الطيب الصادق في الوقت الذي تعاني فيه أغلب المؤشرات الاقتصادية من تدهور، غردت البورصة خارج سرب هذا التراجع لتسجل ارتفاعات متتالية منذ 30 يونيو وحتى الآن، برغم استمرار المظاهرات الدموية وزيادة العمليات الإرهابية، حيث تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الرئيسية وسجل 6.93 جنيه مقابل الدولار، بينما سجل في نهاية العام الماضى 6.42 جنيه ، وارتفعت الديون الداخلية والخارجية بشكل غير مسبوق ، وهبطت معدلات النمو الاقتصادي لتصل لنحو 1.6 % ، وارتفعت معدلات الفقر بنسبة 26 % والبطالة لتصل إلي 15 % وزاد تراجع أعداد السائحين القادمين إلى مصر. ومن المفارقة أن إجمالي الدين العام المحلي بنهاية يونيو الماضي بلغ نحو 1.5 تريليون جنيه، بينما وصل إجمالي الدين الخارجي إلى 43.2 مليار دولار، ليصل لأعلى معدلاته على الإطلاق فضلا عن تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي من 36 مليار دولار قبل يناير 2011 إلي 17.2مليار دولار حاليا تتكون غالبيته من المساعدات المالية من السعودية والإمارات والكويت وقطر وتركيا لكن لم تعكس شاشات البورصة هذا التدهور خلال تعاملاتها وارتفع رأس المال السوقي للأسهم المقيدة في البورصة من مستوى 375,6 مليار جنيه بنهاية عام 2012، إلى نحو 50 مليار جنيه بنهاية 2013بنسبة ارتفاع بلغت حوالي 13 %. محمد النجار خبير أسواق مال يقول إن البورصة تأثرت بعد 30 يونيو بالتغير السياسي والاقتصادي مما أسهم في ارتفاع مؤشراتها خصوصاً في الفترة الأخيرة، حيث إن خروج الإخوان من الحكم والسير بانتظام في خارطة الطريق والانتهاء من الاستفتاء علي الدستور كل ذلك كان دفعة قوية للاقتصاد المصري فضلا عن الدعم الاقتصادي الخليجي المتمثل في المنح والقروض، بالإضافة إلي المشاريع التنموية ومن بينها المشروع التنموي لقناة السويس، زاد من ارتفاع البورصة كما أن ضخ الحكومة 60 مليار جنيه حزمة تحفيز لإنعاش الاقتصاد أثر بالإيجاب علي أداء البورصة ..وأشار النجار أنه لا توجد مفارقات في ارتفاع البورصة في الفترة الأخيرة برغم وجود أحداث ومظاهرات دموية، ولكن للأسباب السابقة الذكر، وارتفاع أسواق المال العالمية بشكل ملحوظ بعد حالة من الركود منذ عام 2008 ولمدة 5 أعوام أسهم أيضا في انتعاش البورصة المصرية خصوصاً أن سوق المال المصري جزء من سوق المال العالمي فتأثر بالتبعية بارتفاع المؤشرات وبعد جلب العديد من الاستثمارات العربية والأجنبية استطاع السوق المصري في الثلاثة أشهر الماضية أن يصل إلي 5200 نقطة، وفي زيادة حتى وصلت 5700 نقطة، والآن نقف علي حاجز ال 7000 نقطة وهذا معدل لم نصل إليه منذ عام 2010 وهو مشجع للمستثمرين لجلب استثماراتهم إلي مصر . وتوقع النجار استمرار ارتفاع مؤشرات البورصة خصوصاً بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والانتهاء من خارطة الطريق والدخول في استقرار سياسي وتحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما ينعكس بالإيجاب علي سوق المال. كما تؤكد الدكتورة صفاء فارس، خبير أسواق المال، أن ارتفاع البورصة بدأ منذ أوائل أغسطس الماضي بعد شعور المستثمرين سواء المصريين أم العرب أم الأجانب بعودة الاستقرار بعد وضع خارطة الطريق والسير فيها بانتظام رغم العقبات والتحديات وعدم الاستقرار الحالي وزيادة الانفجارات مع الاحتفال بثورة 25 يناير، لكنها لم تؤثر علي سوق المال لأن المستثمر يشعر بالطمأنينة خصوصاً بعد الانتهاء من الدستور الذي يعد من أهم العوامل التي أدت إلي ارتفاع مؤشرات البورصة بعد وضع المادة الخاصة بسوق المال والتي تحفظ للمستثمرين حقوقهم بالإضافة إلي جلب المستثمرين إلي سوق المال المصري وإنشاء صناديق لدعمه بالإضافة إلي إعادة هيكلة البورصة والتصالح مع الشركات وإعادة الأموال للمستثمرين مثل شركة "وادي كومبو " كما سيتم وضع نظام العملية الرقابية لمنع المضاربات التي تضر بمصلحة المستثمر . وتابعت فارس قائلة: إن مصر أصبحت قادرة علي سداد فوائد خدمة الدين الخارجي مما أسهم أيضا في ارتفاع الثقة وزيادة توافد المستثمرين العرب والأجانب، كما أن رؤية المستثمرين لتحسن الاقتصاد المصري أسهمت في إنعاش البورصة بالإضافة إلي أن المستثمر أصبح علي علم بأسهم البورصة جيدا وأصبح يفرق بين الشركات التي تصلح أن يضع أمواله فيها والشركات التي بها بعض التلاعب فيبتعد عنها، وخصوصاً أن أسعار الأسهم أصبحت متدنية، وكل هذه الأسباب أدت إلي ارتفاع مؤشرات البورصة لتصل إلي 7240نقطة ، متوقعة أن تصل بعد انتخابات رئاسة الجمهورية إلي 8000 نقطة، أما مؤشرات أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة فمن المتوقع أن تصل في شهر فبراير إلي 590 نقطة وهي تعد مؤشرات إيجابية . ويتفق مع الآراء السابقة إيهاب سعيد خبير أسواق المال والاستثمار، حيث يؤكد أن البورصة شهدت في العام الماضي حركة هبوطية مع النصف الأول نتيجة للضغوط الاقتصادية وحالة التخبط التي كانت قد شهدتها حكومة الدكتور هشام قنديل في تلك الفترة ومحاولاتها إرضاء صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض بقيمة4.8 مليار دولار، وقد أسفرت تلك المحاولات عن تعديلات ضريبية لاقت رفضا شعبيا علي المستوي العام, منها ضريبة الدمغة والتي كان لها تأثير سلبي علي أداء البورصة، الأمر الذي دفعها للتحرك بشكل هبوطي. وأضاف أنه بعد 30 يونيو اختلف الوضع تماما، ونجح المؤشر في الارتفاع من مستوي4750 نقطة الذي أغلق مع نهاية يونيو بالقرب منه إلي أن اقترب من أعلي مستوياته السعرية منذ25 يناير عند6870 نقطة محققا نسبة ارتفاع قاربت علي44 % مرجعا هذه الارتفاعات إلي حالة التفاؤل القوية التي سيطرت علي غالبية المستثمرين لاسيما المصريين، مضيفا أن من أبرز القطاعات التي نشطت خلال عام2013 قطاع البنوك ثم الموارد الأساسية، والقطاع العقارى.