كلنا نعرف مصطلح الطابور الخامس.. الذي ظهر اول ما ظهر منذ حوالي ثمانين عاما, وبالتحديد في الحرب الاهلية الاسبانية, وأطلقه الجنرال أميليومولا احد قادة القوات الوطنية الزاحفة علي مدريد.. وفي رواية أخري أن أول من اطلق هذا المصطلح هو الجنرال كويبو كيللانو, وهو أيضا احد قادة القوات الوطنية الزاحفة علي مدريد. وبالتأكيد لا يعنينا هنا هذا الجدل التاريخي عمن الذي كان له قصب السبق في اطلاق ذلك المصطلح.. لكن ما يهمنا هو المعني الذي يشير اليه.. فقد كانت القوات الوطنية مكونة من أربعة طوابير من الثوار.. واعتبر القادة أن الطابور الخامس الذي يكمل عمل هذه القوات هم الوطنيون الذين يساعدون الجيش من داخل مدريد.. جيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الماركسية. كان هذا هو أصل مصطلح الطابور الخامس وهو, كما نري, مصطلح ايجابي كان يطلق علي مناصري الخير والحق والجمال, لكنه بقدرة قادر أصبح مصطلحا سلبيا يعني قوي الشر والهدم والتخريب والتدمير, وتحديدا الجواسيس والمخربين الذين يعملون لصالح هتلر في دول اوربا, الذين كانوا يمهدون بأعمالهم للغزو الالماني لتلك الدول. ما دفعني الي الحديث عن هذا المصطلح في هذا الوقت بالذات.. هو انه يتردد كثيرا هذه الايام في إطار اتهام هذا الطرف او ذاك للاخر بأنه معاد للثورة, أو يلعب لصالح أطراف معادية للثورة, وأنه يظهر غير ما يبطن.. الي آخر ذلك من الاتهامات. ويبدو من سياق ما يحدث علي الارض أن هذا الكلام له نصيب من الصحة علي الصعيدين السياسي و'الاقتصادي'.. نعم الاقتصادي.. فأنا واحد من أشد المؤمنين بأن هناك طابورا خامسا يريد أن يدمر اقتصاد هذا البلد وألا تقوم له قائمة بنشر الشائعات والاكاذيب عن الحالة الاقتصادية, وأوضاع السياحة والجهاز المصرفي, بل ويسعي الي تعطيل عجلة الانتاج بشتي السبل.. ناهيك عن قطع الطرق وتعطيل حركة السكك الحديدية والمترو بأفكار شيطانية الهدف الوحيد منها هو تعطيل الحياة الطبيعية ودولاب العمل والانتاج وشل حركة البلاد. وأكبر مثال علي ذلك تلك الشائعة السخيفة بل و'العبيطة' التي روج لها البعض والتي تتحدث عن مصادرة أموال المودعين في البنوك.. وعلي الرغم من أنها شائعة لا تستحق الرد عليها إلا أنها, مع ذلك, شغلت قطاعا من الرأي العام. وقد رأيت بعيني رأسي عبارات, كتبها بعض أفراد الطابور الخامس, علي حوائط بعض فروع البنوك الوطنية تدعو المواطنين الي سحب أموالهم منها.. والمثال الاخر هو التهديد الذي أطلقه بعض المنتمين الي جماعة الاخوان المسلمين بعرقلة وصول العمال والموظفين الي مصانعهم وشركاتهم بطريقة شيطانية لا تخطر علي الابالسة وهي أن يحتلوا مقاعد المترو' رايح جاي'.. فيفتعلوا أزمة زحام لا يستطيع معها المواطنون ركوب المترو طوال اليوم. يضاف الي كل هذا وذاك عمليات قطع الطريق عمال علي بطال دونما هدف اللهم الا تعطيل المرور وتصعيب الحياة علي المصريين. وانا شخصيا تعرضت لتجربة قاسية في عز نهار رمضان عندما قطع بعض المناصرين للرئيس المعزول محمد مرسي الطريق الدائري رافعين صوره ومطالبين بعودته وبدلا من أن يحصدوا تعاطف الناس معهم حصدوا لعناتهم ودعواتهم الساخطة التي ليس بينها وبين الله حجاب, لأنها دعوات مظلومين..! والحقيقة أنني لا يعنيني الطابور الخامس في شيء; لأن أجهزة الدولة المعنية هي الاقدر علي التعامل مع المنتمين له باعتبارهم مجرمين سيعاقبون بالقانون.. لكن ما يهمني حقا هو' الطابور السادس' الذي ينتمي اليه قطاع عريض من أبناء الشعب البسطاء.. وأعني بهم' الغلابة' الذين يستجيبون دون وعي للدعوات الشريرة للطابور الخامس بقطع الطرق أو تعطيل وصول العمال والموظفين لمواقع الانتاج او يستجيبون للدعوات المشبوهة لتعطيل الانتاج.. ويصدقون دون أدني تفكير, بل ويرددون, الشائعات المغرضة حول الاوضاع الاقتصادية وغيرها.. واذا كان أفراد الطابور الخامس لا يرجي اي أمل منهم أو فيهم.. فان الامل كل الامل في افراد الطابور السادس.. أبناء شعبنا البسطاء, الذين يجب توعيتهم بأهمية وخطورة ما تمر به مصر حاليا من مخاطر وتحديات, التي تدفع الاصدقاء, للاسف, قبل الاعداء الي محاولة هز أمن وأمان واستقرار هذا البلد الامين. اللهم رد كيد أعدائنا وطابورهم الخامس في نحورهم وانصرنا عليهم, واهد الطابور السادس الي سبل الحق والرشاد اللهم آميييييييييييييين..!!