الانتخابات البرلمانية الحالية هى الأولى بعد ثورة 25 يناير. وفى المرحلة الأولى ظهرت القوى الإسلامية بعد أن أصبح لها شرعية علاوة على التكتلات وتراجعت أحزاب أخرى بالإضافة إلى عدد من الملاحظات الأخرى من بينها كثافة الترشح للمقاعد الفردية وعدم وجود تمثيل للمرأة. ومن ناحية أخرى، نجد أن دور الإعلام يتعاظم وتزداد أهميته في أوقات الانتخابات، حيث تؤدي تلك الوسائل مهام متعددة تستهدف دعم الديمقراطية وتشجيع المشاركة السياسية. جاء ذلك فى الدورة التدريبية التى نظمها" برنامج الإعلام والتنمية" بمجلة الديمقراطية بمؤسسة الأهرام بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية تحت عنوان "تعزيز مهارات الصحفيين والإعلاميين بالمواقع الإلكترونية فى تغطية الانتخابات" فى القاهرة خلال الفترة من 8- 10ديسمبر2011. وقد حضرها عدد من الصحفيين والإعلاميين بالمواقع الإلكترونية فى الأقاليم. وفى الجلسة الإفتتاحية قالت الدكتورة هويدا مصطفى أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة إن هناك تاريخاً من التعاون بين مؤسسة الأهرام ومؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية التى كانت شريكة فى العديد من القضايا. وهذه الورشة تعتبر من الأنشطة المهمة. فهى تأتى فى إطار مشروع متكامل بدأ بإصدار دليل إرشادى للصحفيين والإعلاميين لتغطية صحفية وإعلامية عادلة ودقيقة ومتوازنة تعزز القيم الديمقراطية وتشجع الحوار والنقاش والمتابعة. وأن ورش العمل ستركز على معايير التغطية الإعلامية للانتخابات البرلمانية. كما أن وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية تأتي في مقدمة الأدوات الأكثر تأثيرا في توجهات المجتمع وأنماط تفكير أبنائه. وإذا كان هذا الدور يمتد ليشمل مختلف مجالات الحياة في كل وقت، فإنه يتعاظم وتزداد أهميته في أوقات الانتخابات، حيث تؤدي تلك الوسائل مهام متعددة تستهدف دعم الديمقراطية وتشجيع المشاركة السياسية من خلال التعريف بأركان العملية الانتخابية وأهميتها في النهوض بحاضر الوطن ومستقبله والأصول الدستورية والقانونية التي تستند إليها ضمانات نجاحها ، وكذلك التعريف بحقوق وواجبات جميع أطراف العملية الانتخابية، بمن فيهم المرشح والناخب ومن قبلهما الدولة ممثلة في اللجان والأجهزة المعنية بإدارة العملية الانتخابية. وأشارت د. هويدا إلي أنه تبرز هنا مسئولية الإعلام في تغطية الانتخابات التي تشمل تحري وتحقق الصحفي والإعلامي من صحة المعلومات والأخبار والالتزام بالدقة في تحرير الخبر ومعالجته والحذر في نشره بالابتعاد عن المبالغة والتهويل والإثارة. وذكر دكتور رونالد ميناردوس المدير الإقليمى لمؤسسة فريدريش ناومان أن انتخابات المرحلة الأولى ظهر فيها بعض المشاكل الصغيرة. وهى فى النهاية قد تكون فنية وليست سياسية، إلا أنه بصفة عامة تعد انتخابات حرة وديمقراطية. وهو كرجل ليبرالى، ليس راضيا عن نتائجها، ولكنها ليست مفاجئة كبيرة للمجتمع المصرى الذى فى الأساس إسلامى والنتيجة توضح هذه الحقيقة. وللأسف هناك أكثر من حزب ليبرالى، ولكنها تواجه تحديات كثيرة داخلية وعامة. وفسر ميناردوس الليبرالية بأنها قيم ومبادئ وهى ليست ضد الثقافة العربية والمصرية وليست ضد الدين وإنما مع الحرية الدينية والتسامح الذى يعد جزءاً مهماً من القيم الليبرالية وفى الوقت نفسه شرط للوحدة الوطنية وأيضا الوئام الوطنى فهو مهم جدا للمجتمع المصرى. وفى محاضرة بعنوان " تطور النظام الانتخابى فى مصر بعد ثورة 25 يناير" قالت الدكتورة هالة مصطفى رئيس تحرير مجلة الديمقراطية إنه فى الوقت الحالى يتم الحديث عن الليبرالية كأنها شىء مستورد. وهى تعنى الحرية. وليست بعيدة عن المجتمع العربى والإسلامى. وهى متجذرة فى الحياة السياسية والفكرية والأدبية والسينمائية. وقد بدأت الحركة الإصلاحية فى مصر فى نهاية القرن 19وظهر معها التيار الليبرالى الذى قاد عملية التحديث وإقامة دولة مدنية حديثة سبقت كل التجارب العربية. ويرجع الفضل إلى ظهور التيار الليبرالى فى مصر إلى رفاعة الطهطاوى والشيخ محمد عبده، ثم أحمد لطفى السيد الذى وضع أول ترجمة لها وهى مذهب الحريين المشتق من الحرية كقيمة عليا تؤمن بها. وقد شجع التعددية السياسية. وفى الأدب نجد نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وفى السينما كل الرواد. وهى تركز على قيم الحرية والمسئولية وتكافؤ الفرص بين الجميع وعدم التمييز واحترام الفرد وليس فقط إقامة أحزاب وقوى سياسية. وقد سلطت د.هالة الضوء على بعض الملاحظات فى الانتخابات البرلمانية. فهى أول انتخابات بعد ثورة 25 يناير. وظهور القوى السياسية الإسلامية وقد أصبح لها شرعية وهم الإخوان المسلمين بعد حصولهم على الترخيص القانونى فى صورة حزب الحرية والعدالة. أيضا ظهور التيار السلفى الذى لأول مرة يكون له دور مباشر فى العملية السياسية والانتخابات وتكون له أحزاب وهى ظاهرة مهمة يجب ترصدها ومتابعتها. أيضا بروز الكتلة المصرية الذى يضم تيارات سياسية مختلفة تنادى بالدولة المدنية وهو ما يسلط الضوء على مفهوم الاستقطاب. أيضا تراجع الأحزاب القديمة والمقصود حزب الوفد وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام. أيضا ظاهرة تكتلات شباب الثورة التى تعبر عن جماعات وائتلافات شباب قادوا ثورة 25 يناير، ولكنها لم تكن على نفس القدر من القوة والتأثير اللذين أحدثتهما الثورة. أيضا ظاهرة كثافة الترشح للمقاعد الفردية وذلك بسبب الفوضى السياسية وعدم قدرة الأحزاب على استيعاب كل الأطراف الانتخابية. وأيضا نسبة تصويت السيدات أكبر من المرشحات وهو مؤشر خادع على حضور المرأة فى الانتخابات. كما يعنى أن المجلس سيكون لوناً واحداً بدون سيدات. وأشارت د.هالة إلى بعض التجاوزات مثل عدم استخدام أساليب الدعاية بشكل يتفق عليه القانون. والدعاية الدينية فى المساجد. وأيضا مكبرات الصوت داخل اللجان للتأثير على الناخبين. أيضا الفوضى فى كتابة بعض النتائج بسبب أصوات المصريين فى الخارج. وقد تم الفرز دون مراعاة قواعد كثيرة. ووجود موظفين حكوميين ومندوبين عن المرشحين أثناء الفرز. وفى محاضرة بعنوان "دور الإعلام فى تغطية الانتخابات: المهام والمعايير المهنية والأخلاقية" قال الدكتور حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام ،جامعة القاهرة إن الإنسان على مدى 2600 سنة كان يكافح للحصول على حقه فى التعبير عن مجتمعه ونفسه بطريقة صحيحة ليس فيها كبح حريات. وبعد تحول أوروبا إلى نمط فيه حرية وزاد على حده الأقصى إذ كانت حرية بدون مسئولية، ظهرت نظرية المسئولية الاجتماعية أى حرية تقابلها مسئولية. وبأية حال من الأحوال، فإن حرية التعبير هى الأساس لأن من حق أى إنسان التعبير عن نفسه ومجتمعه بطريقة صحيحة. وقد أوضح أنه من الناحية الفلسفية نجد ما يدعم ذلك من خلال 1 الإيمان الكامل بالعقل الذى يألف الجدل والنقاش. 2 مجتمعات الحرية تقدم الحصانة عن أى فرد فى المجتمع وقدر من التسامح والاختلاف فى الرأى. ومن الناحية التاريخية، الصحافة فى مصر هى بنت السلطة بحيث لا يجب أن تمس الصالح العام والسلام الاجتماعى. كما كانت تمارس أدواراً وتقوم بالتفسير والتوجيه لما يريده الحاكم. وفى الوقت الحالى، هناك حالة من الفوضى فى الممارسة الإعلامية لها إنعكاسات فى الشارع. فليس لدينا إعلام واضح الاتجاه. والكل يجتهد ويروج لسياسات معينة قد تضارب مع سياسات أخرى. وإعلامنا فى مصر عموما يواجه بسلسلة من القيود والعقبات التشريعية التى تحتاج إلى تغيير. وأضاف أن حرية الإعلام تتطلب: 1 التحرر من الرقابة والقيود 2 حرية الوصول إلى المعلومات 3 تعددية الأصوات. وقد أكد د.حسن أن الديمقراطية لا تتحقق دون وسائل إعلام حرة. ثم انتقل إلى تفسير المهنية وهى تساوى المصداقية. وذكر أن عناصرها: 1 دقة ما تقدمه من معلومات 2 سمعة الوسيلة الإعلامية 3 الفورية أوالسبق الصحفى 4 التفاعلية مع الجمهور أوالمتلقين. وأوضح أن عملية التغطية الإعلامية فى فترة الانتخابات تمر بثلاث مراحل. الأولى وهى ما قبل الانتخابات 1 عرض أفكار القوى السياسية 2 عدم التحيز فى التغطية على خلفية الآراء السياسية 3 تعريف الناخب بحقوقه 4 مراقبة استقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات. الثانية وهى أثناء الانتخابات 1 كشف جرائم الإنتخابات 2 حياد اللجنة القائمة على الانتخابات 3 مراقبة أى تلاعب فى الإدلاء بالأصوات 4 رصد الموانع الانتخابية. الثالثة وهى: 1 تفسير النتائج 2 عرض لآراء محللين مستقلين ومراقبين محليين أو دوليين 3 رصد ردود الفعل بعد الانتخابات ونشرها وتحليل التغيرات التى طرأت فى الناخبين والمرشحين 4 توقع الاحتمالات المستقبلية 5 ضمان حق الرد والتصحيح للأحزاب والقوى السياسية. وفي ورش العمل قال ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي إن الانتخابات أحداث جارية أي الآن، وهنا فإن معالجتها تكون خبرية لأن وظيفة الصحفي هي إنشاء المطالب وعرضها. والانتخابات أخبار وليست دعاية للصحفيين. والأخبار هي كل شيء والجمهور يأخذ من خلاله القرار أو يزيل غموضاً أو يبني سياسة أو يتفادي خطراً أو يحسن أحواله. كما أنها الفرض وغيرها النوافل في الأحداث الجارية. وفي ذلك يتبع الصحفي التالي :التقديم الواقعي أي البعد عن الخيال والمجاز والمفبرك والوضوح والإيجاز واللا ذاتية، أي اختيار المصادر وتوزيع حججهم" فنحن لا نكتب الحقائق ولكن نكتب ما يمكن أن نكتبه لأنه حقيقة". وقد أشار إلي الأخطاء التي يقع فيها الصحفي في التغطية الانتخابية وهي أن العنوان لا يتفق مع النص، وعدم الدقة وتشويه الحقائق وعدم التوازن وهي مشكلة احترافية والحذف الانتقائي واستخدام لفظ الكنية وخلط الرأي بالخبر والانحياز للاستهجان أو الاستحسان. وقد أكد أن صناعة الإعلام تنتج حقائق ووقائع وبيانات وأرقاما وحججا مجردة وإفادات وأحكاما قيمة هي نسب صفات أو أدوار لأعلام ترفع أو تنزل من شأنها بين أهلها. وفى التدريب العملى ركز على تقديم نماذج فى الإنحياز والنزاهة والدقة والإسناد أى نقل العالم وشرحه، بالإضافة إلى اختيار المصادر والسياسة التحريرية ومسار البرهنة والترتيب الأمثل للحجج وأخيرا صناعة الخبر. فى حين قال محمد جمعة خبير التدريب إنه من خلال وسائل الإعلام الحديثة يتم العثور على الأفكار والاتجاهات والمصادر الإعلامية حيث يتم التواصل مع القراء فى أدوات تفاعلية جديدة ودمج وسائل الإعلام الاجتماعية فى غرفة الأخبار. وقد أشار إلى بعض المواقع الاجتماعية ودورها فى الانتخابات. وأكد ضرورة الكتابة المنضبطة والمعنى الحقيقى بحيث لا يتعدى الخبر الإلكترونى 400 كلمة علاوة على أهمية الصورة والتفاعلية.