جيهان محمود اكتشفت "سليمة إكرام" أستاذ علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالتعاون مع باحثين من جامعة "بريستول" في دراسة حديثة، أن مقابر المصريين القدماء الذين كانوا يتمتعون بالثراء كانت تحتوي على لحوم محنطة معدة ومغلفة بمادة "الراتينج" (وهي مادة صمغية نادرة) مستوردة من سوريا ولبنان –الآن-، وهو ما يؤكد مدى العناية التي كانوا يولونها للحياة الأخرى، عندما كان قدماء المصريون يشرعون في إعداد الموتى للحياة الأخرى، كانوا يحاولون التأكد من أن كل شيء معد لاستقبال الموتى، بما في ذلك الطعام الذي يأكلونه. قام الفريق بتحليل عينات من اللحوم المحنطة الموجودة في عدد من المقابر عن طريق استخدام تقنية التحليل الطيفي الشامل للألوان الغازية؛ ففي مقبرة أباء الملكة "تاي" زوجة "أمنحوتب الثالث" (1386- 1349 قبل الميلاد)، اكتشف الفريق وجود عينة من ضلوع اللحم التي تحوي نوعاً من صمغ "الراتينج" النادر، يُسمى Pistachia. وتذكر "إكرام" أنهم وجدوا كل اللحوم المحنطة قد تم تغطيتها بذلك الصمغ النادر الغالي الثمن الذي تم جمعه من أشجار سوريا ولبنان. قام المصريون القدماء باستخدام الصمغ المستورد الغالي الثمن لحفظ الأطمعة بدلاً من استخدام الصمغ المحلي الرخيص، وذلك يوضح مدى عنايتهم واهتمامهم لا بالمجوهرات والملابس والذهب الموجود في المقابر فحسب، بل أيضاً اهتموا بحفظ اللحوم والأطعمة. تذكر "إكرام" أن ذلك الصمغ الغالي الثمن كان يستخدم لإعطاء اللحوم نكهة خاصة، بالإضافة إلى حفظها من البكتيريا. وتعتقد أنهم كانوا يستخدمون ذلك النوع من الصمغ لإعطاء نكهة خاصة للأطعمة، وبذلك عندما تغطي الطعام بهذا النوع من الصمغ؛ فإنك بذلك تعطيه نكهة خاصة، فضلاً عن تحسين مذاقه، وربما يرجع تاريخ تحضير الأطعمة في منطقة الشرق الأوسط بالطرق الحالية إلى العصر الفرعوني عندما كانت الأطعمة تُغطى بذلك النوع من الصمغ." اكتشفت "إكرام" أيضاً من خلال العمل في هذا الموضوع، مدى العناية التي كان يوليها المصريون القدماء لكل تفصيلة من تفاصيل الدفن. وتنوه "إكرام" إلى أن فريق البحث وجد قطع اللحم الموضوعة في المقابر قد تم اختيارها بعناية، وتعتقد أن عامة الشعب في ذاك الوقت كان بالتأكيد لا يأكل ولا يعرف كل هذه الأنواع من اللحوم خلال حياتهم، فعلى الأقل يستطيعون التمتع بتلك الأنواع خلال حياتهم الأبدية في قبورهم.