عفاف الشناوى مبيعات السلاح الإسرائيلية، هى السفير الخفى لتطبيع علاقات إسرائيل مع العالم الخارجى، كما أنها أكبر تجارة لا أخلاقية للمتحاربين فى الحروب الأهلية ولتحقيق مصالح سياسية واقتصادية ومخابراتية مع الدول المختلفة. وتعد صفقات السلاح الإسرائيلية، أكبر صفقات من نوعها سواء سرا للدول العربية والإسلامية التى تتباهى فى العلن بمقاطعة إسرائيل أم علنا مع الأنظمة الديكتاتورية فى إفريقيا ولكل الأطراف فى الحروب الأهلية، مما جعلها أكبر سادس دولة فى حجم مبيعات السلاح فى العالم . أكد تقرير صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية أخيرا، أن مبيعات السلاح الإسرائيلى خلال العام الماضى بلغت نحو ستة مليارات دولار، بارتفاع عن العام 2014 بلغ نحو 100 مليون دولار. وأوضح المراسل العسكرى لصحيفة «هاآرتس» غيلى كوهين، أن أزمة اللاجئين فى أوروبا وزيادة الصراعات المسلحة، أدى إلى ارتفاع مبيعات الأسلحة خصوصا طائرات بدون طيار والذخيرة. وفى نفس السياق نقل المراسل عن تقرير وزارة الدفاع أن هناك انخفاضا فى مبيعات السلاح الإسرائيلى إلى أمريكا الشمالية. ومن جانبه ذكر المراسل العسكرى لموقع «أن آر جي» يوحاى عوفر أن إسرائيل نجحت فى الحفاظ على موقع متقدم فى الصناعات العسكرية على مستوى العالم، وتم تصنيفها فى الموقع العاشر، وهو ما يشير إلى بروز تحديات جديدة وإنجازات جوهرية، وفقا لمعطيات نشرتها إدارة التصدير العسكرى فى وزارة الدفاع ومن أهم الوسائل القتالية التى صدرتها إسرائيل للعالم تظهر التكنولوجيا الحربية والمعدات الإلكترونية ووسائل حماية المواقع العسكرية وأجهزة الاستخبارات والتنصت، إضافة إلى الوسائل الدفاعية الجوية والمعدات البحرية. بحسب تقرير صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية نشرته صحيفة «هاآرتس» فى 21.5.2015، يعتبر مجال تطوير وصيانة الطائرات والأنظمة الجوية، ووسائل التنصت والحرب الإلكترونية، والرادارات، والطائرات بدون طيار، خصوصا المستعملة فى مجال المراقبة، من أهم مجالات الصادرات العسكرية الإسرائيلية علاوة على الأسلحة والذخيرة الخفيفة. إسرائيل من بين 6 دول مصدرة للسلاح ومن جانبها صنفت مجلة «جين» البريطانية المختصة بالشئون العسكرية والأمنية إسرائيل بالمركز السادس بين أكبر الدول المصدرة للسلاح. وفى عام 2012 بلغت قيمة صادراتها من السلاح 2.4 مليار دولار، لكن إسرائيل تتصدر دول العالم بنصيب الفرد الواحد من تجارة السلاح الذى يبلغ نحو 300 دولار بالمقارنة مع 90 دولارا نصيب الفرد من صادرات السلاح الأمريكية، برغم أن الولاياتالمتحدة أكبر مصدر للسلاح فى العالم متقدمة بفارق كبير عن إسرائيل. وتتزايد صادرات السلاح الإسرائيلية بوتيرة متسارعة أيضا. وتبين أرقام معهد ستوكهولم لأبحاث السلام أن صادرات إسرائيل من السلاح تضاعفت أكثر من مرتين بين 2001 و2012. ومما تصدره إسرائيل أسلحة نارية وطائرات بدون طيار وصواريخ، كلها تحمل يافطة «صُنع فى إسرائيل» مع شهادة تؤكد فاعليتها القتالية. كما أن صناعة السلاح الإسرائيلية تزود الجيش الإسرائيلى برشاشات عوزى وبنادق تافور ورشاشات نيغيف. وتنتج مسدس «نسر الصحراء» كبير الحجم حتى إنه يُشاهد فى أفلام الأكشن أكثر مما يُشاهد بأيدى عناصر الجيش أو الأمن الإسرائيلي. ويتبدى نجاح تجارة السلاح الإسرائيلية فى أن عدد العاملين فى مؤسسة الصناعة العسكرية الإسرائيلية كان 70 شخصاً وقت خصخصتها فى عام 2005. ونقلت مجلة شبيغل عن جيل وينمان مدير التسويق فى المؤسسة أن عددهم الآن يزيد على 500 شخص، وأن المؤسسة تنمو «بمتوالية هندسية»، على حد تعبيره. وامتنع وينمان عن كشف مبيعات المؤسسة من المسدسات والبنادق والرشاشات ومدافع الهاون مكتفيا بالقول إنها «عشرات الآلاف كل سنة». فإن مؤسسة الصناعة العسكرية الإسرائيلية تندرج فى عداد أكبر خمس شركات لإنتاج الأسحلة النارية فى العالم. وتصدر مؤسسة الصناعة العسكرية الإسرائيلية نحو 90 فى المئة مما تنتجه. وتعمل شركات السلاح الإسرائيلية الأخرى بقدر مماثل من النجاح التجارى، حيث تبلغ صادرتها 75 فى المئة أو أكثر من إنتاجها، بالإضافة إلى الأسلحة النارية تصدر إسرائيل منظومات معقدة مثل الطائرات بدون طيار. وبرغم سمعة الولاياتالمتحدة فى هذا المجال تحديدا، فإن مجلة جين ذكرت أن مبيعات إسرائيل من هذه الطائرات غير المأهولة زادت على مبيعات الولاياتالمتحدة فى عام 2013. ويُقدر أن إسرائيل ستصدر ضعف ما تصدره الولاياتالمتحدة منها هذا العام، خصوصا ما تنتجه شركة الصناعات الجوية الفضائية الإسرائيلية من هذه الطائرات. صادرات إسرائيل للدول العربية ومن جانبها كشفت جريدة «هاآرتس» الإسرائيلية أن العديد من الدول التى لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تقوم بشراء وعقد صفقات سرية لشراء الأسلحة الإسرائيلية. وكشفت «هاآرتس» عن أسماء العديد من الدول العربية والإسلامية التى لا تقيم علاقات مع إسرائيل، لكنها تعقد صفقات سرية لشراء أسلحة مع إسرائيل. وقالت «هاآرتس» فى تقرير تحت عنوان «لمن تبيع إسرائيل أسلحتها، وزارة الدفاع لا تريد الحديث» إنه من بين الدول التى تعقد صفقات سرية مع إسرائيل لشراء الأسلحة المتطورة الجزائر والإمارات وباكستان والمغرب وهى دول لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقالت الصحيفة الأكثر شهرة فى إسرائيل إن وزارة الدفاع الإسرائيلية ولأسباب أمنية تخفى قائمة الدول التى تشترى الأسلحة الإسرائيلية المتطورة، غير أن تقريرا للحكومة البريطانية حول الأسلحة كشف عن قائمة طويلة من الدول التى تشترى الأسلحة الإسرائيلية ومن بينها كما يقول التقرير البريطانى دول عربية إسلامية. وحسب التقرير فإن إسرائيل باعت بين عامى 2008 - 2012 أسلحتها المتطورة إلى 41 دولة فى العالم، من بينها الهند وسنغافورة وتركيا والفيتنام وكوريا الجنوبية واليابان والسويد والبرتغال وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزلندا وكولومبيا وهولندا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وتايلاندا ومقدونيا وبلجيكيا والبرازيل وشيلى ونيوزيلندا والأكوادور والمكسيك وفنلندا وأيرلندا ولوكسمبرج والأكواتير وبولندا والأرجنتين . كما ذكر التقرير دولا أخرى لا تعترف بإسرائيل وليست لها أى علاقات دبلوماسية معها، على غرار باكستانوالجزائر والإمارات العربية المتحدة والمغرب. وباعت إسرائيل فى سنة 2012 أسلحة بقيمة 3.83 بليون دولار إلى آسيا، وبقيمة 1.73 بليون دولار إلى الدول الأوروبية، وبقيمة 107 ملايين دولار لإفريقيا ودول أمريكا اللاتينية. أسواق الهند والصين وإفريقيا وتذهب غالبية الطائرات الإسرائيلية بدون طيار إلى آسيا، حيث تعتبر الهند أكبر سوق نامية لمنتجات صناعة السلاح الإسرائيلية. كما تتطلع صناعة السلاح الإسرائيلية إلى زيادة مبيعاتها للصين برغم اعتراضات الولاياتالمتحدة، كما أكد معهد ستوكهولم لأبحاث السلام أن شركات إنتاج السلاح الإسرائيلية تنشط فى السوق الإفريقية أيضا. وقد تتلقى صناعة السلاح الإسرائيلية فى وقت قريب طلبية كبيرة من ألمانيا أيضا، حيث تعتبر طائرة هيرون الإسرائيلية بدون طيار، إلى جانب ريبر الأمريكية على رأس قائمة التسوق التى أعدها الجيش الألمانى لشراء طائرات قتالية بدون طيار. كما تسعى شركة الصناعات الجوية الفضائية الإسرائيلية إلى بيع 5000 طائرة استطلاع من إنتاج شركة بومبارديير الكندية مجهزة بحساسات إسرائيلية الصنع إلى ألمانيا لتحل محل طائرات يورو هوك التى استبعدتها من الخدمة . إسرائيل مصدر السلاح لإيران منذ بداية هذه الحرب الإيرانية - العراقية تولت إسرائيل قيادة الدعم العسكرى الغربى لإيران. ووفقا لسفير الولاياتالمتحدة فى إسرائيل، فقد تلقت إسرائيل مرارا طلبات إيرانية لشراء الأسلحة خلال فترة الحرب، ووافقت الحكومة الإسرائيلية على الكثير منها. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، أبلغ ألكساندر هيج، وزير الخارجية فى حكومة ريجان، نظيره الإسرائيلى بالموافقة على بيع أجزاء الطائرات الحربية لإيران. وفى المجموع، اشترت إيران ما يقارب 80 بالمائة من أسلحتها من إسرائيل طوال سنوات الحرب مع العراق. هذا التعاون العسكرى الإسرائيلي-الإيرانى بدأ من خلال شركة صادق طبطبائي، نائب رئيس مجلس الوزراء سابقا وشقيق زوجة أحمد الخوميني، التى كانت حلقة الوصل بين إيران وإسرائيل. وقد زار طبطبائى إسرائيل فى 6/9/1980 وانكشف ختم دخوله إلى إسرائيل على جوازه عندما ضبطته السلطات الألمانية فى المطار، وفى حقيبته كيلوجرام ونصف الكيلوجرام من المخدرات وتحديدا، «مادة الهيروين». ولم يتوقف استيراد السلاح عند هذا الحد، بل صدّر أندريه فريدل، من جهته، كميات ضخمة لإيران بالتعاون مع وزارة الدفاع الإسرائيلية بإشراف زفى رويتر، المدير المساعد فى الوزارة لشئون تصدير المعدات العسكرية. كما فتح الملحق العسكرى الإسرائيلى الأسبق بطهران، خطَّ تسليح لإيران من إسرائيل، ويُعتبر دور هذا الأخير أكبر من دور فريدل، حيث وقع صفقة أسلحة كبيرة مع نائب وزير الدفاع الإسرائيلى لصالح إيران. فى سياق الاستيراد غير المباشر للبضائع والمنتجات الإسرائيلية، تم تحصين سيارة الرئيس الإيرانى بمعدات إسرائيلية. وفى هذا السياق، تم الكشف عن التبادلات العسكرية الضخمة بين إسرائيل وإيرانوالولاياتالمتحدة فى فضيحة «إيران كونترا» الشهيرة، التى خلقت جدلا واسعا فى الأوساط الإعلامية والسياسية. ووفقا ل «نيويورك تايمز» و«جلوبال سكيوريتي»، فقد تمثّلت بعض هذه الأسلحة في: «2008 صواريخ تاو، 2750 صاروخ هاوك، قطع غيار الطائرات الحربية، 360طن ذخيرة، مدرعات M60، 300 صاروخ AIM-9 Sidewinder ومجموعة متنوعة تعدّ أكثر من 4000 صاروخ». وفى تقرير لافت للنظر، كتبت «فورين بوليسي» بتاريخ 26/9/2013 عن لقاء حسن روحانى الّذى كان أحد كبار مستشارى السياسة الخارجية لحكومة إيران مع الوفد الرسمى الأمريكى فى فندق هيلتون فى طهران27/5/1986، مؤكّدة، حسب مصادرها، أنّه لعب دورا محوريا فى المفاوضات الأمريكية-الإيرانية آنذاك. من يبيع السلاح فى إسرائيل ؟ يقول الإسرائيلى إيتاى ميكى، وهو ناشط فى مجال الرقابة الشعبية على صادرات الدولة من السلاح، فى حوار مع صحيفة «هاآرتس» نشرته فى عددها 23 يوليو 2015، إن الحكومة الإسرائيلية تخفى عن الشعب مبيعات السلاح للأنظمة العنصرية فى العالم، ويضيف أن مجال التعاملات العسكرية مع الدول الخارجية لا تقتصر على مبيعات السلاح فقط، بل تمتد أيضاً إلى تدريب الميليشيات والقوات العسكرية . وأوضح أن إسرائيل تصدّر السلاح إلى دول قررت أمريكا وأوروبا عدم تصدير السلاح إليها، مثل أذربيجان وجنوب السودان ورواندا، كما تدرب أنظمة القوات العسكرية فى أنظمة ديكتاتورية كالكاميرون، توجو، غينيا الاستوائية وغيرها .. ويوجد فى إسرائيل عدد من الشركات الحكومية العاملة فى مجال بيع الأسلحة مثل شركة رافائيل والبيت سيستمز وغيرهما. لكن هنالك أيضاً أكثر من 1000 شركة خاصة تعمل فى مجال بيع وتصدير الأسلحة .. كيف يحدث ذلك؟ يذكر إيتاى ميكى أن كل دولة تضع ميزانية محددة لمشتريات السلاح، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بتوزيع «الكعكة» على العاملين المرخّصين فى تجارة السلاح. وتكون الأولوية لأهل الثقة، وعادة ما يكون أولئك ضباطاً كباراً أسسوا شركات خاصة لبيع أسلحة بعد تقاعدهم، أو سياسيين سابقين، أو موظفين فى وزارة الدفاع أو الموساد. ولفت النظر إلى أن بعض المسئولين يعملون فى تجارة السلاح عن طريق الخفاء من خلال الوساطة فى عمليات بيع الأسلحة، ضارباً مثل القضية الشهيرة التى اتهم فيها رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك بالحصول على عمولات ضخمة من صفقات بيع أسلحة.