إحساس القلق الممزوج بوجوه المزارعين والظاهر في نبرات أصواتهم يخفي حالة من الخوف المكتومة, الأمر يتجسد هنا في شخصية عم' السيد عبدالهادي علي سالم' أحد المزارعين المقميين بجوار ترعة السلام الذي يسرد للاهرام الاقتصادي معاناته منذ مجيئه مركز بئر العبد من قريته الصالحية القديمة التي تتبع محافظة الشرقية عام1995, وشرائه لقطعة أرض من جماعات بدو سيناء مجاورة لترعة السلام, بعد أن نوه الرئيس الاسبق حسني مبارك علي وجود فرص لتمليك الاراضي الزراعية لكل من يبادر بزراعتها في شبه جزيرة سيناء, فيقول: قمت ببيع كل ممتلكاتي بقريتي بالشرقية ونقلت اسرتي وأولادي الي الارض المجاورة للترعة, لكن المؤسف أنه بعد مرور حوالي10 سنوات فقط بارت الارض الزراعية بعد أن قامت الدولة بغلق محابس المياه في عام2005, التي كانت مسئولة عن ضخ مياه الصرف الزراعي في الترعة الموجودة, وتحولت الحياة الي جحيم بعد أن هجرها حوالي5 آلاف أسرة من المزارعين الوافدين علي الاراضي السيناوية لاستطلاح الاراضي وعليه عادت أسر الوافدين من المزارعين مرة أخري الي قراهم ومدنهم بعد أن يئسوا من تصحيح الاوضاع وبعد مكاتبات قدمت لمجلس الوزراء ولوزارة الري وللمحافظة دون جدوي وقال' أنا بعت أرضي وبعت بيتي وطفش عيالي مني والحكومة مش بتعوض المزارعين طب حنعمل إيه' الوظفية التي يقوم بها عبدالهادي حاليا هي' عامل بالاجرة' لدي بعض المزارعين من قبائل شمال سيناء, نظرا للخسارة التي تكبدها في تصليح الارض وإعدادها وتهيئتها لزرع المحاصيل بها, محاولة منه للحفاظ علي حقه في الارض التي قام بشرائها من بدو سيناء ولحجز نصيبه من جدول الاولوية الذي سيقره مجلس الوزارء في حال الموافقة علي إعادة تشغيل الترعة مشيرا الي ان حجم خسارته في الارض تصل لحوالي مليون جنيه تقريبا.. يتابع المزارع اليائس حديثه قائلا: مسئولو المجلس المحلي بالمحافظة لا يمتلكون أي معلومات عن مصير الاراضي التي خصصت من قبل الدولة لمنحها للمزارعين, ولا يملكون إصدار القرارات المتعلقة بتصويب أوضاع المزارعين الذين راحوا ضحايا للتعنت الحكومي غير المبرر, مشيرا الي ان بعض المسئولين بالجمعية الزراعية أكدوا له أن السبب وراء عجز موقفهم هو أن الاراضي التي قام الوافدون علي المحافظة بشرائها وقعت في زمام الترعة' الحيز الزراعي لها' وقال: رئيس مجلس الوزراء أصدر مجموعة من الوعود, لطمأنة المواطنين القابعين بمحافظة شبه جزيرة سيناء علي مستقبلهم وذويهم بعد أن جفت أنهار التنمية بالمدينة, لكننا لا نري هذه الوعود علي أرض الواقع عم عبدالهادي المزارع يقسم بيمين طلاق إنه يرفض ترك الارض التي دفع فيها' تحويشة العمر'- علي حد تعبيره- ويعلن انتظار الفرج من الله لحين قضاء أمر كان مفعولا, ويقول: الحكومة ماسكة في رقبتنا ورافضة تنفيذ كل الحلول التي نقدمها لها في المذكرات المقدمة للجهات الحكومية المختلفة. وعن مدي جودة الثمار التي تزرع بمياه الصرف الزراعي أكد عبدالهادي أنه أجري بنفسه بحثا مع هيئة البحوث أثبت بعد تحليل حصاد أرض سيناء أن جودتها الغذائية مدرجة ضمن سلة الغذاء العالمية, وقال: المياه التي نستخدمها في الحياة اليومية منبتها من الخزانات الجوفية التي تنقب عنها القبائل السيناوية, ولأنها لا تصلح للشرب نقوم بشراء خزانات من المياه كل أربع أيام بمبلغ30 جنيها للخزان الواحد الذي تقدر سعته بحوالي50 لترا تقريبا هنا ينتهي' عم السيد' من سرد تجربته الخاصة والمعاناة في تشغيل حلم التعمير الوحيد لسيناء, ويبقي عجز المسئولين وأجنداتهم- السياسية والاقتصادية الخاصة- هو السيف الذي يبتر به حلم مئات المزارعين لاسترجاع أفدنتهم المغتصبة. انتقلنا الي المساحات الشاسعة من أشجار الزيتون لتحمل اغصانها قصصا لمآسي تعانيها تلك الزراعات فالمخازن تعجز عن استيعاب كميات اضافية من المحصول الذي يبحث عن عصارات لاستخراج خام الزيت وأسواق في الداخل والخارج لبيع أجود أنواع الزيوت في العالم منصور الترابيني- مزارع- يؤكد أن المعاناة الرئيسية لأهالي شبه جزيرة سيناء ممن يملكون اراض تزرع بها ثمرة الزيتون هي ماء الري الذي يندر وجوده بسبب تغاضي الحكومة عن إنهاء المرافق الخاصة بهذه المدينة الحدودية. يضيف: لعل أول تجربة حقيقية لزراعة الزيتون كانت معتمدة علي مياه الابار التي أصبحت الوسيلة الوحيدة لشق خطوط رمال الصحراء الصفراء, التي جادت علي السيناويين بمحصول الزيتون الذي يستخرج منه أجود انواع الزيوت في العالم كله, لافتا الي أن المزارعين يعتمدون فقط علي' عصارتين' لاستخراج خام الزيت من ثمرة الزيتون, وهو ما يدفع آلاف المحاصيل للتعفن او عدم الاستفادة الكاملة للثمرة, خاصة بعد ان أكد خبراء المنتجات الزراعية ان نقاء خام الزيت مرهون بسرعة دخول الثمرة في المعصرة للاستفادة من كامل المواد بها. يضيف عيد مرزوقة فيقول: للاسف الدولة تناست حقوق المزارعين في سيناء لدرجة أننا اعتدنا علي عدم وجودها, لهذا فإن عمليات التسويق لمنتج الزيت غالبيتها تعتمد علي الجهود الفردية والعلاقات الخاصة بأبناء القبائل بالاخرين في مصر والعالم, في ذات الوقت نعاني من تراكم المحاصيل نظرا لعدم وجود رؤية تسويقية مدروسة وهو ما يكبد الدولة والمزارعين مبالغ مالية طائلة. طالب مرزوقة من الدولة ضرورة العمل علي مد شبكة مرافق وتوصيل المياه العذبة الي الاراضي, مؤكدا أن السيناويين يعتمدون فقط علي مياه الابار أو الامطار للزراعة, مؤكدا علي ضرورة متابعة وخلق اسواق لتسويق منتجات شبه جزيرة سيناء لما تتميز به من مكونات تضاهي المعايير العالمية وتتفوق عليها بجانب انشاء عدد من العصارات الاضافية ليتمكن المزارعون من التعامل مع ثمرة الزيتون بمجرد خروجها من المزرعة علي الجانب الاخر. أوضح اللواء محمد مختار قنديل رئيس جهاز تنمية شمال سيناء السابق أن القوات المسلحة دفعت مؤخرا بخطط عملية وتنفيذية لتطوير مدن وقري محافظتي شمال وجنوبسيناء وتوفير المتطلبات الأساسية للمواطنين المقيمين بتلك المناطق, حيث صدق الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بسرعة الانتهاء من إقامة محطات تحلية المياه وحفر الآبار بمناطق شمال ووسط وجنوبسيناء ومحافظة مطروح للمساهمة في تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين من مياه الشرب النقية وخدمة مطالب التنمية بهذه المناطق. كما ساهمت المؤسسة العسكرية بإمكانياتها الذاتية في تأمين الإمداد بالمياه في العديد من المناطق من أهمها محطة لتحلية مياة البحر بمدينة نويبع بطاقة,2000] م3 يوميا, ورفع كفاءة شبكة مياة مدينة الطور لخدمة,1000] وحدة سكنية, وإنشاء وتشغيل خط مياه الطور/ شرم الشيخ بطول,94] كم وبطاقة,32 الف] م3 يوميا, وإنشاء20 نقطة لتكديس وصرف مياه لصالح أهالي وبدو جنوب ووسط سيناء وإنشاء وتطوير محطات تحلية مياه الآبار بمناطق, سهل القاع- الحسنة- أبوعجيلة- قرية بغداد], مع إنشاء15 بئرا لتوفير مياه الشرب والمياه الصالحة للزراعة بكل من, الشيخ زويد- العريش- الحسنة- الطور] وإقامة عدد,34] بئرا لخدمة متطلبات التنمية الصناعية والزراعية في مناطق شمال ووسط وجنوبسيناء وتزويدها بالروافع والخزانات ومولدات الطاقة. في الوقت نفسه تقوم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة حاليا بإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بمدينة رفح بطاقة,6 آلاف] م3 يوميا ومحطة مياة أخري بمدينة أبورديس بطاقة,2500] م3 يوميا, بالإضافة إلي إنشاء شبكة المياه الرئيسية بمدينة دهب بطول,41] كم وإقامة,3] محطات تحلية مياه لخدمة قطاع السياحة بطاقة,1500] م3 بكل من طابا وأبورديس لصالح هيئة التنمية السياحية.