د. ثروت مكى: ما حدث خطأ جسيم يستلزم عقابا رادعا لكن أرفض الهجوم المبالغ فيه على ماسبيرو
حسن حامد: عودة ماسبيرو لعصره الذهبى لن يأتى إلا بأيدى العاملين فيه دون تدخل خارجى
إسماعيل الششتاوى: وقوع خطأ فردى كهذا يجب ألا يقابله هدم مبنى له تاريخ وصمام أمان للأمن القومى المصرى
يبدو أن ماسبيرو لن يعرف طريقه للاستقرار، فبمجرد أن تهدأ الأمور تحدث واقعة جديدة تعيده للمربع الساخن مرة أخرى ، فعلى ما يقرب من 6 أعوام وتحديدا منذ ثورة يناير 2011 شهد العديد من التوترات والاعتصامات، وكثيرا من الأخطاء المهنية وغيابا فى التغطيات المهمة، خصوصا بعد أن فقد مصداقيته عند المشاهدين، ومع تغيير السياسة التحريرية وطريقة التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية بدأ قطاع الأخبار يستعيد عافيته واهتمام الناس مرة أخرى وإعادتهم لمتابعة نشرات الأخبار ، ولكن ذلك لم يكن كافيا لعودة ماسبيرو لعصره الذهبى، فكان كل فترة يقع خطأ مهنى فى إحدى القنوات ليعيده مرة أخرى لنقطة الصفر، وبرغم أنه منذ ثورة يناير وحتى الآن تولى 4 وزراء للإعلام و7 رؤساء لاتحاد الإذاعة والتليفزيون لم تتغير الأمور داخل ماسبيرو، وخلال الفترة الماضية تفاءل الجميع بتولى الإعلامية صفاء حجازى منصب رئيس الاتحاد لما يعرف عنها بالشدة والحزم والكفاءة المهنية فى التعامل مع المواقف المختلفة، حيث منذ توليها المسئولية وهى تسعى جاهدة لإعادة المبنى لعصره الذهبى إعلاميا واقتصاديا، حيث إبرام العديد من التعاقدت مع كثير من الوكالات الإعلانية سينتج عنها طفرة اقتصادية لماسبيرو، كما أنها أصرت على أحقية الاتحاد فى بث مباريات الدورى العام وسط صراعات كبرى من رجال الأعمال ، لتأتى واقعة إذاعة حوار قديم للرئيس السيسى لتعكس المشهد تماما وتضع ماسبيرو فى مرمى النيران من جديد . ما حدث يعتبر خطأ جسيما ولا بد من وجود عقاب رادع لا يتوقف فقط عند إقالة رئيس القطاع، فهناك مجموعة من العاملين من مهامهم متابعة الأحداث الخارجية وتحديدا نشاطات الرئاسة فى الداخل والخارج، هذا ما أكده د. ثروت مكى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقطاع الأخبار الأسبق، وقال: من المفترض أن للقطاع وفدا إعلاميا لمرافقة الرئيس يكون لديه معلومات عن تحركاته ونشاطاته ومواعيدها سواء سيجرى الرئيس حوارات صحفية أم لقاءات تليفزيونية وإطلاع القطاع فى مصر عليها لإذاعتها عبر الأقمار الصناعية أم نقل تصريحات سيادته فى عناوين الأخبار، ولكن يبدو أن الوفد أهمل هذا الدور ولم يكن هناك تنسيق بينه وبين قطاع الأخبار، وأضاف: كان على قطاع الأخبار أيضا التواصل مع الوفد المرافق للرئيس السيسى، لمعرفة مواعيد برنامج الزيارة ومعرفة كل المعلومات حول لقائه مع القناة الأمريكية ومن أجرى اللقاء مع سيادته حتى يكون على دراية بما سيتم إذاعته تجنبا لما وقع، والقيام بإذاعة حوار قديم تم تسجيله وإذاعته منذ عام. وأشار مكى: حتى يتم الخروج من الإهمال المهنى والإدارى الذى أصاب ماسبيرو منذ فترة، لا بد من وضع نظام للثواب والعقاب لمن يعمل ومن يهمل فى أداء عمله، حيث أصبحت الأمور المالية للعاملين واحدة ولا توجد أى صلاحية للقيادات فى عقاب المخطىء أو مكافأة من يتقن عمله إلا فى حدود ضيقة جدا، أيضا اختيار عناصر معينة تكون على قدر المسئولية فى تنظيم العمل مرة أخرى ووضع الأمور فى نصابها الصحيح. وأكد ثروث أن الأهم من ذلك لا بد من معرفة ماذا تريد الحكومة من ماسبيرو؟ فهل تنوى هيكلته أم تطويره أم خصخصته؟ ثم بعد التحديد يتم وضع آليات معينة لتنفيذ التوجه المحدد والعمل على الخروج به فى أفضل صورة تضمن بقاء إعلام الدولة قويا وشامخا. وقال: أنا ضد الهجوم المبالغ فيه على ماسبيرو وليعلم الجميع أن هناك أشخاصا من داخله وخارجه يريدون لهذا المبنى الفشل، سواء كان شخصا تم استبعاده فى عهد أحد القيادات الحالية، أم إعلاميا لم يتم اختياره عضوا فى مجلس الأمناء أو شخصية تتمنى حدوث ذلك ليتولى منصب وزير الإعلام. أما الإعلامى حسن حامد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق فقال: ما حدث هو نتيجة « الحال المايل» الذى يعيشه ماسبيرو منذ فترة، فالأحوال بصفة عامة لا تسر أحدا، فقطاع الأخبار من مهامه تقديم أفضل الخدمات الإخبارية وخصوصا أثناء وجود الرئيس فى الخارج والشعب اعتاد على متابعة ذلك من خلال نشرات الأخبار، وعندما يفشل قطاع الأخبار فى ذلك فهى مأساة كبيرة، لأن هذ القطاع تحديدا هو العمود الفقرى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأن مشكلته الكبرى لن تنحصر فى إذاعة حوار خطأ، وإنما فى الغياب شبه الكامل عن الواقع الإعلامى الممثل فى عدم اعتماد الجمهور عليه فى متابعة الأحداث الخارجية وما يجرى فى العالم، وقال: الحل يكمن فى أيدى العاملين أنفسهم فلا أحد من خارج ماسبيرو يستطيع أن يفرض حلولا على العاملين بداخله، ما لم يكن لديهم النية والعزيمة على العودة للعمل مثلما كانوا يعملون من قبل، والحوار الخطأ الذى أذيع كان يسبقه إجراءات محددة وثابتة أهمهما مراجعة أولية ونهائية للحوار وسماع للشريط قبل وضعه على الهواء، وأخيرا التواصل مع الوفد الإعلامى المرافق للرئيس لمعرفة معلومات عن مذيع اللقاء، لكن للأسف لم تتم أى من هذ الإجراءات. واتفق الإعلامى إسماعيل الششتاوى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق مع الرأيين السابقين، حول غياب التنسيق بين القطاع والوفد المرافق للرئيس بالخارج كان أحد أهم أسباب حدوث هذا الخطأ، بالإضافة إلى أن هذا الخطأ يستوجب على الفور عقابا يتماشى مع حجم الكارثة التى وقعت وأن تشمل كل من له صلة بالأمر ولا يتوقف عند إقالة رئيس القطاع فقط. وقال: هناك بدائل كثيرة بالقطاع يمكن أن تعوض غياب تواصل الوفد المرافق للرئيس مع القطاع على رأسها وحدة الأقمار الصناعية والإدارة المركزية للأحداث الجارية، حيث يتم نقل الأحداث الخارجية من خلالهما عن طريق شيفتات على مدار اليوم، وأضاف: وقوع خطأ مهنى مثل هذا لا يمكن أن يقابله هدم مبنى بالكامل، ظل طيلة سنوات صمام أمان للمنطقة العربية بأكملها وللأمن القومى المصرى تحديدا، وأنه يمكن تلافى وقوع مثل هذه الأخطاء من خلال اختيار الكفاءات المناسبة، وأن تكون هناك رؤية وخطة واضحة ودعم قوى من الدولة. وقال د.عادل عبد الغفار عميد كلية الإعلام السابق ببنى سويف: ما حدث نتيجة عدم الانضباط الإدارى الذى يعيشه المبنى منذ ثورة يناير، كما أنه لم يكن الخطأ الوحيد خلال هذه الفترة بل سبقه كثير من الأخطاء، وبرغم ذلك لا يمكن علاج هذه الأخطاء بأن تترك الدولة المشهد للإعلام الخاص لأن ذلك يمثل خطرا على الدولة حكومة وشعبا، حيث هناك مصالح عليا للحكومة، ولا بد من ضرورة وجود إعلام للدولة قوي ممثلا فى ماسبيرو، وليس البحث عن كيانات إعلامية بديلة، لأن ذلك يعنى تكلفة كبيرة وترك مبنى له تاريخ عريق بين الدول، وأن هذا الوقت هو المناسب لقيام الدولة بتقديم دعم قوى للتليفزيون من خلال عمل اجتماع طارىء وسريع لمجلس الوزراء بكامل هيئته، لبحث ما يحتاجه ماسبيرو لإعادته لطريقه الصحيح مرة أخرى، وأضاف: وإذا كان ماسبيرو يعانى حاليا من مشكلات وأخطاء فيجب ألا ينسينا ذلك الدور التاريخى الذى لعبه فى تشكيل مستقبل أمة، كما أرى أنه إذا تم استغلال إعلام الدولة على النحو الأمثل فمن الممكن أن يوفر مليارات للموازنة العامة من خلال استخدام قنواته وإذاعاته فى بث حملات إعلامية للتوعية من أمراض خطيرة كفيروس «سى» وأمراض السرطان المختلفة، وقال: كما يجب عند بدء العمل فى إعادة تنظيم الأداء فى ماسبيرو مراعاة نقطتين مهمتين هما تفعيل آلية الثواب والعقاب، وألا يكون هناك أحد فوق مستوى المسألة، وأن يسود العدل بين الجميع حتى ترتفع معنويات العاملين، كما يجب أن يكون للخبراء الإعلاميين دور رئيسى فى إعادة تأهيل ماسبيرو وعدم الاستهانة بآرائهم. واتفق د. رفعت الضبع أستاذ الإعلام مع الرأى السابق، وأكد ضرورة أن تولى الدولة ماسبيرو اهتماما أكثر من ذلك وتدعمه بكل قوة، لأن ما حدث لا يمكن أن يتعدى كونه خطأ فرديا لا يقابله أبدا بأى شكل هدم هذا الصرح الإعلامى الكبير الذى لولاه لما ظهرت كل هذه القنوات الفضائية المصرية والعربية، لأنها قامت على أكتاف العاملين فى ماسبيرو، وملأت شاشاتها بالأعمال التى أنتجها خلال عصره الذهبى.