شهدت دورة مجلس حقوق الإنسان الثالثة والثلاثين المنعقدة في جنيف حالياً نقاشاً تفاعلياً على خلفية ما طرحه السيد زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان في إحاطته في بداية دورة المجلس من أن هناك إحجاماً متنامياً من جانب الدول عن استقبال زيارات تفقديه قادمة من مكتبه أو من أعضاء الآليات الخاصة لحقوق الإنسان، وأن سبب ذلك يرجع إلى رغبة الدول في إخفاء الحقائق بشأن أوضاع حقوق الإنسان، وخص بالذكر الولاياتالمتحدة وتركيا وأثيوبيا والهند وباكستان وإيران وآخرين.
وقد رحب السفير عمرو رمضان مندوب مصر الدائم في بيان مصر أمام المجلس بتوجه المفوض السامي نحو إجراء نقاش تفاعلي حول علاقته بالدول بمنأى عن الوصم والتشهير، مشيراً إلى أن بناء شراكة حقيقية بين الدول والمفوض السامي تتطلب إدراك أن العلاقة ليست من جانب واحد وأنها تستدعى وجود رغبة حقيقية صادقة في التعاون لدى الطرفين لتحقيق المصالح المنشودة.
وأوضح السفير رمضان أن مواقف المفوض قد تمثل في حد ذاتها أداة يستخدمها البعض بشكل انتقائي لأغراض سياسية تبتعد عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان. ويتواكب ذلك مع محاولة المفوضية في بعض الأحيان لعب دور سياسي وإجراء اتصالات بالمنشقين السياسيين وبالأحزاب المعارضة والتأثير في عمليات الوفاق السياسي الوطنية، وتعامل المفوضية على أنها جهاز مستقل داخل الأممالمتحدة، وعدم احترام الميثاق الذى سمح بإنشائها وينبغي أن تعمل في إطاره، وعدم الاستماع بشكل كاف إلى الحكومات، والاستعاضة عن ذلك بتقارير غير مدققة من منظمات مدنية غير مطلعة، وكلها أمور تخرج عن ولاية حماية وتعزيز حقوق الإنسان بل ويدخل بعضها في نطاق اختصاص إدارة الشئون السياسية بالأممالمتحدة.
وأكد مندوب مصر الدائم على أهمية مراعاة الخط الفاصل بين حماية وتعزيز حقوق الإنسان التي هي من صميم عمل المفوض السامي، وبين الشئون السياسية والأمنية التي تدخل في اختصاص إدارات أممية أخرى في نيويورك، مع ضرورة تركيز الأول على الشق الخاص بمساعدة الدول على الارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان لديها من خلال تقديم الدعم الفني وبناء القدرات، الأمر الذى كلما زاد وضوحه كلما ساعد على توثيق العلاقة مع الدول وتعزيز تعاونها مع مكتب المفوض السامي، وبمنأى عن خلق أية ذريعة للتشهير أو الضغوط أو التدخل.
وأعرب السفير رمضان عن أمله في أن يمثل مسعى المفوض السامي ونهجه هذا دعماً لجهود إعلاء قيم حقوق الإنسان على أرض الواقع، بعيداً عن الاستقطاب والكيل بمكيالين والتسييس الذى يحيط بمجلس حقوق الإنسان، وأن يحدث الانفتاح المطلوب في علاقات المفوضية مع الدول وبناء روح الثقة والشفافية وتحقيق الشراكة الكاملة مع الدول عبر الاتصالات المباشرة للوقوف على حقائق الأمور، وبناء علاقات تسمح بتعاون الأطراف الرئيسية من أجل حماية وتعزيز الحقوق والحريات التي نص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان.
جدير بالذكر أن مصر وجهت منذ مارس 2014 دعوات لأربعة من المقررين الخاصين التابعين للإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان لزيارة مصر، وهم المقررة الخاصة المعنية بمسألة بيع الأطفال، والمقرر الخاص المعنى بتعزيز الحقيقة والعدالة والمصالحة، والخبير المستقل المعني بآثار الدين الخارجي على التمتع بحقوق الإنسان، والمقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة، علاوة على الإعداد لتنفيذ برامج التعاون الفني بين مصر ومفوضية حقوق الإنسان الذى تم الاتفاق على مراجع الإسناد الخاصة به بين الطرفين وجارى الاتفاق على مشروعات التعاون التى سيتضمنها.