياج فعلي للمنشأة لهذه الخبرة بحد أقصي3 سنوات فقط مع مراعاة حاجة ومصلحة البلاد الاقتصادية للخبرة الأجنبية. وألزمت الوزارة المنشآت التي يصرح لها باستخدام خبراء أو فنيين أجانب بتعيين2 مساعدين مصريين تتناسب مؤهلاتهم ومؤهلات الخبراء والفنيين الأجانب وتدريبهم علي أعمالهم وإعداد تقارير دورية عن مدي تطور أدائهم كما يفضل الأجنبي المولود والمقيم بصفة دائمة في مصر. وطالب عبد الستار عشرة مستشار الاتحاد المصري للغرف التجارية بضرورة العمل علي خلق سوق عمل إلكترونية في مصر يمكن من خلالها التواصل بين أصحاب الأعمال والعمال عن طريق شبكة الإنترنت بحيث يتم تخصيص مواقع لعرض الوظائف المتاحة والشروط والخبرات والمؤهلات المطلوبة لشغلها وبالتالي يمكن مساعدة الحكومة في مواجهة أزمة البطالة وفي نفس الوقت مساعدة أصحاب الأعمال في الحصول علي حاجتهم من العمالة بناء علي الاختبارات الشخصية التي يتم إجراؤها لكل من يتقدم لشغل أي وظيفة. وقال إن مشكلة سوق العمل بمصر تتمثل في تنافر مخرجات التعليم مع الاحتياجات الفعلية لسوق الأعمال وهو الأمر الذي يعمق جراح أزمة البطالة في مصر مشددا علي ضرورة إعادة النظر في جميع السياسات التعليمية المتعلقة بالتعليم الفني والتعليم الجامعي لتخريج دفعات مؤهلة تناسب احتياجات أسواق العمل داخل وخارج مصر. ويؤكد علاء الدين عوض المتحدث الرسمي لوزارة القوي العاملة والهجرة أن إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية الموجودة بكثرة في مصر أصبح واجبا وطنيا تحتمه الظروف الراهنة التي تمر بها مصر والتي تتطلب توفير المزيد من الوظائف للمصريين لمواجهة الارتفاع الكبير في معدلات البطالة التي أعلن وزير القوي العاملة أنها تجاوزت15% بالإضافة إلي منح سوق العمل مرونة أكبر لاستيعاب الداخلين الجدد إلي سوق العمل. وطالب عوض بإجبار الشركات الأجنبية التي تستثمر في مصر علي عدم التوسع في الاستعانة بالعمالة الأجنبية وقصر ذلك علي التخصصات النادرة التي لا تتوافر في سوق العمل المصري بشرط أن تقوم الكوادر الأجنبية بتدريب عمال مصريين لإحلالهم محل العمل الأجانب بمجرد اكتسابهم الخبرات والمؤهلات المطلوبة وإلزام هذه الشركات بإقامة مراكز تدريب لعمالها حتي توفر الكوادر التي تحتاج إليها في التخصصات المطلوبة وبالتالي يتم القضاء علي ظاهرة القرصنة التي تتمثل في خطف العمالة الماهرة التي تحتاج إليها هذه الشركات من شركات أخري عن طريق إغرائها برواتب أكبر مما يمثل ضغوطا كبيرة علي الشركات الوطنية لأنها تضطر لرفع أجور عمالها المتميزين من أجل الاحتفاظ بهم ولكنها لا تستطيع الصمود في وجه الإغراءات الكبيرة التي تقدمها الشركات الأجنبية للعمال.
