وسط اهتمام غير مسبوق بما وصفت بأنها “القضية الأكبر" فى تاريخ الإمارات، بدأت محاكمة تنظيم الإخوان المسلمين الإماراتى الذى يضم 94 متهما يحملون الجنسية الإماراتية، من بينهم 13 سيدة يشكلون ما أطلق عليه «التنظيم النسائى»، لتصل سلسلة المواجهات التى لجأت إليها السلطات الإماراتية ضد التنظيم، إلى منصة القضاء الذى سيكون حكمه بمثابة الفصل الأخير فى هذه المواجهات التى تصاعدت حدتها بعد انطلاق ثورات الربيع العربى. السلطات الإماراتية حرصت على أن تتسم إجراءات المحاكمة ب “الشفافية" تحسبا لهجوم متوقع من جمعيات حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدنى الدولية وسمحت لأهالى المتهمين بحضور الجلسات، إضافة إلى ممثلين للإعلام الإماراتى والمنظمات الإماراتية كجمعية حقوق الإنسان، بينما لم يتم استخراج تصاريح لممثلى المنظمات الدولية أو المراسلين الأجانب. وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية، أنور قرقاش، علق عبر تغريداته على “تويتر" فيما يخص المحاكمة بأنها عقدت وفقا لأصول المحاكمات المعمول بها في الإمارات وتحت ضمانات الدستور والقوانين الإماراتية. وأوضح أن حضور جمعيات المجتمع المدني الإماراتي والإعلام المحلى يعطى إشارة واضحة بالحرص على الشفافية وفى نفس الوقت السيادة الوطنية نظرا لحجم القضية ومحاولات البعض إخفاء المعلومات والحقائق. الاتهامات التى وجهتها النيابة لأعضاء التنظيم وفقا لما ذكرته مصادر إماراتية جاء فى مقدمتها السعي إلى الاستيلاء على الحكم فى الإمارات، والارتباط بمنظمات خارجية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين في مصر وقطر، وإقامة مجلس إدارة للتنظيم، ولجان تنظيمية، ومجلس شورى، إضافة إلى استقطاب الأفراد بحيث يكون الولاء للتنظيم لا الدولة، وذلك عبر التسرب إلى مواقع الحكم واتخاذ القرار، واختراق المؤسسات والوزارات والدوائر الحكومية والجمعيات. وألقت النيابة العامة الإماراتية باللوم على ثورات الربيع العربى فى قائمة الاتهامات التى سردتها أمام المحكمة، حيث أشارت إلى أنه بعد “ما يسمى" بثورات الربيع العربي، تحول أعضاء التنظيم، إلى العمل العلني، سعيا لتهيئة الرأي العام وتغيير موقفه من القائمين على الحكم، والاتصال بمنظمات المجتمع المدنى الدولية لحشدها ضد دولة الإمارات. العمل عبر وسائل التواصل الاجتماعى كان من بين التهم التى وجهتها النيابة لأعضاء التنظيم، واتهمت تحديدا اللجنة الإعلامية النسائية التى تعمل بالتنسيق مع اللجنة الإعلامية المركزية بالعمل “إلكترونيا" ضد السياسة العامة للدولة، والإساءة إلى رموزها تمهيداً للاستيلاء على الحكم. وكانت وزارة العدل الإماراتية قد أصدرت بيانا أشارت فيه إلى أن دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، قررت أن يتم فى الجلسة الثانية التى عقدت الاثنين الماضى استمرار المرافعة وللنظر فى طلبات وكلاء المتهمين المقدمة فى أولى جلسات المحاكمة الخاصة بقضية المتهمين بالانتماء إلى تنظيم سري غير مشروع يهدف إلى مناهضة الأسس التي تقوم عليها الدولة، سعيا للاستيلاء على الحكم والاتصال بجهات ومجموعات أجنبية لتنفيذ هذا المخطط. وأشارت إلى أن عدد المتهمين المحالين إلى المحاكمة بلغ 94 متهماً بينهم 13 متهمة، منهم 10 متهمين هاربين خارج الإمارات تتم محاكمتهم غيابيا. ولعل من الضرورى الإشارة إلى أن الإعلان الرسمى من جانب السلطات الإماراتية عن التنظيم الذى بدأت إجراءات محاكمته كان فى يوليو العام الماضى، وهو ما يعنى أن التحقيقات استمرت لما يزيد على ثمانية أشهر جرى خلالها اعتقال 14 مصريا تشير إليهم التقارير الإعلامية الإماراتية بأنهم يمثلون «خلية إخوانية مصرية فى الإمارات» ، وأيضا الكشف عن التحقيق مع قيادات «التنظيم النسائى الإماراتى». إجراءات المحاكمة الخاصة ب «القضية الأكبر» فى الإمارات، فجرت ثورة إعلامية ضد مطالب أحد أعضاء هيئة الدفاع، بوضع حد للهجوم الإعلامى على المتهمين وتأثيره على الرأى العام، واستنكر عدد كبير من الكتاب الإماراتيين هذا الاتهام، مؤكدين أنه يتعارض مع مبدأ “حرية الرأي وحرية الصحافة" الذى تنادى به المنظمات الدولية وتستخدمه فى الهجوم على الإمارات. وأصدر اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بيانا رفض فيه التدخل في حرية الصحافة، واستنكر تدخلات منظمات المجتمع المدني الدولية في القضية، مؤكدا تأييده للمنظمات المحلية, لأنها الأعلم بشئون الدولة والأكثر حرصا على الوطن.