للأسطول الملاحي المصري تاريخ عميق عمق الدولة المصرية ما هو تاريخه ماذا حدث له وكيف انهار.. كل ذلك يحدثنا عنه د. الربان/ محمد الحداد الخبير البحري واستشاري تشغيل الموانئ ومستشار الموانئ السعودية سابقا من خلال حوار خاص. + بصفتك شاهدا علي تاريخ الأسطول المصري الملاحي حدثنا عن أقوي فترة لهذا الأسطول؟ -الأسطول البحري المصري كان مزدهرا قبل ثورة23 يوليو1952, حيث كان القائمون عليه رجال أعمال وطنيون شرفاء أمثال أحمد عبود باشا و عبد الفتاح يحيي باشا و طلعت حرب باشا فكان الأول يملك شركة خطوط البوستة الخديوية و الثاني يملك شركة إسكندرية للملاحة و الثالث كما هو معلوم للجميع مؤسس بنك مصر الذي كان يملك شركة مصر للملاحة( وتم تأميم الشركات الثلاثة بعد قيام ثورة23 يوليو و دمجها في الشركة المصرية للملاحة البحرية المنهارة حاليا) وكانت الشركات الثلاثة ناجحة ورابحة بالرغم من غياب سياسات مدروسة من قبل الحكومات المتعاقبة و كان الاعتماد الكامل علي آلية السوق و مهارة هؤلاء رجال الأعمال ففي خلال هذه الحقبة من الزمن كانت مصر تمتلك أسطولا بحريا كبيرا يرفرف عليه علمها, كما أن السفن المصرية كانت ناقلا رئيسيا لصادرات وواردات مصر بالإضافة إلي سفن الركاب المنتشرة في البحرين الأبيض و الأحمر, و قد تم تأميم هذه الشركات الثلاثة ودمجها في شركة واحدة هي العربية المتحدة للملاحة البحرية والتي تغير اسمها فيما بعد إلي المصرية للملاحة البحرية + هل أثر هذا التغيير وعملية التأميم بالسلب علي أداء تلك الشركات فيما بعد؟ - لم يحدث تغيير بشكل كبير ويمكن أن نقول أن التغيير الحقيقي كان في شكل انحصار امتلاك و تشغيل السفن في ذلك الوقت علي هذه الشركة حتي جاء عصر الانفتاح في السبعينات من القرن الماضي, فتم السماح للقطاع الخاص بالعمل في هذا المجال بشروط فظهرت شركة اسكندرية للملاحة و الأعمال البحرية و كما أسلفنا الشركة العربية للملاحة البحرية( بان آراب) المملوكة لجامعة الدول العربية و شركة الاتحاد العربي للنقل البحري( فامكو) المملوكة لاتحاد الجمهوريات العربية المتحدة و الشركة الفرعونية للملاحة و الشركة الوطنية للملاحة و شركة مصر إدكو للملاحة بالإضافة إلي العديد من الشركات التي يملكها أفراد و منها شركة ساماتور للملاحة و شركة هليوبوليس للملاحة والشركة البحرية و شركة عبر البحار و شركة فناكي للملاحة و الشركة الأهلية للملاحة و الأعمال البحرية و شركة السلام للنقل البحري. + إذن ما هي الاسباب الحقيقية للإنهيار المتتالي للأسطول الملاحي المصري ؟ - مع بداية ثمانينات القرن الماضي والأسطول البحري المصري بدأ يتناقص عدده بشكل ملحوظ حتي وصل إلي ما هو عليه الآن. فالقوانين المصرية البالية والتي لم تعدل لتواكب التطويرات الدولية والتي تحارب مالك السفينة فلا تمكنه من بيع سفينته إلا بعد موافقة وزير النقل شخصيا وبعد عرضها في السوق المحلي لفترة يحددها القرار الوزاري, كما أن تسجيل السفينة تحت علم مصر يستغرق من الوقت والمجهود بالإضافة إلي الضرائب المحصلة من المالك من جراء التشغيل الأمر الذي يجعل المستثمر في هذا المجال يلجأ لتسجيل سفينته في أي دولة من دول عالم المنفعة بلا ضرائب وبرسوم زهيدة وبدون قيود علي البيع والشراء فمثلا لو سجل سفينته في دولة بنما لا يحتاج إلي موافقة وزير النقل البنمي لبيعها فلذا نجد أمامنا الآن شركة الملاحة الوطنية والشركة المصرية للملاحة البحرية والتي تعتبر أحد فروع شركة الملاحة الوطنية أما شركات الأفراد إما انتهت أو لجأت إلي أعلام دول أخري أكثر إنسيابية في التعامل. + وهل للفساد دور في انهيار الأسطول المصري أيضا.. وما هي صوره ؟ - اختلاق عمرات وهمية للسفن للحصول علي قيمتها من قبل ربابنة ومهندسي السفن بالتواطؤ مع المسئولين غير الصالحين بالإدارة الفنية للشركة وتخريد السفن لبيعها بأسعار متدنية للحصول علي عمولات كبيرة. + وماذا عن الدور الذي لعبه القطاع الخاص ؟ - منذ تأسيس شركات القطاع الخاص باستغلال القانون8 الخاص بحوافز الاستثمار والقانون159 الخاص بالشركات المساهمة, أصبح التدمير ممنهجا وتم سلب الخطوط الملاحية من الشركات المصرية لصالح هذه الشركات الخاصة بما لقياداتها من نفوذ, كما هربت الكوادر الجيدة لشركات القطاع الخاص. وأدي ذلك الي تراكم الديون بخسائر تعدت نصف رأس المال مما هدد الشركات بالإفلاس. + وهل لعبت الدولة دورا في هذا الصراع الممنهج ؟ - تجاهل الدولة للأسطول الوطني في نقل صادراتها و وارداتها و لا سيما البضائع الاستراتيجية مثل القمح و خلافه لرغبة القائمين الملحة للحصول علي عمولات من خطوط الملاحة الأجنبية.