الفيس بوك حشد 75 % من الثوار مستخدمو تويتر دعموا الثوار فى الميدان - 66 % من المواطنين : «الفيس بوك» له الدور الأكبر فى تغطية أحداث الثورة
مع اندلاع أحداث ثورة 25 يناير وبعد انقضاء الثمانية عشر يوما في انتظار تحقيق حلم الثوار بخلع الرئيس الأسبق «مبارك»، خرجت نكتة شهيرة عن أسرار موت الرؤساء في مصر تقول «يدخل الرئيس المخلوع «مبارك « لتتم محاسبته، وأثناء إدباره يقابل كلا من الرئيسين الراحلين «جمال عبد الناصر» و «أنور السادات».. فيسألانه في صوت واحد ؟ سم و لا منصة؟ فيرد عليهم: فيس بوك. هكذا عبرت الدعابة الساخرة بإيجاز شديد عن روح ثورة يناير، وعن أهم رابط جمع بين شباب الثورة ألا وهو الإعلام البديل، فهو إعلام بلا أسقف آثره شباب الثورة واعتمده كأحد أهم الوسائط الحرة للتعبير والتواصل.
هذا ما عبرت عنه رسالة ماجستير للباحثة السكندرية صفاء عبد العال، تناولت الدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك، وتويتر» في تنمية الوعي الوطني أثناء ثورة 25 يناير ودوافع استخدام الشباب لها، تحت إشراف عالم الاجتماع القدير أ.د. سيد عبد العاطي وتقول الباحثة ل «الأهرام العربي» عن أهمية دراستها : إنها تقيس مدي إتاحة هذه المواقع لحرية الرأي والتعبير وتبادل الأفكار بين مستخدميها، بالإضافة إلي قياس أهمية هذه المواقع أيضا لمستخدميها علي مستوي العالم بشكل عام، ومصر بشكل خاص، وما تعكسه تلك المواقع في تشكيل الوعي الوطني لديهم.
تستعرض الدراسة أهم الأبحاث والرسائل المحلية و الدولية التي تعرضت لقضية الإعلام البديل ونتائجها، مثل دراسة سوزان جينفر و برينديدج عام 2008 بعنوان «موضوع الإنترنت والمحيط الشعبي» دراسة في علاقة إمكانية الوصول واجتياز المجتمع التقليدي وذهبت نتائج الدراسة أنَّ أغلب المدوَّنات تم إنشاؤها عام 2006، من أجل محاربة الفساد ونشر الوعي السياسي بين أفراد المجتمع في المرتبة الثانية، والدفاع عن حقوق الإنسان في المرتبة الثالثة ثم لإشباع الهوايات في المرتبة الرابعة.
ويري نحو 84.2 % من المبحوثين أنهم يؤدون عملاً صحفياً من خلال عملية التدوين لعدة أسباب ياتي في مقدمتها إثارة قضايا تهم الرأي العام و متابعة الأحداث الجارية. ومن خلال دراسة أجنبية للباحث» إنجنتو» عام 2010 أي قبل الثورة بعام وبعنوان:»الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين: الإعلام الاجتماعي والسياسة».
جاءت نتائج الدراسة لتؤكد أن الفيس بوك ييسر عملية الحوار الديمقراطي لكونه يفرد مساحات افتراضية واسعة لمناقشة موضوعات سياسية مختلفة، وأنه مرشح بقوة لأن يكون خطوة قادمة مهمة نحو الديمقراطية، وأن يجتذب الأجيال القادمة للخطاب السياسي فيه لكونه ملائما لهم. وفي دراسة ل»محمد أحمد هاشم»، و «حسن نيازي الصيفي» بعنوان: دور الإنترنت في تشكيل اتجاهات وسلوكيات الشباب الجامعي نحو مرشحي انتخابات الرئاسة المصرية عام 2012 ، ثبت أنه من أهم أدوار الإنترنت تقديم كم كبير من المعلومات مما جعل الشباب علي اطلاع كبير بما يدور حولهم، خصوصا الأمور السياسية.. وفي دراسة مشتركة «ناهد الطنطاوي» و»جولي ويست» ، تبين أن الناشطين السياسيين استخدموا صفحات ومجموعات الفيس بوك وحسابات تويتر والمدونات، خلال عامين ليمهدوا للثورة، وأن المواقع الاجتماعية مكنت المحتجين من توحيد جهودهم وإمدادهم بالمعلومات الخاصة في أوقات الحظر، وأيضا استخدمت لنشر المعلومات من خلال صحافة المواطن، وبهذا تكون مواقع التواصل الاجتماعي، قد أسهمت بنجاح الثورة في التنظيم والتخطيط لأحداث الثورة وفي دعم الهوية عبر العالم، مما أعطي مثالاً للحركات المجتمعية في كيفية تحقيق أهدافها.
كما كشفت نتائج بحث مهم ل»مصعب حسام الدين» 2012 عن «دور مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك «في عملية التغيير السياسي مصر نموذجا». علي أن دور الفيس بوك في إنجاح ثورة 25 يناير كان كبيرا فمن خلال صفحة» كلنا خالد سعيد «خرجت المظاهرات وتم الإعلان عن أماكنها وأوقاتها، واستنهضت همم الشباب وانكسرت حواجز الخوف، كما أسهمت بتعرية الأجهزة الأمنية التي مارست العنف والقوة ضد المتظاهرين، وأيضا أثار الفيس بوك العديد من القضايا التي تهم المواطنين كالفساد والتعذيب، وتحولت إلي مصادر للمعلومات والأخبار التي كانت تستقيها وسائل الإعلام والقنوات الفضائية من خلالها، ويتضح من نتائج الدراسة أيضا أن الفيس بوك كان له الفضل بتعجيل اندلاع الثورات التي كانت ستندلع في أي وقت في المستقبل، وفي إنجاح هذه الثورات وبخاصة الثورة المصرية، وكذلك فإن مواقع التواصل الاجتماعي سيكون لها دور في المستقبل في التغيير السياسي في العالم العربي وسيكون عنصر ضغط علي الحكومات.
دراسة «كات ستاربيرد» وليزا بالن بعنوان كيف ستعاد معلومات الانتفاضة المصرية 2011 تهدف الدراسة إلي دراسة نشاط موقع تويتر خلال الثورة من خلال خاصية إعادة العبارات، التي يتميز بها الموقع في الفترة من 2 فبراير إلي 15 فبراير 2011، حيث بحثت هذه الدراسة ما يقرب من 3380895 مشارك، أكدت نتائج الدراسة أن نحو 56.3 % من العبارات أو التويتات، التي تم بحثها أعيدت مرة أخري، وجاء الناشط المصري وائل غنيم، علي قمة المدونيين الذين تمت إعادة عباراته علي تويتر نحو خمسة وثلاثين ألف مرة، كما شارك الإعلاميون والمدونون في وضع عباراتهم علي تويتر، وكان أبرزهم محررين من قناتي الجزيرة والعربية، وخلال تلك الفترة جاء المدونون من خارج القاهرة بنسبة 27.6 % في مقابل 17.6 % من الموجودين بالقاهرة، وهو مايؤكد أن مشاركي تويتر أسهموا في دعم الثوار أثناء انشغالهم في الميدان
نظرية الإطار وتنتقل الباحثة صفاء في رسالتها لاستعراض أهم نظرية توصل إليها الباحثون في مجال الإعلام وهي نظرية «الإطار» وتعنى أن الأحداث لا تنطوي في حد ذاتها علي مغزي معين، وإنما تكتسب مغزاها من خلال وضع الأحداث في إطار يحددها وينظمها ويمنحها قدرا من الاتساق من خلال التركيز علي بعض جوانب الموضوع وإغفال جوانب أخري.. وعلي هذا فإن الإطار هو تلك الفكرة الرئيسية التي تنتظم حولها الأحداث الخاصة بقضية معينة. وتلعب هنا نظرية الإطار دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات ومعارف الجمهور نحو القضايا المثارة، ومن ثم يشكل هذا جانباً مهماً في إدراك الجمهور للقضية المثارة واستيعابها.
ثم تنتقل الباحثة في رسالتها للتحدث عن أنماط متعددة للوعي، بدءا من الوعي الفردي والطبقي وحتي الوعي الجماهيري، وعن الأخير تقول إنه يعبر عن فكر الجماهير، وأنه يرتبط بالواقع القائم وهو وعي لا يتسم بصفات نقدية، بل إنه وعي مشتت ليس بمعزل عن الأفراد بل يوجد في أذهانهم وعي شكل أفكاراً ونظرات ومشاعر ورغبات معينة تتميز بها جماعة من الناس، وكذلك فإن الوعي الجماهيري يعبر عن مصالح مشتركة لطبقة أو جماعة اجتماعية أخري.
الوعي الحقيقي والوعي الزائف وفي هذا تقول الباحثة إنه يتحقق عندما يعبر عن الظروف الحقيقية للطبقة، أما إذا شوهت الأفكار والمعتقدات، ولم تعبر عن مصلحة الطبقة الحقيقية ،فإنه بذلك يصبح وعيا مزيفا، فالوعي الزائف يعد إدراكاً وفهماً مزيفاً وصورة مشوهة للواقع الاجتماعي .
مفهوم الوعي الوطني: وهو إشكالية الدراسة تقول الباحثة إن الشخصية غير الواعية هي الشخصية التي ليس لها أي دور فيما يحدث حولها، ولا تشارك فيما يحدث حولها، نتيجة لأنها شخصية غير فاهمة أو مدركة لهذه والشخصية الواعية عكسها تماما. ومن هنا يمكن القول إن الوعي الوطني من أهم أشكال الوعي الاجتماعي، وهو الشعور بالهوية القومية والانتماء لشعب نتيجة لوجود روابط ثقافية وتاريخية مشتركة، وكذلك وجود اللغة والجنس والمصالح والمصير المشترك بين طوائف هذا الشعب وتسهم في بنائه مؤسسات عديدة بدءا من المجتمع الصغير، الأسرة حتي المجتمع الكبير، الدولة بمؤسساتها الحكومية وغير الحكومية. وعن أهمية وسائل الإعلام الجماهيري في تشكيل الوعي الوطني تقول الباحثة إنها لا تقل عن الأحزاب السياسية والمؤسسات التعليمية، حيث يتم من خلالها نقل رسائل إعلامية متضمنة قيما توصف بقيم الروح الوطنية.. كما تقوم وسائل الإعلام، أيضا بدور حيوي وفاعل في تنمية الوعي، للمواطنين بصفة عامة ولطلاب الجامعة بصفة خاصة من خلال ما تقدمه من معلومات وأخبار ومعارف ،وذلك لتشكيل المهارات والأفكار والآراء ولتهيئة أفراد المجتمع ،للتعبير عن رأيهم في القضايا والظواهر السياسية بحرية وتكمن أهمية وسائل الإعلام وخطورتها، أنها تؤثر في كل المراحل العمرية بدءا من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة الشباب، وحتى مرحلة كبار السن. وعلى هذا يمكن القول إن هذا التدفق المستمر من المعلومات لدى المواطنين، الذي يتكون من خلال وسائل الاتصال من شأنه العمل على خلق وعي وطني وغرس القيم الوطنية والمفاهيم الوطنية لدى الأفراد، ومعرفتهم بما يجري في بيئتهم، مدركين للوضع، وأعين بما يدور حولهم.
معوقات اكتساب الوعي وترصد الباحثة ملامح إعاقة نمو الوعي الوطني مؤكدة في رسالتها أن الكثير من جانب الموروث الثقافي والسياسي، فضلا عن الحالة غير الصحية، التي نراها في الفترة الراهنة في مجتمعات الشرق الأوسط، قد أسهمت إلى درجة كبيرة فى إعاقة اكتساب الوعي الموضوعي والعلمي حول الأحداث، التي تحدث في المحيط الداخلي وفي البيئة الدولية، فهناك حالة اللااستقرار السياسي والركود الاقتصادي والاستبداد السياسي والتخلف المعرفي والفكري وضعف الإنتاج القومي وانعدام خطط التنمية، والتحديث والعيش في مجتمعات مغلقة حتى باتت كمعتقلات كبيرة على شعوب المنطقة، وفي هذا المجال، نحاول أن نشير إلى ضعف أو عدم توفير المؤسسات التي تسهم في اكتساب الوعي في الشرق الأوسط.. فالأسرة والمدرسة والجامعة لا تقوم بذلك الدور الذي يساعد على اكتساب الوعي. أما وسائل الإعلام، فعلى الرغم من الدور الذي تلعبه تلك الوسائل في المجتمعات المتحضرة من حيث الإسهام في اكتساب الوعي، ومعرفة الأفراد بمجريات الأمور السياسية، وما يدور حولهم من أحداث بموضوعية دون التفات إلى مراقبة أو إرضاء الحكام، فإن الإعلام في الشرق الأوسط محتكر، بيد النخبة الحاكمة وبذلك، يكون إعلاما موجهاً لا يؤدي الدور الإيجابي المرجو منه،وهي الأخرى تعيش في أزمة السيطرة السلطوية والترويج للسلطة الحاكمة.
مواقع التواصل والحرية من هنا تأتي أهمية فضاء الإنترنت، حيث الحرية والتعبير بلا أسقف، والمعلومة بدون رقابة تسمح بتوجيهها وتزييفها، ومن هنا أيضا أصبح له مكانته الخاصة في مجتمع الشرق الأوسط بكل ما يعانيه من طمس للمعلومة وتزييف الواقع، فمع التطور الذي حدث في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، تزايد معه استخدام الشباب للإنترنت مما جعله، وسيلة جديدة لتنمية هذا الوعي، أو لهدم هذا الوعي من خلال المحتوي والمعلومات والوسائل الاتصالية المتاحة علي هذه الشبكة. وبالأرقام رصدت الدراسة من خلال إجراءات مسحية علي عينات من الشباب من مستخدمي فيس بوك وتويتر بمراعاة تنوع المستوي الاجتماعي ومستوي الأعمار ومستوي التعليم. أكدت نتائج الدراسة أن نسبة 74 % من عينة الدراسة تستخدم الفيس بوك لمناقشة الموضوعات السياسية كأهم الاهتمامات، في حين أن نسبة 38.9 % من عينة الدراسة تستخدمه لمناقشة الموضوعات الاجتماعية. أثبتت نتائج الدراسة أن نسبة 50,2 % من عينة الدراسة التي تتابع صفحات علي الفيس بوك أكدوا علي أنه يسهم في تعريفهم بما يدور حولهم من قضايا محلية وإقليمية ودولية في حين أن 28.8 % من عينة الدراسة هم من استفادوا من موقع تويتر في تعريفهم بما يدور حولهم من قضايا محلية وإقليمية ودولية. أثبتت نتائج الدراسة أن نسبة 75.1 % أكدوا علي أن للفيس بوك تأثير في الحشد لثورة 25 يناير، في حين أن نسبة 12.5 % من عينة الدراسة أكدوا أن موقع تويتر أسهم في قيام ثورة 25 يناير. أثبتت نتائج الدراسة أن نسبة 66 % من عينة الدراسة أكدوا أن للفيس بوك دوراً فاعلا في تغطية أحداث ثورة 25 يناير وأن نسبة 61.3 % أكدوا أن للفيس بوك دورا في مشاركتهم بثورة 25 يناير، في حين أن نسبة 29.8 % فقط من عينة الدراسة مستخدمي موقع تويتر هم من اعتبروا أن موقع تويتر له دور في مشاركتهم في ثورة 25 يناير. أثبتت نتائج الدراسة أن نسبة 66.4 % من عينة الدراسة شاركت في التصويت علي الانتخابات نتيجة لمتابعة الفيس بوك، في حين أن نسبة 58.2 % من عينة الدراسة من يمتلكون حسابا علي موقع تويتر شاركوا في التصويت علي الانتخابات نتيجة لمتابعة موقع تويتر بعد ثورة 25 يناير.
أما عن المصطلحات التي أصبح أفراد العينة يعرفوها أكثر نتيجة لمتابعته الفيس بوك، حيث جاءت «الحرية» في المقدمة بنسبة 63.1 % ، تليها في المرتبة الثانية «الديمقراطية» بنسبة 47.6 % ، تليها في المرتبة الثالثة «العدالة الاجتماعية « بنسبة 46.7 % ، تليها في المرتبة الرابعة «المساوة» بنسبة 34 % ، تليها في المرتبة الخامسة « الانتماء 24.2% ، تليها في المرتبة السادسة «20.7% ، وتأتي في المرتبة الأخيرة « الوطنية بنسبة 19.3%.