تحقيق وفاء فراج حرب ضروس بدأت بين كل من المرأة والرجل من أول الزمان، وستظل لآخره ليظهر فيه كل طرف قوته وضعف الآخر من بداية قصة (أمنا حواء عندما وجدها أبونا آدم بعد الشتات علي الأرض، فما كان منها إلا أن أخفت قدميها في الرمال لتخفي آثار ورم الكدمات فيهما من كثر ما بحثت عنه لتظهر تفوقها عليه)، كما تقول الأسطورة أنهما تعارفا على جبل عرفات، ولذا سمى بذلك وقد رآها آدم وهى جالسة على قمة الجبل إلي يومنا هذا الذي تدار فيه حروب خفية وباردة تارة ومشتعلة تارة أخري، يستخدم فيه كلا الطرفين كل الوسائل لإظهار نواقص الآخر والظلم الواقع عليه منه والتعبير عن نفسه، فكان في قديم الزمان الشعر والقصص والأمثال الشعبية وسيلة الرجال والنساء الوحيدة في هذا الصراع، أما اليوم مع ثورة الأقمار الصناعية والإنترنت انتقل الصراع من تلك الوسائل إلي مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات من خلال صفحات متخصصة وبرامج تليفزيونية وإذاعية، والأولي تميزت بكثرة وتنوع وتنافس في نفس الوقت في التعبير عن المرأة والرجل والعلاقة بينهما علي السواء، ومن تلك الصفحات التي انتشرت علي موقع الفيس بوك الأكثر شيوعا بين الجميع هي صفحات نسوية مثل يوميات زوجة مفروسة، يوميات زوجة موكوسة، يوميات زوجة مطحونة، ستات طلعلها شنب، كلام ستات نواعم. في المقابل نجد صفحات ذكورية مثل يوميات زوج مطحون، يوميات راجل بسيط، يوميات رجل مهزوم، يوميات زوج معاصر، يوميات رجل شرقي، هذه الصفحات وتلك هدفها أن تكون منفذا للتعبير كل طرف عن نفسه ويشتكي من الآخر في مواقف مختلفة بشكل فكاهي وسخرية من علاقات كالحب والزواج والمشاكل اليومية التي تواجه الرجل والمرأة. وعن أشهر صفحات المرأة علي الفيس بوك وهي صفحة يوميات امرأة مفروسة وهي الأكثر انتشاراً وعدد متابعين وتحدثنا عنها صاحبة فكرة الصفحة والأدمن لها (رؤي كمال) وتقول: عمري 35 سنة ومتزوجة منذ 11 سنة ولدي طفلان كنت دائما أفضل كتابة الآراء من خلال المنتديات وعملت فى الصحافة قبل الزواج، جاءت لي فكرة إنشاء صفحة (يوميات زوجة مفروسة) منذ سنتين لعرض تجاربي وتجارب أصدقائي في حياتنا الزوجية من خلال السخرية علي وضعنا ومشاكلنا اليومية مع أزواجنا وأبنائنا، محاولة أن أجعل المشاكل التي يتم طرحها في الصفحة أن تكون سببا للضحك وليس سببا للنكد لكي تعلم كل امرأة أنها تعيش نفس المشكلة وليست وحيدة، والبحث عن حلول لتلك المشاكل من خلال السخرية والتفاعل واستطلاع الأراء، وقد وصل عدد متابعى الصفحة إلي 4 ملايين من الرجال والنساء ٪80 نساء و٪20 رجال، وهؤلاء الرجال لديهم فضول لمعرفة كيف تفكر النساء وماذا تريد، وساعدت الصفحة في تغيير بعض سلوك الرجال التي يشتكي منها النساء وهذا يؤكده الرجال المتفاعلون أنفسهم مع الصفحة، مؤكدة أنه لا يوجد مردود مادي حقيقي وراء تلك الصفحات، وعلي الرغم من ذلك فقط يعمل معها لإدارة الصفحة نحو 56 أدمن من العديد من الجنسيات في دول أخري غير المصريات، هناك أيضا فلسطينيات وسوريات ولبنانيات ومن الكويت والسعودية ليسهمن جميعا في تنوع وازدهار الصفحة. وتستكمل رؤي قائلة: بالإضافة إلي مشاكل المرأة مع الرجل والمشاكل الزوجية المعتادة فقد أصبحت الصفحة تترك لغيرها من المشاكل، ومن أهمها قضية تمرد الأولاد علي التعليم ومنظومة التعليم الفاشلة ونطرحها من خلال كومنتات وصور، وفي نفس الوقت نتناقش مع المرأة حول القضايا التي تعاني منها مع أطفالها وزوجها وأسرتها وعادات ومورثات تعودنا عليها فى مجتمعنا الشرقي أمثال التعامل مع الأصدقاء والحماة وأهل الزوج وهكذا، مؤكدة أدمن الصفحة قائلة: إنه من أهم أهداف الصفحة أن نرسخ لدي المرأة رفضها لواقع سي السيد، وأن تكون شخصية مستقلة وأن تعتمد علي نفسها، وليس معني هذا أن الصفحة تدعو للتمرد، ولكنها تدعو للمعاملة الطيبة والمساواة ومعرفة قيمة المرأة التي كرمها الله ودورها الذي لا يمكن الاستغناء عنه. وتضيف رؤي، أن الصفحة تقابل كثيرا من السخرية والسخافات من قبل الرجال، وأحيانا يقومون بالدعاء والشتيمة علي الصفحة والقائمين عليها، كما أن غرور الرجل يجعله يصدم عندما يشاهد المرأة تتمرد علي واقع حياتها معه، حتي لو كان من خلال كومنتات وصور فقط، وكثير من الرجال يرون من وجهة نظرهم أنه كلام فارغ وليس له لزوم حتي زوجي نفسه صدم في بادئ الأمر علي قدرتي فى الوصول إلي السيدات ومناقشة الحياة الزوجية بشكل ساخر وزيادة متابعي الصفحة باستمرار إلي أن أصبحت الصفحة النسائية الأولي علي مواقع التواصل الاجتماعي، لهذا فقد حاولنا أن ننوع فقرات الصفحة ونكبرها من خلال، إضافة فقرات النصائح والمطبخ وديكورات الشقق للعرائس، وفقرة المشاكل ومناقشتها، فكرة راديو المفروسة نتكلم فيه عن كل مشاكل وحوار مفتوح وهي بداية لعمل فقرة إذاعية فعليا، فقرة تنمية بشرية الكومنتات والبوست الكوميدي. أما عن الصراع الأزلي بين الرجل والمرأة، فتقول أدمن صفحة يوميات امرأة مفروسة إنه بطبيعة الحال كما تحارب المرأة وتصارع المرأة الرجل في الحياة اليومية في البيت والعمل، وجدنا أيضا صفحات ذكورية متخصصة أنشئت لترد علينا أو لتسخر وتقلل من دور المرأة بنفس الطريقة الساخرة وهذه الصفحات عديدة، لكن أهمهما وأكثرهما انتشارا ومتابعة هي صفحة يوميات رجل مطحون، تلك الصفحة التي أصبحت تحاربنا بشكل صريح ومباشر، ونحن كنساء لا نرفض أن يناقش الرجل قضاياه بطرق ساخرة، ولكن أحيانا يصل الأمر من تلك الصفحة ومثيلاتها إلي إهانة المرأة وشكلها وتهميش دورها كزوجة وأم، وهذا ما نرفضه، لأننا نتناول قضايا المرأة دون التجريح في الرجل ودون تهميش دوره ومن يتابع صفحتنا ويتابع تلك الصفحات الذكورية يفهم الفرق، ففي كل الأحوال نرفض إهانة الطرف الآخر من خلال السخرية علي شكل المرأة بشكل فج من أجل الوصول إلي أكبر عدد من المتابعين، لأنها وسيلة رخيصة، ولكن نوافق علي مناقشة القضية وهذا سر اختلافنا وربما صراعنا العلني والخفي مع صفحة يوميات زوج مطحون وغيرها من تلك الصفحات، لدرجة أننا أحيانا فى أوقات كثيرة لا نستطيع أن نرد علي البعض بالكمونتات الساخرة، خصوصا أن الرجال أصبحوا من كثرة غرورهم رافضين أن يرون عيوبهم ويركزون علي شكل المرأة وهذه كارثة، خصوصا أن هناك دراسة أظهرت أن المصريين لم يدخلوا أصلا فى إحصائية أوسم رجال العالم، إذن المرأة المصرية متحملة كثيراً راضية بقبح الرجل المصري. في المقابل كعادة الصراع الذي يكون أبطاله دائما الطرفان يحدثنا (تيمور السبكي) صاحب وأدمن (صفحة يوميات زوج مطحون) وهي الأكثر شيوعا ومتابعة بين الرجال والنساء علي السواء ويقول: عمري37 سنة أعمل مدرس إنجليزي منذ 14 عاما ومتزوج منذ10 سنوات ولدي بنتان، مهتم بالسوشيال ميديا وناشط جدا عليها من 2010، عملي فى التدريس جعلني أضع يدى على مشاكل كثيرة لها علاقه بالتربية والأطفال والتى لاحظت أن مصدر الخلل فيها مصدره الأمهات، على اعتبار أن الراجل طول الوقت يكون فى العمل وتربية الأطفال تقع على عاتق الستات فى المقام الأول، بدأت بعمل صفحات كثيرة على الفيس تحت أسماء مختلفة، ومنها صفحة (أنا الشخص اللى ماتصورش جنب الدبابة أيام الثورة)، صفحة (أزومل) والتي نجحت جدا ووصلت ل 4 ملايين معجب، وكنت بعمل فيها أيضا نكت وأسخر على المواقف اللى بتحصل ما بين الموظفين والفئة العاملة بشكل عام، ثم أنشأت صفحة (يوميات زوج مطحون) متخصصة للعلاقة بين الرجل والمرأة والتي وصل عدد متابعيها إلي مليون فانز فى شهور قليلة. ويضيف أدمن الصفحة قائلا: فكرة صفحة (يوميات زوج مطحون) تتحدث عن المواقف التى تحدث بين الأزواج فى الحياة اليومية من وجهة نظر الرجال بطريقة وشكل كوميدى ساخر، حيث يتم إلقاء الضوء فيها على المشاكل التى تنجم عن هذه المواقف التى تحدث بشكل يومى، وأقوم أنا أدمن الصفحة بطرح موضوع الحلقة علي سبيل المثال عن (النكد) ثم نبدأ فى سرد بعض المواقف التى تحدث مع الرجال عموما بشكل كوميدى ساخر، بالإضافة إلي جانب التعليقات أضع بعض الفيديوهات الضاحكة (مقاطع من أفلام - مسرحيات - مسلسلات -صور). وتلك الصفحة التي حققت نجاحا كبيرا علي موقع الفيس البوك نفكر في تحويلها إلي برنامج تليفزيوني يقدم كل ما سبق، بالإضافة إلي أنه يمكن أن تخصص فقرة بداخل البرنامج لاستضافة خبراء من مختلف المجالات لإعطاء حلول للمشكلة موضوع الحلقة، يمكن استضافة أزواج وزوجاتهم لمناقشة مواقفهم الكوميدية الخاصة بموضوع الحلقة، يمكن عمل تقارير من الشارع لاستطلاع رأى الناس فى موضوع الحلقة، يمكن استضافة شخصية مشهورة ويفضل أن تكون أنثى لعمل حالة من الإثارة والجدل وجذب جمهور من السيدات لمشاهدة من ستقوم بالدفاع عنهن أمام سخرية مقدم البرنامج، يمكن تخصيص فقرة لتقديم المواهب ويفضل أن تكون خاصة بالرجال المتزوجين والتى أهملوها بعد الزواج. ومن أهداف هذا البرنامج والصفحة أيضا هو التعبير عن وجهة نظر الرجال فى مشروع الجواز ككل، والتنفيس عن أوجاع الرجال ومناطق الضغط بالنسبة لهم، وإلقاء الضوء على عيوب الستات ومحاولة تحسين سلوكياتهن بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، لمحاولة تفادى حدوث حالات طلاق كثيرة نتيجة لمشكلات بسيطة يمكن معالجتها، وتوجيه الشباب المقبل على الزواج لمعايير اختيار الزوجة المناسبة فى المستقبل، بالإضافة إلي توعية الستات بالطرق الأنسب لإدارة منزلية جيدة من مختلف النواحى (حل أزمات _ إدارة مالية _ ذكاء عاطفى واجتماعى .. وغيرها). ويستكمل تيمور كلامه: أجد هجوما من الستات علي الصفحة بشكل كبير، وهذا الهجوم يزيد أو يقل على حسب المنشورات اللى بنشرها، خصوصا عندما انشر نكتا تستهدف السخرية من الستات وعيوبهن الشخصية بتبهدل على الآخر، لأن المرأة بطبعها ترفض التوجيه وتجد في هذا الأمر إهانة شخصية لها وأتعجب من أمرهن لماذا لا يتخذن من تلك السخرية وسيلة لإصلاح أنفسهن، حتي إن الهجوم علي الصفحة لا يأتي من المتابعات فقط بل هناك حملة موجهة من صفحات والجروبات النسائية ومنها جروبات أمثال (جروب ربات البيوت) وصفحات أمثال (يوميات امرأة مفروسة) ، وبشكل عام فإن الرجال مبسوطون جدا وبيدعموننى بشكل كبير، لأنهم أخيرا وجدوا من يتكلم بصوتهم ويعبر عن مشاكلهم، وخصوصا أن زوجاتهم كن يحاربوهم بمنشورات في الصفحات النسائية، لدرجة أن المرأة أصبحت تنشر كومنتا أو صورة من صفحة المفروسة، مثلا فيقوم زوجها بالرد عليها بمنشور من صفحة يوميات راجل مطحون، وتحول الأمر إلي حرب بوستات واشتعلت وهذه الحرب بشكلها الجديد هي امتداد لصراع المرأة والرجل من قديم الزمان.