"هنا سبوع خالد" والدعوة شخصية .. شخصية جداً أى لا تصوير ولا مصورين محترفين .. إنما الحب .. الحب فقط .. فى سبوع خالد انتقل ميدان التحرير إلى قطعة أرض صغيرة وبيت صغير بعد المريوطية .. وهناك رأيت بعيناى وسمعت بأذناى ناس وصوت وإحساس الميدان واستمتعت بحلاوته فى بيت عائلة يعمل كل أفرادها بالسياسة .. حتى إن الحفيد "خالد" وبالوراثة صار ثورياً .. وبعد الإفراج عن الأب علاء عبد الفتاح كان لابد من الاحتفال بالابن خالد الذى أسماه علاء على اسم "خالد سعيد" كجزء من العرفان بفضله وحتى يجاوره الاسم العمر كله . ويمكننى بمنتهى البساطة الآن أن أقرر أن 31 ديسمبر كان يوماً مختلفاً جداً انتهت به سنة الثورة .. على الأقل بالنسبة لى .. كان يوماً ثورياً حيوياً طيباً حنوناً، حيث فاجأتنى صديقتى المحامية المعروفة الأستاذة آمال عبد الفتاح الصديقة المقربة من عائلتى "سيف" و"سويف" أننى مدعوة معها هى وزوجها د. عمرو الويجي لحضور "سبوع خالد" .. خالد ابن علاء عبد الفتاح الذى تم الإفراج عنه لتوه .. وأن الاحتفال سيكون فى "البلاط"! "البلاط ؟" نعم البلاط فقد كان الأب والأم .. د. ليلى ود. أحمد دوماً يرددان أمام الأبناء عندما اشتريا تلك الأرض منذ سنوات من عُمر ابنهما الأكبر علاء .. "إحنا رايحيين الأرض" وفى عقل الصغار الأرض هى البلاط الذى يكسو الأرضيات، وهكذا صارت تسمية المكان وبيته الريفى البسيط .. وعلى ناصية الشارع أو المدق الضيق الذى يقودنا إلى البلاط كان "البانر" أو اليافطة الصفراء المنيرة "هنا سبوع خالد" . إننى أنقل لكم الآن صورة فرحة المحامى أحمد سيف عبد الفتاح وزوجته د.ليلى سويف وهما يحتضنان خالد .. وأنا أفكر مُرغمة ووسط كل "الهيصة" إنه المولود الأول لعلاء الابن السياسى المغامر وصاحب أشهر مدونة - فى تاريخ البلوجرز المصريين والعرب - مدونة "علاء منال" .. ولأننى فى سبوع ابن الثائر الخارج لتوه من السجن فمن المنطقى أن يكون الهتاف وسط رش الملح والسبع حبات والفرحة وحلقاتك برجالاتك هو "إحنا الشعب الخط الأحمر" فالكل يردده ويعيدون هتافات التحرير بحماس مع كل أغانى الفرحة "حلقة دهب فى وداناتك " بالمولود كما العادات المصرية التقليدية ودق الهون والهدهدة فى الغربال كما فعلت "أم نجلاء" التى تخدم العائلة و"دادة العجوز" التى رأيتها فى حضن علاء يقبل رأسها .. كان ميدان التحرير والهتاف "إحنا الشعب الخط الأحمر" ممتزجاً مع "يا رب يا ربنا يكبر خالد ويبقى زينا " تغنيها بصوت فرِح الناشطة "منى سيف" عمة خالد وهى تدور فى المكان باحثة عن والدتها ليلى جدة خالد لتدق الهون وتضحك من "خضة " علاء ومنال من رجرجة خالد داخل المنخُل .. كانت فرحة الخال علاء سويف وشقيقته الكاتبة أهداف سويف وهما يستقبلان من يعرفانهما ومن لا يعرفانهما .. الاحتفال ممتلىء بزخم الحب وزخم أحاسيس ناس مصر الرائعين .. أمينة جاهين ابنة الراحل عمنا صلاح جاهين وزوجها الشاعر أمين حداد ابن الرائع فؤاد حداد وابنهما الشاعر الشاب أحمد حداد .. وكانت سامية جاهين قلب فرقة إسكندريلا مع زوجها وابنتها فاطمة الجميلة المنمنمة حفيدة عم صلاح .. وكانت هناك أسماء كلها لها وقعها فى القلب من فرط ارتباطها بحق الإنسان المصرى فى التعبير عن رأيه بحرية .. كانت هناك د. منى مينا الناشطة المعروفة بمنظمة أطباء بلا حدود والناشطة الحقوقية والأستاذة الجامعية د.غادة شهبندر"شايفنكوا" .. وغيرهم وغيرهم . وإننى أتذكر الآن وأنا وسط كل هذا الاحتفال رسالة علاء من السجن لزوجته منال "رسالة لأم خالد" حيث إنه وكما كتب لم يكن يشغله سوى الخروج لحضور ولادة خالد، وكان الطبيب قد نصح بولادة قيصرية مبكرة حرصا على صحة منال، ومع كل تجديد للحبس كانت المخاطرة بتأجيل الولادة على أمل أن يحضرها ولقد تضامن الجنين خالد مع الأب فأضرب عن الخروج برغم مرور التسعة أشهر المقررة له، وانتظر الأمل الأخير للاستئناف أمام القاضى الطبيعى .. وأتذكر الآن وسط كل تلك الفرحة وأظنها أفكارا راودت أحباء علاء .. تذكرت سطور علاء عندما رأى صورة خالد لاول مرة "خالد .. حب من أول نظرة، وحب من أول صورة. تبدد السجن وأسواره وقططه، تبدد كل شىء إلا حبى لخالد وفرحتى بقدومه. ونمت مرتاح البال. وفى يومه الثالث زارنى خالد. كانت مفاجأة. توقعت ألا يسمح الطبيب بزيارة إلا بعد أسبوع على الأقل. زارنى خالد لمدة نصف ساعة. حملته فى يداى عشر دقائق. يا الله! إزاى جميل كده؟ حب من أول لمسة! فى نصف ساعة أعطانى فرحة تملأ السجن أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة أعطيته محبة تمنيت أن تحيطه أسبوعا كاملا. فى نصف ساعة تغيرت وتغير الكون من حولى". وفى وسط الاحتفال وأناس لا أعرفهم شعرت بالدفء وسطهم تذكرت كلام علاء فى رسالته يوم الجمعة 9-12 قبل خروجه مباشرة من السجن : مئات أرسلوا لى برقيات محبة لخالد من خارج الميدان، بعضهم كتب عن نفسه أنه من حزب الكنبة. ملايين حزنوا على الشهيد فى كل بيت فى مصر. الكل أحب خالد لأنهم يحبون علاء لأنه نموذج لأخ أو ابن أو زوج ثائر ومحب للحياة .. نموذج لشباب مصر الذين خرجوا يوم 25 يناير واستشهدوا فى 28 يناير وما بعدها. ولكننى أنتظر وبعد أن هنأت علاء ومنال وعبرت عن فرحتى بخالد أن أدير حواراً مع علاء عبد الفتاح وأوجه له نقداً أرى أنه يجب أن يكون شديداً –وتلك حريتى- وأناقشه بعمق حول عبارته التى أذهلتنى : انتخبت الإخوان المسلمين برغم اختلافى معهم !!