رشا عامر خبر صغير ظهر على استحياء فى بعض الصحف الغربية، ولم يظهر مطلقا فى أى من الصحف العربية، ألا وهو منع السلطات الإسرائيلية للفنان الفرنسي مكسميليان لو روي فنان الكوميكس الشهير من دخول البلاد، بعد احتجازه في المطار والتحقيق معه لأكثر من أربع ساعات قبل أن تأمره بالعودة إلى فرنسا عقب تسليمه قرارا بعدم الدخول إلى فلسطين لمدة عشرة أعوام، وذلك عندما كان فى طريقه للمشاركة في مهرجان «فلسطين المصورة» الذي كان مقررا عقده في مخيم عايدة في مدينة بيت لحم، أما السبب فى هذه العنصرية الفجة التى ارتكبتها إسرائيل كالعادة فهو أن الفنان الفرنسي ماكسيميليان ليس فقط فنانا متخصصا فن القصص المصورة المتعارف عليه بال(الكوميكس) المشابه لفن الكاريكاتير فإنه زار الضفة الغربية قبل ذلك مرتين وكتب في ذلك عدة كتب مصورة منها «صناعة الجدار»و «ممرات العبور»و «فى أى حال أنت يا فلسطين ؟» و»غزة.. بقعة فى البحر». ولد مكسميليان فى باريس عام 1985، حيث درس بها إلى أن التحق بمدرسة الفنون التطبيقية قبل أن ينتقل إلى ليون ليتخصص بشكل كامل ومتخصص فى فن "الكوميكس" . منذ أن وطأت قدماه غزة عام 2008 ازدادت حساسيته تجاه مشاكل عصره، ولم يستطع أن يمنع نفسه من الدفاع عن القضية الفلسطينية برسوماته الشهيرة، إذ سرعان ما أصدر كتابه المصور "غزة :ديسمبر 2008- يناير 2009 ..بقعة فى البحر" . تتناول رسومات الكتاب وتعليقاته عملية الرصاص المصبوب التى شنتها إسرائيل ضد بدءا من 27 ديسمبر 2008 فى غزة ليسقط على إثرها من الجانب الفلسطينى 1315 شهيدا، بالإضافة إلى أكثر من 5000 جريح، بينما لم يسقط من الجانب الإسرائيلى سوى ثلاثة قتلى من المدنيين وعشرة جنود، إضافة إلى إصابة 113 جنديا و84 مدنيا. والسؤال الذى يطرحه الكتاب هو لماذا؟ لماذا هذه الحرب الدائرة منذ هذا الأمد البعيد؟ ولماذ لم تجد حلا على مدار الستين عاما الماضية؟ تجاهد الرسومات فى هذا الكتاب لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة على لسان سكان غزة وعلى لسان أصوات قوية وعالية فى إسرائيل تقول "لا تتحدثوا باسمنا!" وهى أصوات جماعية موحدة تهدف لفتح آفاق جديدة. بعد ذلك بعامين بناء على نفس الزيارة أصدرمكسميليان كتابه الثانى حول فلسطين والذى اطلق عليه اسم "صناعة الجدار" حيث يستعرض فى هذا الكتاب عن طريق الرسومات لقائه بالرسام محمود أبو سرور فى مخيم عايدة، حيث جمعتهما الصداقة والتى تجددت بعودة مكسميليان إلى فلسطين مرة أخرى فى العام الذى يليه لتتوطد الصداقة بينهما وبناء عليها يكتب هذا الكتاب الذى اطلق عليه اسم "صناعة الجدار" والذى يحكى فيه قصة حياة شاب فلسطينى. ولإلقاء الضوء على حركة تعايش التى ولدت فى كل من فلسطين وإسرائيل عام 2000 فان الرسام الفرنسى وضع كتابه الجديد تحت عنوان "ممرات العبور" والتى يستعرض فيها قصة حياة شابين أحدهما فلسطينى والآخر إسرائيلى يسلكان معا ممرات العبور بهدف التشجيع على عمل اتصالات من خلال المسارات الفردية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بهدف إيجاد بديل للصراعات التى لاتنتهى. فى عام 2012 يذهب مكسميليان إلى فلسطين مرة أخرى ويعود ليرسم صورا جديدة تحت عنوان "فى أى حال أنت يا فلسطين؟ خريطة لطرقات الضفة الغربيةالمحتلة "، جاء هذا الكتاب ثمرة أيام عديدة قضاها مكسميليان فى الأراضى المحتلة فى فبراير 2012، حيث يعطى الحديث فى هذا الكتاب للفلسطينيين الذين يعيشون هناك، يستعرض رأيهم فيما آلت إليه أحوالهم. وبعيدا عن الملاحم التاريخية والتصريحات الرسمية، فإن شهادة الفلسطينيين فى هذه الخريطة تستعرض الحلول المتاحة بناء على طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة عام 2011 وبالجدل الشديد الذى آثاره هذا الطلب، وبالتالى يناقش الكتاب أفضل الحلول، هل هو حل الدولة الواحدة؟ أم الدولتان؟ ما المطلوب؟ هل هو ممكن؟ ما مصداقية هذا الحل؟ بالرسومات التى يحملها الكتاب يظهر لنا الأرض المقدسة أقرب للسياسة منها إلى الدين.