باريس خالد سعد زغلول فى إجماع غير مسبوق لم يحدث منذ وفاة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر؛ ذلك الالتفاف الشعبى العريق حول المشير عبد الفتاح السيسي، لكونه يتمتع بجاذبية شعبية، وبكاريزما، لم تتكرر منذ سنوات طويلة. وفى فرنسا تصدر المشير المرشح الأبرز للرئاسة المصرية معظم عناوين الصحف ووسائل الإعلام المختلفة فى تحليلات، ومقالات إيجابية فى ظل الموجة الجديدة من الإرهاب التى تضرب مصر، ليظهر عبد الفتاح السيسي، مخلصا منتصرا لمصر من أزماتها الاقتصادية والسياسية والأمنية؛ وأجمعت على نجاح المشير خلال بضعة أشهر فقط فى كسب شعبية واسعة لا ينازعه فيها أى سياسى آخر. وصفته وكالة الأنباء الفرنسية بأهم شخصية عربية وبأن: «خلف هدوئه الدائم الذى رأى فيه المصريون دليلاً على الثقة بالنفس، تختبئ شخصية ضابط عنيد خاض من دون أن يهتز مواجهة دامية مع جماعة الإخوان المسلمين، الحركة السياسية التى ظلت لعقود طويلة الأكثر تنظيماً فى البلاد». فيما اعتبرت الوكالة أن قرار الإطاحة بمحمد مرسى، كان السبب الرئيسى فى شعبية السيسى، إذ رأى فيه المصريون دليلاً على الشجاعة والإقدام بعد عامين ونصف العام، من الاضطرابات، مشيرة إلى أنه حتى منافسيه المحتملين على مقعد الرئاسة مثل حمدين صباحى، يعترفون بأن «شعبيته جارفة» وبأنه صار «بطلاً شعبياً». وقالت الوكالة: إنه خلافاً للزعامات التقليدية، لم يكتسب السيسى هذه الشعبية معتمداً على الخطب الرنانة أو اللهجة الحماسية، وإنما هو على العكس يتحدث دوماً بصوت خفيض، وبنبرة هادئة ويفضل اللهجة العامية البسيطة على العربية الفصحى، لافتة النظر إلى أنه يفضل مخاطبة عواطف المصريين، ولا يمل من تكرار أن الجيش المصرى «ينفذ ما يأمر به الشعب». ومع استطلاع آراء كوكبة من المفكرين الفرنسيين، كان لشخصية المشير حضور طاغٍ فى فرنسا، كما فى مصر وهى السمات التى يتمتع بها الزعيم الحقيقي، حيث تطغى شعبيته وتتجاوز الحدود، حيث يقول جيلبارنيو؛ النائب فى الحزب الاشتراكى الحاكم وعضو البرلمان الأوروبي: إننى سعيد بصداقتى للدول العربية سيما فى شمال إفريقيا وأحب ككل مواطنى الشعب الفرنسى مصر الحضارة والعراقة والتى تبهر الأمم فى كل العصور، وأراقب ما يحدث فى مصر، وقد برهن الشعب المصرى أن ما يحدث فى مصر أمر مهم وكانت هناك أصوات فى أوروبا تطالب يوم 3 يوليو، بقطع العلاقات مع مصر وبوقف المساعدات الاقتصادية، والجانب الآخر الذى تمثله فرنسا يرفض القطيعة مع دولة محورية فى الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، لذا قررنا الإبقاء على مساعداتنا للشعب المصري، هناك موقف أوروبى إجماعى وهذا أمر جيد جداً على الموقف الفرنسى وفى الوقت نفسه نحن مع وإدانة أعمال العنف، ومحاربة الإرهاب وإجراء حوار سياسي، لأنه يتوجب الذهاب فى أسرع وقت ممكن نحو الانتخابات، وكما يقال بطريقة شاملة للجميع. ولكن ما يبدو أساسياً، الآن، فى الموقف الأوروبى هو الإجماع الذى تم اتخاذه، وتأكيد مبادئنا وفى الوقت نفسه إرادة الإبقاء على الحوار مع الشعب المصرى وممثله الذى يجتمعون عليه، وهنا يبرز المشير السيسى منقذاً وموحداً للبلاد التى فى أمس الحاجة لقائد قوى لأنه يجب أن نصل إلى تحريك الأمور، فى ظل احترام السيادة المصرية وحقوق الإنسان والحريات. ونحن سعداء بخروج دستور مصر الجديدة الذى يتضمن كل مقومات الديمقراطية والدولة الأوروبية العصرية. ويضيف باسكال درو؛ عضو الحزب اليمين الديجولى المعارض ومدير قسم إفريقيا وأمريكا فى مؤسسة الستوم الصناعية قائلا: لا جدال أن المارشال عبد الفتاح السيسي؛ هو رجل المرحلة فى مصر والقادر الوحيد على ضبط شئون البلاد التى دهورها نظام الإخوان، ووضعوها ليس فقط على حافة الإفلاس، ولكن أيضا فى طريق الطائفية وعدم التسامح والانغلاق لأول مرة فى تاريخ بلد الأديان المتعايشة، والتى لم يكن فيها طائفية عبر كل الحقب السياسية؛ كما أن الأحزاب السياسية برغم وطنيتها تعجز عن مواجهة التحديات الجسام فى هذه المرحلة الخطيرة، حيث تواجه البلاد حربا أهلية وطائفية خطيرة؛ ولهذا انسحب عمرو موسى، من سباق الترشح للرئاسة لأنه وقت الأقوياء الحازمين وليس وقت السياسيين ؛ ونرى أن السيسى يتقمص هنا دور ديجول حينما انفلتت الأمور فى فرنسا من يد القوى السياسية فنادوه لكونه قائداً عسكرياً قوياً، ولبى النداء وأنقذ فرنسا ووضعها فى مصاف الدول العظمى. والعالم برمته ينتظر برنامج ديجول مصر ليراقب كيف يخرج بالبلاد سياسيا وأمنيا واقتصاديا إلى شاطئ الأمان وينقذها من أمواج الإرهاب والانفلات الأمنى والتخبط السياسى والكارثة الاقتصادية؛ وبحكم معرفتى بتاريخ عظماء مصر أرى أنه سيكون قائداً عظيما لمصر، لأن من ناداه لقيادة مصر ليس فقط القوى السياسية الوطنية بل الشعب المصرى العريق. ويشير شارل سان برو؛ أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة باريس ومدير المركز الفرنسى للدراسات الجيوسياسية إلى أنه يكفى أى شخص حينما يذهب إلى مصر ليلمس الجو الشعبى العام، أن المارشال السيسى يحمل آمال أمة بكاملها؛ وهو يدخل التاريخ من نفس الباب الذى دخله أيزنهاور فى أمريكا، وتشرشل فى بريطانيا، وديجول فى فرنسا، وعبد الناصر فى مصر؛ فحينما تواجه البلاد أصعب مراحلها، فإن الشعوب تلتف خلف أقوى رجل فى البلاد وتحمله أهم الأمانات ولهذا فهناك إجماع شعبى طاغ فى مصر على رجل المرحلة ليحقق طموحات الشعب المصرى وينقذ البلاد من الكوارث التى كادت تفترسها؛ ولا نرى أى مشكلة حينما يستقيل جنرال من مناصبه العسكرية ليتولى القيادة السياسية فى البلاد ويتم انتخابه ديمقراطيا؛ وأرى أنه ضرورة لإعادة الاستقرار والأمن لدولة عريقة كمصر يكون ازدهارها السياسى والاقتصادى ازدهارا ليس فقط لمنطقة الشرق الأوسط بل كذلك ينعكس على ازدهار أوروبا. ويوضح آلان جلاش، مدير تحرير صحيفة لوموند ديبلوماتيك أن السيسى سيأتى رئيسا للجمهورية لكونه مطلب الأغلبية الشعبية، ولكونه أقوى من يوجد على الساحة المصرية، ولكننا نريد أن نرى برنامجه السياسى ورؤيته لإنقاذ مصر من كارثة. ويشدد كريستيان مارلار؛ رئيس تحرير الشئون الدولية بقناة فرانس 3 على أن المشير السيسى لم يقم بانقلاب عسكرى فى مصر برغم أنه أوقف رئيس الجمهورية وحدد إقامته؛ ففى الواقع ما قام به هو دعم الجيش للحركة الشعبية الكبيرة، لا سيما من فقراء الشعب، وبرغم أن الرئيس مرسى جاء بالجنرال السيسى ووضعه على رأس الجيش وعلى وزارة الدفاع والحربية وكان من البديهى أن يعلن له الولاء التام، لكنه وضع مصلحة الشعب المصرى قبل مصلحته الشخصية ورفض كلياً مخطط الإخوان بالتوجه بالبلاد نحو ديكتاتورية دينية. ويرى د. إيريك لوكا؛ طبيب، أن السيسى رجل مصر المحبوب من قبل أغلب المصريين ولا خوف من كونه عسكرياً؛ طالما عليه إجماع شعبى وحزبي. وتتفق معه د. لايانى طبيبة أسنان وتضيف قائلة: سعدنا بسقوط الإخوان الذين يشكلون خطرا ليس على العالم الأوروبي، بل حتى على العالم العربى والإسلامي؛ والسيسى عليم بجسامة المهمة وحجم التحديات الكبيرة، لكن بتكاتف كل القوى السياسية سوف ينجح فى مهمته الوطنية المصيرية. وهو ما تؤكده أيضاً دلفين برنار طبيبة نسائية. ويذكرنا البروفيسور باسكال شينيو، مدير المركز الدبلوماسى الفرنسى بأن علاقة الجيش فى مصر عبر التاريخ إيجابية للغاية؛ فقد بنى مصر الحديثة الجنرال محمد على باشا، وأرسى قواعد النهضة العصرية، وبنى جيشا قويا وأسطولا بحرياً أرعب بهما القوى الأوروبية التى تحالفت ضد هيمنته؛ كما أنه كان أيضا قائداً وطنياً قوياً حارب الاستعمار البريطانى الجنرال أحمد عرابي؛ والجنرال جمال عبد الناصر، الذى كان قويا وضع مصر على قمة الدول المستقلة التى سميت بدول عدم الانحياز، وكانت له مواقف وطنية شجاعة وعظيمة كتأميم قناة السويس، وبناء السد، ثم تبعه الجنرال السادات كان قائداً محترماً ومحبوباً عالميا أنقذ مصر من الإفلاس، وفتحها على الغرب، وأصبحت أقوى حلفاء أمريكا فى المنطقة؛ وبالتالى فالجنرال السيسى لن يكون الاستثناء، والمرحلة العصيبة التى تعصف بمصر فرضته كمنقذ وموحد لجميع القوى السياسية. وتؤكد البروفيسور صوفى لومير، أستاذ القانون الدولى ورئيسة اللجنة العليا لتحكيم أطروحات الدكتوراه فى جامعة دوفين أن الشعوب دائما مع الأقوياء ومع الواقفين على أرضية صلبة وأصحاب شخصيات واضحة ومواقف وطنية؛ ودائما يمتلك الشعوب القرار الصحيح وحينما تجتمع على إنسان فذلك لكونه يستحق؛ والقائد الحقيقى هو الذى يسعى إليه الشعب وتسعى إليه الزعامة وليس العكس؛ ونحن فى فرنسا لدينا مثال فى الجنرال ديجول، فالشعب طالب به لكونه موحد الفرنسيين ومؤسس دولة المؤسسات الحديثة؛ والسيسى يمتلك هذه الصفات، ويتبقى أن نرى نجاحه فى صياغة برنامج إصلاحى سياسى واقتصادى يكون عاملاً موحداً لكل القوى السياسية ليعيد الاستقرار إلى مصر، وبالتالى الرخاء الاقتصادى الذى يحلم به ويتوق إليه الشعب المصرى بعد ثورته المجيدة 25 يناير، والتى كانت بمثابة الزلزال الذى له توابع كما شاهدنا يوم 30 يونيو. ويقول البروفيسور تيرى جرانيه، أستاذ محاضر فى جامعة إكس مارسليا: السيسى شاب بالنسبة إلى أقرانه فى المنطقة العربية ولديه قوة الشباب وحزم العسكرى وشجاعة المحارب ليكون زعيم مصر الجديد الذى يعيدها إلى مكانتها العالمية المفتقدة منذ زمن كبير. البروفيسور أرنو ونواغ، أستاذ فى كلية الاقتصاد: يبدو أن المارشال السيسى لديه قوة حضور وشعبية طاغية لدرجة أن الشعب المصرى يفكر فى إطلاق اسمه على منتجات شوكولاتة وجاتوه، وهى لفتة نادرة وغير مسبوقة على مستوى العالم، وتدل على مدى حب وثقة الشعب المصرى العريق فى هذا الرجل؛ والناس يتحدثون هنا عن كونه ناصراً جديداً لمصر، وأنا أقول إنه قد يكون أكثر من عبد الناصر لمصر حيث يقدر على تحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه الزعيم المصرى الأسبق؛ فزمن الستينيات ليس كزمن الألفية الثالثة، وبالتالى يمتلك كل الحظوظ اللازمة ليتخطى زعامة ناصر. ويرى لويسان راب، البروفسور فى كلية الحقوق جامعة باريس أن المارشال السيسى بمثابة المزيج المتسق بين دهاء السادات السياسى وإستراتيجية عبد الناصر وحزمه؛ وهو مرشح لأن يكون حاكماً قوياً لمصر فى هذه الظروف الكارثية، فقد تعب الشعب المصرى من الإرهاب والفساد والمحسوبيات والديكتاتورية، والتسيب الأمنى وضعف الأحزاب؛ ولا سيما مل من الوعود التى لم تحترم، ولهذا يأملون فى قائد قوى قادر على تلبية جميع الطموحات والأحلام وتنفيذ الوعود. ويوضح رونالد لومباري؛ محلل سياسى فى معهد سان سير، أنه لا جدال فى كون المشير السيسى رجل مصر القوى الجديد الذى فرضته المرحلة والبلاد على أبواب حرب أهلية خطيرة. ويتفق معه توفى إكليماندوس؛ الباحث والأستاذ فى كوليج دو فرانس، مؤكدا أن السيسى حاز على شعبية طاغية تؤهله فى أن يكون رئيسا وطنيا وحرا قويا ومحبوبا ويضيف جريجورى ضابط إطفاء، أن السيسى قادر على إطفاء الحرائق فى مصر خصوصاً الأمنية. ويرى أرولد هيمان محلل سياسى، أن مصر اليوم كما رأيناها يوم 23 يوليو 1952؛ ولكن بمفهوم عصري؛ والمارشال السيسى قائد المرحلة وأقوى رجل فى مصر سوف يقود البلاد وينقذها من المخاطر التى تعصف بها.