مفيش استعجال براحتهم، أول تعليق من ساويرس على تشكيل الحكومة الجديدة    11 صورة ترصد افتتاح السيسي المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي ولقاء رئيسة المفوضية    بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي.. «العمل»: متابعة برامج تدريبية في مجال الطاقة الشمسية لشباب الأقصر    جيش الاحتلال: تفكيك حماس في رفح الفلسطينية يستغرق عامين    باريس سان جيرمان يرصد مبلغا خياليا لضم لامين يامال    إعدام 485 كيلو أغذية فاسدة في دمياط    الإفراج عن حسن راتب في قضية الآثار الكبرى    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    لمواجهة التحديات الإقليمية.. الرئيس السيسي يستقبل رئيسة المفوضية الأوروبية    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    تعديات على الأراضي ومحال وكافيهات.. الجيزة تشن حملات لرفع المخلفات بالوراق وامبابة    بث مباشر مباراة إنبي وبلدية المحلة في الدوري المصري (لحظة بلحظة) | التشكيل    الزمالك يمنح 200 ألف دولار للمثلوثى والجزيرى من مستحقاتهما المالية    صور.. انهيار أرضي يتسبب في انقلاب سيارة نقل بزفتي    بيل جيتس: الذكاء الاصطناعى يمكنه إنقاذ البشر من تغير المناخ والأمراض    محافظ كفرالشيخ يهنئ الأهالي بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    14 سبتمبر.. نظر جنحة مشرف الأمن في واقعة إمام عاشور ضد "الصقر" أحمد حسن بتهمة التشهير    قسم الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة يحتفل برموز إذاعة صوت العرب بمناسبة 71 عاما على انطلاقها    سلمى أبوضيف: قصة حبي حصلت صدفة والضرب في "أعلى نسبة مشاهدة" حقيقي    الصحة تعلن فحص 2.7 مليون سيدة ضمن مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين»    علامات مبكرة للذبحة الصدرية.. لا تتجاهلها واذهب للطبيب فورا    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    جامعة أسيوط الأهلية تعلن خطتها للفعاليات والأنشطة الصيفية    توريد 610144 طنًا من الأقماح لمراكز التجميع بالشرقية    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني    «رأسه أكبر من المعتاد».. أم تلقي بابنها من الطابق الثاني    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجي بولاق أبو العلا ل28 يوليو    الاتحاد الأوروبي يعلن توسيع العقوبات المفروضة على روسيا    نقيب التمريض تؤكد: مجلس النقابة سيظل داعمًا للوطن وقيادته    غدا.. قطاع الإنتاج الثقافي يحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو على ساحة الهناجر بالاوبرا    "ولاد رزق 3".. حالة حب من الجمهور أم ناجح فنياً ؟    أكرم القصاص: علاقات مصر والاتحاد الأوروبى تعتمد على الثقة وشهدت تطورا ملحوظا    الفريق أسامة ربيع: نسعى لتوطين الصناعات البحرية والصناعات الثقيلة وإعادة الريادة للترسانات الوطنية    وزير الري يُعلن موقف المشروعات الجاري تنفيذها بأجهزة الوزارة عن العام المالي 2023 - 2024    عادل حسين مدرباً لفريق سيدات الزمالك لكرة القدم    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بذكرى 30 يونيو    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    جليلي وبيزشكيان يتنافسان في جولة الإعادة الرئاسية في إيران    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    امتحانات الثانوية العامة 2024.. طلاب علمي يشكون صعوبة الفيزياء وارتياح بالشعبة الأدبية بعد التاريخ بالمنيا    انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الموريتانية    استطلاع: 66% من الإسرائيليين يؤيدون اعتزال نتنياهو للحياة السياسية    السياحة تكشف حقيقة التحذيرات البريطانية والأمريكية لرعاياهما بشأن السفر إلى مصر    ‬صحة جنوب سيناء تطلق 4 قوافل طبية مجانية بقرى ووديان رأس سدر    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الزمالك وسيراميكا في الدوري الممتاز    رمضان صبحي يخضع لجلسة استماع ثانية من أجل حسم مصيره في أزمة المنشطات    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    اليوم.. الحكم علي كروان مشاكل وإنجي حمادة بتهمة نشر الفسق والفجور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حظك اليوم| برج العذراء السبت 29 يونيو.. بشائر النجاح والتغيير بنهاية الشهر    لقطات من حفل محمد حماقي في «ليالي مصر».. شكر «المتحدة» وأعلن موعد ألبومه الجديد    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات من أروقة وزارة التربية والتعليم.. «أرشيف المظالم» فى «ديوان أبوالنصر»!
نشر في الأهرام العربي يوم 09 - 09 - 2013


عبدالخالق صبحى
فرق هائل بين قصر الأميرة فايقة بالمنيرة - مقر ديوان عام وزارة التربية والتعليم - الذى يضم مكتب الوزير وكبار مساعديه، وبين فصول التلاميذ فى أغلب مدارس مصر من أقصاها إلى أقصاها.
الأول عنوان الفخامة والأناقة، وجمال وجلال العمارة، وبذخ التشطيب الأوروبى فى الحقبة الملكية الذى لم يبخل على الأرضيات بأفضل أنواع الباركيه، ولا على السلالم بأفخر نوعيات الرخام الإيطالى، والثانية قبلة الفقر فى التصميم، والقبح المعمارى والغش فى البناء.
الديوان تزينه ثريات أثرية غاية فى الرقة، تشع منها إضاءة حالمة حانية تكشف عراقة أصيلة فى بهو القصر وردهاته، فتزيده بهاء وصفاء وجمالا، بينما فصول الدراسة تفتقد إلى الحد الأدنى من مواصفات الإنارة الصحية بسبب تحطم اللمبات أو تلف الوصلات أو انقطاع التيار.
فى هذه الأجواء البورجوازية يتحدد مصير أبنائنا ومستقبل مصر، وتتخذ أهم القرارات، وتصنع إستراتيجيات التعليم الأكثر من 18 مليون تلميذ فى مراحل التعليم ما قبل الجامعى - هذه المنظومة العملاقة بمسئوليها ومدرسيها وإدارييها وعمالها تدار من هذا القصر.
سنتجاوز فى هذا التحقيق الهوة الشاسعة بين عمارة الديوان العام و المدارس الحكومية وأثاث كل منهما إلى عدالة القرارات الإدارية العليا من جانب كبار المسئولين فى الوزارة، إزاء مرؤوسيهم فى المديريات والإدارات التعليمية والمدارس، وما يجرى على أرض الواقع من ظلم واستقواء على الضعفاء وتلاعب واستهتار باللوائح والقوانين من خلال استعراض 3 حالات كنماذج توضيحية.
الحالة الأولى لعادل فتحى محمد يونس، مدير مدرسة عباس العقاد التجريبية للغات بإدارة شرق مدينة نصر التعليمية، الذى استبعدته السيدة شاهيناز الدسوقى، مدير مديرية التربية و التعليم بالقاهرة بقرار مباشر منها لم ترد فيه أسباب الاستبعاد، ولم تسبقه تحقيقات قانونية أو اتهامات بارتكاب مخالفات محددة.
القرار الجائر جاء مفاجئا من دون مقدمات أو سند قانونى فى فبراير الماضى، اضطر معه مدير المدرسة للجوء إلى وزير التربية والتعليم السابق الدكتور إبراهيم غنيم، وقدم له تظلما من القرار، أحاله بدوره لمستشاره القانونى للتحقيق والذى أسفر عنه فتوى من المستشار طارق الفيل، نائب رئيس مجلس الدولة، أكد فيها بطلان قرار الاستبعاد وعواره واعتبره هو والعدم سواء، وأوصى بعودة المدير المستبعد إلى عمله فى نفس المدرسة نظرا لعدم استيفائه للإجراءات القانونية الواجب اتباعها لاتخاذه، واعتمد الوزير السابق الفتوى القانونية وأشر عليها بتنفيذ الرأى القانونى.
رفضت السيدة شاهيناز بإصرار تنفيذ قرار الوزير، وطالبت بإعادة العرض على الوزير مرة أخرى رغم مخالفة الطلب للقانون، فقام الوزير بإحالة الموضوع مرة أخرى إلى المستشار القانونى الذى أصدر فتوى أخرى أكد فيها أحقية عادل يونس بالعودة إلى عمله، واعتبار ما تم تقديمه فى إعادة العرض من أسباب غير كاف لاستبعاده من العمل.
يذكر أن السيدة شاهيناز استندت فى إعادة العرض إلى تقرير من المركز الثقافى البريطانى بالقاهرة يتهم فيه مدير المدرسة المذكور بالتحرش الجنسى بتلميذة بريطانية تبلغ من العمر 14 عاما فى مدرسة «لى هاى سكول» بلندن خلال زيارته إلى العاصمة البريطانية وفقا لبرنامج شراكة رياضية «مشبوه» بين المدرستين، تم دون علم الوزارة ولا إخطار الوزير بمعرفة رئيس قطاع التعليم العام السابق بالوزارة الدكتور رضا مسعد، والذى تم إعفاؤه من منصبه لارتكابه مخالفات جسيمة بموافقته منفردا على هذا البرنامج دون الرجوع للوزير.
وبسؤال مدير المدرسة عن حقيقة الاتهام فى التحقيق الرسمى أمام المستشار طارق الفيل، أفاد بأنه تلقى تهديدات من مسئولى المركز الثقافى البريطانى خلال زيارته إلى لندن بتلفيق هذا الاتهام له لعدم استجابته لما طلب منه هناك، حيث وجهت له أسئلة خارج نطاق الشراكة الرياضية تعد أسرارا تمس الزمن القومى المصرى، فرفض الإجابة عنها وأعلن رفضه لبرنامج الشراكة برمته، وطلب العودة على أول رحلة إلى القاهرة.
وأمام إصراره على موقفه لم يجد مسئولو «الثقافى البريطانى» بدا من تسليمه جواز سفره وتوصيله إلى مطار هيثرو مع حجز تذكرة العودة على نفقة الجانب البريطانى.
تلقفت مديرة المديرية هذا الموقف لتضيفه كسبب لاستبعاده فى إعادة العرض بعد عودته من لندن بشهور، رغم أن قرار الاستبعاد الأول لم يتضمن أى اتهام يتعلق بواقعة التحرش المزعومة ولا غيرها من المخالفات الإدارية الأخرى التى تبرر استبعاده، فضلا عن أنه إذا كان بالفعل قد قام بالتحرش فى لندن لتم القبض عليه واستبقاؤه فى لندن لحين دفع غرامة كبيرة أو التعرض للحبس لقضاء فترة العقوبة المقررة لمثل هذه الجرائم وهى كبيرة فى الغرب على وجه العموم وفى لندن على وجه الخصوص.
وبعودة عادل يونس إلى القاهرة يتبين بجلاء تهافت الاتهام الموجه له وكيديته من جميع الأطراف، وهو ما قر فى يقين المستشار القانونى لوزير التربية والتعليم المستشار طارق الفيل الذى أحيل إليه الأمر من جانب الدكتور إبراهيم غنيم، الوزير السابق، للتحقيق وإبداء الرأى القانونى فى إعادة العرض التى طالبت بها السيدة شهناز.
أفاد المستشار القانونى فى فتواه بعد التحقيق بضرورة عودة مدير المدرسة إلى عمله استنادا إلى قناعاته القانونية، ورد الفتوى للدكتور غنيم الذى أشر عليها بدوره للمرة الثانية بتنفيذ الرأى القانونى.
رفضت مديرة المديرية تسليم يونس عمله فى إصرار غريب على تحدى القانون واللوائح وقرار الوزير والفتوى القانونية الصادرة عن نائب رئيس مجلس الدولة، وإمعانا فى التحدى ذكرت له أنه لو جاءها بقرار من الرئيس محمد مرسى «قبل عزله» فلن تمكنه من تسلم عمله فى المدرسة.
كان على أن أفهم دوافع السيدة شاهيناز لرفضها المطلق تنفيذ القرار الوزارى، وإعادة الحق لصاحبه، وبالرجوع لمدير المدرسة المستبعد سألته عما إذا كانت هناك أسباب شخصية أو خلافات سابقة مع مديرة المديرية؟ فأفاد بأنه لدى تسلمه العمل مديرا لمدرسة عباس العقاد التجريبية للغات اكتشف مخالفات مالية ارتكبتها المديرة السابقة للمدرسة، حيث قامت بصرف جانب كبير من ميزانية المدرسة، ويقدر بنحو 265 ألف جنيه على أعمال صيانة.
فقام بتشكيل لجنة واستدعاء مسئولين من الجهاز المركزى للمحاسبات لفحص ما تم عمله من أعمال صيانة استنفدت أغلب رصيد المدرسة، فانتهى تقرير اللجنة إلى أن كل ما تم لا يزيد على لصق بعض السيراميك «فرز ثانى» وشراء مجموعة من الستائر.
كان على المدير أن يخلى مسئوليته ويبرئ ساحته حتى لا يتهم بتبديد المال العام، وهنا لامته السيدة شاهيناز على الإجراءات التى قام بها وحذرته من التمادى فى فتح ملف تم إغلاقه، وطالبته بالعمل على إبراء ذمة المديرة السابقة وتدبير خروج آمن لها على المعاش حتى لا تتعرض للمسئولية.
لم ينته الأمر عند هذا لحد، بل حدث - على حد المعلومات التى أدلى بها عادل يونس ل «الأهرام العربى» - أنه خلال إدارته للمدرسة ضبط مدرس علوم بالمرحلة الابتدائية قام بتسريب امتحان «الميد تيرم» للتلاميذ فى أحد مراكز الدروس الخصوصية، فقام بتشكيل لجنة للتحقيق فى الأمر انتهت إلى مجازاة المدرس ويدعى محمد مصطفى بخصم 15 يوما من الحوافز، ثم قام بإبعاده عن التدريس حتى لا يتكرر منه فعل تسريب الامتحانات مرة أخرى، وذلك بموجب صلاحياته كمدير للمدرسة، إلا أن المدرس المخالف لجأ لمديرة المديرية شاكيا، فما كان منها إلا أن أمرت يونس بإعادة المدرس إلى عمله، وعندما رفض تنفيذ الأمر نظرا لأن المدرس لم يعد أمنيا على تلاميذه وحتى لا تتفشى ظاهرة تسريب الامتحانات، حرصا منه على صالح العملية التعليمية هددته بإعادة المدرس لعمله واستبعاده هو من إدارة المدرسة وهو ما حدث بالفعل.
الرجل مستبعد من مدرسته منذ فبراير الماضى، ومحروم من ممارسة عمله، وتم تشويه صورته بين زملائه وحرمانه من حقوقه الوظيفية، وتم إخلاؤه من المدرسة فى غير حضوره وكسر مكتبه وانتداب مدير آخر للمدرسة لا لشئ إلا لأنه تبنى موقفا ضد الفساد، فى واقعة إهدار المال العام من المديرة السابقة وتسريب الامتحانات من مدرس العلوم ورفض الاستجابة لطلبات مشبوهة من جانب المسئولين فى المركز الثقافى البريطانى، فكان هذا جزاءه.
آخر المطاف، صدر تقرير غير دقيق لم يراع صحيح الإجراءات عن جهاز الرقابة الإدارية، يتهم عادل يونس بتقديم شهادات مرضية مزورة، سارع الوزير السابق إبراهيم غنيم على إثره بإصدار قرار وزارى باستبعاده من المدرسة بسرعة لافتة للنظر، رغم تباطئه من قبل فى إصدار قرارين بعودته، استنادا إلى تقرير الرقابة الإدارية، دون النظر والتمحيص فى حقيقة ما يجرى من تعسف متعمد تجاه مدير المدرسة شهد عليه بنفسه وإلا لما أصدر بنفسه هذين القرارين ليسحق ما تبقى من أمل للرجل فى أن يجد من ينصفه، رغم أنه هو «غنيم» من أحال بنفسه ملف الشراكة المشبوهة مع المركز الثقافى البريطانى إلى جهة سيادته، ورغم اقتناعه الشخصى ببراءة المدير مما يكال له من اتهامات.
الحالة الثانية: لفاطمة محمد مصطفى، موجه أول اللغة الألمانية بإدارة النزهة التعليمية التى قام مدير الإدارة ووكيلها والشئون القانونية بإصدار قرار باستبعادها من وظيفتها بتاريخ 2013/3/24، وانتداب مدرسة من مدرسة طبرى الحجاز لتحل محلها، وحرمان الأولى من وضع امتحانات اللغة الألمانية لا لشئ إلا لأنها التزمت بتعليمات رئيس قطاع التعليم العام بالوزارة بوضع الأسئلة فى امتحانات النقل من كتاب الوزارة المعتمد وكتب التدريبات المدرسية المقررة.
ربما تبدو القصة غريبة بعض الشئ، إذ كيف يتم استبعاد مسئول ما من منصبه بسبب التزامه بتعليمات القيادات الأعلى منه؟
والقصة ببساطة بدأت منذ تكليف السيدة فاطمة محمد مصطفى بوضع أسئلة امتحانات النقل لجميع مدارس الإدارة فى مادة اللغة الألمانية، ثم تنفيذها للتكليف بوضع الأسئلة من الكتاب المدرسى المقرر وكتب التدريبات لتفاجأ بالعقوبات تنهال عليها من جانب مدير عام الإدارة بعد ادعائه بأن الأسئلة من خارج المنهج.
كذبت لجنة تفتيش تابعة للوزارة هذا الادعاء وأوصت بعودة الموجهة الأولى إلى عملها، إلا أن مدير الإدارة رفض، ووفقا للسيدة فاطمة قام مدير الإدارة بتحريض المدارس عليها لتقديم الشكاوى ضدها، كان أبرزها اعتراض مدرسى مدرسة طبرى الحجاز الثانوية بنين الصف الثانى الثانوى الذين ذكروا أن الامتحان احتوى على أجزاء من كتاب التدريبات، الذى لم يدرسوا فيه على الإطلاق، وكان اعتماد الطلاب على ملازم الدروس الخصوصية، وتقدموا بشكاوى لموجه عام المادة التى كان رأيها أن الامتحان لابد أن يقتصر على الكتاب المدرسى وحده دون كتاب التدريبات الذى اعتبرته غير ملزم.
وكتبت تقريرا يفيد بأن الامتحان جاء من خارج كتاب المدرسة وكتاب التدريبات، ومخالفا للمواصفات الفنية، وجمعت عليه توقيعات من 4 موجهين أول من الإدارة فى اللجنة التى شكلتها بمعرفتها لتقييم الامتحان محل الشكوى، وجاءت توصياتها كالتالى:
- إن الامتحان أصعب من أن يجاب عنه فى الزمن المخصص له.
وأنه فوق مستوى الطالب المتوسط ويربك الطالب المتميز.
- إن إلغاء سؤال كامل وتوزيع درجاته على السؤال الاختيارى أدى إلى اختلال ميزان الدرجات بالورقة، بحيث يخسر الطالب ضعف ما يجب أن يخسره من درجات فى حالة عدم تمكنه من الإجابة عن الأسئلة الاختيارية.
- أدى إلغاء سؤال «أكملى» إلى خروج الورقة بالكامل من المواصفات الامتحانية.
وفى نهاية التقرير أوصت اللجنة بإعفاء واضع الامتحان من وضع الامتحانات وهى الأستاذة فاطمة مصطفى.
اعترضت الموجهة الأولى على التقرير لأن اللجنة قام بتشكيلها الموجه العام وهى من قام بتحريض المدرسين على تقديم شكوى ضدها، وذلك لأن نسبة النجاح فى الامتحان محل الشكوى كانت كالتالى:
%100 نسبة النجاح فى مدارس «الشهيد يوسف السباعى بنات»، «زهرة المدائن التجريبية لغات»، «جمال عبدالناصر التجريبية لغات»، و99.2% فى مدرسة طبرى الحجاز الثانوية، و93.9% فى مدرسة جمال عبدالناصر التجريبية «عربى»، و82.1% فى مدرسة الشهيد يحيى الرافعى للغات، 64% «طبرى شيراتون الثانوية بنين».
ثانيا: إن مديرى المدارس ومشرفى المادة أكدوا أنه لم يتقدم أى طالب بشكوى من صعوبة الامتحان أو وجود أخطاء مطبعية أو فنية بورقة الأسئلة أثناء سير الامتحان.
ثالثا: إن معظم مدرسى اللغة الألمانية بجميع المدارس السالفة الذكر - ما عدا مدرسى طبرى الحجاز الثانوية - أكدوا أن الامتحان محل الشكوى لا يحتوى على أخطاء فنية، وأنه من المنهج المقرر للفصل الدراسى الأول ومن الكتاب المدرسى وكتاب التدريبات للوزارة، و إن كانت تقاريرهم ذكرت بوجود خطأ لغوى بالسؤال الثانى A جملة رقم 2، وخطأ بسؤال الحضارة رقم4، وهى أخطاء لا تؤثر نهائيا على فهم أو مضمون الأسئلة.
وذكرت الشاكية الأستاذة فاطمة محمد مصطفى فى شكواها المقدمة لوزير التربية والتعليم السابق د. إبراهيم غنيم، أن سبب شكوى بعض مدرسى «طبرى الحجاز»، وطاهر عبدالجليل المدرس ب «طبرى شيراتون» من صعوبة الامتحان أنهم يقومون بإعطاء دروس خصوصية للطلاب، وأنهم يعتمدون على مذكرات خاصة بهم دون الكتاب المدرسى.
وبتاريخ 2 إبريل 2012 تمت إحالة الموضوع للنيابة الإدارية لسماع أقوال الشاكية فى التحقيق رقم 9/ل/2013 .
ورغم تعارض تقرير اللجنة التى أوصت باستبعاد الموجهة الأولى مع النتائج المرتفعة لأغلب الطلاب الذين أدوا الامتحان ما عدا طبرى شيراتون، صدر قرار مدير الإدارة بالاستبعاد، علما بأن سلطة الاستبعاد من حق مدير المديرية وليس مدير الإدارة.
ورغم تأكيد الإدارة القانونية بمديرية التربية والتعليم فى مذكرة العرض على وكيل أول الوزارة أن الجهة الإدارية الرئاسية صاحبة سلطة التعقيب على قرارات الإدارة التعليمية، ومن ثم فإنه يحق للمديرية سحب أو إلغاء أو تعديل القرار الصادر باستبعاد الشاكية، وأن ما ورد بمذكرة الإدارة التعليمية جانبه الصواب فى تلك الجزئية، إذ أن الجهة الإدارية هى المختصة بمثل هذا النوع من القرارات، وأن النيابة الإدارية ليست صاحبة اختصاص، مع التوصية بتنفيذ تأشيرتى مديرة المديرية الصادرتان بتاريخ 2013/4/8 و2013/4/14 مع موافاة المديرية بما يفيد تمام التنفيذ، إلا أن مدير إدارة النزهة لم ينفذ تعليمات رؤسائه حتى الآن، ومازالت الموجهة الأولى للغة الألمانية بإدارة النزهة التعليمية الأستاذة فاطمة محمد مصطفى مستبعدة من وظيفتها، تلتمس العدالة من الوزير حتى يرفع عنها الظلم الذى حاق بها.
فهى لم يتم استبعادها فقط، بل تم نقلها إلى درجة «معلم خبير» فى حين أنها «كبير معلمين»، وذلك وفقا لمستند صادر عن تنسيق الخدمات التربوية التابع لإدارة النزهة التعليمية، بتوقيع وكيلة الإدارة الأستاذة كاميليا السحماوى بتاريخ 2013/4/2، مما اعتبرته فاطمة مصطفى تزويرا فى أوراق رسمية «لدى المجلة نسخة منه».
الحالة الثالثة: لمارى جرجس غالى مليكة، مدرس أول اللغة الفرنسية بمدرسة يوسف السباعى التجريبية بإدارة النزهة التعليمية.
تختلف هذه الحالة عن سابقتيها فى أنها تداركتها عناية الرحمن وأنقذتها فى الوقت المناسب، مما حاق بها من ظلم فادح على أيدى المسئولين فى الإدارة التعليمية التابعة لها، بالنزهة، حيث وصل صوتها إلى الأستاذ أحمد حلمى، وكيل أول الوزارة، رئيس الإدارة المركزية للتفتيش والمتابعة، والذى أمر بتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق وثبت من إعادة أخذ أقوال الشهود بأنه لم تكن هناك إدانة من الأساس للأستاذة مارى جرجس، واستنكر الجزاء الذى تعرضت له، ورفع تقريره للوزير الدكتور محمود أبوالنصر، الذى أشر فيه بإلغاء الجزاء «5 أيام خصما»، لعدم وجود إدانة، وقام بإحالة المسئولين فى الإدارة إلى النيابة الإدارية للتحقيق فيما ارتكبوه من مخالفات ليضع حدا للظلم وينصف المظلوم فى أيام معدودة، وتنتهى معاناة مارى جرجس التى بدأت فصولها فى فبراير الماضى تجرعت خلالها طعم الظلم وتحملت مرارته فى صمت وذهول غير مصدقة لما ت عرضت له من تنكيل وإهانة.وكانت مارى جرجس تقوم بالملاحظة فى إحدى لجان الامتحانات بالتيرم الأول للصف الأول الثانوى بمدرسة يوسف السباعى التجريبية، وكان الطالب محمد خالد محمد عليوة يؤدى الامتحان فى اللجنة التى تلاحظها مارى، لم يتمكن الطالب من الإجابة عن أسئلة الامتحان من نفسه، ولم يتمكن من الحصول على مساعدة من زملائه، وفى آخر 5 دقائق من الامتحان فقد أعصابه وتعدى على الملاحظة بالسب والقذف لمجرد أنها طلبت منه أن يضع ورقته أمامه، وتوعدها بالضرب، وأتى بحركات خادشة للحياء العام أمام كل زملاء مارى من المدرسين والطلاب ورئيس الدور والمعاونين.
كما أصدر صوتا يتنافى والآداب العامة على مرأى ومسمع من الجميع، ما دفعها إلى تحرير محضر بقسم شرطة النزهة لإثبات ما تعرضت له من سب وتهديد بالأذى.
تم التصالح بين الأستاذة والطالب بعد اعتذار الأخير لها فى المدرسة عما بدر منه من أخطاء جملة وتفصيلا فى حضور عمه أحمد عليوة، وقبلت مارى اعتذار الطالب واعتذار عمه فى حضور زملائها سناء غديدى، جمال سعد عبدالغفار، وهانى ميشيل، ومدير المدرسة، ومع تعهد الطالب بألا يصدر منه شئ مطلقا لا مع مارى ولا مع غيرها فيما بعد.
ورغم ذلك تعرضت مارى جرجس لعقوبة إدارية جائرة بخصم 5 أيام من راتبها بتهمة عدم توفير الهدوء والطمأنينة للطلبة أثناء الامتحان و إثارة التوتر والعصبية للطالب محمد خالد محمد عليوة، وذلك بموجب القرار الإدارى رقم 300 الصادر بتاريخ 2013/5/15.
وتحكى مارى ما جرى لها من تنكيل على أيدى بعض المسئولين فى الإدارة عقب الامتحان المشار إليه وتقول:
حضرت الأستاذة مديحة صادق غياتى، إحدى مندوبات خدمة المواطنين بإدارة النزهة التعليمية للاستفسار عن التصالح الذى تم يوم 2013/1/23 بين مارى والطالب محمد خالد عليوة بخصوص ما صدر منه من تجاوزات وألفاظ نابية مشينة وخدش حيائها كفتاة فى حضور زملائها، واستدعت مارى للتحقيق مؤكدة لها أنها محققة من الشئون القانونية، ورفضت إخبارها بموضوع الاستجواب و الغرض منه، وكان بحوزتها أوراق مكتوبة مسبقا وحاولت إجبار مارى بكل الطرق على التوقيع عليها دون معرفة فحواها أمام جميع الشهود.
كما حضر الشاكى معها «ولى أمر الطالب»، ولم تخطر مارى صلته بها ولا بأسباب حضوره أثناء الاستجواب الذى قام بتهديدها بقوله: حتتمرمطى، ومشفق عليك علشان سمعتك حتتبهدلى.
المدهش فى الأمر أن ولى أمر الطالب حضر الاستجواب بناء على استدعاء تليفونى من مدير المدرسة شخصيا، وذلك وفقا لإفادته كتابة فى شكواه ضد المدرسة مارى جرجس ما يعد مخالفة صارخة للقانون واللوائح، بينما رفضت الأستاذة مديحة بإصرار إثبات تهديدات ولى أمر الطالب لمارى فى محضر الاستجواب، وزادت بأن هددتها بقولها:
الموضوع لو كبر ليس فى صالحك، لأن زملاءك شهدوا ضدك، وذلك يكشف مدى التواطؤ بين مسئولى الإدارة وولى أمر الطالب.
طلبت مارى من مدير المدرسة أن يوقع على رفضها التوقيع على الأوراق المعدة سلفا التى بحوزة الأستاذة مديحة دون كشف فحواها فرفضت، ما دفع مارى لمطالبتها بالاطلاع على بطاقتها والكشف عن وجهها، حيث إنها كانت منتقبة، للتأكد من كونها محققة بالإدارة فرفضت إبراز بطاقتها، وإن وافقت على كشف وجهها، ومزقت الاستجواب عدة مرات أمام إصرار مارى على الاطلاع على الشكوى المقدمة ضدها.
هكذا تجرى الأمور فى بعض إدارات وزارة التربية والتعليم.
وهكذا يستغل بعض المسئولين نفوذهم ممن غابت ضمائرهم فى التنكيل بزملائهم ومحاولة تشريدهم والقضاء على مستقبلهم الوظيفى دون وازع من ضمير واستغلالا لما لديهم من صلاحيات.
وهكذا أيضا ينصف المظلمون ويحصلون على حقوقهم بعد طول عذاب، فإذا كانت مارى جرجس حصلت على دليل براءتها مما نسب إليها وأعيد لها اعتبارها وردت لها كرامتها، فمازال عادل يونس وفاطمة مصطفى ينتظران الإنصاف من كبير عائلة «التربية والتعليم» الدكتور محمود أبوالنصر، الوزير الذى يقود عملية التطهير فى هذه الوزارة الدولة، ومازال المشوار أمامه طويلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.