بعد وقوع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في أسر 3 فصائل فلسطينية بقيادة حماس وتلتها مهمة التفاوض مع إسرائيل لترتيب صفقة تبادل الأسرى لإطلاق سراحه،لا يوجد داخل منازل آلاف أسر الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بسجون الاحتلال إلا عمن سيسعده الحظ ويكون اسمه ضمن كشوف المفرج عنم في صفقة شاليط، ولا أنسى أبدا السيدة فدوى البرغوثي زوجة مروان البرغوثي القيادي الفتحاوي البارز والذي يقبع بسجون الاحتلال، وكذلك كبار مساعدي البرغوثي وأصدقاءه وهم يتساءلون: هل ستشمله الصفقة أم لا؟ حال مروان البرغوثي مثله مثل أحوال آلاف غيره من الأسرى الفلسطينيين، وإن كانت قضية البرغوثي تجد اهتماما إعلاميا كونه يعد أحد القادة البارزين داخل حركة فتح، والقيادات الواعدة بالحركة، فأسرة البرغوثي وأصدقاؤه ومساعدوه كانوا يطرقون كل الأبواب بحثا عن طريق لأن يكون البرغوثي ضمن الصفقة، وهو ما أكدته مصادر مطلعة عديدة، كما أكده قادة حماس لأسرة البرغوثي في أكثر من مرة، ولكن حماس قبلت بالصفقة بشكلها الذي تم بعد تعنت إسرائيلي كبير ورفض شديد لإطلاق سراح كبار القادة من الأسرى والذين يتقدمهم البرغوثي، وكذلك أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية الذي خطفته إسرائيل من السجن الفلسطيني الذي كان يقبع فيه على خلفية عملية اغتيال رحبعام زئيفي وزير السياحة الإسرائيلي والتي نفذتها الجبهة انتقاما لاغتيال إسرائيل أبو على مصطفى أحد القادة التاريخيين للمقاومة الفلسطينية والأمين العام للجبهة الشعبية. أعداد الأسرى وبقدر ما كانت فرحة الآلاف من ذوي 1027 أسيرا الذين خرجوا للنور في صفقة شاليط، بقدر ما كان الحزن على وجوه آلاف آخرين لم يكن لأبنائهم الأسرى حظ الخروج للحرية. قدوره فارس رئيس نادي الأسير قال في تصريحات خاصة ل «الأهرام العربي» بالرغم من صفقة تبادل الأسرى ما بين إسرائيل وحماس التي تمت نهاية العام الماضي فإن هناك أعدادا كبيرة من الأسرى ما زالت بسجون إسرائيل، موضحا «عدد الأسرى حاليا 4700 أسير من كل الجهات سواء من فلسطين أو من خارجها، منهم 120 طفلا تحت سن 18، و280 معتقلا إداريا، و 23 نائبا، و6 أسيرات، ومنهم 53 يقضون أكثر من 20 سنة داخل السجون، و124 معتقلا من قبل اتفاقية أوسلو 1993. عبد الناصر فروانة، الأسير السابق والباحث المختص بشئون الأسرى، أوضح أن الغالبية العظمى من الأسرى هم من الضفة الغربية ويشكلون ما نسبته 82 ٪ من مجموع الأسرى، فيما أسرى قطاع غزة والقدس ومناطق ال 48 يشكلون فقط ما نسبته 18 % من مجموع الأسرى. وأوضح فروانة بأن هذه الأرقام غير ثابتة وتتغير بشكل دائم في ظل الاعتقالات المستمرة واليومية والتي وصلت خلال العام المنصرم إلى 3312 حالة اعتقال بمعدل 9 حالات اعتقال يوميا. فروانة لفت إلى أن من بين الأسرى يوجد ما يزيد على 130 ممن لم تتجاوز أعمارهم 18 عاما، وبالتالي يعتبرون أطفالا، بالإضافة إلى مئات آخرين اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن الطفولة وهم في الأسر، بالإضافة إلى 240 معتقلا إداريا، و24 نائبا من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني منتخبا أبرزهم مروان البرغوثي القيادي البارز بحركة فتح، وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية، وحسن يوسف القيادي البارز بحركة حماس، بالإضافة إلى وزيرين سابقين هما وصفي كبها وزير الأسرى الأسبق وعيسى الجعبري وزير الحكم المحلي الفلسطيني الأسبق، وعدد من القيادات السياسية، ومئات الأسرى المرضى والمعاقين الذين يعانون أمراضا مختلفة، وبعضهم يعانون أمراضا مستعصية وخبيثة كالسرطان. وبرغم صفقة شاليط التي تضمنت الإصرار على إطلاق سراح الأسيرات كافة، فإن ما زالت 6 أسيرات يقبعن الآن في سجون الاحتلال، ثلاث منهن من المناطق المحتلة عام 1948 ، وتم استبعادهن من صفقة التبادل بمرحلتيها الأولى والثانية. وأوضح فروانة بأنه لا يزال يقبع في سجون الاحتلال 532 أسيرا يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عدة، كما لا يزال في سجون الاحتلال 122 أسيرا معتقلين منذ ما قبل أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من مايو عام 1993، وهؤلاء يطلق عليهم مصطلح «الأسرى القدامى» حيث مضى على أقل واحد منهم أكثر من 18 عاما، بينهم 52 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاما، ومن بين هؤلاء 23 أسيرا مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد ويُطلق عليهم مصطلح «جنرالات الصبر»، ويُعتبر الأسير «كريم يونس» من قرية عرعرة وهي إحدى المناطق التي احتلت عام 1948، والمعتقل منذ 29 عاما هو أقدم الأسرى وعميدهم الحالي، فيما يعتبر الأسير السوري «صدقي المقت» من هضبة الجولان السورية المحتلة والمعتقل منذ أكثر من 26 عاماً هو عميد الأسرى العرب. أوضاع صعبة أما عن الأوضاع التي يعيش فيها الأسرى فقال قدوره فارس رئيس نادي الأسير «أوضاعهم كانت سيئة وقبل تبادل الأسرى تم تشديد الإجراءات بسبب أن الحكومة الإسرائيلية تذرعت بأن الجندي الأسير جلعاد شاليط لا يحظى بزيارات من أسرته أو الصليب الأحمر، وبالتالي ستقوم بإجراءات مماثلة للأسرى الفلسطينيين، فقامت بتشديد الإجراءات، وبعد التبادل وبرغم كل ما قيل عن وعود بتقديم تسهيلات، فإن الأوضاع تزادد سوءا، والعزل الانفرادي مستمر وكذلك منع تقديم الرعاية الطبية، ومنع زيارة الأقارب من الدرجة الأولى، كذلك فإن الأسر من غزة ممنوع عليهم تماما زيارة ذويهم، وبالنسبة للأسرى من الضفة فممنوع زيارة معظم الأقارب، والتشديد ما زال قائما». نفس الأمر أكده فروانة بأن هؤلاء الأسرى يحتجزون في ظروف قاسية ويتعرضون لمعاملة مهينة ولانتهاكات فاضحة لأبسط حقوقهم الإنسانية، كما يواجهون إرهابا منظما وخرقا سافرا لمواثيق الأممالمتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية حول معاملة أسرى الحرب والسكان المدنيين زمن الحرب، وأن الانتهاكات والإجراءات القمعية بحق الأسرى قد تصاعدت بشكل خطير منذ إتمام المرحلة الأولى من صفقة التبادل في أكتوبر ، فإدارة السجون الإسرائيلية وبدلا من تحسين الأوضاع المعيشية للأسرى وإنهاء سياسة العزل الانفرادي واستئناف برنامج زيارات الأهل بالنسبة لأهالي أسرى قطاع غزة وفقا لما تضمنته صفقة التبادل حسبما أعلن عنه عقب إتمام الصفقة، قامت بتصعيد إجراءاتها القمعية ضدهم. نداء أبو حمدية، سيدة فلسطينية، عمها أحد الأسرى بسجون الاحتلال هو الأسير ميسرة أبو حمدية، الذي يبلغ من العمر الآن 63 عاما، وتروى نداء مشكلة عمها ل»لأهرام العربي« قائلة هو رجل كبير بالسن، ويعاني المرض، ونحن نقيم بالخليل بالضفة الغربية، وتعاني عمتي الأمرين للوصول إليه لزيارته في سجن نفحة الصحراوي، وهي سيدة كبيرة بالسن، وهي الوحيدة المسموح لها بزيارته». وتنقل نداء عن عمها قوله إنه يشعر بالحزن بعدما لم تشمله هو وبقية الأسرى المرضى وكبار السن صفقة الأسرى، كما أن إدارة السجن تبالغ في تعسفها منذ فترة ضد الأسرى، حيث تبقيهم 23 ساعة في اليوم داخل الزنزانة ولا يسمح لهم بالخروج للرياضة والمشي في الساحة إلا لمدة ساعة واحدة فقط، كما قلصت مساحة الساحة إلى حوالي عشرة أمتار فقط لتضييق الخناق عليهم. وتمضي قائلة «عمي لديه مشكلات صحية عديدة، ويجد صعوبة في الحصول على الدواء، وكل ما تقدمه له إدارة السجن هو المسكنات، ومعظم الأسرى يعانون أمراضا مزمنة بسبب الإهمال الطبي والرطوبة وسوء التهوية داخل الزنازين والضرب والعزل الانفرادي وتعمد إعطاء أدوية خطأ». طريق الحرية مسدود الأسرى لا يرون أي أمل في الخروج من غياهب السجون، فطريق المفاوضات مسدود كما أن صفقة شاليط تمت وانتهت، وبالتالي فكلا الطريقين للخروج للحرية قد أصبح مسدودا، ليس هذا فحسب بل إن 2012 لا يبدو عاما دافعا على التفاؤل، حيث إن إسرائيل مقبلة على انتخابات، وهو نفس الوضع في الولايات المتحدة، وبالتالي فلا يوجد أي أفق لتحرك سياسي حقيقي يمكن أن يفتح المجال للأمل في الخروج للحرية، كما أن الهدنة ما بين فصائل المقاومة في غزة وما بين إسرائيل يعني أنه لا أمل في أن تكرر المقاومة عملية أسر جنود إسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين ، ومن ثم فلا يوجد بوسع الأسرى الفلسطينيين إلا الانتظار والتعلق بأمل واه في أن يحدث أي تغيير يمكنهم من الخورج للنور. قدورة فارس أوضح أن قضية الأسرى هي قضية سياسية وطنية وهي مرتبطة بوجود الاحتلال وإذا كانت هناك مفاوضات فهذا عنصر إيجابي، وإذا كانت فيه صفقة للتبادل فهي فرصة جيدة، ولكن بالأساس فإن قضية الأسرى هي قضية سياسية بالأساس، فهي مرتبطة بالقضية الفلسطينية وكل تقدم يحدث بالنسبة للقضية الفلسطينية هو في صالح الأسرى، والعكس صحيح. وعن دور المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر وقدرتها على توفير الخدمات والضغط على إسرائيل لتحسين الأوضاع المعيشية للأسرى، قال قدورة «في نهاية المطاف دورها محدود بتقديم خدمات إنسانية، المطلوب حركة سياسية من المنظمات الدولية كالأممالمتحدة واللجنة الرباعية وغيرهما، فالمطلوب جهد سياسي وليس إنسانيا، المنظمات الحقوقية تقوم بما عليها وتحقق نتائج ملموسة، ولكن ما لم تشعر إسرائيل بأن مصالحها تتعرض للخطر فلن تقوم بأي خطوة إيجابية بالنسبة للأسرى سواء إطلاق سراحهم أو حتى تحسين أوضاعهم المعيشية». الأسرى المصريون وعن أعداد الأسرى المصريين وأوضاعهم قال قدورة فارس «ليس لدى حاليا إحصاء محدد بعدد الأسرى المصريين ولكن عددهم قليل، وقبل فترة توجهوا بطلب للحكومة المصرية يطالبونها بأن تقوم بالعمل من أجل إطلاق سراحهم، على هامش صفقة شاليط، وهو ما لم يحدث، وهم يعيشون نفس الظروف التي يعانيها إخوانهم من الأسرى الفلسطينيين والعرب، وهم أيضا ممنوعون من الزيارة، وكان في السابق تسمح إسرائيل لأسرة فلسطينية بأن تتبنى الأسير العربي وتزوره وتراعيه، ولكن حاليا حتى ذلك بات ممنوعا.