يبدو أن التهديدات الإلكترونية قد حلت محل الإرهاب إلى حد كبير في واشنطن، بحيث أصبحت تشكل أكبر المخاطر التي يتعرض لها الأمن القومي الأمريكي، والذي يواجه أيضا تحديات أخري كبيرة على المدى الطويل ناجمة أساسا عن نقص الموارد الطبيعية والتغيير المناخي. جاء ذلك في آخر تقرير تقييم أجرته أجهزة الاستخبارات الأمريكية ضمن سلسلة تقييماتها السنوية الخاصة بالتهديدات علي أمن البلاد، والذي أعلن عنه ضمن جلسة شهادة لمدير المخابرات الوطنية، جيمس كلابر، أمام مجلس الشيوخ. وأشار التقرير أيضاً إلي التهديدات الاقتصادية لأمن الولاياتالمتحدة، بما في ذلك تداعيات أزمة منطقة "اليورو" المستمرة على الاستقرار الإجتماعي وميزانيات الدفاع في أوروبا، وفشل واشنطن في إيجاد حل لمشكلة العجز المالي الذي تجلى مؤخراً في تخفيض الإنفاق العام منذ أول مارس. وقال كلابر للجنة مجلس الشيوخ المعنية، "اسمحوا لي أن أكون صريحا أمامكم وأمام الشعب الأمريكي"، ... هذه التخفيضات (في الإنفاق العام) تجبر مجتمع الاستخبارات على الحد من جميع الأنشطة والمهام الاستخباراتية، دون اعتبار لتأثير ذلك على مهمتنا". ويذكر أن مجتمع الاستخبارات قد واجه خفضاً بنسبة سبعة في المئة في ميزانيته البالغة حوالي 72 مليار دولارا. وكانت ميزانية الاستخبارات قد بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق في العام الماضي حيث وصلت إلى 80 مليار دولاراً. وفي قضايا أخرى، أشار هذا التقرير المعنون "تقييم أجهزة الاستخبارات الأمريكية للتهديدات في جميع أنحاء العالم"، إلى أن ما يسمى ب "الربيع العربي" قد "أطلق العنان لإثارة الخصومات العرقية والطائفية" في منطقة الشرق الأوسط ، وأن الحكومات الجديدة في المنطقة تواجه تحديات كبيرة في السيطرة على "مساحات غير خاضعة للحكم" والتغلب على المصاعب الاقتصادية. ووفقاً لكلابر، تشكل الأسلحة النووية وبرامج الصواريخ الخاصة بكوريا الشمالية "تهديدا أمنياً خطيراً" للولايات المتحدة وشرق آسيا، على الرغم من كونها تركز في المقام الأول على "الردع والدفاع". وكرر أيضا موقف أجهزة الاستخبارات على مدى الست سنوات الأخيرة، ففي حين أن تقوم إيران ببناء قدرتها بوتيرة متزايدة لإنتاج لصواريخ النووية، إلا أنها لم تقرر بنائها بعد. وأشار التقرير أيضا إلى تهديدات في مناطق عالمية محددة، وسلط الضوء على أكثر من عشرين دولة في جنوب وشرق آسيا، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ودول الاتحاد السوفيتي السابق، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا، فضلا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذا ويمثل تقرير تقييم التهديدات السنوي رأياً توافقياً لمجموع 17 وكالة تشكل أجهزة المخابرات، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب وزارة الخارجية للاستخبارات والبحوث، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وكذلك عدد من الوكالات التي تندرج تحت اختصاص وزارة الدفاع.