صلاح خليل مثلت تشاد بؤرة لصراعات أهلية ونزعات قبلية وجهوية، أسهمت بدورها فى خلق حالة من عدم الاستقرار لهذه الدولة، خصوصا إبان فترة الرئيس السابق حسين حبري، مما أدى إلى تدهور الأمن فيها، وبالتالى تراجعت عجلة النمو الاقتصادى، وبالتالى وقعت تشاد تحت الهيمنة الغربية، ولكن بعد عام 1990، حدثت تغييرات سياسية واقتصادية فى بنية الدولة التشادية، نتيجة السياسات التى انتهجها الرئيس الحالى إدريس ديبى، وكانت أبرز ملامحها من خلال برنامج اجتماعى ساعد بدور كبير فى تنمية وتطوير القطاع الزراعى، مما أدى إلى تحقيق الأمن الغذائى والتنمية الريفية، وهذا لا سيما فى مجال الزراعى، ربما يقود تشاد إلى تحقيق نمو اقتصادى فى السنوات المقبلة، أضف إلى ذلك، نمو الاستثمارات فى قطاع النفط الذى تم اكتشافه فى عام 2003.
اقتصاديا أصبحت المدن التشادية فى عهده الرئيس ديبي، مدن كاملة، وليست كما كانت فى السابق شبح مدن من خلال عملية تنموية كاملة شملت الطرق والجسور، وأيضا من خلال نهضة تعليمية وصحية وزراعية، وفى عهده نشطت التجارة البينية بين تشاد من جهة ودول الجوار الإفريقى والعربي من جهة أخرى، مما دفع بتحسن دخل الفرد للمواطن التشادى لأول مرة فى تاريخ تشاد، وهذا يرجع إلى حالة الاستقرار والأمن التى تشهدها تشاد فى السنوات الماضية. فضلا عن ذلك نحجت حكومة التشادية بقيادة الرئيس إدريس دبيي، فى بسط التعايش السلمى والاجتماعى بين القبائل، وهذا أسهم بدرجة كبيرة فى الأمن والاستقرار فى تشاد، الذى انعكس إيجابيا فى التنمية وجذب الاستثمارات الأجنبية فى تشاد من خلال رفع بعض القيود المكبلة للاستثمار فوضع قانون محفز للاستثمار، مما دفع الشركات الصينية أن تدخل فى شراكة طويلة الأمد فى تشاد من أجل التنمية خصوصا فى مجالات النفط، الكهرباء، الطاقة، المناجم والبنية التحتية، هذه الشراكة التى انتهجتها السياسية الخارجية للرئيس ديبي، أسهمت بدور فعال، أن تصبح تشاد لاعباً أساسيا فى منطقة الغرب الإفريقى. فضلا عن أن الرئيس ديبى لعب دورا رئيسيا في الجهود التي يدعمها الغرب للتصدي للحركات والجماعات الراديكالية فى إفريقيا، خصوصا تنظيم بوكو حرام والقاعدة فى غرب إفريقيا. وهذا دفع الرئيس ديبى من الانخراط للأول مرة فى بناء مؤسسة عسكرية قوية، وجاهزة للقتال والمواجهة فى إفريقيا جنوب الصحراء، وغرب إفريقيا. الشاهد أن فترة الرئيس التشادى الحالى ديبى، تميزت بالتنمية الشاملة، التى اعتمدت على الخطط طويلة الأمد ونجح فيها لحد كبير فى تحقيق الهدف المرجو منها، من خلال رؤية حزب الحركة الوطنية للإنقاذ وتنفيذها على مدار السنوات الماضية، فى مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة، بلاشك هذه الجهود أدت إلى تمتع الرئيس ديبى بشعبية كبيرة، لاسيما أنه على مدار السنوات الماضية قام بإصلاحات مهمة فى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. فى ضوء ما سبق قام الرئيس ديبى بترشيح نفسه فى الانتخابات الأخيرة التى جرت فى إبريل عام 2016، وهى انتخابات شهدت مشاركة ستة ملايين ناخب وناخبة تم فيها اختيار رئيس للبلاد من بين 14 مرشحا من مختلف القوى السياسية فى تشاد. وأظهرت نتيجة هذه الانتخابات فوز الرئيس ديبي بولاية رئاسة جديدة، قد حقق الرئيس ديبى فوزا ساحقا في الجولة الأولى للانتخابات بحصوله على 61 %. وبذلك تجنب خوض جولة إعادة، فيما حل صالح كبزابو بالمركز الثاني بحصوله على نحو 13 % من إجمالى أصوات الناخبين، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشادية 76 %. وقد جرت هذه الانتخابات وسط جدل سياسى كبير دار حول ضمانات إجراء انتخابات سليمة، وذلك بين حزب الحركة الوطنية للإنقاذ “الحزب الحاكم” من جهة والأحزاب السياسية والمجتمع المدنى التشادى من جهة أخرى، واتهمت المعارضة التشادية لجنة الانتخابات بالانحياز، إلا أن رد بعثة الاتحاد الإفريقى التى راقبت الانتخابات، أكدت أن الانتخابات التشادية جاءت وفقا للمعايير الدولية فى تعزيز العملية الديمقراطية. وتعد هذه الانتخابات الأولى التى تشارك فيها المعارضة، وهو ما انعكس على المشهد السياسي، كما يمكن ملاحظة أن الانتخابات التشادية جرت دون أى استخدام للعنف السياسي المعروف فى الديمقراطيات الإفريقية. فى الواقع شكلت الفترة الحالية للرئيس ديبي منعطفا مهما فى مسيرة الشعب التشادى، وحراكه الاجتماعى على صعيد الساحة السياسية التشادية، شهدت هذه الفترة تأسيس الأحزاب السياسية ومنظمات مجتمع مدنى، وأصبحت تلعب دورا حيويا فى الحراك السياسى فى البلاد. خلاصة القول يمكن القول إن الرئيس ديبى نجح فى بناء الدولة التشادية من خلال برامج طويلة الأمد تم تنفيذها، كما استطاع فى بناء علاقات دبلوماسية، إقليمية ودولية فاعلة ومتزنة، نتج عنها فى مطلع العام الحالى بانتخابه رئيسا للاتحاد الإفريقى 2016، مقارنة بدول كثيرة فى القارة الإفريقية، تمتلك موارد اقتصادية ورصيدا سياسيا، كما انتهج الرئيس ديبى سياسة حسن الجوار، وخصوصا مع الدول التى تتداخل فى المجوعات الإثنية مثل السودان، ليبيا، الكاميرون. أصبح فى عهده لتشاد دور إقليمى، وجاء نتيجة لدور فى الحرب ضد الإرهاب، وهو الأمر الذى دفع حلفاءها من داخل وخارج القارة الإفريقية فى دعمها كقوة صائدة فى غرب إفريقيا.