- إبراهيم السوري: العمل الجماعي ينتج قوة وكل أعمالنا ثمرة أفكار نعمل عليها جميعا
- السوداني شيكا: نسعى لتغيير نظرة المجتمع السلبية للشباب
أفكارهم مثل أعمارهم في ريعان الشباب، بداخلهم أحلام، لم يجدوا سوى الموسيقى والغناء وسيلة للتعبير عنها، فوجدوا ضالتهم في فرقة موسيقية اختاروا لها اسم «افتكاسة باند» معها بدأوا رحلتهم، ومن خلالها قدموا أعمالهم التي تنتقد أوضاعنا الاجتماعية، ودافعوا بها عن أنفسهم كشباب ضد الاتهامات الموجهة إليهم، في داخل الاستديو، حيث تجمعوا لعمل إحدى البروفات التقتهم «الأهرام العربي».
البداية كانت مع أحمد رامي، مصري صاحب فكرة تكوين هذه الفرقة الذي لم يصل لذلك من فراغ، بل مر بتجارب عديدة برغم صغر سنة فهو لا يزال طالبا بكلية الحقوق وعن ذلك يقول: رحلتي مع عالم الغناء تمتد لأكثر من 10 سنوات، وقد بدأتها من خلال كتابة الأغاني ومحاولة تلحينها، بعدها اتجهت للإنترنت بحثا عن مواقع الموسيقى، فإذا ما لمستني مقطوعة موسيقية أقوم بتحميلها وتركيب كلمات عليها وأقوم بغنائها، وحتى أصقل موهبتي التحقت ببعض الورش الفنية، وحصلت على كورسات في الموسيقى والغناء، ثم عملت بفرقة «وسط البلد» كلاعب إيقاع وأحيانا كنت أغني مع الكورال، ومع انتشار «الراب» في مصر، تعاونت مع أكثر من فرقة مثل فريق «تاكسي» الذي كنت أحد مؤسسيه، ثم انفصلت عنه لأعمل بعد ذلك مع عدة فرق أخرى، وقد أفادني تنقلي بين الفرق كثيرا لأنه أصقلني وطور موهبتي بشكل كبير، حتى وصلت لمرحلة وجدتني أسأل نفسي فيها «لماذا لا يكون لي كيان خاص بي؟ »ولتحقيق ذلك عملت بمفردي لفترة وقدمت أكثر من أغنية نالت إعجاب الناس، وأصبح هناك طلب على للمشاركة في إحياء بعض الحفلات، حتى التقيت في إحداها بشخص اسمه « تيكا » وجدت أن لديه نفس طموحي، فاشتركت معه وكان ثالثنا ملحن شاب اسمه وليد عبد المعز، وقمنا بعمل أغنية شاركن بها في حفل أقامته جامعة عين شمس، وكانت المرة الأولى التي يدخل فيها الراب الجامعة، واستطعنا أن نلفت لنا الانتباه بشدة. وعن قصة اختيار « افتكاسة باند» ليكون اسما للفرقة يواصل مصري قائلا: سيدة ألمانية أطلقته علينا أثناء مشاركتنا في حفل جامعة عين شمس، لأننا لم نكن وقتها قد اخترنا أي اسم، وتمسكنا به لأنه الأنسب، فنحن بالفعل نقدم افتكاسة جديدة لمزج الشرقي بالغربي، وتحت هذا الاسم بدأت في تكوين الفرقة بشكل احترافي بضم أعضاء جدد مثل محمود بسيوني «فلوت « ومحمد رفعت وعمر «عازف جيتار» ومصطفي وأحمد هاني وشيكا وغيرهم، وبعد تدريب طويل أقمنا أول حفل لنا مع جمعية «رسالة» ثم بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وغنينا في وسط الشارع بمشاركة إحدى القنوات الفضائية المعروفة، وكان استقبال الناس لنا مشجعا للاستمرار، وزاد من ثقتنا بأنفسنا أننا حصلنا على المركز الأول في مسابقة تم إجراؤها في جامعة عين شمس. البحث عن التميز كان أهم ما يشغل بال الفرقة، عندما وجدت نفسها أصبحت كيانا ولها اسم، هذا ما يؤكده مصري، وعن هذا التميز يقول: ما نقدمه ليس مألوفا لدى المصريين والعرب، حيث نعتمد على مزج الشرقي بالألوان الغربية على تعدد أنواعها مثل الروب والجاز والإفريقي وغيرهم، ومن يتأمل أغانينا سيكتشف أن أى أغنية لابد أن تحتوى على لونين مختلفين من الموسيقى.
مجرد كلام الفرقة التي تقترب من عامها الخامس، وتستعد لإطلاق كليب، قدمت العديد من الأغنيات التي لفتت انتباه الناس ورددوها، لأنها لمست شيئا بداخلهم وتفاعلت مع قضايا يعيشونها مثل أغنيات « كراكيب الأسرة المصرية»، «شهداء 25 يناير»، «أعز كابوس»، «ارسم حلمك»، كما تحرص الفرقة على الابتعاد عن أي ألفاظ بذيئة أو خادشة للحياء، أو أن تحوي الأغنية مجرد كلام يخرج من أفواههم لا معنى له، فهذا يعد من الخطوط الحمراء التي تضعها الفرقة أمامها، حيث يؤكد مصري أنه قبل تقديم أي عمل للجمهور يسمعه لوالديه، فإذا شعر بالحرج من تقديمه لا يكمله، لأنه لن يقدم شيئا يخجل أن يسمعه فيما بعد أولاده، فكل شيء الآن يتم تسجيله ويصعب محوه، كاشفا أن الفرقة تبتعد أيضا عن السياسة، حتى لا يتم اتهامها بأنها منحازة لتيار بعينه لكنها تقدم أغانيها في حب مصر وليس في حب تيارات سياسية.
الشيء الممتع ومن المؤسسين للفرقة عازف الدرامرز أحمد هاني الذي يحكي قصته مع الفرقة، حيث يقول: عندما عرض على «مصري» تكوين الفرقة رحبت، لأن هذا حلمي أيضا، فأنا أعشق الموسيقى منذ طفولتي، ومن أجلها التحقت وأنا صغير بمركز ثقافة الدرب الأحمر بالسيدة زينب حيث نشأت، وفي هذا المركز تعلمت العزف على الإيقاع، ومع الوقت وجدت نفسي أكثر مع الدرامرز، وحتى بعد التحاقي بجامعة الأهرام الكندية واصلت رحلتي مع الموسيقى، فعملت مع « أبو العربي باند»، لينتهي بي الأمر في « افتكاسة » فالموسيقى بالنسبة لي هي الشيء الممتع الذي أتمني أن أعمل على توصيله بكل متعته هذه للناس، سواء من خلال الموسيقى أو الأفكار التي نعمل عليها بشكل جماعي، وأغلبها تحاكي ما يحدث في شوارعنا ومجتمعنا.
حاجة مختلفة لا يوجد سوى عنصر نسائي وحيد بالفرقة، وهي المطربة الشابة رنا محمد سعيد، التي تتمنى أن تحقق شهرتها من خلال الفرقة وليس بعيدا عنها، وعن قصتها مع «افتكاسة « تقول: منذ صغري وأنا أغني وأعزف على أكثر من آلة موسيقية، ومن خلال صديقي أحمد هاني العضو بالفرقة التحقت بها منذ عام تقريبا، وذلك فور انتهاء دراستي في مجال إدارة الأعمال، وبرغم عملي بإحدى شركات المواد الغذائية لكني أحاول التوفيق بين عملي وعشقي للغناء. وعما أضافته للفرقة كعنصر نسائي قالت: كل من كان يتابع الفرقة قبل التحاقي بها وبعد ذلك، أكد لي أني غيرت في شكل الفرقة وأعتقد أن الاختلاف تمثل في صوتي، فمن المعروف أن طبقة صوت الفتاة تختلف عن الشاب، بجانب أن شكل الفرقة تغير بوجود فتاة بين الشباب، وبعيدا عن الشكل فإن الأهم ما نقدمه للناس من موضوعات تناقش قضاياهم مثل التحرش وغيره، بجانب أن وجودنا بالفرقة يساعدنا على إخراج ما بداخلنا وتوصيله بكل صدق.
وسيلة تعبير الفرقة لا تقتصر فقط على مصريين، فأحد أعضائها من سوريا وآخر سوداني نوبي كما أن أحمد هاني أصوله فلسطينية، وعن قصته مع الفرقة يقول إبراهيم مسرقة من سوريا «17 سنة »: لم أكتشف نفسي كمغن إلا بعد حضوري إلى مصر نظرا للأزمة التي يعيشها بلدي سوريا، وذلك عندما التقيت «مصري» فأعجبه صوتي وألحقني بالفرقة، فوجدت في الموسيقى أفضل وسيلة للتعبير عما بداخلى، وتعلمت منها أن العمل الجماعي ينتج قوة، فكل أعمالنا هي ثمرة أفكار نعمل عليها جميعا، وربما لذلك تميزنا ويكشف إبراهيم بأنه كان يجد معارضة من والده في البداية، خصوصا أنه بعد تركه سوريا ودراسته هناك أصبح يعمل معه «خياطا»، ولكن عندما سمع ما يقدمه مع الفرقة أصبح أول المشجعين والداعمين له، مشيرا إلى أن أقرب أغاني الفرقة بالنسبة له هي أغنية «الجرح» التي تتحدث عن الحروب التي تدور حولنا، والحقوق التي تسلب وتضيع، مؤكدا أنه من خلال هذه الفرقة ينادي العرب بأن يفيقوا ويستيقظوا. ولا يعد إبراهيم هو الأصغر سنا في الفرقة فقط فهناك يوسف محمد الطالب بالمرحلة الثانوية الذي تواصل مع الفرقة من خلال الفيس بوك بعد أن أعجب بما تقدمه وسعي للقاء المسئول عنها وبالفعل حظي بالقبول ويغني معهم في حفلاتهم منذ ما يقرب من العام، وبرغم اعتراض الأسرة، لكنه استطاع إقناعهم بأن يغني فقط في أوقات فراغه وكل أحلامه أن يصبح مشهورا من خلال الفرقة.
نظرة مجتمع ويلتقط طرف الحوار السوداني النوبي محمد عبد المنعم شيكا، وهو لاعب إيقاعات بالفرقة منذ ثلاث سنوات، وطالب بكلية التجارة، حيث يقول: اللون الذي نلعبه هو لون الشباب، حيث يمزج بين مختلف الألوان الشرقيةوالغربية والإفريقية، وأيضا «النوبي» الذي أجد نفسي فيه، علاوة على أننا نحاول من خلال الموضوعات التي نقدمها أن نغير نظرة الناس لنا كشباب، بألا يتخذوا من المظهر معيارا للتقييم، لأن الأهم هو الشخصية والجوهر والمضمون، بجانب الموضوعات المجتمعية الأخرى مثل مثل التحرش وأزمة المرور، ومن أهم ما نسعي لتوصيله أنه ليس بالضرورة أن يكون كل الشباب ثورجية ومعارضين، مكانهم الميادين، بل فيهم من يلعب موسيقى، ويتخذها ميدانه للثورة على ما يريد، فنحن نسعي لعمل ثورة موسيقى بالمزج بين الشرقي وباقي الألوان الغربية، خصوصا أن الغربي أصله شرقي وليس غريبا عنه وكلاهما يكمل الآخر.