شاهيناز العقباوى جاء إعلان رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، عن فوز الشركة بعطاء إنشاء 15 صومعة جديدة للغلال فى 11 محافظة بقيمة بلغت أكثر من 2.2 مليار جنيه من المشروع القومى لإنشاء 50 صومعة بمثابة بارقة الأمل التى تفتح العديد من المجالات الاقتصادية والزراعية التى تحتاجها مصر، لاسيما فى مجال زراعة واستيراد احتياجاتنا من القمح، خصوصاً إذا علمنا أن الهادر منه يكلف الدولة سنويا المليارات، وعدم توافر أماكن للتخزين تجعلنا مضطرين إلى الاستسلام لاستغلال التجار، لذا كان هذا المشروع من المشروعات التى تمثل أمناً قومياً لمصر، ونظرا لأهميته حاولنا مناقشته خلال التحقيق التالى. بداية تؤكد الدكتورة نادية عزت، عميد كلية العلوم جامعة الأزهر الأسبق، أنه من الضرورى أن نوضح أهمية الصوامع فى كونها أكثر تطورا من الشون التي تعتبر مخزناً مؤقت للقمح، وللأسف يكثر استخدامها فى مصر، والصومعة عبارة عن مبنىً مجهز لتخزين القمح، وتحميله وتفريغه قبل بيعه أو استعماله، وتوجد الصوامع عادة فى المزارع والطواحين ومحطات السكة الحديدية والموانئ، ويخزن فيها القمح كالشعير وهي أهم أنواع المخازن، وتوجد أنواع للصوامع فى مصر، لكن أفضلها الصوامع المعدنية، لكن للأسف تفوق تكلفة إنشائها الصوامع البلاستيكية، لكنها أكثر أمنا وحفاظا على القمح. لذا والكلام يعود إليها دعم مشروع إنشاء الصوامع الحكومية سيسهم فى تقليل الفاقد من القمح سنويًا، الذى يبلغ أكثر من 30 % من المتوافر أي ضعف ما تعلنه تقارير وزارة الزراعة، وذلك لسوء منظومة التخزين المتبعة حاليًا فى مصر، من حيث الاعتماد على الشون الترابية التي تجعل المحصول معرضاً للتلف وفقده نتيجة تغذية الطيور والقوارض عليه، لاسيما أن إجمالي ناتج محصول القمح يبلغ 9 ملايين طن وما يتم توريده للحكومة هو 3.5 مليون طن فقط، وذلك لعدم توافر أماكن للتخزين تستوعب الكميات المنتجة. واعتبر الدكتور عبدالرحمن عيد، بكلية الزراعة جامعة القاهرة توجه الدولة لبناء الصوامع من المشروعات القومية الوطنية، خصوصاً أن الصوامع المملوكة للدولة فى الوقت الحالى لا تكفى لتخزن سوى 20% من الاحتياجات أى ما يعادل 1.95 مليون طن من إجمالى 14 مليون طن قمح تحتاجها مصر سنويا منها 9 ملايين طن إنتاج محلى والباقى يستورد من الخارج، وبالتالى تعتبر الصوامع بمثابة أمن قومى لمصر لحمايتها من المخاطر وتقلبات الأسواق، هذا فضلا عن دورها فى تأمين الغذاء الكافى طبقا للفترة الزمنية التى تحتاجها الحكومة، وهى بذلك تقينا من الوقوع المتكرر فى الأزمات لتوفير احتياجاتنا من القمح. وكشف أننا نخسر سنويا ما لا يقل عن 6 مليارات جنيه نتيجة لسوء تخزين ونقل القمح والفاقد منه، لذا مما لا يدعو مجالا للشك أن توفير هذه الأموال المهدرة على الدولة ستحقق طفرة فى مجال زراعة القمح، هذا فضلا عن أن زيادة عدد الصوامع ستلعب دورا كبيرا فى السماح لزيادة الرقعة الزراعية المخصصة لزراعة القمح، لاسيما أننا أصبحنا نملك وسائل تخزين آمنة، مما سيقلل من حجم الاستيراد وسيوفر على مصر المليارات، وسيرفع بدوره من كفاءة وجودة محصول القمح بمرور الوقت، هذا فضلا عن الدعم الاقتصادى والمستوى الاجتماعى الذى من المتوقع أن يحقق للفلاح ويدفعه إلى زيادة الإنتاج. وأوضحت الدكتورة نهى الدسوقى، بمعهد البحوث الزراعية، أن الإسراع فى إنشاء الصوامع أمر ملح جدا للحفاظ على القمح وتأمينه من الفاقد الذى يتعرض له سنويا، هذا فضلا عن أننا بذلك إذا استطعنا توفير صوامع كافية لتخزين ما نحتاج إليه سنويا سنتمكن من شراء القمح من مصادر مختلفة، وستكون لنا القدرة على التفاوض فى الأسعار لاسيما أننا نملك أماكن التخزين التى تساعدنا فى توفير الكمية التى نحتاج إليها فى أى وقت وأى مكان، وبالتالى سنوفر ملايين الدولارات التى تهدر سنويا، لأن الأمر لا يتعلق بالفاقد وحده بل إننا أحيانا وعلى حد قولها نشترى القمح بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار العالمية لحاجتنا إليه فى توقيت يصعب توفيره، لذا نضطر إلى الخضوع للأسعار التى يحددها التجار ولا يسمح لنا بالتفاوض فى هذا الأمر لأننا مرغمون على القيام به. وقالت: إنه سبق وأجرت العديد من الحكومات دراسات حول مدى احتياجنا لإنشاء الصوامع، لاسيما أننا لا نملك سوى 100 صومعة فى حين أن احتياجاتنا تفوق أكثر من 400 صومعة فى الوقت الراهن، وبالتالى توفير العدد الكافى منها أصبح أمرا ضروريا وعليه فتوجه الحكومة لإحياء هذا المشروع ودعمه، والدعوة لمشاركة القطاع الخاص به والدفع بالمشاركات الخارجية سيزيد من كفاءته ويسرع من الانتهاء منه، لاسيما أنه أصبح من الضروريات.