إحصاءات عدد العمالة المصرية بدولة ليبيا غير دقيقة، والكل يجمع أنها تفوق المليون والنصف مليون عامل، وقبل ثورات الربيع العربى،كانت حدود ليبيا الشرقية والغربية مفتوحة أمام العمالة المصرية والتونسية بدون شروط أو تأشيرات، ممما ساعد على وجود عدد كبير من المصريين يعملون فى مجال البناء ومحال الأكل، وتمثل العمالة المصرية نحو 80%، من العمالة الأجنبية داخل ليبيا، وتغيرت سياسات ليبيا بعد الثورة لتفعيل قوانين التأشيرات بينها وبين الدول وتحديدا مصر، فوضعت شروطاً لسفر العمالة وطرق منح التأشيرات، وهذا حق طبيعى لأى دولة ولكن فى نفس الوقت احتفظت ليبيا لتونس ومواطنيها حق الدخول بدون تأشيرة ولا شروط مسبقة مما يطرح تساؤلا مهما هل تطبيق الشروط والمعايير فصلت للمصريين فقط؟ بدأنا مع العامل المصرى فى رحلة الغربة والعمل من أمام السفارة الليبية بالقاهرة لنتعرف ونسجل معاناته. شعبان محمد لملوم، عامل مصرى من الفيوم، يتحدث أنه دفع لإحدى الشركات الليبية مبلغ 8 آلاف جنيه مصرى لكى يحصل على التأشيرة وبسؤاله لماذا قال: السفر لليبيا يحتاج لتأشيرة عمل تأتى من داخل ليبيا، فالسفارة لا تعطى تأشيرة إلا بخطاب من الجوازات الليبية، ولذلك نضطر للدفع لإحدى الشركات فى ليبيا لترسل لنا تأشيرة ونحن نعلم أننا لن نعمل فى هذه الشركة عند وصولنا ليبيا، ولكنه الحل الوحيد، ويتفق مع شعبان كثير من العمال المصريين وبعد الحصول على التأشيرة التى مدتها ثلاثة أشهر لغرض العمل يسافر العامل المصرى على نفقته الشخصية. متخيلا أنه انتهى من جميع مشكلاته وسيبدأ فى العمل ليتفاجأ بأنه يجب عليه أن يبحث عن شركة ليبية أخرى يدفع لها نحو سته آلاف جنيه مصرى لعمل الإقامة وبالطبع لا يدفع فتنكسر التأشيرة ويصبح مطاردا وبدأت السلطات الليبية فى ملاحقة العمالة المصرية فى الشوارع والمناطق الشهيرة بسكن المصريين للتحقيق من إقامتهم وترحيلهم فكل يوم ثلاثاء يتم ترحيل عدد من المصريين على طائرة من مطار بنيينا ببنغازى. ليس هذا فقط بل عند مقابلتنا لعدد من العمال هناك أطلعونا أن مجلس مدينة بنغازى أصدر لائحة أجور خاصة بالعمالة الوافدة فى جميع المجالات، ومن يخالف أو يزيد على هذه الأجور يتم القبض عليه وترحيله فورا، ويوضح صابر الديب أحد عمال البناء المصريين فى مدينة بنغازى، أن لائحة الأجور التى تم الإعلان عنها لا تتناسب مع أسعار السكن والمعيشة والديون التى علينا بسبب المبالغ التى دفعناها لكى نسافر وأيضا بدأت العمالة السورية، والبنجلادش تنافسنا، وتساءل عامل آخر لماذا هذه اللائحة تطبق فى المنطقة الشرقية فقط ولا تطبق فى طرابلس؟ هذا وقد أصدرت اللجنة المشتركة لضبط وتنظيم العمالة الوافدة والهجرة غير الشرعية واللاجئين ببنغازي أسعار الأجور والأعمال للعمالة الوافدة للمنطقة الشرقية من ليبيا، وقال نائب رئيس اللجنة، نجم عبدالحكيم نجم: إن هذه التسعيرة التى تم وضعها بناء على فتوى شرعية من مفتي البلاد الشيخ الصادق الغريانى، وأضاف نجم، أنه تمت مخاطبة دار الإفتاء بخصوص أسعار العمالة وإصدار فتوى حولها، والتى بدورها أكدت أن أسعارهم مجحفة وهى استغلال للمواطنين الليبيين وغير صحيح، ولابد من ردعهم وضبط أسعارهم، مشددة على عدم التعرض لهم وإهانتهم واستغلالهم. وأكد نائب رئيس اللجنة، أنه سيتم ترحيل العمال الذين لن يلتزموا بلائحة الأسعار التي قامت اللجنة بوضعها، مشيرا إلى أن هذه اللجنة المشتركة تتكون من وزارة الداخلية بفروعها والجوازات والحرس البلدي والحدود والجمارك. وناشد نجم، العاملين بالسفارة الليبية في مصر، والموجودين على الحدود عدم إصدار أي إجراء إلا بعد أن يتأكدوا من صحته، لافتا النظر إلى أنه تم ضبط عدد من العمالة المصرية بإجراءات دخول مزورة بعد أن قاموا بدفع مبالغ مالية مقابل الحصول عليها وجاء نص قرار اللجنة كالآتى: قرار المجلس المحلى ببنغازى واللجنة المشتركة بخصوص تسعيرة العمالة الوافدة والأيدي العاملة علماً بأن أى شخص يخالف هذا التسعيرة سوف يتم ترحيله نهائياً من ليبيا إلى دولته الأم، ويختم على جوازه بالختم الأحمر الذى يعنى ختم خروج نهائى بلا رجعة ولأى شكوى من العمالة برجاء التوجه إلى العنوان الآتى: بنغازى - الهوارى الإدارة العامة للهجرة غير الشرعية بمقر مكافحة المخدارت سابقاً . أرقام الهواتف : 0914638801/0914497029/ 0918598247 / 0925303382 / 0925336766 / 0926264013 / 0924319023 / 0925106244 / 0925495216 وبعد حديث السيد نجم عن آليه عمل اللجنة المشتركة لضبط وتنظيم العمالة الوافدة فى لييا، بدا فى الأفق سؤال: لماذا لا تطبق اللجنة أيضا غرامات على أصحاب الشركات الوهمية التى تتاجر بالعمالة المصرية وتقدم أوراقاً ومستندات شكلية لتحصل من العامل على مالغ مالية كبيرة ليدخل ليبيا بدون أن تلتزم بتوفير عمل له، ولماذا لم يطبق قانون التأشيرة على المواطن التونسى، ففى ليبيا وبرغم أن القانون واحد فإن كل مجلس مدينة تطبقة بشكل مختلف وتضع شروط خاصة بها، فإذا كان هذا وضع العامل فى بنغازى وفى مصراته، يعتبر الوضع مختلفا نسبيا، فمجلس المدينة لا يضع لائحة أسعار للعمالة ويتركها للعرض والطلب بالسوق والسلطات تتساهل مع المصريين فلا تطاردهم ولا يتم ترحيل أى مصرى إلا بسبب جنائى فقط. أما العاصمة طرابلس فالوضع مشابة لبنغازى، فالعمالة المصرية تطارد من قبل الأمن الليبى حتى فى أماكن سكنهم فمن ليس لديه إقامة يتم ترحيله فورا ويتحدث محمد الشرينى موظف بأحد الفنادق أنه موجود فى طرابلس منذ سبعة أشهر ولم يغادر الفندق خوفا من القبض عليه، فرغم أنه قادم بعقد عمل وتأشيرة دخول لغرض العمل، فإن صاحب العمل لم تتم له إجراءات الإقامة حتى الآن وانتهت تأشيرته ويشعر بالخوف فلا يخرج من الفندق، ووضع محمد ليس بغريب فأكثرية المصريين العاملين فى المطاعم والفنادق وأيضا عمال البناء يعيشون بدون إقامة ومهددون كل لحظة بالقبض والترحيل. هذه معاناه المصريين فى ليبيا، والغريب أن هذا يحدث فى الوقت الذى يؤكد فيه أصحاب العمل الليبيون عن احتياجهم الشديد للعمالة والعمال المصريين تحديدا، فتقول شيماء عبدالله، مهندسة ليبية: إننا نعتمد على العمال المصريين بشكل كبير فبعد الثورة زادت نسبة الأعمال ونحتاج لعدد أكبر من العمال ونتعامل معهم باليومية، لكى لا نتحمل إقامة وعقود عمل وإجراءات معقدة لاستقدام عمالة، وترى المهندسة شيماء أن المشكلة تتلخص فى فرض تأشيرة على المصريين، ففى الماضى كان المصرى يدخل ويعمل بدون تأشيرة ولا تتم مطاردته فلابد من تقنين إجراءات التأشيرات وتسهيلها على العمال المصريين. أما علاء فايز، مصرى صاحب مطعم موكا بطرابلس، فيرى أنه لا يستطيع عمل إقامات لكل العاملين لديه، لأنها مكلفة من ناحية، وتحتاج لإجراءات كثيرة ومعقدة من ناحية أخرى. وعن أسعار يوميات العامل يقول علاء: إنها زادت بشكل كبير جدا خلال العامين السابقين فلكثرة الطلب أصبحت 50 ديناراً بعد أن كانت 20 دينارا والدينار نحو 5جنيهات مصرية. وأضاف أن حملات التفتيش على العمالة زادت الأشهر الماضية بكثافة وكل يوم نرى القبض على عدد كبير من المصريين لترحيلهم. ليستمر مسلسل إهدار كرامة المصرى خارج وطنه مصر، فالكل يناشد وزارة العمل المصرية بتوقيع بروتوكولات مشتركة مع الدولة الليبية لتنظيم شكل علاقة العامل القانونية، حيث يتم إنهاء جميع إجراءاته بمصر قبل سفره أو معاملته كالمواطن التونسى. والجدير بالذكر أن بمصر يوجد بها نحو 800 ألف ليبى منذ اندلاع ثورة ليبيا يعيشون بدون تأشيرة، إلا من هم ذكور فى عمر بين ال 18 وال 45 عاما فقط، وتؤخذ بشكل بسيط وميسر من إدارة التأشيرات بمجمع التحرير ويستفيدون بالدعم من بنزين ومنتجات غذائية وخلافه بدون ملاحقة أو ترحيل، فلماذا لا يعامل المصريون بالمثل داخل ليبيا؟ سؤال موجه للخارجية المصرية!!