وزير الإسكان: نشر الإصدار الأول من كتيب الاستفسارات وأجوبتها حول قانون التصالح    أين يقبع جثمان حسن نصر الله الآن؟.. مصدر مقرب من حزب الله يجيب    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    وزيرا خارجية مصر والسعودية يؤكدان التضامن الكامل مع لبنان    مدير فرانكفورت: يصعب التصدي لتسديدة مرموش    محمد رمضان: سهر لاعبي الأهلي؟ متاح في حالتين    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين في انقلاب سيارة بالشيخ زايد    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    عادل حمودة: أحمد زكي كان يزور الطبيب النفسي بعد كل عمل يقدمه    الصحة: فريق الحوكمة يتفقد عددا من المنشآت الصحية بسفاجا ويوجه بإجراءات عاجلة    وكيل صحة بني سويف: إجراء 7 عمليات جراحية رمد ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. منظومة التعليم العالي تشهد تقدمًا غير مسبوق بسيناء    واشنطن تتهم بكين بالوقوف وراء عاصفة الملح    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنية خلال بداية تعاملات الجمعة 4 أكتوبر    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 4 أكتوبر في سوق العبور للجملة    الزمالك يستضيف الأهلي في قمة تاريخية بدوري كرة القدم النسائية    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    منتخب السويس يضم لاعب غزل المحلة    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 4 أكتوبر في سوق العبور للجملة    سقوط عاطل أدار وكرًا للاتجار في الأسلحة النارية بالبحيرة    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    بالصور- تشميع 11 محلا فى حملة بأسوان    وزير الزراعة يبحث مع مجموعة "الغانم" الكويتية تعزير استثماراتها في مصر    نجل أحمد شيبة يعلن مقاضاة بلوجر شهير    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    أفضل أدعية يوم الجمعة مستجابة مكتوبة    وكيل الأوقاف بالغربية: انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف    بحضور وزير الأوقاف.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيد البدوي    الكشف على 1263 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بالبحيرة    المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض: تسجيل 866 حالة وفاة ب"جدرى القرود"    مديرية أمن البحرالأحمر تنظم حملة للتبرع بالدم    صلاح عبدالله يستعيد ذكرياته في لبنان: "أكتر بلد اشتغلت فيها مسرح"    في ذكرى انتصارات أكتوبر، التعليم العالي تنفذ مشروعات ب 23 مليار جنيه بسيناء ومدن القناة    215 شخصًا حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    جيش الاحتلال يطالب سكان أكثر من 20 بلدة جنوب لبنان بالإخلاء    ايه سماحة تكشف مفاجأة بخصوص نهاية مسلسل «عمر أفندي»    آيه سماحة تكشف قصة تعارفها على زوجها محمد السباعي    سعر صرف العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه اليوم    بسبب إمام عاشور وعمر جابر.. نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    مصررع طفلة رضيعة في الدقهلية.. اعرف السبب    رئيس بعثة الجامعة العربية: الرد الإيراني على إسرائيل مبلغ عنه مسبقا.. وشعوبنا تدفع الثمن    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    مايكروسوفت تضيف مزايا ذكية ل Windows 11    بدء تنفيذ 18 ألف وحدة سكنية ضمن مشروع الإسكان الأخضر بأكتوبر الجديدة    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    وليد فواز عن حبسه في مسلسل «برغم القانون»: إن شاء الله أخرج الحلقة الجاية    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    موعد مباراة مانشستر يونايتد القادمة عقب التعادل أمام بورتو والقنوات الناقلة    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء شريف إسماعيل يكتب ل «الأهرام العربي» عن : الصفقة السرية بين أوباما وطهران
نشر في الأهرام العربي يوم 25 - 11 - 2013

راعى انتباهى أخيرا التصريحات المتعاقبة للإدارة الأمريكية حول المفاوضات مع إيران بشأن الملف النووى، باراك أوباما وديفيد كاميرون يؤكدان مجددا دعمهما لصيغة الاتفاق المقترح بين الدول الكبرى وإيران، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيرى يجتمع مع أعضاء لجنة الشئون المصرفية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكى ليطلب منهم عدم المصادقة على فرض عقوبات جديدة على إيران، والخارجية الأمريكية تصرح بأن تشديد العقوبات على ايران فى هذا التوقيت سيؤدى لإجهاض المساعى لحل الأزمة مع إيران دبلوماسيا.
من الواضح أن واشنطن حريصة كل الحرص على إنهاء الأزمة مع إيران على عكس إرادة حليفتها إسرائيل، والتى تحركت دبلوماسيا للتشكيك فى نيات طهران ولإفشال أية مفاوضات تمكن إيران من الخروج من أزمتها.
وهنا يجب أن تستوقفنا الأحداث وأن نحلل ونقرأ ما بين السطور، وحتى نعرف الأسباب الحقيقية التى دفعت الإدارة الأمريكية لهذا التحرك؟ ولماذا تسعى واشنطن إلى التصالح مع حليف الأمس اللدود، وإيجاد مخرج لأزمة الملف النووى على عكس إرادة تل أبيب؟
للإجابة عن هذه الأسئلة يلزم علينا استعراض واقع الأحداث التى واكبت المباحثات وما قبلها والوقوف على بعض الحقائق والربط بينها والتى ستقودنا حتما إلى بعض النتائج والإجابات.
العلاقات الأمريكية الإيرانية كانت علاقات براجماتية بنيت على المصالح، وطهران كانت الحليف الرئيسى لواشنطن فى غزو العراق وكانت فتاوى ملالى قم هى السبب الحقيقى وراء نجاح دخول القوات الأمريكية العراق بدون أية مقاومة من الشيعة، بل على العكس قدمت الدعم اللوجيستى وبالمعلومات للقوات الغازية وحتى سقوط بغداد، من جهة أخرى فإن الإدارة الأمريكية فى أزمة حقيقية والكونجرس أعطى مهلة لأوباما حتى فبراير 2014 لتوفير الموازنة اللازمة لتدبير المرتبات الحكومية، بينما أعلنت جماعات الضغط الصهيونية بواشنطن دعمها لموقف إدارة اوباما، وأنها لن تضغط على الكونجرس لفرض عقوبات على طهران خلال هذه المرحلة وحتى انتهاء المفاوضات.
على الجانب الآخر نجد حكومة نتنياهو سعت جاهدة وبكل طاقتها وعلاقاتها للتشكيك فى نوايا طهران وإفشال المفاوضات، بل وهددت بإمكانية قيامها منفردة - إذا لزم الأمر - بتنفيذ عملية عسكرية ضد المشروع النووى الإيرانى.
أما على صعيد المباحثات بين إيران والدول الستة فى جنيف، فقد وقعت ستة شركات عالمية تعمل فى مجال النفط والغاز عقود طويلة الأمد مع طهران، بالتزامن مع طلب كل من الهند واليابان زيارة حصتهما الاستيرادية من إيران بواقع 3 ملايين برميل لكل منهما من النفط الخام شهريا، كل ذلك فى التوقيت الذى تجرى فيه مباحثات الدول الست مع طهران، حيث نجد إيران قد افتتحت مكاتب تمثيل للشركة الوطنية للنفط بكل من بريطانيا وألمانيا وتركيا، في حين أعلنت بريطانيا عن عودة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على المستوى القنصلى.
كل تلك الحقائق يجب أن تضاف إلى حقيقة أخرى هي أن هناك أزمة حقيقية يمر بها النظام الإيرانى نتيجة الحصار الاقتصادى، وتملل الشارع من الأوضاع الاقتصادية والقيود التى يفرضها النظام عليه، فخسائر إيران السنوية وبسبب العقوبات الاقتصادية تبلغ مائة مليار دولار، وفى حال نجاح طهران فى التوصل للاتفاق ستتجنب خسارة أربعين مليار دولار، كما تنتظر إيران إفراج الولايات المتحدة عن مبلغ 11 مليار دولار من الأموال الإيرانية قامت واشنطن بتجميدها منذ الأزمة مع الخومينى، وهو القرار الذي سيتم فور التوصل لاتفاق مع بين طهران والدول الست.
ما يمكنني قوله هو إن هناك مساعى واضحة لواشنطن لإنهاء الأزمة مع إيران، وإن صح القول فهناك هرولة أمريكية لاحتواء الأزمة الإيرانية والبدء فى مرحلة تعاون إستراتيجى مع طهران لتحقيق أهداف تراها الإدارة ملحة وحيوية ستخدم موقف أوباما وخطط الولايات المتحدة وسياستها المستقبلية والتى تتلخص في عدة نقاط أولاها: أن هناك صفقة سرية بين إدارة أوباما وطهران حول مساهمة الإدارة الحقيقية فى فك الحصار الاقتصادى عن إيران، والإفراج عن الأموال المجمدة بواشنطن ووقف العقوبات الاقتصادية، مقابل حصول الإدارة على تسهيلات اقتصادية من إيران تمكن إدارة أوباما من عبور أزمة فبراير المقبل التي أشرنا إليها، كما أن توطيد العلاقات بين أمريكا وإيران سيسمح لواشنطن بدور رقابى على المشروع النووى وبما يضمن أمن دولة إسرائيل ويجعل من أمريكا شريكا بالملف أسوة بالدور الصينى والدور الروسى.
أما النقطة الخطيرة فهي أن بقاء الدولة الإيرانية قوية، سيضمن استمرار دورها ونفوذها الشيعى بالمنطقة العربية، وبما يسهم فى تحقيق مخطط واشنطن باستمرار الصراع الطائفى السنى - الشيعى، بعدما أفشل المصريون مخطط الإخوان في مصر، فواشنطن تراهن على تزايد النفوذ الإيرانى والدور الشيعى بالمنطقة، مما سيحيحى آمال طهران فى استعادة حلم الامبراطورية الفارسية، وهو ما قد يخدم سياسة واشنطن بعد فشلها فى احتضان نظام الإخوان لتنفيذ سياسة الفوضى الخلاقة، وتقسيم العالم العربى طائفيا وعرقيا لخدمة إسرائيل وإعلان الدولة اليهودية، كذلك فإن التقارب الأمريكى - الإيرانى سيسمح بإيجاد قدر من التوازن فى المعادلة السياسية بالشرق الأوسط لمواجهة التقارب السياسى والعسكرى المصرى - الروسى.
أما على الساحة الداخلية الإيرانية، فإن التقارب الأمريكي - الإيرانى سيدعم بشكل غير مباشر تيار الاعتدال بطهران، ويضعف موقف التيار المتشدد، ويسهم بشكل كبير فى نشر الديمقراطية وتغلغل الثقافة الأمريكية بطهران.
وعلى المستوى الإقليمي فإنه باحتواء واشنطن للموقف الإيرانى سينعكس سلبيا بالتبعية وتلقائيا على موقف النظام السورى وحزب الله، سواء بالنسبة للمفاوضات الجارية حاليا بشأن بقاء النظام السورى أو بالنسبة لأية مفاوضات سلام مستقبلية مع إسرائيل أو حتى بالنسبة للمشروع الأمريكى - الإسرائيلى بشأن تقسيم سوريا، بالإضافة أن التقارب الأمريكى مع إيران سيدعم موقف واشنطن في العراق، ويسهم بشكل كبير فى تنفيذ خطتها فى مكافحة ما تصفه ب «الإرهاب»هناك، ومواجهة تنظيم القاعدة، كذلك فإن الإبقاء على إيران القوية سينعكس بشكل غير مباشر على أمن واستقرار السعودية ودول الخليج، مما سوف يعزز دور واشنطن بالمنطقة العربية فى مواجهة النفوز الإيرانى الذى يهدد استقرار هذه الدول.
وعلى الصعيد الإقليمي أيضا فإن الاقتراب الأمريكى من إيران سيزيد من مخاوف تركيا وسيهذب سلوك أنقرة فى التعامل مع شتى القضايا بم في ذلك علاقتها بتل أبيب، كذلك فإن هذا التقارب سيفيد واشنطن وسيدعم موقفها فى منطقة غرب آسيا وسيدعم موقفها فى مزاحمة سيطرة ووجود النفوذ الروسي والصينى.
كل هذه الشواهد والمعطيات توضح أسباب تحرك إدارة أوباما تجاه طهران، سواء على الصعيد الاقتصادى أو السياسى، لاسيما بعد أن استشعرت واشنطن بفشل مخططها فى توظيف جماعة الإخوان المسلمين لضرب الاستقرار بالمنطقة العربية، ورصدت حجم الكراهية الشعبية التى جلبتها الدبلوماسية غير العاقلة، والتى أفقدت واشنطن الصورة الجميلة التى صنعها إعلامها، فضلا عن مواجهة أية أضرار قد تصيب واشنطن من جراء احتمالات زيادة التنسيق والتعاون المصرى الروسى، وانعكاس ذلك وتأثيره على مصالح أمريكا بالشرق الأوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.