كشف المهندس محمد سيد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ل' الاهرام الاقتصادي' عن دراسة أعدتها الغرفة بمعاونة خبراء صناعة الذهب في مصر تستهذف رصد أوضاع صناعة الذهب, وإلقاء الضوء علي أهم مشكلاته ومعوقات انتاجه وتجارته, علاوة علي شمول الدراسة نبذة عن تاريخ صناعة الذهب في مصر وتطورها حتي وقتنا الراهن. الدارسة في مستهلها, تشير الي بداية ظهور صناعة المجوهرات في مصر موضحة أن التصميمات الحديثة للمجوهرات في مصر بدأت بين الحرب العالمية الأولي والثانية, عندما جاء الإيطاليون والأرمينيون الي مصر بموهبتهم في تصميم المجوهرات الذهبية, وبدأوا في إنشاء الورش الخاصة بهم, وبعد ثورة1952 وإجلاء الأجانب عن مصر ليعودوا الي بلادهم, استولي العمال المصريون علي الورش واستمروا في العمل في هذا المجال الذي تحول الي تجارة عائلية بعد ذلك, ولا يزال الكثيرمنها باقيا حتي اليوم.وفي السنوات الاولي من انتعاش صناعة الذهب في مصر, توجت منطقة الصاغة في مصر القديمة كأشهر مركز في الشرق الأوسط لإنتاج وتجارة المجوهرات, خصوصا منتجات الذهب والفضة, وتستحوذ الصاغة حاليا علي حوالي70% من إجمالي تشغيل وإنتاج المجوهرات في مصر. وأفادت الدراسة بأن مصر كانت أحد المصدرين الرئيسيين للمجوهرات للدول العربية علي رأسها ليبيا والسودان والمغرب وتونس, وظلت مصر من الدول الكبري في تشغيل وتصدير الذهب في المنطقة خلال أكثر من30 عاما ماضية... أما الآن فتحولت ريادة تصدير الذهب من مصر الي دبي, وأصبحت مصر مستوردا للمجوهرات من الدول العربية بدلا من تصديرها إليها, ويرجع أهم اسباب تراجع صادرات الذهب الي انخفاض تنافسية المشغول الذهبي المصري مقارنة بالسوق العالمي وذلك من حيث السعر و الجودة, حسبما تفيد الدراسة.واشارت الدراسة الي أن صناعة المجوهرات في مصر تقدر حسبما أكد خبراء الصناعة ب5 آلاف ورشة ومصنع, يعمل بها أكثر من10 آلاف عامل, بالإضافة الي أكثر من20 ألف تاجر تجزئة يستوعبون عمالة تقدر ب60 ألف عامل. ويقدر إجمالي حجم سوق صناعة المجوهرات في مصر ب165 طنا وبلغت قيمته في عام2006 ب13 مليار جنيه, منها110 أطنان من الذهب و55 طنا من المجوهرات الفضية, وذلك طبقا لأرقام مصلحة الدمغة, حسبما أكدت الدراسة علما بأن الأسعار تضاعفت ثلاثة مرات منذ2006 حتي الأن و بذلك ترتفع حجم السوق إلي نحو40 مليار جنيه.وتابعت: إن هناك مصدران للذهب الخام المستخدم للتشغيل, السبائك و النفايات المعاد تدويرها, ويتم استيراد سبائك الذهب غالبا من سويسرا و دبي, بينما تجلب النفايات' المجوهرات القديمة المستعملة' من قبل المستهلك ثم يعاد تشكيلها إلي سبائك, وبلغ المعروض من ذهب الكسر أو عرض النفايات في مصر عند قيمة ثابتة, بمتوسط35 طنا سنويا.وتعتمد صناعة المجوهرات في مصر علي الواردات من المواد الخام ونصف المشغولة, بالإضافة الي عرض النفايات من السوق المحلي, وبلغ حجم واردات الذهب بحوالي50 مليون دولار سنويا حتي2010 وكشف خبراء الصناعة خلال الدراسة أن أكثر من50% من المجوهرات التي تدخل السوق مهربة, وذلك علي الرغم من عدم وجود جمارك علي خام الذهب, غير أنهم يستهدفون بذلك تجنب تعقيدات الجمارك, فضلا عن الهروب من دفع ضريبة المبيعات, يضاف الي ذلك عدم رغبة المستوردين في الكشف عن الحجم الحقيقي لأعمالهم لتجنب دفع ضريبة المبيعات. واوضحت الدارسة أن هناك عوامل اقتصادية محلية وعالمية أثرت بشدة علي صناعة المجوهرات في مصر, أولها, الارتفاع الملحوظ في أسعار الذهب العالمية لتصل من10 دولارات للجرام في2002 الي22.4 دولار في2007, حتي بلغت60 دولارا للجرام عام2012. وبالرغم من الاتجاه المستمر للانخفاض في حجم استهلاك المجوهرات الذهبية بمصر علي مدي السنوات العشر الماضية, إلا أن قيمة استهلاك المجوهرات الذهبية في ارتفاع مستمر منذ2002 نظرا للإرتفاع المستمر في سعر الذهب عالميا مقاسا بقيمة الدولار. واحتلت مصر بمركز الثالث كأكبر مستهلك للمجوهرات في الشرق الأوسط, والتاسع علي مستوي العالم بحجم2,60 طن, وهو أقل حجم استهلاك شهدته مصر في العشر سنوات الأخيرة.واشارت الدراسة الي ان معظم مستهلكي المجوهرات في مصر من المحليين الذين يعتبرون المجوهرات رصيدا ذا قيمة ومصدرا للأمان, أما بالنسبة للسائحين فقد أدي تدهور سمعة وجودة المجوهرات المصرية الي تحولهم الي دبي وتركيا, لاقتناء الذهب, وذلك بعد أن كانوا يمثلون جزءا كبيرا من قاعدة عملاء المجوهرات المصرية. وكشفت الدارسة عن أن الارتفاع الشديد في قيمة الذهب وانخفاض الطلب عليه دفع المصانع الي شراء المستعمل والكسر وصهرة وتحويله الي قوالب للتصدير, واسترداد قيمته عبر البنوك, وذلك بهدف ضمان استمرار دورة التعامل بالذهب, وتزامن ذلك مع بدء الانتاج المحلي من مناجم الذهب بالسكري و تصديره للخارج.وحول أهم المشاكل التي تواجه صناعة الذهب أفادت الدارسة أن غش القيراط من أبرز مشكلات صناعة الذهب, موضحة أن هذه المشكلة بدأت حينما ربطت الحكومة ضريبة المبيعات بالدمغ, بما اضطر الصناع الي تجنب الدمغ الرسمي, ولجوئهم الي الدمغ الداخلي من خلال تقليده من أجل تجنب الضرائب, وشجعت هذه الخطوة الإتيان بخطوة تالية, جاءت بغش القيراط للمجوهرات, والاستفادة من التفاوت في نقاء المعدن الثمين لتحقيق مكاسب مادية ضخمة و غير قانونية. واضافت الدارسة فيما يتعلق بمشكلات الصناعة: إنه علي الرغم من أن صناعة المجوهرات تتطلب عمالة ماهرة إلا أن مصر ينقصها العمال المؤهلين والمهرة بالإضافة الي نقص في المدارس الفنية ومراكز التدريب, حيث إن الخريجين المصريين من كلية الفنون التطبيقية ليس لديهم القدرة علي إنتاج الكم المطلوب من التصميمات, أو حتي يمكنهم إنتاج قطع من المجوهرات فعليا بالتشطيب المثالي المطلوب, نظرا لأنهم لم يستخدموا معادن ثمينة طوال فترة دراستهم الجامعية, لذلك يعتمد بعض المصنعين علي مصممين وفنيين أجانب, غالبا من الهند وتايلاند والصين والمصممون الأجانب يمكنهم تطوير تصميمات أصلية أو تقليدها. الاعتماد علي الأجانب غير أن اعتماد الصانع علي العمال الأجانب يمثل عبئا ماديا وقانوينا عليهم, وذلك لانهم يعينون بطريقة غير قانونية في أغلب الأحيان, نظرا لأن القانون يحد من استئجار العمال الأجانب مما يشكل عبئا ماليا لا يظهر في تكاليف تلك المصانع. يضاف الي ذلك, أن معظم الأدوات والمعدات والماكينات المستخدمة في صناعة المجوهرات في مصر ذات مستوي منخفض وذلك لانخفاض الاستثمارات المتاحة محليا في هذا المجال خاصة ان هذه الصناعة تتطلب استثمارات باهظة مشيرة الي أن الصناع الذين يعتمدون علي التقنيات الحديثة فئة قليلة جدا لا تتجاوز الكبار. ولفتت الدارسة الي مشكلة قلة التصميمات بسبب عدم تفعيل قوانين الملكية الفكرية,حيث يتم تقليد مجوهرات المصممين عند تجار التجزئة للمجوهرات بأسعار أقل بكثير من التصميمات الاصلية مما يحد من حافز الاستثمار في مصشر لتلك الصناعة. وتقترح الدراسة أن يضع كل مصنع' لوجو' خاص به علي منتجاته بديلا عن الدمغة و ان يكون دور مصلحة الدمغة التأكد من صحة العيارات وكذلك الدمغ لمن ليس لدية القدرة علي استخدام لوجو خاص به أوعلي المشغولات المستوردة.ولفتت الي أن تدهور جودة الذهب في السوق بسبب عدم توافر المصافي الرئيسية المحلية لتنقية النفايات, وصعوبة توفير سبائك ذات جودة عالية يعد من أبرز مشكلات الصناعة أيضا, حيث يؤدي ذلك الي إضعاف المنتج ويجعله غير قادر علي المنافسة علي المستوي الدولي بما يظهر جليا في تراجع مكانة مصر تصديريا. 50 جنيها تراجعا في أسعار الذهب تشهد أسعار المشغولات الذهبية بالسوق المحلي تراجعا شديدا هذه الفترة حيث انخفض سعر جرام الذهب بواقع50 جنيها دفعة واحدة الاسبوع الماضي, وذلك علي إثر انخفاض الاسعار العالمية للخام. من جانبه, قال نادي نجيب سكرتير شعبة تجارة المشغولات الذهبية بغرفة القاهرة التجارية إن أسعار الذهب العالمية تراجعت قبل نحو أسبوع بقيمة300 دولار دفعة واحدة لينخفض سعر الاوقية من1660 الي1360 دولار تقريبا, الامر الذي انعكس بالتبعية علي أسعار الذهب لدينا, مشيرا الي أنه عزز تراجع الذهب بالسوق المحلي التراجع النسبي لسعر الدولار بالسوق الموازية مؤخرا.