صدر للزميل والكاتب ربيع إبراهيم سكر كتاب "المفكر الموسوعي: محمد لطفي جمعة.. حياته وآراؤه الإصلاحية ومعاركه الفكرية"، عن مكتبة "الآداب" بالقاهرة، ويلقي الضوء على حياة المفكر والكاتب والمترجم والروائي والمحامي والناشط السياسي المصري الراحل الدكتور محمد لطفي جمعة ( 18 يناير 1886 15 يونيه 1953) وهو رائد من رواد النهضة الفكرية المصرية الذي كان نصيبه النسيان بعد وفاته رغم انه كان ملء السمع والبصر في حياته ، واعتبره الكاتب الراحل رجاء النقاش من عمالقة الفكر والادب النابغين الذين ظهروا في اوائل القرن العشرين واعتبر ظهورهم بمثابة " معجزة حضارية, لأنهم لم يعتمدوا علي أحد سوي أنفسهم فيما قدموه من علم وأدب وإنتاج غزير " . ووشارك جمعة بقلمه وجهده في مقاومة الاستعمار في مصر والعالم العربي ، فعقد المؤتمرات الوطنية بالتعاون مع محمد فريد والحزب الوطني في بروكسيل وباريس وجنيف 1909 و 1910 و 1911 ، وله عشرات الكتب الفكرية والاجتماعية والفلسفية والدينية ومئات المقالات في الصحف والمجلات المصرية والعربية على مدى نصف قرن من الزمان حتى وفاته في 15 يونية 1953، ويطالب المؤلف المؤسسات الثقافية في الدولة ان تتولى طباعة مخطوطات الرواد بدلا من أن تظل إبداعاتهم حبيسة الأدراج والخزائن . والكتاب كان في الأصل مشروع خطة رسالة الماجستير التي أعدها المؤلف في 2003 لتقديمه إلى قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة ، وحصل على موافقة القسم ومجلس الكلية وخطابات رسمية من الكليات المناظرة بالجامعات المصرية بعدم تسجيل موضوع الرسالة لديها إلا ان ظروفا من بينها العمل بالصحافة حالت دون إتمامه لرحلة تسجيل الرسالة في مراحلها الأولى ، ويقدم المؤلف هذا الكتاب للأجيال المعاصرة لتستنير بفكر وتراث لطفي جمعه الذي يجهله الكثيرون كونه ظل في عالم النسيان لاكثر من نصف قرن منذ رحيله . ومن المعلومات الطريفة في الكتاب أن لطفي جمعة هو اخ في الرضاعة للموسيقار المصري المعروف الشيخ سيد درويش حيث قامت السيدة ملوك بنت عيد والدة درويش بارضاع جمعة . ويحكي الكتاب قصة الرسالة التي تلقاها لطفي جمعة من عباس محمود العقاد الذي كان في بدايات حياته ، وتؤكد مكانة جمعة في اوائل القرن العشرين وبدايات النهضة المصرية و انه كان من رموز تلك المرحلة بدليل ان "العقاد " لجأ اليه طلبا للمساعدة . وكتب الكاتب المصري الراحل أنيس منصور مقالا عن تلك الرسالة تحت عنوان " عار علينا ألا يجد العقاد طعاماً! . وكان جمعة من مشاهير المحامين في القضايا السياسية التي شغلت الراي العام المصري ومنها توليه الدفاع عن الرئيس الراحل انور السادات في قضية مقتل أمين عثمان ، وكان من تلامذة لطفي جمعة اول امين عام لجامعة الدول العربية عبد الرحمن عزام .واعترف أعلام المفكرين بمكانة لطفي جمعة في حياته ، فكان الشيخ محمد عبده يخاطبه ب " النابغة الفاضل"، والزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي ب "العلامة"، والشيخ مصطفى عبد الرازق ب (سيدي العالم الجليل والأديب الكبير). وكان جمعة من ابرز الكُتاب الذين شاركوا في العدد الأول من مجلة "روز اليوسف" الذي صدر يوم الاثنين 26 من أكتوبر 1925 الى جانب الأديبين إبراهيم عبد القادر المازني وعباس العقاد والشاعر أحمد رامي. وذكر المؤلف ان جمعة نادى في مقالاته بمجانية التعليم في 1930 ودعا الى عدم انفراد الزوج بالطلاق وطالب بتشريع لتقييد تعد الزوجات وطالب في 1933 بإقامة نصب تذكاري للجندي المجهول ودعا في 1923 بتخصيص قضاة للجنائي وغيرهم للمدني و نادي بتزيين قاعات المحاكم بالميزان رمز القضاء المدني والسيف رمز القضاء الجنائي دلالة علي العدل مع الآيات القرآنية بدلا من عبارة العدل أساس الملك ، وكان أول من نادى بإنشاء نقابة للمسرحيين في عام 1916 ودعا إلي إنشاء وزارة للفنون الجميلة وطالب بإنشاء متحف اجتماعي علي غرار المتاحف الاجتماعية في أوروبا. وأشار المؤلف الى ان جمعة خاض معارك فكرية امام عدد من المشاهير مثل د. منصور فهمي في عام 1913 بسبب رسالته للدكتوراه ( حالة المرأة فى التقاليد الإسلامية وتطورها) ، وفى عام 1926 امام د.طه حسين عندما أصدر كتابه ( فى الشعر الجاهلي)، وقد جمع "جمعة" هذه الردود فى كتابه ( الشهاب الراصد ) ، و رده على ( عبد العزيز فهمى ) عندما أصدر فى عام 1944 كتابه ( الحروف اللاتينية لكتابه العربية ) ، وتناول المؤلف موقف لطفي جمعة من المستشرقين ومن المذاهب الفكرية والأديان.