افتتحت في مدينة ينتشوان في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم بالصين يوم السبت الثالث عشر من أغسطس الحالي الدورة الأولى للمؤتمر الدولي للرسوم المتحركة والتبادل الثقافي والأعمال التليفزيونية بين الصين والدول العربية، الذي تنظمه شركة بيت الحكمة للثقافة والإعلام بالصين، وبيت الحكمة للاستثمارات الثقافية بمصر، حمل المهرجان شعار: «بناء منارات ثقافية جديدة وترويج الثقافة الصينية العربية»، بهدف دعم التعاون العربي الصيني في جميع المجالات وبناء علامات تجارية ثقافية دولية بين الصين والدول العربية. حضر المهرجان العديد من الضيوف العرب، يمثلون هيئات وجهات حكومية وشركات خاصة وخبراء ومنهم: هدى جاد الله المستشارة الإعلامية بسفارة مصر في بكين، وعاصم شلبي رئيس اتحاد الناشرين العرب السابق، أحمد سليمان كبير المذيعين بقطاع الأخبار، وسعيد عبده رئيس مجلس إدارة دار المعارف، وأحمد عبد التواب رئيس مجلس إدارة شركة “كيو إتش دي” للإنتاج الإعلامي، والكثير من الشركات العربية العاملة في مجال الإعلام والرسوم المتحركة من مصر وفلسطين والمغرب والسودان والجزائر. ومن الجانب الصيني حضر نائب رئيس منطقة نينغشيا “ما لي”وعمدة مدينة ينتشوان ونائب رئيس مديرية الصحافة والنشر والإعلام في تليفزيون نينغشيا ورئيس منطقة التنمية الصناعية والتقنية في ينتشوان وغيرهم من المسئولين، ووفد إعلامي من وسائل الإعلام الصينية والعربية. بعد حفل الافتتاح نظمت جلسة النقاش الأولى حول التعاون الصيني العربي في مجال الرسوم المتحركة، والتي قدم فيها المشاركون رؤيتهم للتعاون الصيني العربي في مجال الثقافة والإعلام والرسوم المتحركة،وفي كلمته قال أحمد السعيد مؤسس بيت الحكمة في الصين: إن صناعة أفلام الرسوم المتحركة هي صناعة ثقافية جديدة، تلعب دورا مهما في زيادة سرعة التنمية الاقتصادية للمجتمع، وتأسيس قيم جوهرية للمجتمعات، فصناعة أفلام الرسوم المتحركة تواجه طبيعة معقدة وتحتاج الإبداع، والتكنولوجيا الفائقة، لتلبي أغراض التعليم والترفيه، وقد تم إجراء البحوث لتطوير أفلام الرسوم المتحركة ، ونشر صناعات ثقافية جديدة ومتطورة يقوم بها بيت الحكمة حاليا. وأضاف أحمد السعيد، أن صناعة أفلام الرسوم المتحركة تمتلك قدرة تطويرية عالية، فسلسلة صناعة أفلام الرسوم المتحركة الكاملة، من خلال قيمة العلامة التجارية لأعمال أفلام الرسوم المتحركة ، يمكنها رفع القيمة السوقية للمنتجات المرخصة، مما يزيد من الفوائد تدريجياً، ويرى السعيد أن تطور أفلام الرسوم المتحركة يساعد في دفع عملية التنمية السريعة لتقنية المعلومات، والنشر، والسياحة، والتجارة، وصناعات أخرى ذات صلة. وحول الدور الذي يقوم به بيت الحكمة في هذا السياق، قال أحمد السعيد ل«الأهرام العربي»: إنه اعتماداً على شبكة الإنترنت ونمط تطوير صناعة الثقافة، سيقوم بيت الحكمة ببناء منصة للتبادل الثقافي بين الصين والدول العربية، ومنصة للترجمة الصينية والعربية، ومنصة لقواعد البيانات، ومنصة للنشر والتوزيع، ومنصة لتنمية الموارد البشرية، ومنصة لصناعة أفلام الرسوم المتحركة، ومنصة للتنمية السياحية، وغيرها سبع منصات أخرى مؤكدة بين الصين والدول العربية، ليصبح بيت الحكمة مركزا ثقافيا ونقطة محورية للتبادل الثقافي الصيني العربي، كما سيتحمل بيت الحكمة مهمة نشر الكتب المصورة للرسوم المتحركة للأطفال، وتطوير أفلام الرسوم المتحركة ونزولها الأسواق العربية كمصادر عالية الجودة. وفي كلمته قدم سعيد عبده رئيس مجلس إدارة دار المعارف بمصر، تأريخا لدار المعارف ودورها في تنمية العلاقات الثقافية العربية – العربية ورغبتها الحالية في التعاون الثقافي بين الصين والدول العربية، وتحويل إحدى أشهر سلاسل دار المعارف وهي السلسلة الخضراء إلى أفلام رسوم متحركة بإنتاج عربي – صيني. الجدير بالذكر أن دار المعارف هي الموزع الرئيس للكتاب الصيني في مصر والدول العربية. من جانبه عرض عاصم شلبي رئيس اتحاد الناشرين العرب السابق الإنجازات التي حققها الاتحاد في مجال التعاون الثقافي العربي الصيني، عبر توقيع العديد من الاتفاقات التي تم توقيعها بين الجانبين والجاري تفعيلها الآن. وكان الاتحاد من أولى الهيئات التي تنبهت لأهمية الثقافة الصينية، فبادر بعقد العديد من الاتفاقات مع الجانب الصيني التي تمثلت في العديد من العشرات من الكتب التي تم نشرها منذ عام 2014 حتى الآن. أما أحمد سليمان مدير عام المذيعين في قناة النيل للأخبار بالتليفزيون المصري فقال: إن المؤتمر الذي يعقد الآن يعتبر وصلة مستمرة بين شعبينا في الصين والعالم العربي، ونحن نذكر بالتقدير تلك الزيارة التاريخية التي قام بها للقاهرة في يناير الماضي فخامة الرئيس شي جين بينج، حيث أكد الرئيس شي والرئيس عبد الفتاح السيسي على تعزيز العلاقات الثنائية ليس فقط في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بل الثقافية أيضا، ومن ثم يتبين أن كلا من العلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية تدعم كلا منها الأخرى. ولاشك في أن الفن بجميع أشكاله بما في ذلك فنون الرسوم المتحركة، هو أحد الروافد الثقافية المهمة التي تعد لغة مشتركة يفهمها الصيني والعربي. وقدم كل متحدث مقترحات تفيد الجانبين في تفعيل التعاون، كما تم التوصيل إلى 11 اتفاقية تعاون بين بيت الحكمة ومؤسسات عربية وصينية للبدء في إنتاج الرسوم المتحركة الصينية والعربية بإنتاج مشترك من الجانبين. وقد عبر المسئولون الصينيون عن توجه الصين لتدعيم التعاون الصيني العربي في مجال الرسوم المتحركة والأفلام الوثائقية، وأكدوا ضرورة انتقاء أفضل المنتجات والموروثات الثقافية الصينية العربية لتقديمها لمشاهدي الجانبين. وكان من نتائج هذا المؤتمر والمهرجان اللذين يعقدان لأول مرة بين الصين والدول العربية الوصول لاتفاقيات تعاون وزيادة التعرف على احتياجات الطرفين في هذا المجال، ويعد هذا المؤتمر جزءا من المعرض العربي الصيني الذي يعقد كل عامين في نينغشيا بتعاون بين الصين والدول العربية، ويهدف لزيادة وتعزيز التعاون العربي الصيني في جميع المجالات وتعريف الأطفال والناشئة على الثقافتين الصينية والعربية، ويمهد المهرجان لتأسيس مركز عربي صيني برعاية دولية لإنتاج الرسوم المتحركة والدبلجة والترجمة ترعاه مؤسسة بيت الحكمة للثقافة والإعلام بمصر والصين وتدعمه الجهات الرئيسية من البلدين. وخلال عام من الآن سيتم إنتاج أول مسلسل رسوم متحركة مشترك بين الصين والدول العربية، كما تم الاتفاق على تحويل شخصية السندباد العربية لمسلسل كارتون صيني. خصص اليوم الثاني من المؤتمر لزيارة الأماكن الثقافية في مدينة ينتشوان ومن أشهرها مدينة الإنتاج السينمائي المقامة على مساحة مائة فدان، وتحتوي على التاريخ المصور والمجسم لدولة الصين. في اليوم الثالث والأخير من المؤتمر وقبل حفل الختام مباشرة تحدثت د. منال أبو الحسن أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة حول الدور الذي تلعبه أفلام الرسوم المتحركة في تنمية القيم والمواهب لدى الأطفال، وشرحت آثارها الإيجابية والسلبية على المجتمع بعد ذلك، حينما يكبر الطفل متأثرا بما ترسخ في لاوعيه من قيم اكتسبها من إدمان مشاهداته لأفلام الرسوم المتحركة، وقالت د. منال: تمثل الرسوم المتحركة وسيلة تربوية وفنية وعلاجية وتعليمية وعلمية وترفيهية، وعلى الرغم مما يتميز به فن الرسوم المتحركة بالعديد من الجوانب الإيجابية ومنها تزويد الطفل بمعلومات ثقافية منتقاة، وتسارع بالعملية التعليمية، وتقدم للطفل لغة عربية فصيحة تأثيرها إيجابى على الأخلاق والسلوك والقيم الاجتماعية واللغة والإدراك والانتباه والتذكر، فإنه يتميز أيضا ببعض الجوانب السلبية منها: أنها تؤثر سلبا على الأطفال لكونها لا تعكس الواقع ولا القيم العربية، والبرامج تأتى حاملة لقيم البلاد التى أنتجتها، وتعكس ثقافتها. تقليد الحركات والأصوات التى تصور شخصيات أو حيوانات، تقليد بعض اللهجات والشخصيات فى سلوكها وفى أزيائها بعث المخاوف فى نفوس الأطفال، وتكسبهم القيم غير الملائمة للطفل العربى، ولا تساعد على تعديل سلوكه، كما أنها لا تراعى الخصائص النفسية للأطفال، النسق الثقافي المغاير يتكرر أمام الطفل كل يوم فيألفه و يتأثر به، ويطبقه في دائرته الخاصة: إن الرسوم المتحركة المنتجة في الغرب مهما بدت بريئة ولا تخالف الإسلام إلا أنها لا تخلو من تحيز للثقافة الغربية، والهدف من وراء الحركة والسلوك والسعي للوصول للنصر والغلبة، في حمي السباق والمنافسة بكل طريق، كما تعمل على تحريف القدوة فتجد الأطفال يقلدون الرجل الخارق، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب، بل تروّعهم، إلا أنهم يعتادون عليها تدريجياً، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها وتقليدها، ويؤثر ذلك على نفسيتهم واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم حتى في سن الطفولة، الأمر الذي يزداد استحواذاً عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع. وكذلك تعمد بعض الرسوم المتحركة إلى السخرية من العرب والمسلمين، كما تسعى بعض أفلام الرسوم المتحركة إلى تقديم مفاهيم عقدية وفكرية مخالفة للإسلام ورفض الخضوع لسلطة (الوالدين أو الحكومة)، الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق. كما تدعم التلقي لا المشاركة وتعيق النمو المعرفي الطبيعي والإضرار بالصحة وتؤدي إلى تقليص درجة التفاعل بين أفراد الأسرة. أقيمت على هامش المؤتمر العديد من الفاعليات أبرزها معرض للكتاب العربي الصيني، والذي حوى العديد من الكتب التي تؤرخ للعلاقات الثقافية بين البلدين، وكذلك معرض لتقنيات إنتاج أفلام الرسوم المتحركة، قدمه الجانب الصيني، كما قامت السيدة هدى جاد الله بالتقديم والإشراف على معرض صور من مصر الذي حاولت فيه إبراز الجانب الحضاري والثقافي ومن ثم السياحى لمصر، وهو المعرض الذي لفت نظر جميع الزوار وتفاعلهم، حتى إن الأسر الصينية كانت تحرص على التقاط الصور للمعرض.