الطيب الصادق قبل أن ترحل حكومة الببلاوى نحو أربعة وثلاثين يوما قامت بتعيين ممثلين لمصر فى المؤسسات المالية العالمية، من وزراء المجموعة الاقتصادية الذين قدم معظمهم استقالته، بل المفارقة أن الدكتور زياد بهاء الدين ، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى السابق، قدم استقالته أكثر من مرة وطالب بعدم الاستمرار فى الحكومة، لكن إصرار الببلاوى فى تعيينه ممثلا لمصر فى أكثر من منصب يثير الدهشة. واختلف الخبراء فى المعايير والشروط التى يجب أن تتوافر فيمن يتم تعيينه فى منصب يمثل مصر دوليا، حيث أكد البعض أنه يتم تعيين ممثلى مصر فى المؤسسات الدولية بصفاتهم الاعتبارية وليس بأشخاصهم، لكن ذلك نفاه خبراء آخرون مؤكدين أن المحاباة تلعب دورا كبيرا فى تعيين ممثلين لمصر فى المؤسسات المالية العالمية وهو ما حدث يوم 21 يناير الماضى، حيث قام الببلاوى بتعيين ممثلين لمصر فى عدد من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية دون مراعاة المعايير المعروفة، خصوصا أن البعض يشغل أكثر من منصبا. وقضى القرار الذى حمل رقم "69 لسنة 2014"، بتعيين الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى فى الحكومة السابقة محافظا لمصر لدى البنك الدولى ولدى البنك الأوربى للتعمير والتنمية، ومحافظا فى مجلس محافظى الصندوق العربى وتعيين أسامة صالح وزير الاستثمار السابق محافظا مناوبا له عن هذا المنصب، ومحافظا مناوبا له عن منصب البنك الدولى والدكتور منير فخرى عبد النور، وزير التجارة والصناعة محافظا مناوبا عن منصب البنك الأوروبي، كما تم تعيين هشام رامز محافظ البنك المركزى محافظا لمصر لدى صندوق النقد الدولى ولدى بنك التنمية الإفريقى، وتعيين الدكتور أحمد جلال وزير المالية السابق محافظا مناوبا له عن منصب صندوق النقد والدكتور زياد بهاء الدين محافظا مناوبا له عن منصب بنك التنمية الإفريقى، كما تم تعيين الدكتور أحمد جلال محافظًا لمصر فى مجلس محافظى المصرف العربى للتنمية الاقتصادية فى إفريقيا، والدكتور زياد بهاء الدين محافظا مناوبا له وتم تعيين الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة، محافظا لمصر فى مجلس محافظى الصندوق الدولى للتنمية الزراعية "الإيفاد" ومحافظا فى مجلس محافظى الهيئة العربية للاستثمار، وتعيين السفير عمرو حلمى سفير مصر فى روما محافظا مناوبا له عن المنصب الأول ويعين رئيس بنك التنمية مناوبا له عن المنصب الثاني، كما يمثل مصر فى مجلس محافظى بنك شرق وجنوب إفريقيا للتجارة والتنمية "الكوميسا" الدكتور منير فخرى عبد النور وزير التجارة والصناعة، وتعيين أسامة صالح وزير الاستثمار محافظا مناوبا له. الدكتور وليد الحداد الخبير الاقتصادي، أكد أن حكومة الببلاوى قبل أن تقدم استقالتها قامت بتعيين ممثلين لمصر فى المؤسسات المالية العالمية دون معرفة الشروط والمعايير التى تم اختيارهم بسببها، خصوصا أن الحكومة أعلنت فشلها فى إدراك الأزمة الاقتصادية ولم تقدم جديدا، وقام الوزراء الذين يمثلون مصر فى الخارج بتقديم استقالتهم، حتى إن الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى قدم استقالته أكثر من مرة قبل تعيينه كمحافظ لمصر لدى البنك الدولى ولدى البنك الأوروبى للتعمير والتنمية، ومحافظا فى مجلس محافظى الصندوق العربى، وما يثير التساؤلات حول هذه التعيينات وهل هو تعيين للوزراء الذين لم يقدموا لمصر شيئا يذكر؟ واستغرب الدكتور حداد هذه التعيينات التى تمت فى قبل نهاية شهر يناير الماضى والمعايير التى تمت بناء عليها، مشيرا إلى أنه فى الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما يتم تعيين سفير مثلا يتم عرضه على الكونجرس ولا يتم تعيينه إلا بعد جلسة استماع لأرائه وتوجهاته ورؤيته وخطته لتطوير التعاون مع الدول مطالبا بضرورة مراجعة التعيينات التى تمت فى الفترة الماضية، والقيام بتعيين من لديهم رؤية لتمثيل مصر وتطوير دورها والتعاون مع تلك المؤسسات الدولية. بينما يختلف مع الرأى السابق السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق، ويؤكد أن تعيين ممثلين لمصر فى المناصب القيادية فى المؤسسات المالية العالمية يأتى بناء على صفاتهم الاعتبارية وتخصصاتهم المختلفة التى تم تعيينهم بها فى مصر، حيث يمثل كل وزير مختص بوزارة معينة فى المنصب المناسب له، مشيرا إلى أنه سيتم تغيير هذه المناصب مع تغيير الحكومة الجديدة، حيث سيتم تعيين هانى دميان وزير المالية الحالى بدلا من الدكتور أحمد جلال وزير المالية السابق فى المناصب القيادية فى المؤسسات المالية العالمية، وكذلك منير فخرى عبدالنور بدلا من أسامة صالح وسيتم بقرار جديد من رئيس مجلس الوزراء ويتم نشره فى الجريدة الرسمية. وأشار إلى عدم حصول هؤلاء القيادات على مقابل مادى مقابل تمثيلهم لمصر فى المؤسسات المالية العالمية، وذلك مثلما يتم تعيين سفير مصرى كمندوب لها دائم فى الجامعة العربية لم يحصل على أجر إضافى لهذا المنصب، مشيرا إلى عدم وجود استفادة شخصية لهؤلاء من هذه المناصب سوى أنهم ممثلون لمصر فى الجهات الدولية باعتبار مناصبهم فى مصر، مضيفا أن هناك اختلافا كبيرا بين تمثيل مصر فى مناصب دولية وبين تعيين مصرى فى منصب مؤسسة دولية كتعيين الدكتور محمود محيى الدين مديرا فى البنك الدولي، حيث قدم استقالته من مصر وتقدم للمنصب بمؤهلاته التى تم اختياره بناء عليها واحتياجه فى هذا المنصب من المؤسسة المالية العالمية. ومن جانبه أكد الدكتور سمير مرقص أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية أن اختيار الممثل المصرى بالمؤسسات المالية العالمية أو أى مؤسسة عالمية أخرى يتوقف على المرحلة فكل مرحلة فى حكم البلاد تحتاج لرجل ذى صفات معينة، ولا يشترط أن يكون وزيرا فمن الممكن أن يكون خبيرا عاديا، ولكن لابد أن يكون ذا خبرة كبيرة فى مجال العلاقات مع المنظمات العالمية، مشيرا إلى أن مصر فى الفترة الماضية كانت تحتاج إلى رجل ذى خبرة ومفاوض جيد وله علاقة طيبة مع تلك المنظمات، وكان الدكتور أحمد جلال وزير المالية الرجل المناسب لهذه الفترة وكان له مردود طيب على مصر، فنجد أن المفاوضات التى أجراها فى هذه الفترة مكنت مصر من توفير 11إلى 13 مليار دولار والتى حلت مشكلة سعر الصرف، لأن مصر فى تلك الفترة كانت تعانى من ارتفاع سعر الدولار الأمريكى أمام الجنيه المصري، وكان هذا له أثر سيئ على الاستيراد ولكن بفضل الجهود التى بذلها جلال استطاعت مصر عبور تلك الأزمة بشكل كبير. كما أشار مرقص أن الخبرة فى مجال المنظمات العالمية تجعل الممثل سواء وزيرا أم غيره له ثقل فى تلك المفاوضات، وبالتالى ينجح فى خلق علاقات جيدة وقوية مع المنظمات العالمية ويحقق هدف الدولة من هذه العلاقات والمساهمة فى تقوية اقتصاد الدولة، مضيفا أن الحكومات السابقة لم تكن تهتم بممثل مصر فى المنظمات العالمية خصوصا أن المشكلة لم تكن مستفحلة كالوقت الحالي، ومصر الآن فى حاجة لخبير فى العلاقات الدولية مع تلك المنظمات سواء كان وزيراً أم لا، والأهم أن تكون لديه القدرة على الإقناع وأن يضع أمام نظرة كيفية تحقيق مصلحة بلاده وتجاوز الأزمات, وأنه حان الوقت لأن يكون ممثل مصر فى جميع المجالات على أعلى مستوى من الخبرة فى التعامل لأنه واجهة مصر.