كتب رئيس التحرير كل يوم تتأكد حقيقة تواطؤ حكومة الببلاوى فى التعامل بحزم وحسم فى محاسبة الإرهابيين والقتلة والمحرضين على حرق مصر من الجماعات الجهادية والتكفيرية، وفى مقدمتهم جماعة «الإخوان» وأن حكومته هى أحد أهم أسباب زيادة عنف وإجرام الجماعة الإرهابية فى الشارع المصرى الآن، وأنه يجب محاكمة رئيس هذه الحكومة على ما فعله فى مصر خلال فتره توليه المسئولية، وما نجم عن تقاعسها وقراراتها المرتعشة. فقد كشفت مصادر حكومية رفيعة المستوى ل»الأهرام العربى «عن أن قرار حكومة الدكتور حازم الببلاوى، الصادر فى 25 ديسمبر 2014 وعقب اجتماع لها استغرق أكثر من 6ساعات - باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية " لم يكن سوى "شو إعلامى"، وأنه لم ينشر فى الجريدة الرسمية، ولم يتم تفعيله، وبالتالى لم تخطر به الجهات المعنية رسميا بالداخل أو الخارج كما كان يتردد، وأنه ظل قيد القرارات الموضوعة على أرفف دواوين وأرشيف المجلس بقصر العينى! بل إن الرئيس عدلى منصور، عندما تلقى الدعوة لحضور القمة العربية بالكويت، وبدأ فى إعداد خطابه، طلب القرار من الجريدة الرسمية لتضمينه ضمن كلمته حتى يتسنى مطالبته الدول العربية والعالم أجمع كله للعمل بهذا القرار المصرى، بحظر نشاط جماعة الإخوان، واعتبارها منظمة إرهابية، فجاءه الرد بأنه غير منشور، فى تكرار لما قامت به وزارة الخارجية بعدم إرسال القرار إلى دول العالم وإلى سفاراتنا بالخارج لتفعيله والعمل به! المهندس إبراهيم محلب، عندما فوجىء بهذا الأمر، عالج الأمر فى سرية تامة وبتفكير رجل الدولة المتزن، مستغلاً الحكم الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بجلسة 24/2/2014، والتى تحمل رقم 3343 باعتبار جماعة الإخوان المحظورة منظمة إرهابية، وأصدر قرارا بتنفيذ هذا الحكم ونشره بالجريدة الرسمية متضمنا الآتى: 1 توقيع العقوبة المقررة قانونا لجريمة الإرهاب على كل من يشترك فى نشاط الجماعة أو التنظيم أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأى طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها. 2- توقيع العقوبات المقررة قانونا على من انضم إلى الجماعة أو التنظيم، واستمر عضواً فى الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا القرار. 3- إخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998، بهذا القرار. 4- تكليف القوات المسلحة وقوات الشرطة بحماية المنشآت العامة، وتتولى الشرطة حماية الجامعات وضمان سلامة الطلاب من إرهاب تلك الجماعة. كما كشفت المصادر عن أن حكومة الببلاوى كانت تتعامل ب"رفق وارتعاش "مع ذلك فصيل الإخوان الذى يسعى لقلب الحكم ويعلن تعاونه واستقواءه بتنظيم القاعدة، وأن هذه الحكومة فرطت فى حق الوطن، وأصمت أذنيها عن الاستجابة للمطلب الشعبى بحل جماعة الإخوان واعتبارها جماعة «إرهابية» وتقاعست عن تطبيق قانون الجمعيات الأهلية ذاته، والذى يعطى لوزير التضامن الاجتماعى الحق فى حل جمعية الإخوان المسلمين نظراً للمخالفات التى شابت إشهارها، واستخدام مقرها فى مكتب الإرشاد بالمقطم قاعدة للعدوان وإطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين. حكومة الببلاوى، التى تعد الأولى لمصر عقب ثورة 30 يونيو، واستغرق تشكيلها ثلاثة عشر يوماً، وهى كانت فرصة مواتية لجماعة الإخوان لحشد أنصارها فى اعتصامى رابعة والنهضة، ثم استغرقت ما يقرب من الشهرين حتى تتخذ القرار بفض الاعتصامين، وهو القرار الذى طال انتظار المواطنين له، بعد أن استفحل خطر المعتصمين غير السلميين وزادت سطوتهم فى تخزين الأسلحة وسحل المواطنين وتعذيبهم داخل رابعة والنهضة، وتعددت اعتداءاتهم على رجال الشرطة، مما أدى إلى استشهاد أكثر من مائة منهم وإصابة ما يزيد على ألف آخرين، يطالب البعض بمحاكمتها برغم وجود الكثير من أعضائها فى الحكومة الحالية – لتقاعسها وتواطؤها وتسببها فى ضياع المليارات التى جلبتها من الدول العربية الصديقة، التى قدمت لها المنح لمساندتها فى تجفيف منابع الإرهاب بعد قراراها "الوهمى"باعتبار الإخوان منظمة إرهابية! وربما تكون استقالة نائب رئيس الجمهورية الدكتور محمد البرادعى، الذى كان له دور رئيسى فى اختيار بعض قيادات حكومة الببلاوى الذين لهم ولاء لأمريكا والغرب الرافض ل3يوليو، وعزل الحاكم الإخوانى محمد مرسى، ووجود البعض من هؤلاء فى حكومة الببلاوى، وعلى رأسهم نائباه زياد بهاء الدين وحسام عيسى الذى ألقى بيان الحكومة بشأن اعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، ورغم ذلك وقف ضد تفعيله. ولا يفوتنا أن نسوق فى هذا الإطار التصريحات التى أدلى بها السفير بدر عبد العاطى، المتحدث باسم الخارجية عقب القرار، حيث قال فى تصريحات بتاريخ 27ديسمبر: إن المكالمة الهاتفية التى جرت بين نبيل فهمى، وزير الخارجية المصرى وجون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، حول استفساره عن قرار الحكومة المصرى باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لم يتطرق كيرى فيه إلى تقييم قرار الحكومة المصرية بإعلان الإخوان جماعة إرهابية، وأنه استفسر عن القرار وعن نطاق تنفيذه، لافتا النظر إلى تأكيد كيرى ترحيب الولاياتالمتحدة بالتزام الحكومة المصرية بتنفيذ خارطة الطريق. وأشار عبد العاطى إلى ضرورة التمييز بين مستويين من التعامل، الأول هو المتابعة وهو أمر عادي، لأن مصر دولة اقليمية كبيرة ومؤثرة ولا مانع لدى مصر من متابعة الخارج لها، والمستوى الثانى هو التدخل فى الشأن المصرى، وهو ما ترفضه مصر شكلا وموضوعا. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية، ذكرت -آنذاك -أن جون كيرى أبدى لنظيره المصرى اعتراضا على قرار الحكومة باعتبار الإخوان جماعة إرهابية! ولنفس السبب أيضا تم التعجيل بإقالة هذه الحكومة المرتعشة، واختيار الوزير النشط فيها إبراهيم محلب لتشكيل الحكومة الجديدة، ولم يستغرق فى اختياراته سوى 48ساعة فقط، حتى حلفت اليمين أمام رئيس الجمهورية عدلى منصور بمن فيهم المشير عبد الفتاح السيسى الذى قدم استقالته منها أواخر الشهر الماضى لخوض السباق الرئاسى، نزولا على رغبة شعبية عارمة، وخلفه فى منصبه كوزير للدفاع الفريق أول صدقى صبحى. واللافت للنظر، كذلك أن قرار مجلس الوزراء «الوهمى» باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية،رغم أنه قد أثار العديد من التساؤلات - حين صدوره - فإن الحكومة لم تهتم بالرد عليها، ولم تتصاعد نبرات الشجب والإدانة من وسائل الإعلام وأبواق الفضائيات التى تصدعنا ليل نهار بأمور تافهة، وكأن الأمر كان متفقا عليه وضمن الأجندة الأمريكية–الغربية . ومن هذه الاسئلة والاستفسارات -على سبيل المثال - ما آليات تنفيذ هذا قرار اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، خصوصا أنه لم يصدر رسميا؟ وما مدى قانونيته، وإمكانية تطبيقه؟ حيث رأى البعض أنه ليس له أى أثر، لأنه لم يصدر من الجهة المختصة، ولا يتعدى كونه بيانا سياسيا، يتضمن أجزاء من المادة 86 من قانون العقوبات. بينما قال آخرون: إن صدوره من مجلس الوزراء، بمثابة إشارة لقوات الأمن بالقبض على أعضاء الجماعة! فيما ألمح البعض إلى أن الحكومة لعبت على وتر الاحتقان الشعبى ضد الإخوان ولم تفعل قرارها، بدليل خروج مسيرات مؤيدة للقرار الشفوى فى عدة محافظات من طنطا والمحلة إلى الدقهلية، والسبب يمكن معرفته بسهولة من الشعارات التى رفعها المتظاهرون، فالإخوان فى نظرهم لم تعد جماعة ضد الحكومة أو النظام السياسى إنما «أعداء الدين باعوا الأرض وباعوا الدين». الغريب أيضا فى أمر حكومة الببلاوى "المخلوعة "هو تجاهلها وجود وزارة بها تسمى وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية''، وبادر نائب رئيس الوزراء آنذاك زياد بهاء الدين، بإطلاق مبادرة مشبوهة تتيح لجماعات الإرهاب والعنف العودة مرة أخرى إلى الساحة السياسية واستعادة مراكزهم واستئناف مسلسل الأكاذيب والأضاليل متسترين بالدين، وتأخرت كثيرا فى إصدار قانون «العدالة الانتقالية» لمحاسبة الإرهابيين والقتلة والمحرضين على حرق مصر وقتل قادة وجنود الجيش والشرطة !! يذكر أن قرار حكومة الببلاوى لم يكن الأول الذى تصدر فيها حكومة مصرية قرارا بحظر جماعة الإخوان وحلها، ولا تنفذه، ففى 14 يناير1954 صدر قرار مجلس قيادة الثورة بحل الجماعة وحظر نشاطها، وهو القرار الذى يمكن الاطلاع على نسخته الإلكترونية ضمن أورق ووثائق الأهرام، وهو ما دفع الكاتب الكبير أحمد رجب إلى التساؤل فى عموده «نصف كلمة» عن حقيقة قرار الببلاوى، الذى اتضح أنه «فشنك»!.