المجال الجديد الذى بدأت فيه الصين تنافس الولاياتالمتحدة ليس الاقتصاد أو التكنولوجيا أو القوة العسكرية وإنما منصب السيدة الأولى، فمن المعروف فى الصين أنه لا يتم تسليط الأضواء على زوجات الرؤساء، ولكن مع تولى الرئيس الجديد ذى جينبنج الحكم أخيرا أخذت زوجته بينج لوان (50 عاما) تلفت الأنظار بأزيائها الأنيقة التى تختارها بعناية، وسارعت نساء الصين فى تقليد تصميمات ملابسها، ثم بدأت تلعب دورا اجتماعيا لتصبح سفيرة للأمم المتحدة لشئون الصحة، وأخذت صحف الغرب تشير إلى إمكانية أن تكون من عناصر القوة الناعمة للصين، وربما كان تفسير ذلك هو أن الصين تسعى للانفتاح على الغرب استجابة لتغيرات العولمة بحثا عن تحسين صورتها القديمة كدولة صارمة منعزلة عن السياق العالمى، الأمر الذى يسهم فى تزايد نفوذها وقوتها الاقتصادية فى العالم. الجديد أن وسائل الإعلام أخذت تقارن بين بينج لوان والسيدة الأولى فى أمريكا ميشيل أوباما التى تصاعدت شعبيتها، ليس فقط بسبب أسلوبها الرائع فى اختيار الأزياء وإنما لرعايتها للأطفال وللقضايا البيئية، وثمة مقارنة أخرى مع كيت ميدلتون، زوجة الأمير البريطانى ويليام وربما الأميرة ديانا، وهى هنا تختلف تماما مع جيانج كينج زوجة الزعيم الصينى البارز الذى قام بالثورة الشيوعية ماوتسى تونج ذات الطموحات السياسية التى سيطرت فى أواخر حياته على مقاليد الحكم مع ثلاثة من زعماء الحزب إلى أن تم تقديمهم إلى المحاكمة بعد وفاة ماو، وحكم عليها بالإعدام ثم خفف إلى السجن المؤبد، وتذكرنا تلك القصة بالسيدة يوفانكا زوجة الزعيم اليوغوسلافى الراحل جوزيب بروز تيتو, وكانت امرأة بارعة الجمال دفعها طموحها السياسى إلى محاولة انتزاع السلطة منه فقام تيتو بتحديد إقامتها. وهناك حكايات كثيرة عن أدوار السيدة الأولى فى كثير من دول العالم, ففى مصر لم يظهر هذا اللقب إلا بعد قدوم الرئيس أنور السادات حيث قامت زوجته بأدوار اجتماعية عديدة وتعرضت للانتقادات بأنها تتدخل فى القرارات السياسية، وتردد أن السادات اقتبس هذا الدور من إمبراطورة إيران الراحلة فرح ديبا، التى كانت تمارس أنشطة متعددة فى خدمة المجتمع، وتنافست المجلات الغربية على نشر صور فرح ديبا على أغلفتها وهى تتزين بمجموعات نفيسة من المجوهرات والثياب الغالية وهى الحلى التى أثارت نقمة شعبها لما كانت تبدو عليه من بذخ، وهو ما حدث أيضا مع السيدة الأولى فى الفلبين إميلدا ماركوس التى اكتشف الفليبينيون بعد الثورة التى اندلعت ضد زوجها الرئيس ماركوس أنها كانت تحتفظ بكميات هائلة من الثياب الفاخرة والحلى ومئات من أزواج الأحذية المرصعة بالماس رغم ما يعانيه شعبها من فقر. وإذا انتقلنا إلى أوروبا نجد مثلا السيدة كارلا برونى زوجة الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى وهى مغنية وعارضة أزياء سابقة التى أثارت ضجة إعلامية عالمية بملابسها الفاخرة التى تصممها كبريات دور الأزياء العالمية وبصورها غير اللائقة، ومع ذلك قامت بأنشطة اجتماعية متنوعة مثل مكافحة الفقر والأمية على مستوى العالم. وانتقلت هذه الظاهرة إلى أمريكا الجنوبية حيث تتهم المعارضة فى بيرو السيدة الأولى نادين هيرديا بأنها تحكم البلاد إلى جوار زوجها الرئيس الحالى أولانتا هيومالا وبأنها تستعد لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2016 ، ويصف المراقبون السيدة نادين بأنها تتمتع بصفات زعامية وتقوم بدور بارز على الساحتين الاجتماعية والسياسية منذ أن تولى زوجها الحكم عام 2011 ، كما تحضر اجتماعات زوجها مع الزعماء الأجانب وتسافر مع الوزراء لافتتاح مشروعات تتعلق بالتنمية الاجتماعية، وتتهمها المعارضة بأنها تؤثر على صنع القرار السياسي، وفى استطلاع للرأى أجرى أخيرا احتلت نادين المرتبة الثانية بعد الرئيس فى قائمة أكثر الشخصيات نفوذا فى بيرو، أما سابقتها السيدة سوزانا قرينة رئيس بيرو السابق ألبرتو فوجيمورى فقد أقصاها زوجها من القصر ويقال أنها تعرضت للتعذيب بعد أن أعلنت على الملأ أن أسرة زوجها تورطت فى فضيحة مالية تتعلق بالمشروعات الخيرية. نقلا عن الأهرام العربى