«زي النهارده» في 18 سبتمبر 2019.. وفاة الفريق إبراهيم العرابي    جدل في لبنان بسبب منع مناقشة رسالة ماجستير عن المثليين    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 18-9-2024 مع بداية التعاملات    تفاصيل صرف المكرمة الملكية لمستفيدي الضمان بمناسبة اليوم الوطني    أول تعليق من شركة "جولد أبولو" بشأن أجهزة "البيجر" المنفجرة في لبنان    كوريا الشمالية تطلق عددا من الصواريخ الباليستية باتجاه الشمال الشرقي    في أول ظهور له بعد محاولة اغتياله.. ماذا قال ترامب عن الانتخابات؟    10 صور ترصد ذروة خسوف القمر الجزئي من المعهد القومي للبحوث الفلكية    عاجل - تفاصيل حالة الطقس اليوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024    دعاء خسوف القمر اليوم.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    تفجيرات البيجر.. لبنان يباشر تحضير شكوى إلى مجلس الأمن    عاجل - تفجيرات البيجر في لبنان.. عملية استخباراتية دقيقة تزعزع حزب الله وتهدد الأمن    «الفرصة الأخيرة».. إغلاق موقع تنسيق الشهادات الأجنبية 2024 اليوم (رابط تسجيل الرغبات)    مجانا من بريطانيا.. الصحة: منحة للأطباء للحصول على ماجستير (الشروط ومواعيد التقديم)    حبس مسجلين خطر لسرقتهم بطاريات السيارات بمصر القديمة    السفيرة الأمريكية بالقاهرة تعلن عن شراكة مع مصر لحفظ التراث الثقافي    عاجل - تحديثات أسعار العملات العربية الأجنبية اليوم    الليلة.. الشاب خالد ضيف «بيت السعد» على MBC1    متهم بالتحرش وأتباعه من المشاهير.. من هو الشيخ صلاح الدين التيجاني وماذا فعل؟    طبيب يحذر: المضادات الحيوية تكافح البكتيريا ولا تعالج الفيروسات    حفلة أهداف.. الشباك تهتز 28 مرة في أول أيام منافسات دوري أبطال أوروبا    وزير التعليم العالي يعلن صدور عدة قرارات جمهورية بتعيين قيادات جديدة    نادي الألعاب الرياضية بدمنهور يحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف    الفلسطينيون يدفعون نحو قرار في الأمم المتحدة بشأن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة    بينهم سيدة.. إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالوادي الجديد    رفع 366 حالة إشغال طريق بالدقي| صور    ألعاب نارية وحفل غنائى خلال مراسم تتويج الأهلي بدرع الدورى    «اتدارى شوية».. تعليق ناري من مجدي عبدالغني على مشاركة أحمد فتوح في تدريبات الزمالك    محامي رمضان صبحي يكشف تفاصيل استئناف منظمة مكافحة المنشطات ضد براءته    موعد مباريات اليوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. أول ظهور لفتوح.. برنامج شوبير.. والمنشطات تصدم رمضان صبحي    مصرع شاب فى حادث تصادم جنوب بورسعيد    50 جنيها زيادة جديدة في سعر أسطوانات البوتاجاز المنزلي، والتجاري 100%    تنفيذ 20 قرار غلق وتشميع ورش حرفية بدون ترخيص في الإسماعيلية    موعد مباراة مانشستر سيتي وإنتر ميلان في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    خسوف القمر 202: اللهم اجعل هذا الخسوف رحمة علينا ولا تجعله غضبًا يا رحيم    موعد مباراة إنتر ميامي وأتالانتا يونايتد في الدوري الأمريكي والقنوات الناقلة    عادات ستجعلك أكثر نجاحًا..أهمها التخلي عن وهم السعادة    أولى فعاليات مبادرة بداية بكفر الشيخ.. المحافظ يناقش 10 شكاوى فى لقاء المواطنين    ملخص وأهداف مباراة مانشستر يونايتد ضد بارنسلى    محافظ الإسماعيلية يوجه بضم فرقة القلوب البيضاء لذوي الهمم إلى عروض المهرجان الدولى للفنون الشعبية    د.حماد عبدالله يكتب: ممكن من فضلك" التنحى " عن الطريق !!    «الصحة اللبنانية» تنفي معلومات غير دقيقة حول سقوط 11 شهيدا و4000 مصاب    نظام غذائي يزيد من خطر الإصابة بالسكري    عواقب صحية خطيرة للجلوس على المكاتب..تجنبوها بهذه التمارين البسيطة    "الأسرع انتشارا".. متحور جديد من فيروس كورونا يضرب دول العالم    أحمد أيوب لإكسترا نيوز: مبادرة "بداية" فكر وعهد جديد يتغير فيه مفهوم الخدمة المقدمة للمواطن    محافظ الغربية: أعمال التوسعة بحي ثان طنطا ستساهم في إحداث طفرة مرورية    اليوم.. انقطاع المياه لمدة 10 ساعات بمدينة الفيوم    هل يدخل تارك الصلاة الجنة؟ داعية تجيب: «هذا ما نعتقده ونؤمن به» (فيديو)    احتفالية دينية في ذكرى المولد النبوي بدمياط الجديدة.. صور    تفاصيل القبض على «زيزو» المتهم بقتل عمه وتمزيق جسد والدته في بشتيل    إصابة شخصان إثر انقلاب دراجة بخارية بالمنيا    حظك اليوم| الأربعاء 18 سبتمبر لمواليد برج الحمل    وزير الأوقاف يستقبل رئيس مجلس المتحف الدولي للسيرة النبوية لبحث التعاون المشترك    شاهد اللقطات الأولى من حفل زفاف بينار دينيز وكان يلدريم (فيديو)    محافظ قنا يشهد انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان    فضل دعاء الصبر على البلاء وأهميته في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور نادر نور الدين أستاذ وخبير الموارد المائية: سد النهضة تتبعه أربعة سدود ستغير البيئة فى مصر وتقضى على الثروة السمكية
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 05 - 2015


شاهيناز العقباوى
ظلت مصر فى مفاوضات مستمرة منذ سنوات للبحث عن حل وسط بينها وبين وإثيوبيا والسودان لضمان حصتها من مياه النيل بعد بناء سد النهضة، الذى أثير حوله العديد من علامات الاستفهام المتعلقة بالحجم وتوقيت البناء وأسبابه، وأخيرا وقع إعلان المبادئ بين البلدان الثلاثة الذى رآه البعض بأنه بارقة أمل وخطوة حول الاستقرار والتفاهم، بينما لفت آخرون النظر إلى أن هذا الإعلان أعطى لإثيوبيا الكثير من الصلاحيات دون أن يمنح مصر الأمان المائى الذى تبحث عنه، ولتفعيل هذا الهدف حاولنا خلال حوارنا مع الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضى بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن نلقى الضوء على أهم مناطق القصور بالوثيقة وكيفية تلافيها، هذا فضلا عن مطالبته بضرورة أن يتبع الاتفاق بالعديد من الملاحق الوقائية التى تحد من حدوث أى تجاوز، وتأكيده أن هناك العديد من الوسائل التى تستطيع الدبلوماسية المصرية أن تسلكها خلال المرحلة المقبلة لكسب المزيد من التأييد والدعم الدوليين .
ما تقييمك للاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة؟
هو اتفاق لإعلان المبادئ بين ثلاث دول اعترفت فيه مصر رسميا بشرعية سد النهضة، وبالتالى كنا نرى أنه ليس هناك داع للعجلة، لاسيما أن السد لم يبن فى ظروف طبيعية، وهو رمز لعدم التعاون من دولة جارة استغلت الوضع غير المستقر فى مصر بعد ثورة يناير 2011، عندما وجدت أن المارد المصرى سيدخل فى دوامة لعدة سنوات، فبدأوا ببناء السد الذى سبق وعرض على الرئيس الأسبق مبارك وعمر سليمان بسعة 14.5مليار ورفض، لأن الرئيس وقتها أخبرهم أن ينتهوا من الأنهار التى يملكونها، لاسيما أنها تملك 19 نهرا ورافدا، وعقب تنحى مبارك وبالتحديد يوم 2 إبريل تم وضع حجر الأساس للسد دون استئذان مصر فى ذلك، بل زادو من سعته إلى 74.5مليار، لذا أرى أن هذا السد يمثل شكلا من أشكال عدم التعامل بشرف بين الدول واستغلال الظروف بشكل سىء، هذا فضلا عن أن بناءه جاء بقرار منفرد من إثيوبيا، وكأنها هى المالكة والمتحكمة فى النيل الأزرق، لكنه نهر مشترك تمتلكه ثلاث دول مصر والسودان وإثيوبيا.. ويمثل أهم مصدر لمياه نهر النيل بخلاف نهر عتبرة والسوباط .
وماذا كنت تتوقع أن تفعل مصر للخروج من هذه الأزمة؟
كنت أتصور أن مصر كانت ستنتظر إلى أن تتحسن الأوضاع وتعطى لإثيوبيا درسا فى عدم استغلال ظروف الجيران، وللأسف فوجئت بتسليم مصر بسياسة الأمر الواقع، بل ومنحتها شرعية، لاسيما أنه لم يكن يوجد وجه للعجلة، بمعنى أننا أمامنا طرق كثيرة نسلكها قبل الإقرار من أهمها تدويل القضية، لاسيما أن إثيوبيا عند بناء السد العالى عام 1959 تقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن متهمة مصر بالاعتداء على حقوق جيرانها المائية على الرغم من أنه لم يؤذ أى دولة، حتى إن مجلس الأمن رد على الشكوى، ووصفه بأنه واحد من أكبر المشاريع العالمية فائدة، لأنه حافظ على المياه العذبة التى تضيع فى البحر المتوسط، لذا هى بدأت بالشكوى قديما واتهمت مصر بتقسيم مياه النيل بينها وبين السودان وهذا لم يحدث، وعليه كان من الضرورى أن نرد هذه الشكوى بتدويل القضية بشكوى رسمية لمجلس الأمن وأخرى إلى الاتحاد الإفريقى للتحكيم بيننا، لأنها تبنى أضخم سد فى القارة على حساب حصص المياه المخصصة لمصر والسودان، والقانون الدولى ينص على أن دول المنابع من حقها بناء سدود صغيرة لا تؤثر على حقوق الدول الأخرى، إذن فلماذا يرغبون فى الحصول على لقب "أضخم سد"؟، حتى إن رئيس شركة "سالينى" الإيطالية أعلن أمام اللجنة الدولية المسئولة عن تقييم السد عندما سئل عن ماهيته وهل هو سد كهرباء؟
قال إن الرئيس الراحل "زيناوى " طلب منه أن يبنى "أضخم سد فى القارة "ولم يحدد الهدف منه، وهنا يتضح لنا الهدف الأساسى هو تهديد مصالح مصر المائية، لاسيما أن إعلانها المستمر أن بناء السد لتوليد الكهرباء مع العلم أنه سيولد %30 كهرباء، وهوما لا يتفق مع المعدلات العالمية لتوليد الكهرباء من السدود والتى تصل إلى 66 % ، هذا فضلا عن أن إثيوبيا تمتلك 13 سدا حققت فيها المعدلات المطلوبة على خلاف سد النهضة، إذن الهدف من السد الأخير ليس توليد كهرباء بل تخزين مياه ومنعها عن مصر، بدليل أن إقامته انقسمت إلى جزءين، الأول ليس لدى مصر أى اعتراض عليه لأنه عبارة عن جزء أسمنتى يركب به 16توربينا فرنسيا، والمفروض أنهم نظريا سيولدون 6 آلاف ميجا وات، لكن كل الدراسات تشير إلى أنه لن يولد سوى 2000 ميجا. المثال على ذلك أن هناك ثلاثة سدود فى أوغندا كان مقدرا لهم توليد كهرباء بمعدل 10000 آلاف لم يولدوا إلا الربع فقط، لذا هم يبالغون حتى يظهروا للعالم أنه سد توليد كهرباء، السد الأول الذى تم إنشاؤه عبارة عن جزء إسمنتى سعته 14.5 مليار، لكنهم قاموا على يمينه ببناء السد الجانبى أو سد مساعد ليردم مسافة بين جبلين، حتى لا يسمح بخروج مياه النيل وعودتها مرة أخرى إلى السودان ومصر.
وما العلاقة بين السد الجانبى وحجب المياه عن مصر؟
هذا هو السد المشكلة، لأنه لم تركب به أى توربينات لتوليد الكهرباء، لذا فالغرض منه حجب المياه عن مصر وكمية الردم الموجودة به زادت من سعة استيعابه إلى 60 مليارا، هذا فضلا عن 14.5 مليار المخصصة للسد الرئيسى، لذا تحولت سعته إلى 74 بدلا من14.5، وعلى الرغم مما حدث كنا نأمل أنه فى حالة تكثيف مصر للضغوط الدولية، بالتأكيد، كانت إثيوبيا سترضخ فى النهاية وتلغى السد الجانبى، وتعود إلى المعدلات المتفق عليها، ومصر سبق وقدمت العديد من الدراسات إلى إثيوبيا التى أشارت فيها إلى أنها لو أقامت سدين كل منهما سعته 14.5 مليار ستولد كهرباء أكبر من المتوقع أن يولدها السد الخرسانى، لذا كل الملابسات تشير إلى أنه سد تخزين مياه ليس إلا .
إذن كيف ترى الهدف الأساسى من بناء هذا السد الجانبى؟
كما أعلنوا رسميا أنهم يبحثون عن زعامة إقليمية، وطالما استطاع أن يتحكم فى مقدراتك ومنحك الماء يوما بيوم على مدار أيام العام، سيحكم تدريجيا قبضته علينا، وبالتأكيد سيستولى تماما على كل مياه الفيضان، والسؤال الذى يطرح نفسه الآن ماذا نفعل خلال سنوات الجفاف السبع، والتى فى ظل الظروف الحالية بدأت أيامها تزداد، فنحن الآن فى العام الثامن منها بدلا من سبع سنوات، مما لا شك فيه أن إثيوبيا ستحصل خلال سنوات الجفاف على كل المياه، هذا فضلا عن أنه عندما تملأ إثيوبيا بحيرتها بالمياه سيؤثر ذلك على بحيرة ناصر، لأن النيل الأزرق نهر صغير كل المياه الموجودة به 48.5 مليار متر مكعب فى العام، هل يصلح أن يملأ بحيرة 90 مليارا فى إثيوبيا ومثيلتها فى الحجم فى مصر؟ مستحيل وهذا ما نحذر منه.
إلا أنهم يبررون ذلك بزعمهم أنهم سيملأون البحيرة على مدار ثلاث سنوات، وبالتالى سيأخذون نصف ماء السد سنويا، لذا ونظرا لكل ما سبق أن أشرنا إليه، نتأكد أن السد بنى فى الأساس لتخزين المياه وليس لإنتاج الكهرباء كما يزعمون .
وبالتالى مما لا يدعو مجالا للشك، أننا لو تقدمنا بشكوى للأمم المتحدة، مؤكدين فيها أن إثيوبيا تبنى السد بقرار منفرد لم تنسق فيه مع مصر أو السودان، وحتى إنها لم تطبق قانون الأمم المتحدة للمياه، والذى ينص على أن الدولة الراغبة فى إقامة سد عليها أن تقيم كل الدراسات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والمائية اللازمة وترسلها لدول المصب وتعطيها فترة للدراسة تقدر بستة أشهر ومثلها تمهيدا إذا طلبت هذه الدول ذلك، وإثيوبيا لم تقم بأى من ذلك، بل إنها كانت رافضة تماما أن تمنحنا أى معلومات عن السد إذ هى مخالفة، هذا فضلا عن أن القانون يؤكد أن دول المنابع عليها أن تقيم سدودا صغيرة إذا رغبت، حتى إن اتفاقية "عنتيبى" التى وقعت عليها مصر لا تمنح إثيوبيا الحق فى بناء السد، لأن التصويت بها يجب أن يكون بالأغلبية لصالح إثيوبيا فى حالة طلبها إقامة سد وهذا لم يحدث .
إذن الهدف الأساسى هو إضعاف مصر، حتى إنه يعد هدفا رئيسيا بالنسبة لها أكثر من اهتمامها بتنمية إثيوبيا، لأنه ميراث تاريخى يرفعون فيه شعار، لماذا تقدمتم؟ ولماذا تأخرنا؟ والذى يبررونه بأننا نحصل على حصص المياه المخصصة لهم، وتقرير الأمم المتحدة ينفى هذا الكلام، ويثبت أنهم وحدهم يملكون أنهارا داخلية سعتها 22 مليار متر مكعب من المياه، بخلاف بحيرة تانا، والتى تعادل نفس هذه الكمية من المياه التى ينبع منها النيل الأزرق، وبالتالى لديهم أكثر من 50 مليار متر مكعب، وهم يستخدمون فقط 3 % من هذه الكمية لكثرة الأمطار التى تعادل 965 مليارا كل عام، وهناك باحث إثيوبى أخرج بياناً أقر فيه أن حجم السد مبالغ فيه، وأن السد مهدد بالانزلاق عند قدوم أى فيضان غزير لأنه مقام على منطقة ميل .
هل هناك نتائج مترتبة على حجز طمى النيل بخلاف التاثير على كفاءة الأراضى الزراعية؟
حجز الطمى سيحجز معة أوراق الشجر وكل طعام السمك، وبالتالى حجزها سيؤدى إلى موت السمك واختفائه خلال السنوات الخمس المقبلة الأهم من ذلك أن تحليل المواد العضوية المتراكمة خلف السد يستلزم نشاطا ميكروبيا ينتج عنة انعدام الأكسجين من الماء، مما سيؤدى إلى أن يموت السمك خنقا لعدم وجود أكسجين بالماء، وبمرور الوقت وفى ظل التغييرات البيئية سيتحول النهر إلى شبيه بالترعة، لأن المياه ستسير به يوما بيوم، فإثيوبيا تصرف يوميا 133مليون متر لا تكفى وحدها لملء خزان السودان أو خزان مصر .
من الواضح أن مصر لم تستغل كل هذه الحقائق للدفاع عن قضيتها؟
كنت أظن أن المفاوض المصرى سيستغل هذه الحقائق ويقوم بعمل حشد دولى ويشرح عدالة قضيته، وكيف أن مصر تعيش على 5 % فقط من مساحة أراضيها التى أغلبها صحراء، هذا فضلا عن أنها تعانى نقصا فى المياه بما يعادل 30 مليار متر مكعب، وإثيوبيا لديها وفرة 50 مليارا، خصوصا أن نمط الحياة فيها مختلف، حيث يعيش أغلب سكانها على الجبال بما لا يتناسب مع احتياجات السكان عند المقارنة مع مصر، فالمناسب لتوزيع السكان فى إثيوبيا هو السدود الصغيرة لتوليد الكهرباء، إنما سد يقام على الحدود ويبعد عن العاصمة بفارق كبير، فحتى لو كان الهدف من إنشائه هو توليد الكهرباء لتنمية البلاد فهو أمر غريب، لذا واضح جدا أن الهدف منه هو تصدير الكهرباء وليس استخدامها للتنمية، المشكلة الأكبر أنه عند الانتهاء من السد لابد أن تتبعه أربعة سدود صغيرة أخرى، لأن النيل الأزرق يعد هو أكبر نهر فى العالم يحمل كمية طمى بما يعادل 136.5 مليون طن سنويا، وإذا لم تنشأ هذه السدود ستقوم هذه الكمية الكبيرة من الطمى بردم السد خلال عدة عقود، لذا ستقوم هذه السدود بحجز كميات الطمى الضخمة لتطيل عمر السد، وبالتالى عند موافقة مصر على إقامة سد النهضة هى فى الحقيقة توافق على إقامة من أربعة إلى خمسة سدود إجباريا أو ما يطلق عليها سلسلة سدود النهضة، كان الأمل أن تضغط مصر وتمنع إقامة السد الجانبى، حتى إنها عرضت عليهم تمويل السد ومساعدتهم فى بنائه، إلا أنهم رفضوا .
ولما كل هذا الاعتراض على إعلان المبادىء؟
المشكلة أن أغلب مبادئ الاتفاقية تصب فى صالح إثيوبيا، والدبلوماسية الدولية تعنى شيئا مقابل شىء، لذا كنت أرى أن تشترط مصر قبل التوقيع بأحقية إثيوبيا فى إقامة سد النهضة، تعترف إثيوبيا بحصة مصر من المياه، وللأسف حتى اليوم لم تعترف رسميا فى الاتفاقية، لذا نحن اعترفنا بأحقيتهم دون أن نحصل على شىء، وإعلان مبدأ الثقة الذى يردده المسئولون لا يكفى فى ظل الظروف الحالية وبناء الثقة، كما هو معروف عبر التاريخ لا يأتى بنتيجة تخدم الشعوب، فبهذه الاتفاقية أصبحت روح مصر فى يد إثيوبيا، ما الذى يضمن لنا أن إثيوبيا لن تغير سياستها عبر السنين وتنسى جميل مصر فى موافقتها على بناء السد؟
وكيف ينظر العالم إلى سد النهضة؟
عند قيام إثيوبيا بتحويل مجرى النهر منذ عامين كانت عناوين الصحف البريطانية كلها تشير إلى أن إثيوبيا تبنى سدا على جثث المصريين، إذن هذا نوع من الإدانة لم نسع إليه، وضمير العالم أعلن ذلك رسميا، لو استغلت وزارة الرى والخارجية هذا التوجه العالمى، وتقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة كانت كل الدول ستقف إلى جوار مصر وتدعمها وستضغط على إثيوبيا، هذا فضلا عن أن هناك العديد من الدول العربية مثل السعودية والإمارات والكويت التى تملك الكثير من الاستثمارات ستضغط عليها، وبالتاكيد سيجبرونها على الانصياع لرغبات مصر .
ولماذا لم نفعل ذلك؟
للأسف مصر منحتهم كل الحرية دون أن نحصل على أى مقابل، على الرغم من أن المسئولين المصريين عن الاتفاقية يرددون دائما أن هدفهم دعم أواصل الثقة، والاتفاقية أعطت لإثيوبيا كل ما تتمنى، ولم تضمن لمصر أى شىء على الرغم من أننا خلال الثلاث سنوات الماضية نجحت الدبلوماسية الدولية فى إيقاف التمويل الخارجى للسد لأنه سد خلافى، لذا عندما اعترفنا بالسد بشكل رسمى سنسمح بإعادة التمويل مرة أخرى، وعليه كان من أوائل الحضور عند توقيع الاتفاقية مندوب صندوق البنك الدولى ومندوب الإمارات ليشهدا أن مصر وقعت، وبالتالى سيحصلون على التمويل، مما سيؤدى إلى الإسراع ببناء السد، وعبر التاريخ الطويل لم تشهد أبدا الدبلوماسية العالمية اتفاقية على إقامة سد، فى العادة تقام الاتفاقيات بين الدول عن المياه وليس على السدود، كان من الأفضل أن تقام اتفاقية لتقسيم المياه بين مصر وإثيوبيا، بأن تسمح الأخيرة بمرور 72 مليار متر مكعب سنويا من المياه لصالح مصر والسودان، وبعدها يسمح لك ببناء ما ترغب فيه من السدود، لأنك عقب تصديقك على هذه الاتفاقية ستراعى عند بنائك السد بأن تلتزم بكل بنودها كاملة .
ولماذا لم تسمح وزارة الرى بطرح بنود الاتفاقية للتشاور المجتمعى قبل التوقيع؟
لو طرحت على المجتمع ربما كانت ستوجد آراء أخرى من الممكن الاستعانة بها أثناء المفاوضات لدعم موقف مصر، لكن واضح جدا أنهم كانوا يعلمون أن الاتفاقية بها عوار، لذا أخفيت عن الناس ولم يخرج البيان إلا بعد التوقيع
وما أسباب استجابة مصر لبنود هذا الإعلان برغم علمها بالآثار المترتبة عليه؟
أعتقد أن واحدا من أهم أسباب الرضوخ هو فاروق الباز، لاسيما أنه أقام مؤتمرا صحفيا منذ شهرين أعلن فيه تأييده لسد النهضة، وأن من حق إثيوبيا أن تقيم السد، والغريب أنه مستشار لرئاسة الجمهورية، لذا يبدو واضحا أنه طالب بضرورة الموافقة على السد وهم ينظرون إليه على أنه عالم كبير، برغم أننى نبهت أنه متحيز ضد مصر فى سد النهضة، ويجب استبعاد رأيه، لكن يبدو جليا أنهم أخذو برأيه، هذا بالإضافة إلى افتقاد المسئولين عن التفاوض إلى الخبرة .
أصابع الاتهام تشير إلى وقوف إسرائيل وأمريكا خلف إثيوبيا وتدعمانها فى بناء السد؟
إسرائيل ليس لديها خبراء سدود بل خبراء فى المياه وتوصيل الكهرباء وخبراء فى التخطيط، هذا فضلا عن وجود 400 ألف فدان للزراعة فى إثيوبيا، كما أنها مسئولة عن نصف شبكة بيع كهرباء السد بعد الانتهاء منه، والنصف الآخر مسئولية الصين، ومما لا شك فيه أن إسرائيل من مصلحتها إضعاف مصر، وأمريكا بعد أن كانت مؤيدة للسد تخوفت بشدة من التغلغل الصينى فى إثيوبيا، ونستطيع أن نقول إنه منذ 15عاما وقعت الصين فى غرام إثيوبيا، ومولت 5 سدود بها حتى الآن والنهضة السادس، كما أنها تستور د من الصين أغلب موادها الخام، لدرجة أن رئيس وزاء اليابان عندما زار إثيوبيا العام الماضى وجه بوابل من النقد الشديد من الصين، ولم تعد أمريكا تدعم إثيوبيا ضد مصر بل حذرت من التغلغل الصينى فى إثيوبيا، لأنه لن يصب فى صالح مصر، وعليه من الضرورى أن نقف مع الصين كصديق ونطالبها بتقديم الدعم الكافى لموقف مصر لاسيما المتعلقة بتمويل السدود .
ألا تتفق معى فى أن هذه التحذيرات جاءت متأخرة وتم التوقيع على إعلان المبادئ دوليا.. فماذا نحن فاعلون؟
أى إعلان مبادئ لابد أن تتبعه اتفاقيات والعشرة مبادئ تحتاج إلى عشرة ملاحق أولها الملحق الخاص ببند اتفاقية تقسيم المياه بين مصر وإثيوبيا، لابد من الإسراع به وما لم نوقعه الآن لن نوقعه أبدا، وإذا لم توقعه مصر خلال الثلاثة أشهر المقبلة فلن توقعه أبدا، وستضيع حقوق مصر فى مياه النيل، كذلك لابد من إعادة النظر فى بنود عدم الضرر من حيث المسئول عن تحديد حجم الضرر البالغ فى حالة نقص أى مقدار من المياه، يجب أن يحدد بحيث تضمن إثيوبيا امتلاء البحيرتين كذلك توليد الكهرباء فى سنوات القحط الأولى أن تخصص المياه خلال سنوات الجفاف للشعوب بدلا من استخدامها فى توليد الكهرباء، وفيما يتعلق بأزمة الطمى ففى حالة بناء السدود لابد من تقديم التعويض المادى الكافى لمصر لتفادى الأضرار، والأغرب فى الوثيقة وجود بند تشكر إثيوبيا فيه نفسها فى المقابل لابد أن يوضع مبدأ شكر لمصر والسودان على الوساطة والمصالحة .
ما تأثير توقيع الاتفاقية على موقف إثيوبيا الدولى؟
الاتفاقية أدت إلى تضاعف قوة إثيوبيا فى القارة، فكل دول إفريقيا الآن تنظر إليها على أنها الدولة التى روضت وأخضعت المارد المصرى، وفرضت عليه سياسة الأمر الواقع مكانتها فى القارة تضاعفت عشرات المرات، فى المقابل أصبحت مصر الدولة التى لا يصلح معها سوى سياسة الأمر الواقع وتحولت إثيوبيا إلى نموذج لدول حوض النيل فى إخضاع مصر، وبعد الآن لن تستئذن مصر فى إقامة سدود جديدة، بل ستحرص دائما على وضعها تحت ضغط لإجبارها على الموافقة كما فعلت إثيوبيا .
وماذا لو رفضت إثيوبيا؟
إذا رفضت إثيوبيا يجب أن تسحب مصر اعترافها بالسد وتبدأ ابالضغط على الممولين وتتقدم بشكوى إلى منظمة البيئة العالمية بالأمم المتحدة، والتى سبق وأجبرت إثيوبيا على إيقاف السد الثالث على نهر" أمو "بينها وبين كينيا والذى أدى إلى قطع المياه تماما على شمال كينيا وتشريد 200000 كينى برغم إعلانها أنها لن تتسبب فى أى خسائر مائية لكينيا، لذا قام الأهالى نظرا للضرر الشديد الذى تعرضوا له بتقديم شكوى للمنظمة، فقررت إيقاف السد الثالث، لابد أن نتقدم نحن أيضا بشكوى للمنظمة، لأن البيئة النهرية ستدمر, مما سيترتب عليه إصدار قرار رسمى بإيقاف بناء السد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.