المعتصم بالله حمدى - أحمد سعد الدين لاشك أن الفضائيات الدينية تصدرت المشهد الإعلامى فى الفترة الأخيرة، خصوصا فى فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، حيث تخلت هذه الفضائيات عن رسالتها الأساسية وهى التوعية الدينية وركزت على الأمور السياسية بحجة حماية حلم المشروع الإسلامى، وبعد غلق هذه الفضائيات بعد بيان خارطة الطريق للفريق السيسى لاتهامها بالتحريض، كان لابد من فتح ملف مستقبل هذه الفضائيات وفرص عودتها والمطلوب منها، خصوصا أن البعض يرفض التضييق الإعلامى ويندد بغلق الفضائيات، ولكن هناك من يرى أن غياب الفضائيات الدينية سيسهم فى تراجع الفتن.. «الأهرام العربى» ترصد من خلال التحقيق التالى رؤية شاملة لمستقبل الفضائيات الدينية المصرية. البداية مع عاطف عبد الرشيد رئيس قناة الحافظ الذى يقول: هناك احتمالان لشكل وتوجه القنوات الدينية عقب عودتها للبث الأول يرتبط بالمناخ العام، فإذا كان صحياً وتوجد حرية مسئولة وتعاون ورغبة فى خدمة وبناء المجتمع على أساس ديمقراطى، فالقنوات الدينية سوف تحكمها « قال الله وقال الرسول « وستلتزم بالقرآن والسنة ولا تكذب وتناصر الحق من خلال الاعتماد على الأدلة الشرعية والحديث الصحيح، أيضا سوف تقدم شكل فى الحوار يتسم بالخلق الإسلامى والتلطف فى القول ومخاطبة الناس على قدر عقولهم، وبالتالى لن يكون هناك صدام أو شجار مع أحد، وأضاف : هناك من زعم بأن القنوات الدينية هى المسئولة عن العنف الموجود بالشارع، وهذا مناف للحقيقة فالفيديوهات الخاصة بالقناة موجودة، حيث لم أتبن طوال عملى بالإعلام أى دعوة للعنف، وكل ما فى الأمر هو أن هذه القنوات كانت ترد على الهجوم الذى كان ضدها ورموز الإسلام بشىء من الشدة ليس أكثر من ذلك، كما أنها كانت تعتمد على أشخاص محترمين من أصحاب الدكتوراه وعلماء فى تخصصاتهم، أما فى حالة إذا كان المناخ غير صحى، فليست لدى إجابة عن ماذا سيكون شكل وتوجه هذه القنوات والإجابة عند أصحاب القرار، وأكد عبد الرشيد أنه ليس لديه مانع من أن تصبح القناة تحت مظلة الأزهر أو أى مظلة أخرى ما دام سيكون هناك ميثاق شرف إعلامى هدفه تأدية هذه القنوات لرسالتها على أكمل وجه وتقويم من يخطىء، أما فيما يخص مناقشة القنوات الدينية للأمور السياسية، فكما قلت لك ذلك يتوف على المناخ الموجود فى المجتمع فإذا كان سلبيا فسيقتصر نشاطها على الأمور الدعوية فقط، على الرغم من أن الدين الإسلامى دين شامل مرتبط بكل المجالات الحياتية ولا يمكن فصله عنها. ويقول الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف: بداية أحب أن أسجل اعتراضى على إغلاق أى قناة، وأن الصحيح هو التنظيم لها وليس إغلاقه،ا ولهذا لا بد من السماح لأى قناة مغلقة أن تعاود نشاطها مرة أخرى وأن يكون لها ميثاق شرف يلزم القائمين عليها سواء كان إعلاماً مرئيا أو مسموعا أو مقروءا يوقع عليه أصحاب هذه الوسائل وأن تتحول إلى صيغة قانونية بحيث لو حدثت مخالفة يتحمل المسئولية شخصان هما القائم بالمخالفة سواء كان مذيعا أم ضيفا، والثانى رئيس مجلس الإدارة أو المسئول عنها، وأضاف: أرى أنه لو وضعنا هذا الميثاق وأخذ قوة القانون واشتمل على عقوبة مباشرة أعتقد أنه لن يكون هناك أى إشكالية فى عودة القنوات الدينية المغلقة مع الأخذ فى الاعتبار أن يكون العاملون فيها على معرفة بهذا الميثاق، وقد اقترحت منذ فترة طويلة إنشاء قطاع كامل سواء فى وزارة الإعلام أم فى الأزهر الشريف تحت اسم قطاع الإعلام الدينى الهدف منه ضبط إيقاع الخطاب الدينى فى مصر ويكون المسئول عن كل الوسائل الإعلامية الدينية سواء كانت مرئية أم مقروءة أم مسموعة . الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام، يرى أن الفضائيات الدينية لم تكن تقدم إعلاما دينيا بالمعنى الحقيقى فى العامين الأخيرين، وكان إعلامها سياسيا يردد أنه يخدم المشروع الإسلامى، وكان قائما على سياسة تشويه الآخر تحت شعار الدين، معتبرة أن أى شخص لا ينتمى لمشروع الإسلام السياسى يمثل عدوا لها. ويؤكد العالم أنه مع غلق الفضائيات الدينية لفترة زمنية قصيرة ولكن يجب أن تعود مرة أخرى بشكل مهنى، لذلك يجب أن يكون هناك تنظيم إعلامى وليس ميثاق شرف إعلامى فقط، وذلك من خلال رصد وتقييم المحتوى الإعلامى والالتزام بالقيم الإعلامية وعدم التركيز على الأمور السياسية وترك الهدف الرئيسى الذى انطلقت من أجله وهو الدعوة الدينية. أما الداعية أشرف الفيل، المذيع بقناة الناس فيقول : عندى رأى خاص فى القنوات الدينية وهو أنه ينبغى عليها ألا تنجرف فى تيار السياسة وأن يتم نزع هذا الملف من خطتها تماما لأن السياسة متغيرة والدين ثابت، وأن الجماهير التى تعلقت بمتابعة والاستماع لبعض الشيوخ على مدار السنوات الماضية جاء من أجل الدين وليس السياسة، فعندما بدأت هذه القنوات تتجه إلى السياسة انصرف عنها الجميع، وأشار الفيل إلى أن قناة الناس سوف تغير من من خطابها الدينى عند عودتها، وقد اشترطت كمذيع على القائمين عليها بأننى سوف أغادرها بلا رجعة إذا عاودت التدخل فى الحياة السياسية مرة أخرى عند إعادة بثها، وأحب أن أشير إلى أننى مع تولى الأزهر الشريف مسئولية الإشراف عليها لأن هذا هو الأصل، وأن تكون المرجعية الدينية أزهرية وأن يتم تعيين شيخ أزهرى داخل مجلس إدارة كل قناة للمحافظة على الوسطية ومنهجية الدعوة . الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز، يرى أنه لم يكن لدينا إعلام دينى بالمعنى الصحيح، لأن بعض الفضائيات التى توصف بأنها دينية انحرفت عن رسالتها الأصلية وأصبحت مجرد وسيلة تمارس الدعاية السياسية لبعض التيارات بشكل غريب، ومن المفترض أن يكون المحتوى الدينى المتكامل بعيدا عن التوجهات السياسية، ولذلك يجب أن يتم تنظيم عمل وسائل الإعلام الدينية بعيدا عن الخلط بين السياسة والدين من جانب، وأيضا الرؤيا الظلامية والتأويلات الخاطئة من جانب آخر، وهناك عدة سيناريوهات لمستقبل الفضائيات الدينية المصرية، أولها استمرار غلقها، وفى هذه الحالة قد يلجأ القائمون على هذه القنوات إلى وسائل بديلة كأن تبث برامجها من خارج مصر، أو عن طريق قنوات وإذاعات الإنترنت وستقدم حينها محتوى تحريضيا، ومن الممكن أن تعود هذه الفضائيات كما كانت عليه قبل عزل الرئيس السابق محمد مرسى، وبالتالى تستمر فى التحريض، والأمل أن تحدث انفراجة سياسية ومصالحة وطنية ويتم تنظيم الأداء الإعلامى المصرى بشكل كامل. أما المخرج محمد بلال الذى قدم العديد من البرامج فى قناة أزهرى، فهو مع عودة الفضائيات الدينية بشكل جديد يقوم على ممارسة إعلامية صحيحة تبرز معالم الدين الإسلامى الذى يرفض العنف ويدعو للسلام، ولذلك يجب أن يقوم القائمون على هذه الفضائيات بإعادة تصحيح للموقف من جديد ودراسة السلبيات العديدة التى ظهرت فى الفترة الأخيرة وأهمها الخوض فى العملية السياسية بشكل غريب وترك الأمور الدينية. ويطالب بلال هذه الفضائيات بنبذ التطرف وتقديم خطاب دينى يدعو المصريين للوحدة والعمل من أجل نهضة مصر أما لو عادت سياستها التحريضية فإن غيابها عن الظهور سيكون أفضل كما أن المشاهد سيقاطع كل الفضائيات التى تشجع التعصب. أما الدكتور محمد وهدان، وكيل الأزهر فقال: هناك مشكلة فى القنوات الدينية أو ما كانت تسمى دينية، بمعنى أن هذه القنوات لم تكن تقدم أعمالا دينية صحيحة، وكانت تخلط الدين بالسياسة أما الأخطر فيكمن فى استضافة أشخاص لا يعرفهم أحد ويطلبون منهم الفتوى وهى أخطر الأمور فى المسائل الدينية، هؤلاء الأشخاص غير مؤهلين للفتوى من الأساس ولم يدرسوا فى الأزهر الشريف، لذلك علينا أن نفكر جيداً فى عمل هذه القنوات مرة أخرى، وأن تحصل على تصريح من الأزهر، وأيضاً لابد من وجود تصاريح معينة للذين يظهرون على شاشاتها ويقدمون الفتوى، لأننا أمام خطورة كبيرة من الممكن أن تدمر المجتمع بعد ظهور كل من هب ودب.