شاهيناز العقباوى ملف القمح شائك وله العديد من الأوجه، لكن المؤكد أن مشاكل قضية القمح متراكمة ومتعددة، إذ يكفى أن نعرف أن هناك هدرا سنويا يصل إلى 6 مليارات جنيه بسبب عدم وجود صوامع كافية للتخزين، حيث لا تملك مصر سوى 100 صومعة لا تكفى سوى لتخزين نحو 1.5 مليون طن. الخبراء أكدوا أن إقامة الصوامع سيوفر على الأقل 6 مليارات جنيه سنويا، ويضمن جودة الأقماح، لكن المشكلة تكمن فى عدم وجود استثمارات جاذبة فى هذا المجال..وربما كان هذا بسبب اتجاه الدولة المصرية إلى الاتفاق مع دولة الإمارات لبناء نحو 100 صومعة جديدة. «الأهرام العربى» تفتح ملف بناء صوامع للقمح فى مصر لوقف الهدر الذى يكلف الخزانة العامة نحو 6 مليارات جنيه سنويا، وربما كان هذا المبلغ يكفى لبناء أكثر من 400 صومعة، وهى الصوامع المطلوبة لتخزين كل ما يتم استيراده من قمح. أكدت الدكتور نادية عزت، عميد كلية جامعة الأزهر، أن الإسراع فى إنشاء الصوامع أمر ضرورى وحيوى للحفاظ على القمح وتأمينه من الفاقد الذى يتعرض له سنويا، هذا فضلا عن أننا بذلك إذا استطعنا توفير صوامع كافية لتخزين ما نحتاج إليه سنويا سنتمكن من شراء القمح من مصادر مختلفة، وستكون لنا القدرة على التفاوض على الأسعار، لاسيما أننا نملك أماكن التخزين التى تساعدنا فى توفير الكمية التى نحتاج إليها فى أى وقت وأى مكان، وبالتالى سنوفر ملايين الدولارات لأن الأمر لا يتعلق بالفاقد وحده، بل إننا أحيانا نشترى القمح بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار العالمية لحاجتنا إليه فى توقيت يصعب توفيره، لذا نكون عرضة للأسعار التى يحددها التجار ولا يسمح لنا بالتفاوض. ونوهت إلى أن الحكومات السابقة أجرت العديد من الدراسات حول أهمية إنشاء الصوامع، لاسيما أن مصر لا تملك إلا 100 صومعة، فى حين أننا نحتاج إلى أكثر من 400 صومعة، ومن الصعب توفيرها فى الوقت الحالى لارتفاع تكاليف الإنشاء، خصوصا أننا ندرك جميعا الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد، لذا كانت مبادرة توفير جزء من الدعم المادى الذى تتلقاه مصر أمرا جيدا جدا، لكن يجب أن يستمر، فلا يكفى إنشاء 10 صوامع فقط فى الوقت الراهن، ولكن ممكن أن نعتبرها بداية لنكمل الطريق خصوصا أن احتياجاتنا من القمح فى ازدياد مستمر، وبالتالى توفير العدد الكافى منها أصبح أمرا ضروريا جدا..ولكن - والكلام يعود إليها - الأمر لا يتوقف عند إنشاء الصوامع وحدها، فيجب النظر إلى المشكلة بكل جوانبها ووضعها تحت الدراسة للوصول إلى أسرع النتائج، لذا من الضرورى وضع تصور للأماكن التى يوجب أن توجد بها الصوامع، وعليه لابد من مراعاة إنشائها بالقرب من الموانئ لتسهيل عملية نقل القمح المستوردة عن طريق الميناء حتى لا نخسر الأموال التى نوفرها وننفقها على نقله لأماكن التخزين ونفقد الكثير أثناء النقل..بينما اعتبره الدكتور صلاح محمود، الأستاذ بكلية الزراعة من المشروعات القومية المهمة الخاصة بحماية أمن البلاد، لاسيما إذا علمنا أن الصوامع المملوكة للدولة فى الوقت الحالى لا تعطى سوى 20 ٪ من الاحتياج، أى ما يعادل 1.95 مليون طن من إجمالى 14 مليون طن تحتاجها مصر سنويا من القمح، منها 6 ملايين طن إنتاج محلى والباقى يستورد من الخارج، وعليه فأمننا القومى المتمثل فى توفير رغيف الخبز مهدد من وقت لآخر، هذا فضلا عن أننا نخسر سنويا ما يعدل 6 مليارات جنيه نتيجة فقدان كميات كبيرة من القمح بسبب سوء التخزين وعدم توافر الصوامع اللازمة، لذا نحتاج إلى أكثر من 400 صومعة مجهزة بالشكل التكنولوجى الحديث لاستيعاب حجم المخزون الإستراتيجى الذى من المفترض ألا يقل عن مليونى طن. وأوضح أن الحكومة فى الوقت الراهن عاجزة عن توفير المال الكافى لبناء ما نحتاجه من الصوامع، لذا من الضرورى البحث عن اتفاقيات دولية جديدة ومنح لبناء المزيد منها فى أقرب وقت ممكن، لاسيما أن الوضع الدولى العام ينذر بارتفاع فى أسعار الحبوب، خصوصا القمح، وعليه يجب تأمين احتياجاتنا منه سواء بالزراعة أو التخزين، هذا فضلا عن دفع القطاع الخاص للمشاركة فى عدم المشروع ولا مانع من جعل إنشاء الصوامع من المشروعات القومية الكبرى إذا علمنا أنها ستوفر أكثر من 4 مليارات جنيها سنويا مع تأمين مخزون إستراتيجى كاف يحمى البلاد. بينما يقترح الدكتور أحمد عيد، الأستاذ بمركز البحوث الزراعية لتفوير الإماكانيات والأموال من الممكن إنشاء صومعة واحدة تخدم عددا من المحافظات بشرط أن تكون مجهزة ميكانيكيا تساعد فى الحفاظ على المخزون بدلا من عملية الشون والأجولة التى تهدر الكثير القمح، لكن من الضرورى أن تكون قريبة من أماكن الزراعة والنقل..وقبل أى شئ - والكلام يعود إليه - من الضرورى عمل الدراسات الكافية سواء الزراعية والعلمية لتحديد أفضل الأماكن التى يفضل إقامة الصوامع بها، هذا فضلا عن عمل المزيد من الدراسات التكميلية التى تخدم المشروع ليصبح قوميا وهدفا نافعا فى حد ذاته.